آراء الفقهاء المعاصرين :
اختلف الفقهاء المعاصرون في هذه المسألة على رأيين :
الرأي الأول : حرمة المساهمة ، والتعامل ـ بالبيع والشراء ونحوهما ـ في أسهم الشركات التي تتعامل مع البنوك الربوية مهما كان حجم تعاملها قليلاً ، ومهما كانت أنشطتها المباحة كثيراً ، وأغراضها الأساسية مشروعة ، وهذا رأي المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بالأكثرية[1] ورأي جماعة من المعاصرين منهم : الدكتور علي السالوس ، والدكتور عجيل جاسم النشمي ، والدكتور صالح المرزوقي ، والشيخ خليل الميس ، والشيخ الصديق الضرير .
الرأي الثاني : جواز المساهمة ـ بشروط وضوابط ـ في الشركات التي أصل نشاطها حلال ولكنها تتعامل ، أو قد تتعامل ببعض المحرمات ، مثل الربا ، ونحوه ، وهذا هو رأي بعض الندوات الفقهية ، منها ندوة الأسواق المالية بالرباط بالمغرب في ربيع الآخر 1410هـ[2] وندوة البركة ، ومعظم هيئات الفتوى والرقابة الشرعية للبنوك والشركات الإسلامية ، وهو رأي أصحاب الفضيلة الشيخ مصطفى الزرقا والشيخ ابن عثيمين “رحمهما الله” والشيخ يوسف القرضاوي ، والشيخ عبدالله بن منيع ، والشيخ عبدالرحمن بن بسام ، والشيخ عبدالله بن بيه ، والشيخ تقي العثماني ،و الشيخ عبدالستار أبو غدة ، والشيخ وهبة الزحيلي ، والشيخ خالد المذكور ، وغيرهم.على تفصيل وتقييد نذكره عند استعراض آرائهم .
ولكن هؤلاء اختلفوا في الشروط والضوابط على آراء :
الفريق الأول : يرى هؤلاء جواز المساهمة والتعامل في هذه الشركات المذكورة آنفاً التي تتعامل مع البنوك الربوية إقراضاً واقتراضاً بفائدة إذا توافرت مجموعة من الشروط وهي:
1 ـ أن لا تزيد نسبة ديون الشركة (أي الذمة المدينة) ، ونقودها ، او أحدهما عن 50% من موجودات الشركة .
2 ـ أن لا تزيد نسبة قروضها (الذمة الدائنة) عن الثلث من موجودات الشركة .
3 ـ أن لا يزيد عنصر الحرام بالنسبة للأموال المستثمرة على الثلث عند بعض الهيئات ، وعن الربع عند بعض هيئات أخرى .
4 ـ أن لا تزيد نسبة الفوائد (أو المحرمات) عن 5% أو 10% من إجمالي الدخل والإيراد .
5 ـ أن يتخلص من النسبة الناتجة عن الحرام .
كيفية التخلص من النسبة الناتجة عن الحرام :
وقد ذكرنا أن جميع المجيزين متفقون على التخلص من نسبة الفوائد التي اخذتها الشركة ، وصرفها في وجوه الخير ، غير أنهم اختلفوا في مدى وجوب التخلص من الربح الناتج بسبب القروض التي اخذتها الشركة ، وتجسد هذا الخلاف من الجانب العملي في آراء هيئات الرقابة الشرعية ، حيث يرى أكثرها وجوب التخلص أيضاً عن الكسب الناتج عن القروض التي حصلت عليها المؤسسة من البنوك الربوية ، حيث يجب التخلص من نسبة 50% من الربح الناتج عن تلك القروض ، وحتى تتضح الصورة أكثر نذكر بعض الفتاوى لهيئات الفتوى والرقابة الشرعية التي تدل على كيفية التطبيق والتخلص من النسبة .
كانت الهيئة الشرعية بشركة الراجحي من أوائل المفتين في هذا الموضوع حيث صدرت الفتوى رقم 182 في 7/10/1414هـ جاء فيها : (وبناءً على هذا نقول : إن هذه الشركات المساهمة أصبحت حاجة ملحةلا مناص منها في الحياة المعاصرة لأي شعب وفي أي دولة تريد الاستفادة من منجزات العلم والصناعة والتقنية (التكنولوجيا) دون أن تبقى في مستوى الحياة البدائية وذلك من عمارة الأرض التي أمر بها الإسلام لصالح الإنسانية عامة .
