الشروط المقترنة بالإجارة على الأشخاص :

  لا يختلف حكم الشروط المقترنة بالإجارة بصورة عامة عن الشروط المقترنة بالبيع ، ولذلك قسمها الفقهاء ـ من حيث الجملة ـ إلى قسمين :

القسم الأول : شروط صحيحة : وقد اختلف فيها الفقهاء بين موسع ، ومتوسط ، ومضيق ، والذي نرى رجحانه هو أن الأصل فيها الاباحة ، وبالتالي فكل شرط في عقد الإجارة صحيح إلاّ إذا تعارض مع نص من الكتاب أو السنة ، أو الاجماع ، أو مقتضى العقد ، وهذا ما تدل عليه الأدلة المعتبرة  .

القسم الثاني : شروط غير صحيحة : وهي الشروط التي تعارضت مع النصّ ، أو مع مقتضى العقد  .

  ثم إن هذه الشروط نوعان : نوع يؤثر في العقد فيجعله باطلاً وهي الشروط التي تؤثر في العلم بالمعقود عليه فتجعله مجهولاً أو غرراً .

ونوع من الشروط إذا تمّ الاتفاق على إزالته ـ على تفصيل ـ  فإن العقد يصبح صحيحاً عند بعض الفقهاء .

 

فسخ الإجارة :

ينفسخ عقد الإجارة بعدة أشياء منها :

1) الاقالة :

إذا كانت الإجارة على عمل  أو كانت محددة فلا يحق لأحدهما وحده الفسخ إلاّ برضا الآخر ، لأنها ملزمة عند جمهور الفقهاء ، وأما الذين يقولون بأنها غير ملزمة فيحق لأي واحد منهما الفسخ إلاّ إذا ترتب عله ضرر ـ كما سبق ـ

وأما الإجارة غير محددة المدة فقد سبق الخلاف والتفصيل فيها، والذي رأينا رجحانه هو أنها ملزمة بقدر ما دفع .

وفي جميع الحالات فإذا اشترط أحدهما في العقد حق الفسخ في أي وقت شاء ، أو خلال فترة زمنية مثل شهرين ، فهذا الشرط صحيح كما هو الحال اليوم في معظم عقود العمل حيث تعطى .

2) حدوث عيب مؤثر في الأجير الخاص ، أي مفوت للمنافع المقصودة مثل فقدان البصر ، أو مرض لا يمكنه معه القيام بما التزم به  حيث يعطى حق الخيار للمستأجر .

3)  وجود أعذار طارئة ، حيث ذهب الكرخي إلى فسخها بالعذر الطارئ على الأجير والمستأجر في حين ذهب الحنفية وابن حزم إلى أن الإجارة تفسخ بالعذر الطارئ على المستأجر فقط مثل أن يستأجر أحداً لتسيير سفينة ، ثم يأتي حاكم يمنع السفر بها، وخالفهم الجمهور حيث قالوا : لا تفسخ بالعذر الطارئ   وقد قيدتها بعض الفتاوى المعاصرة بالأعذار القهرية  .

4) عدم قيام أحد الطرفين بالتزاماته تجاه الآخر التي نص عليها الشرع أو العقد ، أو هي معروفة بالعرف ، ويدخل فيه اعتداء أحدهما على الآخر . 

5) حبس غير المستأجر للأجير الخاص ، أو الأجير المشترك الذي اشترط أن يقوم هو بنفسه بالعمل  .

6) بلوغ الصبي ـ على التفصيل السابق ـ

7) خيانة الأجير ( العامل ) أو سرقته .

8) تغير عمل العامل من قبل المستأجر .

  وقد أوضحت قوانين العمل مجموعة من الضوابط لفسخ العقد  .

  والفسخ يتحقق بإرادة الطرفين في هذه الحالات التي ذكرناها ، وعند الاختلاف يرجع الأمر إلى القاضي على تفصيل ليس هذا محله  ..

