*       فتاوى بخصوص رمي الجمرات :


*       قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية (رقم 31 في 21/8/1394هـ)هذا نصه :


(الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .


وبعد :


 فإن هيئة كبار العلماء في دورتها الخامسة قد اطلعت على صورة خطاب جلالة الملك ـ حفظه الله ـ الموجه لسمو وزير الداخلية برقم 351 وتأريخ 7/1/1394هـ المشفوع به ما لاحظ المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بخطاب سماحة رئيس المجلس التأسيسي للرابطة الموجه لجلالة الملك برقم 10111 وتأريخ 21/12/1394هـ وقوعه كل سنة عن رمي الجمار من الازدحام المميت ، واقتراحه تشكيل لجنة من العلماء من أعضاء المجلس التأسيسي وغيرهم من علماء المملكة للنظر فيما توسع به علماء الإسلام الموثوق بهم والفقهاء المجتهدون والمحدثون كجواز الرمي ليلاً وقبل الزوال ، والأخذ بهذه الفتاوى ونشرها وإذاعتها بين الحجاج بطرق شتى حتى يعملوا بها ، ويخف الزحام وتقل الحوادث ،ويؤدي هذا النسك العظيم في حالة من الهدوء والاستقرار ، وأمر جلالة الملك ـ حفظه الله ـ بعرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء ، وبإطلاع مجلس الهيئة على ذلك ظهر أن هذه المسألة جرى عرضها سابقاً على الهيئة في دورتها الثانية المنعقدة في شهر شعبان عام 1392هـ ، وبعد الدراسة أصدرت قراراً بالاجماع يتضمن ما يلي :


1 ـ جواز رمي جمرة العقبة بعد منتصف ليلة النحر للضعفة من النساء وكبار السن والعاجزين ومن يلازمهم للقيام بشؤونهم لما ورد من الأحاديث والآثار على جواز ذلك .


2 ـ عدم جواز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال لفعله صلى الله عليه وسلم وقوله : (خذوا عني مناسككم) ، ولقول ابن عمر : (كنا نتحين الرمي في أيام التشريق فإذا زالت الشمس رمينا) ومعلوم أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أعلم الناس وأنصحهم وأرحمهم فلو كان ذلك جائزاً قبل الزوال لبينه صلى الله عليه وسلم .


3 ـ أما ما عدا ذلك من المسائل الخلافية من أعمال المناسك المشار إليها أعلاه فإن الخلاف فيها معروف بين العلماء ومدون في كتب المناسك وغيرها ، وما زال عمل الناس جارياً على ذلك ، وينبغي للحاج أن يحرص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله ما استطاع إلى ذلك سبيلا لقوله صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) ويرى المجلس في هذه المسائل الخلافية أن يستفتي العامي من يثق بدينه وأمانته وعلمه في تلك المسائل ، ومذهب العامي مذهب من يفتيه .أ.هـ. ولم يظهر للهيئة سوى ما تضمنه قرارها المشار إليه ، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)[1].



  


*       فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية :


 


1 ـ فتوى برقم 1611 وتأريخ 11/7/1397هـ


السؤال : رجل يقول بأني رميت الجمار الليلة الثانية من ليالي التشريق في الساعة العاشرة مساء مع العلم أني مضطر إلى ذلك فهل عليَّ إثم في ذلك أم لا؟ مع العلم بأن معي امرأتين ورجلاً وكلهم مرضى؟  


الجواب : من أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه وتأخيره لعذر شرعي ورمى الجمار ليلاً فليس عليه في ذلك شيء ، وهكذا من أخر الرمي في الثاني عشر فرماه ليلاً أجزأه ذلك ولا شيء عليه ولكن الأحوط أن يجتهد في الرمي أن يجتهد في الرمي نهاراً في المستقبل ، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[2] .


 


2 ـ فتوى برقم 1696 وتأريخ 11/11/1397هـ :


السؤال : رجل رمى الجمار في الليلة الثانية من ليالي التشريق في تمام الساعة العاشرة من تلك الليلة بالتوقيت الغروبي وهو يعلم وتأخيره الرمي كان بسبب مشكلة وهي أن أخويه مرضى ولا يقوم على خدمتهم غيره ولا حصلت له الفرصة إلاّ في هذه الليلة؟


الجواب : إذا كان الأمر كما ذكر فما وقع منه من الرمي صحيح ولا شيء عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[3] .



