أكد فضيلة الشيخ د.علي القره داغي ان ثورات الشباب اليوم في تونس ومصر وفي ليبيا واليمن وغيرها تعود الى اغفال جانب الاخلاص فثار الشباب ضد هؤلاء المفسدين الذين خلت قلوبهم من الاخلاص.

وقال ان اهمية الاخلاص في حياة الامة وصلاحها ومشاكل امتنا تعود الى عدم الاتقان في العمل وعدم الاخلاص في التعامل كما ان السرقات والمظالم التي تعود في معظمها الى عدم وجود هذا الاخلاص في قلوب هؤلاء المسؤولين والمتحكمين في رقاب العباد والبلاد.

وكان فضيلته قد بدأ خطبته أمس بجامع عائشة بفريق كليب قائلا: ان كل التشريعات السماوية جاءت لإصلاح الإنسان، وإسعاده في الدنيا والآخرة، ودلت هذه التشريعات، والتجارب البشرية أن الطريق الصحيح لذلك هو تحقيق العبودية لله تعالى، فقال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) قال الزجاج دين الملة المستقيمة أو دين الأمة القائمة على الحق.

وذكر ان أهم شرط بل ركن لهذه العبودية هو الإخلاص والنية الصادقة فالإخلاص يعني:توحيد لله تعالى توحيداً خالصاً بعيداً عن الشرك الظاهر، والشرك الخفي. وان الابتعاد عن الشرك الظاهر سهل والمشكلة في الشرك الخفي المتمثل في الرياء والنفاق، وعدم إرادة العمل لله تعالى خالصا.. وأن تقام الشعائر والعبادات على الوجه الذي شرعه الله.

وقال اننا نتحدث عن الركن الأول لصحة العبادات عند الله تعالى، وهو إخلاص النية والتجرد لله تعالى، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة والأحاديث منها قوله تعالى: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) (لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله).. فالنية هي الأصل في صحة وقبول العبادات (إنما الأعمال بالنيات) وروى مسلم عن أبي هريرة (ان الله لاينظر الى اجسامكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم).

واوضح ان العمل لا ينفع دون النية والاخلاص بل قد يأثم من فعل ذلك وروى عن جابر الانصاري قال كنا مع النبي في غزاة فقال (إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم المرض ) وفي رواية (شركوكم في الأجر) رواه مسلم.. وروى البخاري عن أنس قال رجعنا من غزوة تبوك مع النبي فقال (إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر)، عن أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس قال كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأنبته بها، فقال والله ما اياك أردت، فخاصمه الى رسول الله فقال: (لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن) البخاري.

وذكر القره داغي انه في الحماية من الشر: روى البخاري والمسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، قلت يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم ومن ليس منهم، قال (يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم).

فكل شيء إذا لم يكن لله لا خير فيه ، سئل رسول الله عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية، ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله فقال (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) متفق عليه ، وعن ابن عباس قال ان الله كتب الحسنات والسيئات، فمن هم بحسنة فلم يعمل بها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعمل بها كتب الله له عشر حسنات ويضاعف الله اضعافا كثيرة، وان هم بسيئة فعملها كتبها الله سيئة واحدة) ،قبول الدعاء، آثار ذلك على العمل والانفاق.

وتناول فضيلته اثار الاخلاص على الفرد والجماعة والامة فقال: اذا نظرنا نظرة التدبر والتعقل ونظرنا الى تجارب الامم وتجارب العالم الاسلامي لوجدنا ان مشاكل الامة الاسلامية هي في سياساتها واقتصادياتها وفي فقرها وعدم تطورها فانها تعود بشكل كبير الى عدم تفعيل الاخلاص في الفرد والمجتمع والامة فمشاكل امتنا تعود الى عدم الاتقان في العمل و عدم الاخلاص في التعامل وفيه السرقات والمظالم التي تعود في معظمها الى عدم وجود هذا الاخلاص في قلوب هؤلاء المسؤولين والمتحكمين في رقاب العباد والبلاد مؤكدا ان الاخلاص يعني الابتعاد عن كل المحرمات وعن كل المظالم وكل السرقات فالاخلاص يعني ان يكون الانسان عبدا خالصا يعمل لله سبحانه ويتقي الله سبحانه فكيف يستطيع المخلص أن يأخذ من أموال الاخرين فالاخلاص يعني أن يكون الانسان ربانيا ومتقيا خائفا بعيدا عن كل ما يغضب الله تعالى.