 

انتهاء عقد الإجارة على الأشخاص بنفسها :

  يختلف عقد الإجارة الواردة على المعين عن الإجارة الواردة على الذمة ، ولذلك نذكر حكم كل واحد منهما :

أولاً ـ انتهاء الإجارة المعينة ، حيث تنتهي بما يأتي :

1.  انتهاء المدة ، أو العمل ـ حسب التفصيل السابق ـ

2. موت الأجير الخاص المعين ، أو فقدانه أهلية الأداء بالكامل مثل الجنون ، وأما موت المستأجر في الإجارة الخاصة فلا يؤثر في العقد عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنفية والظاهرية  .

ثانياً ـ انتهاء الإجارة الواردة على الذمة ، حيث تنتهي بأداء ما التزم به ، ولا تنتهي بموت الأجير ، وهل تنتهي بموت المستأجر ( صاحب العمل ) ؟ .

  ذهب الجمهور إلى عدم انتهائها بموته ، في حين ذهب الحنفية والظاهرية إلى انتهائها بموته  .

  والراجح هو قول الجمهور ، لأن موته لا تأثير له في التزاماته السابقة ، وأن الأجرة ستصبح ديناً وبالتالي يجب أداؤها من ماله كما هو الحال في ثمن البيع في حالة موت المشتري قبل دفع الثمن .

ثالثاً ـ فوات محل المنفعة حسّا أو شرعاً ، كأن أجّره لإدارة مدرسة معينة فانهدمت ، أو سحب ترخيصها نهائياً ، وكأن أجّر امرأة لخدمة مسجد لمدة سبعة أيام فحاضت من بدايتها أو نفست  .

 

حكم الإجارة غير الصحيحة :

   الإجارة غير الصحيحة تقسم عند الحنفية إلى إجارة باطلة ، وإجارة فاسدة ، فالإجارة الباطلة هي ما كان الخلل في أركانه وشروطه ، أو في أركانه فقط ، والإجارة الفاسدة هي ما كان الخلل في شروطه فقط ، وأما الجمهور فلم يفرقوا بينهما  .

  فالإجارة الباطلة مثل أن يكون أحد العاقدين ليس له أهلية الأداء مطلقاً ، ومثل أن يكون المعقود عليه ( المنفعة ) محرماً حيث حكى ابن رشد الاجماع على بطلان ذلك  .

   والإجارة الفاسدة مثل أن تكون هناك جهالة ، أو اشترط شرط مخالف لمقتضى العقد ، جاء في تبيين الحقائق : ( إذا كان ما وقع عليه عقد الإجارة مجهولاً في نفسه ، أو في أجرة ، أو في مدة الإجارة ، أو في العمل المستأجر عليه ، فالإجارة فاسدة …)  .

  والإجارة الفاسدة عند الحنفية إذا أزيل سبب فسادها تصبح صحيحة ، وأنه إذا قام الأجير بما عليه فإنه يستحق الأجر في الإجارة الفاسدة باتفاق الفقهاء ، ولكنهم اختلفوا في وقت الاستحقاق وفي مقدار الأجرة .

  فذهب جمهور الفقهاء ( المالكية ، والشافعية والحنابلة في رواية )  إلى أن الأجرة تجب بالتمكن من استيفاء المنفعة ، وان لم ينتفع ، لأن الأجير قد حبس نفسه ومكن المستأجر من الانتفاع به طوال المدة فيستحق أجر المثل بالغاً ما بلغ .

  وذهب الحنفية إلى أن الأجير لا يستحق الأجر إلاّ بتحقق استيفاء المنفعة ، لأن العقد فاسد فلا يستحق الأجرة إلاّ بتحقيق العمل كما في النكاح الفاسد ، وأن أجرته حينئذ ان علمت فلا تزاد على المسمى أي يكون له الأقل من أجر المثل ، ومن المسمى ، وإن لم تعلم فيكون له أجر المثل  .

 

الضمان في الإجارة غير الصحيحة  :

  الضمان في العقود غير الصحيحة تابعة لأصل العقد ، وبالتالي فيكون حكم ضمان الأجير فيها حكم ضمانه على ضوء التفصيل السابق .

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

وصلى الله على عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين

وعلى آله وصحبه أجمعين