وهذا القسم يشمل عدداً يفوق العشرات التي ألف فيها الشيخ وأجاد وأبدع فيها ، وهي كثيرة متنوعة شملت دراسات وتأصيلات لمختلف مجالات الفكر والفقه ، والحضارة والصحوة والنهضة الاسلامية ، بدءاً بكتاب الحلال والحرام إلى الكتاب الأخير الذي يحمل رقم        ضمن سلسلة كتب الشيخ ، وفي معظم هذه الكتب تناول الشيخ قضايا اقتصادية مثل كتاب الحلال والحرام الذي تناول فيه بعض أحكام المعاملات المالية الاسلامية ، حيث تطرق إلى التأمين ، والمسابقات المالية ، والربا ، وغير ذلك .

  هذه الكتب القيمة التي ألفها الشيخ في غير الاقتصاد الاسلامي كان لها أثرها في الاقتصاد الاسلامي ، وفيمن كتبوا عنه في المجالات الآتية :

أولاً ـ وضع المنهج :

  ساهمت كتب الشيخ القرضاوي ومؤلفاته القيمة بعطائها الفكري المتجددد ، وثرائها الفقهي المتأصل في وضع منهج متميز لدراسة المستجدات ، قائم على ما يأتي :

1 ـ الاعتماد على الينبوع الصافي : الكتاب والسنة الصحيحة ، ثم على بقية الأدلة الأصولية .

2 ـ الاستفادة من تراثنا الفقهي العظيم من خلال اجتهاد انتقائي ، حيث دعا الشيخ في كتابه ” الاجتهاد ” إلى الاستفادة من تراثنا الفقهي العظيم من خلال الاجتهاد الانتقائي أي النظر إلى كل ما فيه من آراء فقهية لفقهاء الصحابة والتابعين ، وتابعيهم ، ولفقهاء المذاهب الأربعة ، وغيرهم من الظاهرية والزيدية ، و الاباضية ، بل للمذاهب المندثرة ، ثم بعد النظر القيام بالمقارنات القائمة على المناقشات ، والترجيح المدعم بالأدلة ، إضافة إلى الاجتهاد الانشائي لحالات عدم وجود اجتهاد سابق .

   وهذا الذي دعاء إليه الشيخ في الفقه بصورة عامة قد استفاد منه الذين كتبوا عن الاقتصاد علماً ونظاماً ونظرية وتطبيقاً ، بل إنهم أحوج ما كانوا إلى العودة إلى التراث الفقهي الشامل لاستنباط المبادئ والنظريات والحلول الاقتصادية للمشكلات الاقتصادية المعاصرة .

3 ـ اتباع منهج التيسير في الفقه ، والتبشير في الدعوة ، وبناء على هذا المنهج اختار من الآراء الفقهية ما يتناسب مع اليسر ورفع الحرج ما لم يكن اثماً واضحاً ، ومن هنا رجح الوعد الملزم في عقد المرابحة وان كان هذا مخالفاً للجمهور[1] ، كما اختار كذلك جواز دفع القيمة بدل العين في الزكاة[2] .

4 ـ اعتبار المقاصد والمبادئ والكليات مع رعاية الأدلة النصية الجزئية ، بمنهج وسط موزون ، حيث يجمع بين كل واحد من المقاصد والأدلة النصية الجزئية في إطار منهجي قائم على التوفيق دون الالغاء لأحدهما ، أو الترجيح حيث لا مفرّ منه ، ولكنه ترجيح معتمد على المرجحات المبينات ، وليس على الأهواء والمصالح الموهومة او الملغاة ، وعلى هذا الأساس رجح جواز دفع القيمة بدل العين في الزكاة ، ورجح جواز نقلها لاعتبارات مهمة باعتبار أن المسلمين أمة واحدة .

5  ـ اتباع منهج الوسط في كل المجالات الاجتهادية ، وبخاصة في مجال ما يؤخذ من القديم ، أو المعاصر ، وما يؤخذ من القوانين والأنظمة ونحوها ، مع وضع الضوابط المطلوبة ،  ولقد انعكس هذا المنهج في كثير من آرائه الاقتصادية ، كما تأثر به الكثيرون .

  هذا المنهج الوسطي المتكامل الجامع بين القديم الصالح والجديد النافع ، وبين الأصالة والمعاصرة ، وبين المقاصد والمبادئ العامة والأدلة الجزئية ، استفاد منه الاقتصاديون الذين اتخذوا من فكره منطلقاً ، وجعلوا منه زاداً ومرجعاً ينهلون منه للوصول إلى فكر اقتصادي مستنير ، وتأصيل علمي عميق للنظريات الاقتصادية يعتمد على الثوابت في علاج النوازل والمستجدات ، وعلى المتغيرات لمزيد من التطوير والتحديث ، يستلهم الماضي المشرق ويستشرف المستقبل المأمول للوصول إلى مستقبل زاهر لهذه الأمة العظيمة .

  


 
اعلى الصفحة


([1])  يراجع : بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الاسلامية

([2])  فقه الزكاة ( 2 /            )