بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد و على آله و صحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين .
و بعد :
فلا شك أن تكييف أوضاعنا – نحن المسلمين – على ضوء كتاب الله و سنة رسوله (صلى الله عليه و سلم ) يتطلب جهوداً كبيرة من المخلصين و المجامع الفقهية و المراكز العلمية للوصول إلى حلول إسلامية نابعة من معينها الصافي , ومتصفة بالاتزان و الدراسة المتأنية دون التسرع و الخضوع للضغوط , حيث أثبتت التجارب التي مرت بها البشرية عظمة الحلول الإسلامية وما يحققها من مصالح بعيدة المدى , ولا سيما بعد فشل الأنظمة الوضعية البشرية التي نرى تخبطها خبط عشواء , ونرى تراجعها على كافة المستويات , وهذا ما يدفعنا إلى المزيد من الجهود للإسراع بالبديـــــــل الإسلامي الكامــــل لكل النظريات المطروحــة على الســاحة السيــاسيـــة , و الاقتصادية و الإجتماعية .
وها نحن أولاء : نرى ثمار الجهود المباركة – سواء كانت من خلال مجمع البحوث التابع للأزهر الشريف , أو من خلال مجمع الفقـه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي , أو لرابطة العالم الإسلامي – حيث نراها قد تبنت البحث عن الحلول لجميع المشاكل المعاصرة , و المستجدات .
ومن هذه المستجدات كيفية القبض للصور الكثيرة للمعاملات التي ظهرت بسبب الاختراعات الحديثة , ولذلك كان اختياري لهذا الموضوع , وكان منهجي فيه هو الرجوع إلى المصادر المعتمدة حتى نستطيع تأصيل المسائل المستحدثة على ضوئها , ولذلك قمت بالبحث عن معاني القبض لغة ًو اصطلاحاً , واختلاف الفقهاء في تعريفه ثم أدلة كل فريق مع المناقشة و الترجيح , ثم ذكرت أنواع القبض , وما ذكره الفقهاء من صور كانت شائعة في عصرهم , ثم أتبعتها ببعض صور القبض في وقتنا المعاصر , ثم شرحت أركان القبض و شروطه بإيجاز وأثرت مدى احتمال اتحاد القابض , والمقبض , وكذلك شرحت بالتفصيل أثر القبض في العقود الصحيحة , والعقود الفاسدة , وتناولت موضوع مدى جواز البيع قبل القبض , كما ذكرت حكم المقبوض على سوم الشراء , أو النظر , أو الرهن , ثم الخاتمة .
والله أسأل أن أكون قد وفقت فيما طرحته , وأن يجعل أعمالي كلها خالصة لوجهه الكريم .