بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي محيي الدين القره داغي

بمسجد السيدة عائشة بتاريخ 01 أبريل 2011

أيها الأخوة المؤمنون

ان كل التشريعات السماوية جاءت لإصلاح الإنسان، وإسعاده في الدنيا والآخرة، ودلت هذه التشريعات، والتجارب البشرية أن الطريق الصحيح لذلك هو تحقيق العبودية لله تعالى، فقال تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) قال الزجاج دين الملة المستقيمة أو دين الأمة القائمة على الحق.

وان أهم شرط بل ركن لهذه العبودية هو الإخلاص والنية الصادقة فالإخلاص يعني:

1-    توحيد لله تعالى توحيداً خالصاً بعيداً عن الشرك الظاهر، والشرك الخفي. وان الابتعادعن الشرك الظاهر سهل والمشكلة في الشرك الخفي المتمثل في الرياء والنفاق، وعدم إرادة العمل لله تعالى خالصا.

2-    أن تقام الشعائر والعبادات على الوجه الذي شرعه الله

ونحن في هذه الخطبة نتحدث عن الركن الأول لصحة العبادات عند الله تعالى، وهو إخلاص النية والتجرد لله تعالى، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة والأحاديث  منها قوله تعالى : (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم) ( لله ما في السموات وما في الأرض وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله )

 فالنية هي الأصل في صحة وقبول العبادات (انما الأعمال بالنيات) وروى مسلم عن أبي هريرة ( ان الله لاينظر الى اجسامكم ولاالى صوركم ولكن ينظرالى قلوبكم  )    ولكن العمل لا تنفع دون النية والاخلاص بل قد يتأثم.

عن جابر الانصاري قال كنا مع النبي في غزاة فقال (إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم المرض ) وفي رواية (شركوكم في الأجر) رواه مسلم.

وروى البخاري عن أنس قال رجعنا من غزوة تبوك مع النبي فقال (إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر)

عن أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس قال كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأنبته بها، فقال والله ما اياك أردت، فخاصمه الى رسول الله فقال:( لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن)  البخاري

في الحماية من الشر: روى البخاري والمسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، قلت يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم ومن ليس منهم، قال (يخسف بأولهم وأخرهم ثم يبعثون على نياتهم)

3-    كل شئ إذا لم يكن لله لا خير فيه ، سئل رسول الله عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية، ويقاتل رياء أي ذلك في الاسلام، فقال ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في الاسلام) متفق عليه

4-    عن ابن عباس قال ان الله كتب الحسنات والسيئات، فمنهم بحسنة فلم يعمل بها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعمل بها كتب الله له عشر حسنات ويضاعف الله اضعافا كثيرة، وان هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة)

5-    قبول الدعاء

6-     آثار ذلك على العمل والانفاق

الخطبة الثانية


اثار الاخلاص على الفرد والمجتمع

وتناول فضيلته في الخطبة الثانية اثار الاخلاص على الفرد والجماعة والامة وقال اذا نظرنا نظرة التدبر والتعقل ونظرنا الى تجارب الامم وتجارب العالم الاسلامي لوجدنا ان مشاكل الامة الاسلامية هي في سياساتها واقتصادياتها وفي فقرها وعدم تطورها وتعود بشكل كبير الى عدم تفعيل الاخلاص في الفرد والمجتمع والامة فمشاكل امتنا تعود الى عدم الاتقان في العمل و عدم الاخلاص في التعامل وفيه السرقات والمظالم التي تعود في معظمها الي عدم وجود هذا الاخلاص في قلوب هؤلاء المسؤولين والمتحكمين في رقاب العباد والبلاد

ان الاخلاص يعني الابتعاد عن كل المحرمات وعن كل المظالم وكل السرقات

الاخلاص يعني ان يكون الانسان عبدا خالصا يعمل لله سبحانه ويتقي الله سبحانه فكيف يستطيع المخلص أن يأخذ من أموال الاخرين فالاخلاص يعني أن يكون الانسان ربانيا و متقيا خائفا بعيدا عن كل ما يغضب الله تعالى

ان ثورات الشباب اليوم  في تونس ومصر وفي ليبيا ويمن وغيرهما تعود الى اغفال هذا الجانب  فالناس ثاروا ضد هؤلاء المفسدين الذين خلا قلوبهم من الاخلاص.