هل يجوز أن أصلي صلاة الغائب يوم الجمعة على جميع من مات من المسلمين؟

الجواب:

الحمد لله ري العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن صلاة الجنازة على الغائب من المسلمين أو المسلمات مشروعة، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء من السلف والخلف[1]، ويدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرها:"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا"[2]، فهذا الحديث دليل صريح على جواز صلاة الجنازة على الغائب.

وأيضاً روى مسلم وغيره بسندهم، عن ابن عباس t" انتهى رسول الله t إلى قبر رطب، فصلّى عليه، وصفّوا خلفه، وكبّر أربعاً"[3]، وهذا دليل صريح آخر على جواز صلاة الغائب على قبر حاضر، ولكنه فاتته الصلاة عليه، وكما أن قصة صلاته r على قبر المرأة السوداء التي كانت تقُمّ المسجد، ولم يخبروه مشهورة[4].

وبناء على ذلك فإن صلاة الغائب على من لم يصل عليه ــ لأي سبب ــ مشروعة، بل إنها مستحبة، وكذلك إذا صلى عليه على الراجح، ويدل عليه الحديث الصحيح السابق من أن رسول الله r صلى على المرأة السوداء مع أن الصحابة كانوا قد صلوا عليها، وهذا رأي جماعة من الفقهاء حيث أجازوا صلاة الغائب مطلقاً، في حين رجح بعض محققيهم على أنها تشرع الصلاة على الغائب الذي صُلِّيَ عليه، إذا كان مشهوراً بنفعه للمسلمين كعالم، أو عادل، أو كريم جواد عم نفعه الفقراء[5].

وأما إقامة صلاة الغائب بنية الصلاة على من لم يصل عليه من أموات المسلمين فمشروعة أيضاً بشرط عدم تخصصها بزمن محدد فقط، مثل يوم الجمعة، لأن هذا التحديد غير مشروع، وليس عليه دليل، فلو قال إمام المسجد، أو شخص آخر: تعالوا نصلِّ صلاة الغائب على موتى المسلمين ممن لم يصلّ عليهم في هذه الجائحة (كورونا مثلاً) فهذا مشروع، ويثابون على ذلك بإذن الله تعالى.

هذا والله أعلم

 

 


[1] – يراجع: الأم (1 / 308) والمجموع (5 / 252) والذخيرة (2 / 458) والمغني لابن قدامة (2 / 382) والمحلى لابن حزم (3 / 399) ونيل الأوطار (4 / 56) وخالفهم الحنفية (حاشية ابن عابدين 2 / 209) والمالكية (شرح الخرشي: 21 / 142) في أنها غير مشروعة.

[2] – رواه البخاري (1333،1318،1245) ومسلم (951) وأبو داود (3204) والنسائي (1974) وأحمد (7776) ومالك في الموطأ (1 / 226)

[3] – رواه مسلم (954) ويراجع فتح الباري (3 / 448)

[4] – فقد روى البخاري (460،458) ومسلم (956) عن أبي هريرة أن رجلاً أسود، أو امرأة سوداء كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه، فقالوا: مات، قال: أفلا آذنتموني به، دلوني على قبره ــ أو قال ــ: قبرها، فأتى قبرها فصلى عليها".

[5] – يراجع: المجموع للإمام النووي (5 /253،244) والمغني (2 / 195) والإنصاف (2 / 533)