لقد لاحظت في الموازنة الجديدة عدة ملاحظات تستحق الوقوف عندها ، والتعليق عليها وهي :
أولاً : العناية بالإنسان من حيث الصحة والتعليم ، وتحقيق ضرورياته وحاجياته من خلال الإسكان والبنية التحتية .
والإنسان هو أساس كل تقدم ، وتطور ، وحضارة وثقافة وفنون ، فلم تنهض الأمة إلاّ عندما طوّر الفرد ونمّى وأصبح قادراً على الإبداع .
والإنسان الذي وفرت الدولة ضرورياته وحاجياته يبدأ بالتفكير والإبداع ، ولكن عندما ينشغل بمرضه ، وقوت يومه أنّى له أن يبدع ، وأكبر دليل على ذلك العرب كيف كانوا قبل الإسلام ، وحينما جاء الإسلام وأولى كل عنايته بكرامة الإنسان وتعلميه وتنميته تغير الوضع تماماً ، وهكذا الحضارة الغربية قامت علىالإنسان ، وعلى تطويره وكرامته ، وعلى إبداعه واحترامه…..
ولذلك نجد القرآن الكريم يوجه كل خطاباته للإنسان : يا أيها الإنسان ، يا أيها الناس ، يا بني آدم ، وهكذا فالإنسان هو البنية التحتية الأولى والأخيرة في الحضارة الإسلامية والإنسانية .
ثانياً : الملاحظة الثانية أن الموازنة أعطت عناية خاصة بالتعليم ، وهو الحجر الأساس لأية نهضة أو تقدم ، أو حضارة .
لذلك تأتي أول آية وأول سورة تنزل من السماء على الأرض ، على سيدنا محمد r هي الأمر بالقراءة : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق) .
وما هذه الصناعات المتطورة والتقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي ، وثورة الاتصالات والانترنيت وغيرها من مختلف العلوم والتقنيات المتطورة …إلاّ نتيجة التقدم العلمي ، والبحث العلمي ، والابتكارات العلمية …فالعلم هو الأساس لكل هذه الثورات العلمية وهذا التقدم الهائل .
ولذلك تصرف الدول المتقدمة المتطورة نسبة كبيرة من دخلها القومي على التقدم العلمي ، والبحث العلمي قد تصل إلى 25% في حين أن عالمنا العربي المحتاج إلى التقدم العلمي لا يصرف إلاّ بنسبة متواضعة جداً جداً على التعليم .
لذلك نشكر دولة قطر على هذه الخطوة العظيمة .
ثالثاً : الصحة هي عماد الإنسان وتاج فوق كل التيجان لا يعرف قيمتها إلاّ من فقدها ، فالإنسان المريض مبتلى بنفسه ليس له من الوقت للتفكير والإبداع ، بل يصبح عالة على الآخرين .
لذلك فأي مبلغ يصرف في الصحة فهو جزء من التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية ، وإلى مزيد من العناية والرعاية بالإنسان داخل دولة قطر في ظل السياسة الرشيدة لحضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد الذي ما فتئ يصرف كل جهوده لخدمة الإنسان وتنميته وكرامته ، فبارك الله فيه ووفقه وسدد خطاه على طريق الحق والخير والتنمية الشاملة والازدهار .