*       فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله :


1 ـ ورد السؤال التالي وهو : هل يجوز رمي جمرة العقبة ليلاً أي ليلة عيد الأضحى بعد الانصراف من مزدلفة إلى منى الليل ، وما هو تعليق سماحتكم على الحديث الصحيح وهو قول النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم لغلمان بني عبدالمطلب : ( لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) .


الجواب : الأفضل للأقوياء رمي جمرة العقبة يوم العيد يوم العيد بعد طلوع الشمس اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وعملاً بالحديث المذكور أما أهل الأعذار وهم الضعفة فإنه يجوز لهم في النصف الأخير من الليل لأحاديث وردت في ذلك منها حديث أم سلمة رضي الله عنها (أنها رمت الجمرة قبل الفجر) رواه أبو داود بإسناد صحيح ، ولما رواه البخاري رحمه الله عن عبدالله مولى أسماء (أنها نزلت ليلة جمع في المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت : يا بني : هل غاب القمر؟ قلت : لا ، فصلت ساعة ثم قالت :هل غاب القمر؟ قلت : نعم ، قالت فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت جمرة العقبة ثم رجعت وصلت الصبح في منزلها فقلت لها : ياهنتاه ما أرانا إلاّ قد غلسنا ـ قالت : يابني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن) أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرمي بعد طلوع الشمس فقد ضعفه بعض أهل العلم لما في إسناده من الانقطاع وعلى فرض صحته فهو محمول على الندب والأفضلية جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه والله أعلم [4].


 


2 ـ السؤال : ما حكم من ترك المبيت في منى ثلاثة أيام أو اليومين المذكورين للمتعجل فهل يلزمه دم عن كل يوم فاته المبيت فيه في منى أم أنه عليه دم واحد فقط لكل الأيام الثلاثة التي لم يبت فيها بمنى نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟


الجواب : من ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر فقد ترك نسكاً شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار مثل الرعاة وأهل السقاية والرخصة لا تكون إلاّ مقابل العزيمة ولذلك اعتبر المبيت بمنى أيام التشريق من واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قالت (من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً) ويكفيه دوم واحد عن ترك أيام التشريق والله أعلم [5].


 


3 ـ السؤال : هل يجوز للحاج رمي جمار أيام التشريق كلها في يوم واحد سواء كان ذلك اليوم هو أول يوم من أيام التشريق أو كان النحر مثلاً أو كان آخر يوم من أيام التشريق ثم يبيت في منى اليومين أو الأيام الثلاثة بدون رمي حيث إنه قد رمى جميع الجمار في يوم واحد فهل يصح رميه هذا أم أنه لا بد من ترتيب رمي الأيام مل يوم على حدة حتى ينتهي من رمي الأيام الثلاثة نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟


الجواب : رمي الجمار من واجبات الحج ويجب في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لغير المتعجل وفي اليومين الأولين من أيام التشريق للمتعجل ويرمي عن كل يوم بعد الزوال لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (خذوا عني مناسككم) ولا يجوز تقديم رميها قبل وقته أما التأخير فيجوز عن الحاجة الشديدة كالزحام عند جمع من أهل العلم قياساً على الرعاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم بأن يجمعوا رمي يومين في اليوم الثاني منهما وهو الثاني عشر ويرتب ذلك بالنية أولها يوم العيد ثم ريم اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث إن لم يتعجل ويكون طواف الوداع بعد ذلك والله أعلم[6] .