ولكن الواقع أن هذه الشركات تقوم اليوم في دول لا تتقيد في أنظمتها باجتناب التعامل مع المصارف التقليدية الربوية ، فتضع سيولتها المالية في تلك المصارف وتتقاضى عليها فوائد ربوية تدخل في مواردها وأرباحها كما تقترض في بعض الحالات ما تحتاج إليه من تلك المصارف لقاء فائدة تدفعها ، وتدخل تلك القروض في إنتاج ما تنتجه والربح الذي تحققه ، فالربا يدخل في بعض أعمالها أخذاً وعطاءاً ، وحينئذٍ يجب إيجاد حل لهذه المشكلة يكون مقبولاَ شرعاً بالنظر الإسلامي .
وترى الهيئة الشرعية في هذه المشكلة أنه لا ينبغي أن يفتي الناس بتحريم تداول أسهم هذه الشركات بصورة مطلقة ، ولا ان تباح بصورة مطلقة ، بل يراعى في ذلك حاجتهم إلى هذه الشركات ، واقتناء أسهمها لا سيما الذين لا يجدون طريقاً آخر لاستثمار مدخراتهم الصغيرة ، وفي الوقت نفسه يجب استبعاد العنصر الحرام من أرباح هذه الأسهم وذلك يستلزم التمييز بين مختلف حالات شركات المساهمة وبيان حكم كل حالة ، وفقاً للتفصيل التالي :
أولاً : الشركات المساهمة التي يكون موضوع نشاطها الاقتصادي محرماً كشركات انتاج الخمور ،و شركات البنوك الربوية ، فهذه الشركات محرمة ، ويحرم امتلاك شيء من أسهمها وتداوله بين المسلمين والتوسط في ذلك كما تحرم أرباحها .
ثانياً : الشركات الأخرى التي يكون موضوع نشاطها حلالاً مباحاً ، كسائر المشاريع الانتاجية للسلع التي أشير إليها في مقدمة هذه القرار .
وهذه يباح امتلاك أسهمها وتداولها وأخذ عائدات الأسهم من أرباحها ، ولكن بشرط أن يحسب مالك الأسهم ولو بصورة تقريبية ، احتياطاً لبراءة ذمته ، ما دخل على عائدات كل سهم من العنصر الحرام في ربحه فيفرز مقداره من عائدات الأسهم ، ويوزعه على أوجه الخير دون أن ينتفع به أية منفعة ، ولا أن يحتسبه من زكاته ، ولا يعتبره صدقة من حر ماله ، ولا أن يدفع منه ضريبة حكومية ولو كانت من الضرائب الجائرة الظالمة ، لأن كل ذلك انتفاع بذلك العنصر الحرام من عائدات أسهمه ، وإن حساب هذا العنصر ، ولا سيما بصورة تقريبية قد أصبح ميسوراً بالوسائل والأجهزة الحديثة والاستعانة بأهل الخبرة) .
وقد استندت هذه الفتوى على عموم البلوى ، وعموم الحاجة ، ورفع الحرج ، والأدلة الدالة من الكتاب والسنة على دفع المشقة ، حتى صاغ الإمام السرخسي في ضوء تلك الأدلة قاعدة عن حكم عموم البلوى وهي : (ما لا يستطاع الامتناع عنه فهو عفو)[3] وكذلك شهاب الدين القرافي فقال : (قاعدة : كل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به وكل منهي عنه شق عليهم اجتنابه سقط النهي عنه)[4] ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (يجوز للحاجة ما لا يجوز بدونها ، كما يجوز بيع العرايا خرصاً بالتمر)[5] .
وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم تدل بوضوح على تخفيف عدد من الأحكام واستثناء جملة من المسائل عن أصل محظور ، بسبب الحاجة ، فقد ثبت في الصحيحين أن النبي e نهى عن قطع الشجر والحشيش في حرم مكة ، فقالوا إنهم يحتاجون إلى الأذخر لأجل سقوف بيوتهم فاسثناه لهم فقال : (إلا الإذخر) وفي رواية للبخاري : قال العباس : (إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا ، فقال (إلا) الإذخر)[6] .
