قبل أن نعرض المشكلة نبدأ بتعريف الأسهم والسندات المشروعة (الصكوك) والوحدات الاستثمارية .



 



أولاً : الأسهم : هي جمع سهم ، وهو لغة له عدة معان منها : النصيب ، وجمعه : ” السُهمان ” بضم السين ، ومنها العود الذي يكون في طرفه نصل يرمي به عن القوس ، وجمعه : ” السهام ” ، ومنها : بمعنى القدح الذي يقارع به ، أو يلعب به في الميسر ، ويقال : أسهم بينهم أي أقرع ، وساهمه أي باراه ولاعبه فغلبه ، وساهمه أي قاسمه وأخذ سهماً ، أي نصيباً ، جاء في المعجم الوسيط : ( ومنه شركة المساهمة )[1] .


 


وفي القرآن الكريم ( فساهم فكان من المدحضين [2] ، أي قارع بالسهام فكان من المغلوبين[3]. والقانونيون يطلقون السهم مرة على الصك ، ومرة على النصيب ، فبالاعتبار الأول قالوا : السهم هو : صك يمثل جزءاً من رأس مال الشركة ، يزيد وينقص تبعاً لرواجها .

 


  وبالاعتبار الثاني : قالوا : السهم هو نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال ، أو الجزء الذي ينقسم على قيمته مجموع رأس مال الشركة المثبت في صك له قيمة اسمية ، حيث تمثل الأسهم في مجموعها رأس مال الشركة ، وتكون متساوية القيمة[4].

 



 وقد عرف مجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره الرابع في دورة مؤتمره السابع : ( السهم بأنه حصة شائعة في موجودات الشركة وأن شهادة السهم هي وثيقة لإثبات هذا الاستحقاق في الحصة).


 


  وتتميز الأسهم بكونها متساوية القيمة ، وان السهم الواحد لا يتجزأ ، وأن كل نوع منها ـ عادياً أو ممتازاً ـ يقوم ـ من حيث المبدأ ـ على المساواة في الحقوق والالتزامات وأنه قابل للتداول .


 


 وليس من مهام هذا البحث الدخول في تفاصيل أنواع الأسهم وأحكامها[5] ، وإنما الذي يعنينا أن حكم الإسهام من حيث المبدأ أنه مشروع ما لم يكن نشاط الشركة محرماً[6]. 


 


ثانياً : السندات : وهي من حيث المشروعية وعدمها نوعان :


أ . السند ( التقليدي ) الذي تصدره الحكومات ، أو الشركات بفوائد محرمة ، فهو في عرف الاقتصاد الحديث عبارة عن وثيقة بقيمة محددة يتعهد مصدرها بدفع فائدة دورية في تأريخ محدد لحاملها ، وبعبارة أخرى فإن السند عبارة عن صك يمثل حقاً للمقرض ـ أي الدائن ـ له قيمة اسمية واحدة وهو قابل للتداول وغير قابل للتجزئة تقدمه الدولة أو الشركة للدائن لقاء قرض مؤجل يتم عن طريق الاكتتاب العام[7].


 


 وكما تصدر الحكومة السندات كذلك تصدرها بعض المؤسسات والشركات الخاصة في كثير من الدول حين تحتاج إلى أموال جديدة إما لرفع قدراتها ، أو للتوسع في مشاريعها .


 


والتكييف المتفق عليه عند الاقتصاديين للسندات هو أنها وثيقة بدين ، ولذلك يعامل مالكها كمقرض ، وليس كصاحب سهم ، وتسري عليه القوانين المنظمة للعلاقة بين الدائن والمدين .


 


والسندات تشترك مع الأسهم في تساوي القيمة الاسمية لكل فئة ، وقابليتها للتداول سواء كانت اسمية ، أم للآمر،أم لحاملها ، وفي عدم قابليتها للتجزئة،غير أن السندات تتميز عن غيرها بالخصائص الآتية :


 


1.أن السند يعتبر شهادة دين على الشركة ، وليس جزءاً من رأس المال كما هو الحال في الأسهم.