 


4 ـ السؤال : بعض الناس يمكثون بمنى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر ويرمون الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويظنون أنهم قد مكثوا يومين وذلك لأنهم يحسبون يوم العيد يوماً من أيام التشريق فيقولون نحن قد رمينا يوم العيد (يوم النحر) واليوم الثاني الذي بعده وهو يوم الحادي عشر ويقولون إن هذه يومان استناداً إلى الآية الكريمة في قوله تعالى : (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) وبذلك يغادرون منى يوم الحادي عشر ويتركون بيات يوم الثاني عشر في منى فهل يجوز شرعاً؟ وهل يصح للإنسان أن يحسب يوم العيد من اليومين ؟ أم أنهم قد رموا يوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ثم انصرفوا من منى نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟


الجواب : المراد باليومين اللذان أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما ، هما ثاني وثالث العيد ، لأن يوم العيد هو يوم الحج الأكبر وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تلي يوم العيد وهي محل رمي الجمرات وذكر الله جل وعلا فمن تعجل انصرف قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر ومن غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو ف يمنى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر ، وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والمنصرف في اليوم الحادي عشر قد أخل بما يجب عليه من الرمي فعليه دم يذبح في مكة للفقراء أما تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته [7]. 


 


5 ـ السؤال : متى يبدأ وقت رمي الجمار جمار أيام التشريق الثلاثة وإلى متى ينتهي؟ وهل يصح أن يرمي الحاج ليلاً هذه الجمار خاصة هذه الأيام ونحن نرى الزحام الشديد والمشقة الصعبة في الرمي نهاراً وذلك لأن بعض الناس يستدلون بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى فيقول : لا حرج فسأله رجل فقال : حلقت قبل أن أذبح ، قال : اذبح ولا حرج ، فقال: رميت بعدما أمسيت فقال : لا حرج) فهم يقولون أنه إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز للرجل أن يبيت ليلاً حيث إن الرمي يوم النحر من أوجب الواجبات على كل حاج حتى يتحلل من التحلل الأول فكيف ببقية أيام التشريق الثلاثة التي تقل وجوباً عن يوم النحر فهذا دليل على أن الرمي أيام التشريق الثلاثة جائز ليلا ًفما حكم من رمى الجمار ليلاً هل عليه شيء؟ نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة مع ذكر الدليل؟ 


الجواب : وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها لم روى مسلم في صحيحه أن جابر رضي الله عنه قال : (رمى سول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال) وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن سئل عن ذلك فقال : (كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا) وعليه جمهور العلماء لكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف .


 


 وأما حديث ابن عباس المذكور فليس ليلاً على الرمي بالليل لأن السائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقوله (بعدما أمسيت) أي بعد الزوال ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل والأصل جوازه لكنه في النهار أفضل وأحوط ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل أما اليوم المستقبل فلا يرمي عنه في الليلة السابقة له ما عدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس . كما تقدم جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك والله أعلم[8].


 


6 ـ السؤال : خرجنا من مزدلفة الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة 11.40وكان معنا اطفال علماً بأننا رجمنا الجمرة الساعة الثانية عشرة إلاّ عشر دقائق11.50 ثم نزلنا إلى مكة فما الحكم؟


الجواب : ليس عليكم شيء لأن خروجكم من مزدلفة صادف وقت انتصاف الليل ، ولو تأخر حتى يغيب القمر لكان أفضل وأحوط [9].


 


7 ـ فتواه في ضابط المبيت ، وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط فما حكم حجه؟


الجواب : يجب على الحاج المبيت بمزدلفة إلى أن ينتصف الليل وإن كمل المبيت وصلى الفجر وذكر الله بعد الصلاة واستغفره حتى يسفر كان أفضل وأكمل ويجوز للضعفة من النساء والشيوخ ومن يلزمهم الدفع في النصف الأخير من الليل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من أهله في ذلك ، أم اهو صلى الله عليه وسلم فبات بها وصلى الفجر وذكر الله بعد الصلاة وهلله واستغفره فلما أسفر جداً دفع إلى منى والأكمل للحجاج التأسي به صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وللضعفة الترخيص في الدفع قبل الصبح كما تقدم ، ومن ترك المبيت في مزدلفة من غير عذر شرعي وجب عليه دم لكونه خالف السنة ولقول ابن عباس رضي الله عنهما من ترك نسكاً أو نسيه فيهرق دماً ولاشك أن المبيت في مزدلفة نسك عظيم حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ركن من اركان الحج وذهب بعضهم إلى أنه سنة وأعدل الأقوال أنه واجب من الواجبات في الحج يجب بتركه دم مع التوبة والاستغفار ممن ترك ذلك عمداً من غير عذر شرعي[10] .


