العبودية تتحقق بسبع عشرة صفة للمؤمنين:

الدوحة ـ الشرق:

دعا فضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي المسلمين لاستغلال العشر الأوائل من ذي الحجة  في الخيرات موصياً إياهم بالصوم خاصة يوم عرفة وفسر دلالات مهمة لصفات المؤمنين وسجودهم لله، واعتبر السجدة بداية الطريق الى الله لكنها ليست نهايته، كما رأى ان العبودية لا تتحقق بمجرد السجدة وانما تتحقق بسبع عشرة صفة للمؤمنين، وقال: إن ما يحدث الآن في العراق من تفجير للكنائس وتفجير للسيارات في الأحياء ذات الاغلبية المسيحية هو عمل ممنوع لا يجيزه الإسلام.. جاء ذلك في خطبة الجمعة لفضيلته امس بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب.

وقد بدأها قائلا: عشنا في الخطبة السابقة مع عباد الرحمن أملا وتفاؤلا من الله سبحانه وتعالى بأن نكون من هؤلاء العباد، وقد أشرنا في خطبة سابقة إلى بعض صفات هؤلاء العباد وكذلك الى اختيار هذه الكلمة “الرحمن” عن غيرها من الصفات مثل الرحيم، كما بينا كذلك الربط بين هذه الآيات في سورة الفرقان والآيات التي قبلها وسنستكمل اليوم ان شاء الله جزءاً آخر مما نستطيع ان نفهمه من هذه الآيات أو نستنبطه منها، تستدعي منا دائما أن نتحرك وأن نعيش معها بقلوبنا وعقولنا وسلوكياتنا.

وقال القره داغي: إن الامر سنتحدث عنه وهو حينما طلب الله من المشركين ان يسجدوا فرفضوا، بين سبحانه وتعالى أن السجدة وحدها هي بداية الطريق وليست نهاية الطريق فالعبودية لا تتحقق بمجرد السجدة وانما تتحقق بهذه المواصفات التي تصل الى 17 صفة وكأنه سبحانه يرد على هؤلاء بأن السجدة ما هي الا بداية الطريق، وبالرغم من ان الصلاة والسجود هي من الأساسيات ولكن يجب أن يتبع هذا الامر السلوكيات والاعمال، وهذا كذلك ربط بين هذه الآية وقوله سبحانه وتعالى: “واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا”،

الامر الآخر في الربط بين هذه الآية والآية التي سبقتها مباشرة أو الآيتين قوله تعالى: “تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا”، الربط بين هذه الآية الكريمة والآية السابقة أيها الإخوة الاحبة أن مقام العبودية يأتي بعد مقام الألوهية فبعد توحيد الله سبحانه وتعالى تنطلق العبودية له وحده، اذ ان هناك ترتيبا جميلا جدا بين توحيد الالوهية لله وحده، وإخلاص العبادة له وحده كذلك، أما الأمر الثاني في هذا الربط أيها الإخوة الاحبة هو أن العبودية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق الا من خلال القناعة الكاملة.. من خلال الايمان الثابت من خلال اليقين الجازم، وهذا الإيمان الثابت لا يتحقق الا عندما ينظر في هذا الكون من خلال العقل ليقودك إلى الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

 

إيمان عقلي لا تقليدي

واستنتج من ذلك امرا مهما في الإيمان.. قال: ومن ثَم وجب على كل المؤمنين ان يكون إيمانهم ايمانا عقليا لا إيمانا تقليديا من خلال ما وجدوا عليه آباءهم وذلك لا يتحقق الا بالتدبر في هذا الكون الفسيح الذي لو أمعنت النظر فيه لوصلت الى الخالق المبدع لهذا الكون. ثم قال: بعد هذا فإننا ندخل في هذه الآية: “وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا”، وقد استعمل سبحانه لفظ الذين وهذا اللفظ لم يأت اعتباطا وهي كما يقول علماء اللغة من الأسماء الموصولة والأسماء الموصولة للمعهود.. ماذا يعني هذا؟ يعني أن هؤلاء العباد معروفون مميزون بتصرفاتهم واخلاقهم “يمشون على الارض هونا” أي يمشون أعزاء ومتواضعين سبحان الله ومن أين استنتجنا هذين الوصفين من هذه الكلمة الجميلة فحرف “على” يعني أنه متمكنون في الارض مستخلفون فيها، وبعد ذلك يقول عبارة “هونا” متواضعون لينون لا يتكبرون ولا يتجبرون وفي نفس الوقت لا يمشون مشية الأذلاء المنكسرين وهذه صفات أمة الاسلام، أما غيرها من الامم اذا تمكنوا تجبروا وطغوا، وقد رأينا الرئيس الامريكي السابق عندما احتل العراق كيف كان يمشي ويصرح؟ ولكن والحمد لله بعد ذلك قد كسر أنفه في هذا البلد العظيم.

 

قوي عزيز لكن لا يتكبر

ورأى فضيلته أن المسلم رغم انه عزيز وقوي ولكنه لا يتكبر ولا يظلم وقد وصف القرآن الكريم رسوله ومن معه بقوله: “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”، أشداء على الكفار في الحرب وليس في السلم وليس ضد من يعيشون بيننا وهم في ذمة الله ورسوله، وقد قال رسوله: ” من آذى ذمياً لم يرِح (أي لا يشم) رائحة الجنة وان ريحها ليشم على بعد 40 سنة” ولذلك فما يحدث الآن في العراق من تفجير للكنائس وتفجير للسيارات في الاحياء ذات الاغلبية المسيحية هو عمل ممنوع لا يجيزه الاسلام ومخالف لشرعه ولهذه المواصفات التي كنا بصدد سردها لعباد الرحمن: “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”، ولفظ الجاهل هنا أيها الإخوة يعني السفيه بذيء اللسان، فماذا يكون رد عباد الرحمن على هؤلاء السفهاء هل يسب ويشتم كما شُتم وسُفِه عليه، لا بل يقول لهؤلاء سلاما “أولئك يجزون الغرفة بما صبروا”، وهو جزاء عظيم في الآخرة.

 

العشر من ذي الحجة

في خطبته الثانية تحدث فضيلته عما أكرمنا الله بهذه الايام المباركات أيام العشر من ذي الحجة، فقد ورد فيها أحاديث صحيحة: “ما من أيام يكون العمل الصالح فيها أفضل من الأيام العشر”، والمقصود بالعشر هي هذه الأيام العشرة الاولى من ذي الحجة وهي افضل الايام لفعل الخيرات وقد قيل ولا الجهاد في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه ودابته وماله ولم يرجع منها بشيء. هذه أيام فرصة للمسلمين بأن يتوبوا الى الله وأن يبحثوا عن مواصفات عباد الرحمن..  ومن أهم هذه الاعمال هو الصيام ولا سيما صيام يوم عرفة.