أعرب علماء دين ورجال أعمال
ومواطنون عن تأييدهم للدعوة التي أطلقها د. على القرة داغي للبنوك من أجل إخراج
زكاة الأموال المودعة لديها.

أعرب علماء دين ورجال أعمال
ومواطنون عن تأييدهم للدعوة التي أطلقها د. على القرة داغي للبنوك من أجل إخراج
زكاة الأموال المودعة لديها، مؤكدين أهمية مثل هذه الدعوة في مكافحة الفقر والبطالة
والمشاكل الاجتماعية ، فضلا عن تأثيرها الإيجابي في النهوض بالمجتمعات الإسلامية
والعربية .

وشددوا على أن المال لله ، استخلفه
الإنسانَ لإعمار الأرض لا لإفسادها ، معتبرين أن عدم إخراج الزكاة هو أحد عناصر هذا
الإفساد ، إضافة إلى تسببه في الكثير من المشاكل الاقتصادية كالبطالة والتضخم
والركود .

وكان فضيلة د. القرة داغي الخبير
بالمجامع الفقهية والأستاذ السابق في الفقه والأصول بكلية الشريعة والقانون بجامعة
قطر أشار إلى أن قيمة الزكاة الواجب إخراجها عن الأموال المودعة بالبنوك الخليجية
والعربية في عام 2008 بلغت نحو 100 مليار دولار .

وقال القرة داغي انه بحصر الزكاة
الواجب إخراجها عن الأموال الموجودة في البنوك الخليجية والعربية والتي تقدر بأكثر
من 4 تريليونات دولار ، وجد أنها تبلغ حوالي 100 مليار دولار ، لكن هذا المبلغ لا
يتم دفعه بالكامل .. “الراية” استطلعت آراء العلماء ورجال الأعمال والمواطنين حول
هذا الموضوع ، حيث رأى الشيخ عبد السلام البسيوني أنه إذا ما تم إخراج هذه الأموال
التي أشار إليها فضيلة الدكتور القرَّة داغي ، لما وجدنا فقيرًا في مجتمعاتنا
الإسلامية والعربية .

وعن نوع الأموال المودعة في البنوك
والتي يجب إخراج الزكاة عليها ، قال البسيوني : تخرج الزكاة طبقا لنوع المال المودع
في البنك ، حيث تجب زكاة الأموال المودعة في البنوك أصلا وربحا إذا كانت الأموال
سائبة.

ومن جانبه أكَد الداعية البارز
الشيخ أحمد البوعينين أهمية إخراج زكاة البنوك حتى وإن كانت ضئيلة للغاية ، موضحا
أنها 2.5 % من الأموال ، وأضاف : مع ذلك تجد الناس يبخلون في إخراج هذه الزكاة ؛
خاصة البنوك كما تفضل بذلك فضيلة الدكتور القرة داغي .

وعلى مستوى الدول الخليجية طالب
البوعينين بضرورة إنفاق زكاة البنوك على الفقراء والمحتاجين ، متمنيا أن تمتثل بنوك
الخليج لدعوة د. القرة داغي وإنفاق هذه الأموال على الفقراء والمحتاجين ، وكذلك
السجناء وغيرهم من المعوذين . قائلا لو صرفت هذه الأموال ما رأينا فقيرا .

أوضح أن إخراج زكاة البنوك تكون
على الأرباح فقط وأن الأصول ترجع زكاتها إلى أصحابها لا إلى البنوك ، مؤكدا أن
الزكاة تجوب إذا بلغت النقود نصابا ، وهو ما يعادل الآن قيمة 597 جراما من الفضة ،
وحال عليها الحول ، ولو كانت متخذة لنفقات المنزل وبعض الحاجيات ، لعموم قوله صلى
الله عليه وسلم : (فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا
الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ) رواه أبو
داود (1573) وصححه البخاري ، نقله عنه الترمذي في سننه (3/16) وصححه الألباني في
صحيح أبي داود .