وثبت في الصحيحين أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى في أكثر من حديث عن بيع الرطب بالتمر ، وبيع التمر خرصاً وتخميناً ، ومع ذلك أجاز لأصحاب الحاجة بيع ما على النخيل من الرطب بتمر يخرص خرصاً في حدود خمسة أوسق ( أي حوالي667كغم)[7] وفي رواية صحيحة أيضاً عن سفيان بن حسين : ( العرايا تحل للماسكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فرخص لهم أن يبيعوها بما شاؤوا من التمر)[8] فلننظر كيف راعى حاجة الناس ، بل رغباتهم في أكل الرطب وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (رخص في العرايا أن تباع كيلاً)[9] وفي ذلك استثناءان أحدهما استثناء عن النهي عن المزابنة وبيع التمر بالرطب ، والآخر استثناء عن النهي عن بيع الربويات خرصاً .
ولذلك استخرج الفقهاء من هذه الأدلة وغيرها قواعد مهمة منها : (أن الحاجة في حق الناس كافة تنزل منزلة الضرورة في حق الواحد المضطر)[10] وقال ابن العربي المالكي : (ان اعتبار الحاجة في تجويز الممنوع كاعتبار الضرورة في تحليل المحرم)[11] .
بل إن بعض كتب القواعد نصت على أن الحاجة مطلقاً تنزل منزلة الضرورة قال السيوطي : (القاعدة الخامسة : الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة ،….ومنها الأكل من الغنيمة في دار الحرب ، جائز للحاجة ، ولا يشترط للآكل أن لا يكون معه غيره)[12] ومن تطبيقات هذه القاعدة ما ذكره الإمام النووي رحمه الله من إباحة النظر إلى المرأة الأجنبية لمعاملة ، وشهادة ، وتعليم ونحوها بقدر الحاجة[13].
ومن الأدلة على ذلك قاعدة الأصالة والتبعية ، وقاعدة الكثرة والغلبة ، إضافة إلى الاسئناس بإجازة الجمهور التعامل مع من غالب ماله حلالاً [14].
وذكرت فتوى الهيئة الشرعية للراجحي رقم 182 ضوابط التعامل الآتية بأسهم هذه الشركات :
1 ـ أن لا يزيد العنصر الحرام في مجموع الأموال التي تستثمرها على الثلث أي 33,33% .
وقد اعتمدت الهيئة على هذا التحديد بالثلث على الأدلة المعتبرة التي اعتمدت على الثلث كمعيار في التفرقة بين القليل والكثير .
2 ـ أن لا ينص في نظامها الأساسي على التعامل بالفوائد الربوية .
3 ـ أن يتخلص من الربح العائد على السهم من العنصر الحرام في حالة اقتراض الشركة بربا ما لا يزيد عن الثلث من مجموع الأموال التي تستثمرها بالطريقة الآتية : (إذا فرضنا أن رأس مال الشركة مليون ريال ، وقد اقترضت فوقه بالربا مائتي ألف ريال فأصبح ذلك يعني مليونا ومائتي ألف ريال ، جاء ربح السهم مائة وعشرين ريالاً ، فإن ذلك يعني أن الكسب قد نشأ عن العمل ورأس المال ، ومنه المبلغ المقترض .
وبما أن الربح ينتج من عنصرين هما رأس المال والعمل ، وإن الخبث في ربح السهم إنما جاء من الجزء المأخوذ بالربا أما العمل فهو مباح في ذاته ، ونتيجة ذلك أن يقسم ربح السهم نصفين : نصفه من العمل المباح ونصفه الآخر من جزء رأس مال السهم ذلك الجزء المأخوذ بطريق الربا المحرم ، ومقدار ذلك الجزء هو السدس في الصورة المذكورة ، فيكون نصف سدس السهم وقدره عشرة ريالات خبيثاً) .