 


8 ـ فتواه في المبيت بمزدلفة حيث ورد السؤال التالي : نرى في هذه الأيام عند النفرة من عرفات إلى مزدلفة الزحام الشديد بحيث أن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة لا يستطيع المبيت فيها من شدة الزحام ويجد مشقة في ذلك فهل يجوز ترك المبيت بمزدلفة؟ وهل على الحاج شء إذا ترك المبيت بها؟ وهل تجزئ صلاة المغرب والعشاء عن الوقوف والمبيت بمزدلفة وذلك بأن يصلي الحاج صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة ثم يتجه فوراً إلى منى فهل يصح الوقوف على هذا النحو؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل ؟


الجواب : المبيت بمزدلفة من واجبات الحج ، اقتداءً بالنبي يصلى الله عليه وسلم فقد بات بها صلى الله عليه وسلم وصلى بها الفجر وأقام حتى أسفر جداً وقال : (خذوا عني مناسككم) ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعاً ثم انصرف لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص إلاّ للضعفة آخر الليل .


 


 وإذا لم يبت في مزدلفة فعليه دم جبراً لتركه الواجب ، والخلاف بين أهل العلم رحمهم الله في كون المبيت في مزدلفة ركناً أو واجباً أو سنة مشهور معلوم وأرجح الأقوال الثلاثة أنه واجب على من تركه وحجه صحيح وهذا هو قول أكثر أهل العلم ولا يرخص في ترك المبيت إلى النصف الثاني من الليل إلاّ للضعفة أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة فالسنة لهم أن يبقوا في مزدلفة حتى يصلوا الفجر بها ذاكرين الله داعينه سبحانه حتى يسفروا ثم ينصرفوا قبل طلوع الشمس تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لم يصلها إلاّ في النصف الأخير من الضعفة كفاه أن يقيم بها بعض الوقت ثم ينصرف أخذاً بالرخصة والله ولي التوفيق[11].   


 


9 ـ السؤال : ما حكم من صلى صلاتي المغرب والعشاء قصراً وجمع تأخير قبل دخول مزدلفة وذلك لأسباب طارئة منها تعطل سيارته في الطريق إلى مزدلفة وخشية فوات وقت المغرب والعشاء حيث كان الوقت متأخراً جداً فصلى صلاتي المغرب والعشاء على حدود مزدلفة أي قبل مزدلفة بمسافة بسيطة ثم نام ريثما يتم إصلاح سيارته ثم صلى أيضاً صلاة الفجر وذلك بعد دخول وقت صلاة الفجر حيث إنه لم يستطع دخول مزدلفة إلاّ في الصباح والشمس قد أشرقت فهل تصح صلاته هذه لكل من المغرب والعشاء والفجر على حدود مزدلفة؟ فنرجو من سماحتكم توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟


الجواب : الصلاة تصح في كل مكان إلاّ ما استثناه الشارع كما قال صلى الله عليه وسلم : (وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) ولكن المشروع للحاج أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل فإن لم يتيسر له ذلك لزحام أو غيره صلاها بأي مكان كان ولم يجز له تأخيرهما إلى ما بعد نصف الليل لقوله تعالى : (إن الصلوة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) أي مفروضاً في الأوقات ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : (وقت العشاء إلى نصف الليل) رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما والله أعلم[12] .


 


10 ـ السؤال : ما الحكم إذا لم يستطع الحاج المبيت في منى ثلاثة أيام التشريق؟


الجواب : لا شيء عليه لقوله تعالى : (فاتقوا الله ما استطعتم) سواء كان تركه المبيت لمرض ، أو عدم وجود مكان ، أو نحوهما من الأعذار الشرعية كالسقاة والرعاة ومن في حكمهما [13].


