بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
فإن الكتابة عن مثل فضيلة الامام شيخنا يوسف القرضاوي حفظه الله ، ليست سهلة ، بل هي صعبة للغاية سواء كانت الكتابة تتعلق بسيرته التي كتب هو بنفسه جزءاً منها في ثلاثة مجلدات ، وربما يستغرق الباقي عدة مجلدات ، أم كانت في علومه ومؤلفاته المتنوعة التي تكاد تصل إلى مائتي كتاب ، فالشيخ موسوعي من الطراز الأول ، بل هو عبقري امام ، لا يستطيع أن يفي بحقه إلاّ امام كما قال الشيخ الغزالي رحمه الله ، كما أنه لا يحسن الكتابة عن العباقرة إلاّ عبقري كما قال العقاد رحمه الله ، وأنىّ لي أن أدعي الامامة ، او العبقرية ؟! ..
ولكن الذي شجعني للاستجابة للكتابة ببحث عن الشيخ القرضاوي هو أن التكليف الذي جاء من اللجنة المنظمة لمؤتمر حول الشيخ ، قد خصص موضوع بحثي بجانبه الاقتصادي الذي ربما أستطيع أن أدلو بدلوي في هذا المجال المتيسر بإذن الله تعالى ، كما أنني سبق لي أن تشرفت بكتابة بحث عن فقه القرضاوي في الزكاة ، الذي ساهمت به في الكتاب الذي أصدرته لكلية الشريعة والقانون بجامعة قطر بمناسبة بلوغه سن السبعين .
وقد كتب فضيلة شيخنا القرضاوي منذ وقت مبكر عن الاقتصاد الاسلامي ، فقد ألف في النظام المالي الاسلامي في المالية الاسلامية كتابه القيم ” فقه الزكاة ” الذي يعد بحق أفضل كتاب ألف في هذا الركن العظيم على مرّ العصور ، فهو كتاب هذا القرن ، وأنه موسوعة فقهية في الزكاة …..[1] .
وألف الشيخ كذلك في فرع من فروع الدراسة الاقتصادية هو الرفاهية في كتابه الذي سماه ” مشكلة الفقر وكيف عالجها الاسلام ” كما ألف في موقف الاسلام من النشاط الاقتصادي من خلال كتابه القيم ” دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الاسلامي ” .
وهكذا نجد الشيخ قد كتب عن معظم مسارات الاقتصاد الاسلامي كما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى .
وقد قسمت البحث إلى قمسين : قسم نتحدث فيه عن الجانب النظري المتمثل في كتبه وبحوثه الخاصة بالاقتصاد ، وقسم نتحدث فيه عن الجانب العملي ودوره في المؤسسات المالية الاسلامية ، ولأجل توضيح هذا الدور قمت بمقابلة خاصة مع فضيلته في هذا المجال .
والله تعالى أسأل أن يكسو عملنا ثوب الاخلاص ، وأن يلهمنا الصواب ، ويعصمنا من الزلل والخلل في العقيدة والقول والعمل ، إنه حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .
كتبه الفقير إلى ربه
علي محيى الدين القره داغي
مكـة المكرمة ـ برج زمزم
جــمادى الآخرة 1428هـ
([1]) هناك نقول كثيرة عن كبار علماء العصر في أهمية هذا الكتاب ، فيراجع : في مقدمته للطبعة السادسة عشرة ص 18-19 ، ويراجع : د. علي القره داغي : فقه القرضاوي في الزكاة ، بحث منشور في كتاب