هذا في حالة اقتراض الشركة من البنوك الربوية أي أنها تعطى الفائدة ، أما في حالة إيداع فلوسها في البنوك الربوية بفائدة ، فإن على المساهم أن يتخلص من النسبة الموازية لها من كل سهم مع ملاحظة هذه الحسبة قبل المصاريف ، فلو فرضنا أن الشركة رأس مالها مائة ألف ريال ـ مثلاً ـ وربحت من الأنشطة المشروعة عشرة آلاف ريال ، وحصلت على ألف ريال من الفوائد فإن هذا يعني أن نسبة 10% من الربح يجب التخلص منها دون النظر إلى المصاريف التي صرفت .
وجاءت فتوى هيئة الفتوى والرقابة الشرعية[15] لشركة التوفيق والأمين الصادرة بشأن الاسهام في الشركات المساهمة العالمية في 28 رجب 1414هـ ـ 10/1/1994م فقسمت الشركات حسب أغراضها :
((1 ـ إما أن يكون غرضها الأصلي حراماً مثل البنوك الربوية ، …وشركات التأمين التقليدية ، وشركات إنتاج الخمور…فهذه لا يجوز تملك أسهمها ، ولا تداولها ببيع أو شراء أو وساطة .
2 ـ وإما أن يكون غرضها الأصلي مباحاً ، مثل شركات التجارة في المباحات أو صناعتها أو زراعتها أو تسويقها أو الخدمات المتعلقة بذلك فهذا النوع من الشركات لا يخلو أمره من أحوال :
ـ إما أن يكون منصوصاً في نظامها على أن لها أن تتعامل في الأنشطة المحرمة التي سبقت الإشارة إليها ، أو أن تولد شركات فرعية مخصصة لتلك الأنشطة المحظورة ، فإن كانت زاولت بالفعل هذه الأنشطة ( ويعرف ذلك من تقاريرها السنوية وميزانياتها المالية) فحينئذ لا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء او وساطة .
وإن لم تكن زاولت شيئاً من هذه الأنشطة المحظورة فيجوز تملك أسهمها مع مراعاة مراقبة تصرفاتها المستقبلية بحيث يتم التخلص مما يمتلك من أسهمها إذا ما أقدمت على مزاولة هذه الأنشطة المحظورة المنصوص عليها في نظامها.
ـ وإما أن لا يكون في نظامها نص على إمكانية التعامل في الأنشطة المحرمة ، ولكن وقع منها هذا التعامل ، فإن كان حجم النشاط المحرم قليلاً بحيث لا يزيد عن الربع25% فبناءً على القواعد العامة في أن الحكم للأغلب وللأعم ، وإنه يغتفر في التابع ما لا يغتفره في المتبوع ، وإنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً ، وأن الربع يعتبر في بعض التطبيقات الشرعية قليلاً فإنه لا يظهر لنا مانع من تملك أسهمها ، مع ان الأولى ترك ذلك احتياطاً للتقوى ، ويحرم تملك أسهم شركات يزيد حجم أنشطتها المحرمة عن هذه النسبة .
وفي حال تملك أسهم شركات ذات غرض مشروع وأنشطتها مباحة باستثناء ما لا يزيد عن هذه النسبة فإنه يجب التخلص من العائد الناشء من هذه الأنشطة المحظورة .
ـ ثم هناك حالة إيداع الشركة فائض أموالها في البنوك الربوية ، وقد صدرت في شأن تملك أسهمها التوصية الثامنة في الحلقة الفقهية الأولى للبركة حيث ذهب أكثر المشاركين إلى أنه يجوز تملك أسهمها بشرط احتساب النسبة العائدة للبنك من التعامل بالفائدة واستبعادها من أرباح البنك ، وذلك بصرفها في أوجه الخير .
ـ وهناك حالة اقتراض الشركة أموالاً من البنوك الربوية ، مهما كان الدافع لهذا الاقتراض ، وقد صدرت في شأن تملك أسهمها التوصية الثانية عشرة في الحلقة الفقهية الثانية للبركة ، ونصها : ” إذا ارتفعت قيمة أسهم شركة تقترض أحياناً بالربا إلى جانب رأسمالها ، وكان الارتفاع ناشئاً عن القروض الربوية والجهد التشغيلي ، فعند بيع السهم يجب التخلص مما نتج عن تلك القروض الربوية من الريع وارتفاع قيمة السهم وذلك بمقدار يتناسب مع أثر هذه القروض في ارتفاع القيمة ، وفقاً للمعايير المحاسبية المتاحة ، علماً بأنه لا يجوز لهذه الشركات أن تتعامل بالربا أخذا ولا إعطاء” .