 


11 ـ السؤال : ما حكم من ترك المبيت في منى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر وذلك بأن كان الحاج مريضاً ولم يستطع المبيت في منى تلك الليلة ، ولكنه رمى جمار اليوم نهاراً بعد الزوال أي أنه رمى جمار يوم الحادي عشر من أيام التشريق مع جمار اليوم الثاني عشر في النهار بعد الزوال ، فهل يلزمه دم في هذه الحالة حيث إنه ترك مبيت ليلة الحادي عشر بمنى مع العلم أنه بات ليلة الثاني عشر في منى ورمى الجمار بعد الزوال من ذلك اليوم ثم ارتحل عن منى إلى مكة؟ نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟


الجواب : مادام ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لعذر مرض فلا شيء عليه لقوله تعالى : (فاتقوا الله ما استطعتم) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للساقة والرعاة المبيت بمنى من أجل السقي والرعي والله أعلم [14].


 


q       فتوى فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد المحمود في حكم نزول مزدلفة والدفع عنها :


 قال رحمه الله : (والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل واجب في ظاهر مذهب الحنابلة والشافعية ، وقال الإمام مالك : إن نزل بها ثم دفع فلا شيء عليه ، وإن لم ينزل بها فعليه دم ، وقال في الإفصاح : أجمعوا على أنه يجب البيتوتة بمزدلفة جزءاً من الليل في الجملة ، إلاّ مالك ، فإنه قال : هو سنة مؤكدة . وقال الشافعي في أحد قوليه : إنه ليس بواجب . قال : واختلفوا فيمن ترك المبيت مزدلفة جزءاً من الليل ، هل يجب عليه دم أم لا ؟ فقال أبو حنيفة : لا شيء عليه في تركها ، مع كونها واجبة عنده . وقال مالك : يجب في تركها دم ، مع كونها سنة عنده . وقال الشافعي في أظهر قوليه ، وأحمد : يجب في تركها الدم ، مع كونها واجبة عندهما .


 


 فهذه الأقوال ، مع اختلافها خرجت من هؤلاء الأئمة مخرج الاجتهاد منهم ، لكونهم لم يجدوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نصاً صحيحاً صريحاً في تحديد الواجب من المبيت ، وهل هو الليل كله ، أو نصفه ، أو جزء منه؟ فاجتهد كل واحد منهم في القول فيه على حسب الحالة والحاجة في زمنهم ، من قلة الحاج ، وسعة المكان ، والطرق ، والقدرة على الانصراف على تصرف الإنسان بما يريد .


 


 وإن الأمر الذي لا نزاع فيه ، هو أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بمزدلفة بعد انصرافه من عرفة ؛ فصلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير بأذان وإقامتين ، ثم رقد حتى طلع الفجر ، فصلى بعدما تبين الفجر ، ثم وقف بالمشعر الحرام ، فذكر الله ، وهلله ، وأخذ يدعو حتى أسفر جداً ، ثم دفع من مزدلفة ، ومعه أصحابه حتى أتى جمرة العقبة ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر مع كل حصاة ، ثم انصرف إلى المنحر فنحر هديه ، وحلق رأسه ، ولبس ثيابه ، وبعدما أكل من لحم هديه ، وشرب من مرقه ، دفع إلى مكة ، ومعه أصحابه ، فطاف بالبيت طواف الحج ، فهذا أفضل ما بفعله الحاج ، إذ أنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الفعلية وسيرة خلفائه وأصحابه حتى في حالة هذا الزمان ، وشدة الزحام ، فإنه يكون أوفق وأرفق به ، إذ أنه بعد انصرافه من مزدلفة يجد فجوة خالية من شدة الزحام بين المتعجلين والمتأخرين ، فهذا أفضل ما ننصح به ، وندعو الناس إليه ، لكنه لا يلزم أن يتيسر هذا التسهيل لكل أحد ، فإن الحاج زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء وفي كل السنين السابقة كانوا قليلين فلا يحج من أهل البلدان البعيدة أحد ، ولا يحج من أهل البلدان القريبة إلاّ النادر . 