2.حصول صاحبه على الفائدة الدورية المقررة له دون النظر إلى أن الشركة ربحت ، أم خسرت ، أو كانت الأرباح كثيرة ؟! .


3.عدم مشاركة صاحبه في إدارة الشركة .


4.تحديده بوقت محدد على عكس الأسهم ، وبالتالي يحصل صاحبه على قيمة سنده وفوائده في التأريخ الذي حدد له دون النظر إلى تصفية الشركة ، ومدده مختلفة أقصرها تسعون يوماً ، وبعضها يمتد إلى مائة عام ، على أن بعض السندات تستمر لحين قيام المصدر باستدعائها ، أو شرائها من السوق .


5.يحصل حامله على ضمان خاص على بعض موجودات الشركة وقد يكون الضمان عاماً على أموالها ، ولذلك يحصل على حقه في حالات التصفية قبل أن يحصل حامل السهم على أي شيء[8].

 



حكم السندات :


  السندات التقليدية محرمة باتفاق ، وصدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بحرمتها في دورته السادسة ( قرار رقم 62 / 11 / 6 ) .


ب . السندات المشروعة : وهي التي تسمى بصكوك المقارضة أو الإجارة ، أو المشاركة ، أو نحوها ، وهي البديل الإسلامي للسندات التقليدية،حيث صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة بمشروعية صكوك المقارضة إذا توافرت مجموعة من الشروط والضوابط (قرار رقم”5″د4 /08/88).


الصكوك :


 يقصد بها أداة استثمارية تقوم على تجزأة رأس المال على حصص متساوية ، وذلك بإصدار صكوك ملكية برأس المال على أساس وحدات متساوية القيمة ، ومسجلة بأسماء أصحابها باعتبارهم يملكون حصصاً شائعة في رأس المال وما يتحول إليه بنسبة ملكية كل منهم فيه[9] .

 



ثالثاً : الوحدات أو الحصص للصناديق أو المحافظ الاستثمارية :


 الوحدات ، أو الحصص للصناديق ، أو المحافظ الاستثمارية بمعنى واحد يقصد بها أن يقوم البنك بترتيب محفظة ، أو صندوق استثماري لنوع من الاستثمار ، أو لعدد منه ، أو لكل أنواع الاستثمار ، ثم يقسم الأموال المطلوبة لهذا الصندوق ، أو المحفظة على حصص متساوية من حيث القيمة الاسمية ، والحقوق والالتزامات ، وهي في حقيقتها بمثابة الأسهم للشركات ، وحكمها الجواز دون خلاف[10].




 


 


 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





  1. القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط مادة ” سهم “


  2. سورة الصافات / الآية ( 141 )


  3. النكت والعيون للماوردي،ط.أوقاف الكويت (3/426)،ويراجع:أحكام القرآن لابن العربي،ط.دار المعرفة ببيروت (4/622)


  4.  يراجع:د.علي حسن يونس:الشركات التجارية ، ط.الاعتماد بالقاهرة ص539 ، ود.شكري حبيب شكري ، وميشيل ميكالا : شركات الأشخاص ، وشركات الأموال علماً وعملاً ، ط.الاسكندرية ص184 ، ود .صالح بن زابن المرزوقي البقمي” الشركة المساهمة في النظام السعودي ” ، ط . جامعة أم القرى 1406هـ  ص332 ، ود . أبو زيد رضوان : الشركات التجارية في القانون المصري المقارن ، ط . دار الفكر العربي ، القاهرة 1989م (ص 526 )


  5.  يراجع بحثنا المفصل حول ” الاستثمار في الأسهم وأحكامها ” المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي


  6.  وقد صدر قرار من المجمع بذلك في دورته السابعة


  7.  يراجع : د . فوزي عطوي : القانون التجاري ، ط . دار العلوم العربية ، بيروت 1986م ( ص 284 ) ، ود . جلال وفا محمدين : المبادئ العامة في القانون التجاري ، ط . الدار الجامعية بيروت 1988م ( ص 184 )


  8.  المراجع القانونية السابقة


  9.  يراجع قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 30(5/4)


  10.  يراجع فقه الشركات للدكتور علي القره داغي ( ص 86 )

 


اعلى الصفحة