وهناك من الفقهاء المعاصرين من يرى أن الأموال المقترضة بالفائدة قد دخلت في ضمان الشركة المقترضة “ولو كان الاقتراض حراماً والفائدة المدفوعة محرمة أيضاً ” ربما أن الريع حصل من مال مضمون ، فإنه يكون للمقترض الضامن له ، ولا يرى هؤلاء الفقهاء وجوب التخلص من ريع الأموال التي تقترضها الشركة .
والرأي الذي نراه محققاً للمصلحة والعدل معاً هو النظر إلى ان العائد قد نشأ نتيجة المال المقترض والجهد المبذول من الشركة،وعليه فإنه يتخلص من نصف العائد 50% المتحقق من المال المقترض ، فيكون ما يجوز تملكه منه هو ما يخص العمل،وهو النصف،ويتخلص مما يخص الاقتراض بسبب حرمة هذا التصرف ولو دخل القرض في ضمانه .
ويستأنس لهذا الرأي بفعل عمر رضي الله عنه بمشورة بعض فقهاء الصحابة في تمليك ابنيه نصف الربح الناشىء من استثمارها للمال الذي كان بيدهما أمانة لنقله إلى بيت المال في المدينة ، حيث يشبه التصرف المحرم بالاقتراض بالفائدة ذلك التصرف بالتعدي على الأمانة واستثمارها بدون إذن ، مع أن المال في الحالين دخل في ضمان من هو بيده ، والله أعلم والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين)) .
الخلاصة : هناك حالتان :
الحالة الأولى / حالة الإقراض بفائدة :
أي أن الشركة تدع فلوسها لدى البنوك الربوية ، وتتسلم فوائدها ، ففي هذه الحالة لا خلاف بين الفقهاء في وجوب التخلص من هذه النسبة المحرمة ، ونكون أمام أحد الاحتمالين :
الاحتمال الأول : أن يصبر المساهم حتى توزع عليه أرباح أسهم تلك الشركات ، وحينئذٍ فالأمر سهل ، حيث يجب عليه التخلص من النسبة المحرمة (المقابلة للفائدة او نحوها) فلو كانت نسبة الفوائد المحرمة إلى إجمالي الإيرادات هي 5% فيجب عليه ان يتخلص من تلك النسبة ، وهنا لا بد أن يلاحظ أنه لا يكتفي في هذه الحالة بالتخلص من 5% من أرباحه التي قبضها وتسلمها ، لأن الأرباح الموزعة فعلاً على المساهمين لا تمثل كل الأرباح فهناك أرباح دخلت في الاحتياطات والمخصصات ـ كما هو معلوم ـ كما أن هذه النسبة من إجمالي الإيرادات قبل المصاريف ، وليس من صافي الربح المحقق ، مع أن الواجب هو صرف تلك النسبة قبل احتساب المصاريف ، فمثلاً لو أن الفوائد المحققة هي عشرة آلاف دولار ، والإيرادات الأخرى (قبل المصاريف) هي مائة ألف دولار ، وهذا يعني أن النسبة التي يجب التخلص منها هي 10% مع أن الربح الصافي بعد المصاريف هو خمسون ألف دولار .
وفي رأيي هناك وسيلة أخرى للاحتساب أسهل من الوسيلة السابقة ، وهي احتساب نسبة الفوائد المحرمة حسب موجودات الشركة ، وبالتالي نسبته من السهم ، فمثلاُ لو أن موجودات الشركة هي تسعون ألف ريال مقسمة إلى تسعة آلاف سهم ، كل سهم عشرة ريالات ، والأرباح هي عشرة آلاف ريال ، والفوائد هي ألف ريال ، فتحسب أن موجودات الشركة هي مائة ألف ريال ، وان نسبة ألف ريال إلى مائة ألف ريال هي 1% أي كل سهم يجب التخلص من عشرة دراهم (على أن أساس كل ريال مائة درهم) .
الاحتمال الثاني : قيام الشخص بشراء الأسهم ثم بيعها مباشرة ، او بعد فترة ولكن قبل توزيع الأرباح ، وهذا الاحتمال له حالتان أيضاً :