 


 أما وفي هذا الزمان ، فقد قصرت المسافات ، وسهلت المواصلات بوسائل المراكب الهوائية ، والبرية ، ودكت عقبات التعويق ، وقطع دابر قطاع الطريق ، وشمل الناس الأمن المستتب في أنحاء الحرم ، وسائر السبل المفضية إليه ، فمن أجله قدم الناس إلى الحج من كل فج ، فأقبلوا إليه يجأرون ، وفي كل زمان يزيدون ، فعظم الخطب ، واشتد الزحام ، وصار الناس بعد انصرافهم من عرفة يسيرون مقسورين غير مختارين ، يتحكم فيهم قائد السيارة ، وشرطة نظام المرور ، بحيث يمنعون السائق من الوقوف أو الانصراف عن طريقه ، لكون أرض مزدلفة مملوءة بالناس والسيارات ، وربما تمادى بهم سيرهم حتى يصلوا إلى المسجد الحرام ، فيطوفون طواف الإفاضة وهم قد مروا بمزدلفة ، ولكنهم لم ينزلوا بها ، ولأجله كثر السؤال عن حج هؤلاء ، وهل هو صحيح أم لا ؟


 


فالجواب : اننا على دين كفيل بحل مشاكل العالم ، ما وقع في هذا الزمان وما سيقع بعد أزمان ، ولو فكرنا فيه بإمعان ونظر ، لو وجدنا فيه الفرج عن هذا الحرج ، وقد قيل : عن الحاجات هي أُم الاختراعات ، لهذا يجب على العلماء الاجتهاد في تجديد النظر فيما يزيل عن أُمتهم وقوع الخطر والضرر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد ارخص للضعن والضعفة بأن يدفعوا باللي ، ويرموا الجمرة باللي ، كما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة ، وحديث أسماء بنتي أبي بكر ، وحديث ابن عمر ، وحديث ابن عباس . 


 


 وكما ثبت الدفع إلى مكة من حديث عائشة ، قالت : (أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة المزدلفة ، فرمت الجمرة قبل الفجر ، ثم مضت فأفاضت) رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم ، وكل الأحاديث الصحيحة في البخاري ، ومسلم ، والسنن ، لم تثبت تحديد المبيت بجزء من الليل ، ولا تقييده بنصفه ، كما قيده الفقهاء بذلك . وترجم له البخاري في صحيحه ما عدا أن أسماء بنت أبي بكر قالت للذي يُرحلها : هل غاب القمر ؟ فقال : لا . فأخذت تصلي ؛ ثم قالت : هل غاب القمر ؟ قال : نعم ؛ قالت فارتحلوا . قال : فارتحلنا ، فمضت حتى رمت الجمرة وقالت : يا بني : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للضعن ، ومثله قاله ابن عمر ، حين دفع من مزدلفة بأهله من الليل ، وكلها لا تدل على تحديد ولا تقييد .


 


 ونتيجة الجواب عن هذا السؤال : أن حج هؤلاء يعتبر صحيحاً بدون دم ، إذ هو نظير ما فعلته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة ، قالت : أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر ، فرمت الجمرة قبل الفجر ، ثم مضت ، فأفاضت . رواه أبو داود وإسناده على شرط مسلم ، وهو جنس ما فعله هؤلاء من دفعهم من مزدلفة إلى الجمرة ، ثم إلى مكة لطواف الإفاضة بطريق القسر غير مختارين ، وهو غاية وسعهم ، والله لا يكلف نفساً إلاّ وسعها .


 


 ولأن الحاج بعد انصرافه من عرفة ، يمر بمزدلفة في طريقه ، وقد قال الفقهاء : إن حكم من مرّ بعرفة ، حكم من وقف بها يوم تمام حجه ، ومثله من مرّ بمزدلفة ولم يقف بها ، ثم إن بقية مناسك الحج التي تفعل بعد الوقوف بعرفة ، مثل المبيت بمزدلفة والرمي ، وطواف الإفاضة ، كلها من  الأمور التي رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها عن أمته الحرج في تقديم شيء على شيء منها ، فإنه ما سئل يوم العيد عن شيء قدّم و لا أخّر إلاّ قال : (افعل ولا حرج) .


 


 وبما انه حصلت الرخصة من النبي صلى الله عليه وسلم في الدفع بالليل للضعن والضعفة ، بدون تحديد ولا قيد ، فإن اكثر الناس في حالة هذا الزحام الشديد قد صاروا بمثابة الضعن والضعفة ، بل أشد في حالة استعمال هذ