بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد
فتوى : الحكم الشرعي للتسوق الشبكي
فلا زالت تردنا استفسارات متفرقة حول بيان الحكم الشرعي لمسألة (التسوق الشبكي)، وبحسب ما اطلعنا عليه وما حصلنا عليه من معلومات فيما سبق حول هذه المسألة ، نقول وبالله التوفيق؛
أولاً : هذا النوع من الشركات صار يتكرر ظهورها بين حين وآخر بعناوين وأزمان وحيثيات مختلفة ، وفي مواقع وبلدان متفرقة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : كولد كويست، وكويست نت، وبيزنس كوم، وكيو نت، وغيرها .
ثانياً: ويقصد بالتسويق أو التسوق الشبكي تسويق منتجات أو خدمات على أساس التواصل في عملية التسويق حيث يقوم المستخدم الأول – حسب تعبيرهم – بدعوة دخول آخرين لشراء المنتج مقابل حصوله على عمولة، بالإضافة إلى حصوله على نسبة من عمولة كل من دخلوا على أساس دعوته مباشرة، أو من خلالهم، في حال قيامهم ببيع المنتج لغيرهم بحيث يصبح المستخدم الأول على قمة هرم وتحت اسمه شبكة من الزبائن المشتركين، أو عدد من قام بالشراء عن طريقه، لذلك تحولت العملية إلى مسلك لتحقيق أرباح فقط ولم تعد مجرد وسيلة حقيقية للتسويق، وبيع وشراء منتجات لا قيمة لها أو ليست بقيمتها الفعلية، ومجرد عملية صورية حيث يتم الشراء من أجل السعي وراء العمولة، وليس بهدف الاستفادة من المنتج أو استخدامه أو بيعه حقيقة .
ثالثاً: لقد سبق لنا الفتوى في السنوات السابقة – وهذا ما أفتى به كثير من الفقهاء المعاصرين – بحرمة هذه المعاملات القائمة على فكرة التسوق الشبكي بالصورة السابقة ، لبنائها على الغرر والغش والخداع، ولعدم اشتمالها على نفع يعود على المجتمع ، حيث إن المنتجات المعروضة لا يقصد تسويقها لذاتها ، ولكنها موجودة كنوع من الإغراء، ناهيك عن أن معاملات هذه الشركات لا تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية.
رابعاً: إن قيامها على الخداع الهرمي أو الشبكي لا يجعلها من سبيل الأجرة في العمل، ولا يمكن تكييف المعاملة على أساس الوكالة بأجر التي يشترط فيها أن تكون الأجرة معلومة مناسبة مع الجهد المبذول، وأن تكون خالية عن الجهالة والغرر والحيل المحرمة.
خامساً: إن هذه الشركات منها ما ظهر في البداية من خلال التعامل بالسبائك الذهبية بطريقة الاعتماد على النظام الشبكي القائم على مجموعة من الاجراءات – كما سبق بيانه- بحيث إذا استطاع العميل أن يأتي بمجموعة من العملاء سيكون له نسبة معينة ، وهو ما يسمى بالدعاية الشبكية ، وفي وقتها أيضاً صدرت مني ومن بعض العلماء فتاوى بحرمة هذه المعاملات باعتبار أنها تعتمد على بيع الذهب دون توافر الشروط المطلوبة في بيعه وهو التقابض في المجلس أو على أقل تقدير ما يسمى بالقيد المصرفي بالنسبة للنقود، إضافة إلى أننا قلنا إن هذه الشركة لا تحقق أي تنمية للمجتمع وليس لها دور إيجابي.
سادساً: وقد تبين لي – إستناداً إلى معلومات مفصلة كنت حصلت عليها – أن هذه الشركات تخطو خطوات نحو تغيير منتجاتها من الذهب إلى الساعات والأدوات الكهربائية وبعض وسائل الاتصالات ونحو ذلك.
سابعاً: لذلك لا زلت أنظر في المسألة وفي منتجاتها ولم أصل إلى رأي مفصل ومؤصل ، وذلك لأن الفتوى بالحل أو الحرمة في غاية من الخطورة إذا لم يكن لدى المفتي المعلومات الكافية الدقيقة والعلم بالمسألة المطروحة عليه، وتحقق الظن الغالب في فهم المسألة وتأصيلها تأصيلاً شرعياً، لذلك فأنا متوقف في الحكم بالحرمة أو الحل أو أقول : لا أدري.
ثامناً: وفي نظري فإن الأفضل قطعاً – في الوقت الحالي وبناء على ما سبق – هو عدم التعامل مع هذه الشركات بالصورة السابقة .
هذا الله تعالى أعلم بالصواب ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه الفقير إلى ربه
أ.د. علي محيى الدين القره داغي