وشدد على أن هذا المال هو مال الله
، قد استخلف فيه الإنسان لإعمار الأرض لا إفسادها ، مشيرا إلى أن عدم إخراج الزكاة
هو أحد عناصر هذا الإفساد استنادا لقوله تعالى “وما تقدموا لأنفسكم تجدوه عند الله”
. وعزا البوعينين عدم نزول الغيث ونزول النقم على البشر إلى حجب أموال الزكاة عن
الفقراء والمحتاجين ، موضحا أنه إذ ما أخرج الأغنياء زكاة أموالهم لكان المجتمع
طبقتين فقط ؛ طبقة متوسطة وطبقة غنية ، ولتلاشت الطبقة الفقيرة من المجتمع .

وخاطب الداعية البوعينين الأغنياء
قائلا : هذه الأموال التي تخرجونها هي أموال الله لا منة منكم أو تفضلا ، مستشهدًا
بقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب فإن الله
يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوة حتى تكون مثل الجبل.

وبدوره أكد د. محمد سعدي عضو
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن للزكاة دورا كبيرا في محاربة الفقر وفي النهوض
بالمجتمعات الإسلامية ومحاربة المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها الدول الحديثة
مثل البطالة والتضخم النقدي والركود الاقتصادي .. قائلا أن فرض الزكاة – إن طبق في
بلاد المسلمين – لن تجد فيها فقيرًا ولا مسكينًا ولا ذا حاجة ، ولكن ابتلينا بمن
يكنز ماله ظانا أنه بهذا الكنز يغتني .

وتابع : إذا كان فضيلة د. القره
داغي دعا لإخراج زكاة المال المدخر من البنوك والتي تبلغ 100 مليار دولار ، فما
بالنا بزكاة النفط الذي هو منحة ربانية لهذه البلاد ، وإذا عرفنا أن الزكاة في
النفط واجبة عليه كما أنها تجب في مشتقاته .. وقد اختلف الفقهاء هنا في مقدار
الواجب في الزكاة: أهو ربع العشر أي 2.5 % أم الخمس ؟ أي عشرون بالمائة (20%).

وأردف : الذي رجحه فضيلة الشيخ
القرضاوي أنه زكاة الركاز الخمس وليس ربع العشر ، فإذا حسبنا زكاة النفط العربي
الذي هو حق الفقير ، فالزكاة حق للفقير من هذا المال لا يأخذه على أنه صدقة أو منحة
، ولكنه حقه الذي فرضه الله تعالى من النفط الذي أودعه الله تعالى بلاد العرب .

وقال : انه إذا قام الأفراد بدورهم
بإخراج الزكاة ، وقامت الدول النفطية بدورها بإخراج زكاة نفطها ؛ فإن فقراء الوطن
العربي سيصبحون أثرياء ، والفلسطينيون سيتلقون الدعم المادي الكافي الذي يضمن لهم
الصمود ، وسيدافعون عن أرضهم وديارهم ، وستنال بلاد المسلمين الفقيرة حظها من
التعمير من أموال الزكاة هذه.

وعن المال المودع في البنوك قال
انه لا يجوز للبنك إخراج الزكاة، لأن إخراج مال الزكاة فرض يتعلق برقبة صاحبه لا
بذمة البنك، لأن إخراج مال الزكاة يجب أن تسبقه نية الإخراج وإلا كان صدقة وليس
زكاة. إلا أنه أوضح أن هناك أربع حالات يتحول فيها عبء دفع الزكاة إلى البنك كمهمة
إخراج لكن من حساب العميل وهي كما حددها مؤتمر الزكاة الأول : إذا فوض العميل البنك
في دفع الزكاة لأن هذا توكيل فتعتبر إرادة الوكيل ، إذا نص النظام الأساسي للبنك
على أنه يقوم بإخراج الزكاة (أي البنك) فهذه وكالة ، إذا صدر قرار من الهيئة
العمومية للبنك بإخراجه الزكاة (أي البنك) فهذه وكالة ، إذا صدر قانون يُلزم البنوك
بإخراج الزكاة عن الأموال التي تستثمر لديها ، ففي أي من هذه الحالات يقوم البنك
بإخراج الزكاة ، ولا يحتاج للنية في الحالة الأخيرة ؛ لأن ذلك من قبيل تحصيل الزكاة
إلزاما فيُغني عن النية .

