إذا كان للعرف دور كبير في كل العقود المالية فإن دوره أكبر في باب الإجارة ، ولا سيما في نطاق العمل والنقد الذي ذكر في العقد ، فقد ترجم البخاري : باب إذا استأجر أجيراً فبين له الأجل ، ولم يبين العمل  ، حيث استدل بقصة موسى عليه السلام في قوله تعالى : (إني أريد أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين قال ذلك بيني وبينك أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل)  ، قال الحافظ ابن حجر : ( وقد مال البخاري إلى الجواز ؛ لأنه احتج لذلك …ووجه الدلالة منه ـ أي من قوله تعالى السابق ـ أنه لم يقع في سياق القصة المذكورة بيان العمل ، وإنما فيه أن موسى عليه السلام أجر نفسه من والد المرأتين) .

  فالعرف السائد في البلد سواء كان خاصاً أم عاماً وله اعتبار كبير في تحديد المراد والمطلوب .

 

إجارة المجهول للحاجة (أو الإجارة بالنسبة المئوية)

 ذكر ابن رشد أن طائفة من السلف ، وأهل الظاهر ذهبوا إلى جواز إجارة المجهولات مثل أن يعطي دابته لمن يسقي عليها بنصف ما يعود عليه قياساً على المضاربة  ، وهذا مذهب أحمد وابن سيرين ، وإليه مال البخاري  .

ويقاس على ذلك تأجير الشخص بطعامه ، وملبسه ، بل قال به جماعة من الفقهاء  .

ثانياً : أن تكون الأجرة على منفعة متقومة أي ان تكون لها قيمة مقصودة حسب العرف ، فلا تصح إجارة التافه الحقير الذي لا يقابل بالمال ، وذكر بعض الفقهاء من أمثلتها استئجار تفاحة للشم  .

  وفي باب إجارة الأشخاص لا بدّ أن تكون للعمل الذي يقدمه الأجير قيمة ، لذلك لا يجوز استئجار البياع للتلفظ بكلمة واحدة مثلاً إلاّ إذا ذكرها أكثر من مرة  .

ثالثاً : أن تكون الأجرة على منفعة مباحة الاستيفاء ، فلا تكون معصية ممنوعة مثل الاستئجار على رقص المرأة أمام الرجال ، أو للبغاء ، أو لسقي الخمر ، ونحوها من المحرمات ، وكذلك يجب أن لا تكون طاعة واجبة وجوباً عينياً ، وهذا الشرط فيه تفصيل وخلاف  .