وأشار إلى أنَّ الزكاة في المال
المودع في البنوك تخرج على أصل المال والربح معًا إذا كان البنك يتعامل بأنظمة
إسلامية ، أما إن كان بنك يتعامل بالربا فإن الزكاة تخرج على أصل المال فقط دون
الفوائد ؛ لأنها لا تملك بل يتخلص منها للفقراء ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن
حساب هذا المال ضمن مال الزكاة أو الضرائب ، أو استخدامه في دفع مستحقات مالية ،
أما المال المودع في البنوك الإسلامية فيجب عندما يحول الحول على الأصل وكان نصابًا
بنفسه ، أو بما انضم إليه من نقود في مكان آخر ، وجبت الزكاة في المال كله ، أصله
وربحه ، فتزكي جميعًا عند مجيء الحول.

على صعيد رجال الأعمال قال السيد
محمد راشد سريع الكعبي لـ الراية انه إذا أخرجت هذه المبالغ التي ذكرها د. على
القرة داغي ستكون عاملا مهمًا في مكافحة الفقر ، ومساندة المتعثرين والسجناء وغيرهم
من الفئات في المجتمع ، مشددا على دور هذه الأموال في خلق الوفاق الاجتماعي بين
طبقات المجتمع ، وحلها الكثير من الأزمات الاجتماعية .

ودعا الكعبي أصحاب البنوك والمستثمرين إلى إخراج هذه الأموال المستحقة عليهم ، بحسب
ما جاء في شرع الله ، والنظر إلى ثوابها في الدنيا والآخرة .. مبرزا أهمية صرف هذه
الأموال وصرفها في أماكنها الصحيحة.

ومن جانبه ثمن رجل الأعمال جابر
راشد المري دعوة د. على القره داغي رجال الأعمال لإخراج هذه الأموال ، مؤكدا على
أهميتها القصوى في خدمة المجتمع ورقيه ومكافحة الفقر والبطالة ، لكنه دعا إلى وضع
آلية تنفيذ إخراج هذه الأموال الكبيرة ، وكيفية إنفاقها على الفقراء والمحتاجين في
المجتمع المحلي خاصة والعالمي عامة .. وطالب المري رجال الأعمال والمستثمرين وكل
ثري بإخراج الزكاة للفائدة الكبيرة التي ستعود على المجتمع ككل عند إنفاقها .

أما المواطنون فطالبوا بتلبية دعوة
فضيلة د. على القرة داغي .. وتساءل محمد جاسم : إذا كانت هذه الأموال كلها حق
للفقراء ؛ فلماذا نعاني الفقر؟ .. هناك الكثير من الجوعى يموتون لنقص المال والطعام
، فضلا عن معاناة الكثير من الحرمان ، كما يحرم عشرات الملايين العرب من العيش
الكريم ، ويحرم مئات الآلاف من التعليم بسبب الفقر .

وانتقد سياسة بعض البنوك الإسلامية
قائلا: إن البنوك التي تدعي أنها إسلامية ترى نفسها غير معنية بأداء فريضة الزّكاة
، وأنّ المدعوين إلى أداء هذه الفريضة هم عملاؤها من أصحاب الودائع والحسابات
البنكية الضّخمة ، وتساءل : أين تذهب هذه الأموال المجمّعة من إتاوات الزّكاة؟.

ومن ناحيته أكد المقيم حسن أسعد
الأهمية الكبيرة للزكاة قائلا: إن أهمية إخراج أموال الزكاة في الإسلام جعلت أبا
بكر يحارب أهل الردة بسبب منعهم الزكاة ، واعتبرهم مرتدين لمنعهم إياها ، لذا يجب
الرفع عن كل ممتنع لولي الأمر ليؤدب .

وبدوره شدد المقيم ناصر غريب على
أهمية إخراج هذه الأموال في محاربة الفقر ، مقترحًا أن يعطي جزء منها للمحتاجين
ويستثمر جزء آخر لصالحهم كعمل مصانع وغيره ؛ لتشغيل الشباب المحتاجين للعمل ، وبذلك
نقضي على الفقر ونمنع دخول أناس جدد إلى دائرته.