بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وبعد:

أولاً – معلوم أنه في حال قيام البنك بشراء العقار وتملكه ، فإن جميع الحقوق تنتقل إليه لأنه أصبح مالكاً للعقار ، فإن كان العقار غير مؤجر ، تتم العملية وفق الآتي :

(1) شراء العقار من خلال توقيع عقد شراء عقار مع خيار الشرط للمشتري ، بين البنك ( مشترياً ) ، والمالك ( بائعاً ، وقد يكون نفس العميل أو غيره ) وبالقيمة السوقية الحقيقية ، ووفق المراحل المطلوبة شرعاً وقانوناً .

(2) ثم إصدار سند الملكية ، ولا مانع من الناحية الشرعية – في حال تعذر ذلك بشرط عدم ممانعة الدائرة القانونية ، أو أي سلطة أخرى في البنك – من عدم إصدار سند الملكية ، ولكن بشرط إصدار سند ضد ، والأفضل والأحوط التوكيل على وكالة لحق البيع والتصرف ، بالإضافة إلى الرهن العقاري الرسمي وفق طلب الإدارة القانونية .

(3) ثم إتمام أية مستندات أخرى مطلوبة ، ومعتمدة من الناحية الشرعية والقانونية ، مثل التعهد بشراء الأصل المستأجر ) .

(4) ثم توقيع اتفاقية الإجارة المنتهية بالتمليك بين البنك بصفته مؤجراً ، والعميل مستأجراً .

(5) وبقية الملاحق .

ثانياً – فإن كان العقار مؤجراً ، فلا يمكن للبنك إعادة تأجيره مباشرة ، لأن محل الإجارة مشغول ، فلم يبق للإجارة الثانية محل ، إلاّ بأحد الحلول الآتية :

–    الحل الأول : الإجارة المضافة إلى زمن .

–    الحل الثاني : التوكيل بتحصيل الإجارات من المستأجرين الحاليين ، مع ملحق بوعد ملزم للعميل باستئجاره العقار.

–    الحل الثالث : فسخ عقد الإجارة القائم .

–    الحل الرابع : عقد المشاركة المتناقصة .

–    الحل الخامس : الاكتفاء بالوعد الملزم ، او اتفاقية التفاهم المشتتترررك ، لحين انتهاء عقد الإجارة الحالي .

–    الحل السادس : المستأجر الوسيط .

وهذا تفصيل كل حلّ ، والتسلسل المطلوب لكل حلّ :

الحل الأول – من خلال الإجارة المضافة إلى زمن ما بعد انتهاء الإجارة الحالية :

وله ثلاث حالات :

الحالة الأولى : لا مانع من توقيع اتفاقية الإجارة مع الوعد بالتمليك ، بعد إتمام ما ورد في أولاً من أعلاه ، على أن يتم تحديد مدة الإجارة بشكل واضح ، وضبط تأريخ بدء سريان العقد ، والمقصود بذلك أن يبدأ سريان عقد الإجارة بين البنك والمستأجر ( العميل ) بعد انتهاء مدة عقد الإجارة القائم ، والمقصود بالأجرة : ( الأجرة الثابتة ، والأجرة المتغيرة ، والدفعة المتقدمة ، الأقساط الإيجارية ) فتحصيل أي نوع من هذه الأجرة مسموح به في تأريخ سريان بدء الإجارة .

الحالة الثانية : نفس الحالة السابقة ، مع أخذ دفعة ، أو دفعات معجلة ، بعد توقيع الاتفاقية أعلاه ، وتحديد المدة ، وتأريخ بدء سريان الإجارة ، وذلك بتحصيل دفعة مقدمة على أساس أنها أجرة معجلة ، فتعامل على هذا الأساس مع بيان تلك الفترة .

الحالة الثالثة : ويمكن للبنك (المؤجر ) في هذه الحالة السابقة أخذ الدفعة المقدمة كعربون ، فيحق له أخذها كاملة في حال امتناع المستأجر من تسلم العين ولو أنه لم ينتفع بها فعلياً ، فإن استلم العين تعتبر الدفعة المقدمة بمثابة الأجرة المعجلة .

وهذا كله يستلزم توضيحه في اتفاقية الإجارة بشكل واضح وجليّ .

الحلّ الثاني : التوكيل مع ملحق يتضمن وعداً ملزماً من العميل بالإجارة من البنك :

 وذلك بعد إتمام الشراء وفق ما رود في أولاً من أعلاه ، بأن لا يتم توقيع اتفاقية الإجارة فعلاً ، وإنما يوم البنك المالك بتوكيل العميل بتحصيل إجارات العقار لحين انتهاء مدة الإجارة القائمة ، وتوقيع ملحق يتضمن : الوعد الملزم من العيمل بالإجارة من البنك ، فيتم توقيع عقد وكالة بين البنك موكلاً ، والعميل وكيلاً ، ليقوم الأخير بتحصيل كامل إيجارات العقار المؤجر من قبل المستأجر / المستأجرين الحاليين ، وإيداعها في حساب الموكل ، والنص على أنه يجب على الوكيل ( العميل ) الرجوع إلى البنك( المالك ، المؤجر) في حال انتهاء مدة الإجارة الحالية مع المستأجر الحالي ، ليتم توقيع اتفاقية الإجارة المنتهية مع الوعد بالتمليك – بملاحقها ، وبقية المستندات اللازمة – بين المالك ( البنك / المؤجر ) والعميل ( المستأجر الجديد) والموافقة له بالسماح على إعادة التأجير من الباطن .

 كما يستلزم هنا : توقيع حوالة حق بين البنك كطرف أول / المحال له ، والعميل كطرف ثاني / المحيل ، مع التزام الأخير بأن يوجه خطاباً إلى المستأجر الحالي ، يخطرهم بأنه قد حول كافة حقوقه المستحقة له بموجب حوالة الحق هذه لصالح الطرف الأول ( المحال له / البنك : المالك الحالي ) .

الحلّ الثالث : فسخ عقد الإجارة الحالي : 

 أنه وبعد شراء البنك للعقار كما بيّناه في أولاً من أعلاه : يتم فسخ عقد الإجارة القائم مع المستأجر الحالي ، ثم يتم توقيع اتفاقية الإجارة مع المستأجر الجديد (العميل) ، والموافقة له / السماح على إعادة التأجير من الباطن ، ثم يقوم هو بتأجير العين المستأجرة للمستأجرين بالمبلغ المتفق عليه .

الحلّ الرابع : عقد المشاركة المتناقصة :

 فأغلب العملاء يدفعون الأجرة المقدمة ، والتي تقدر بنسبة كبيرة من أصل قيمة العقار والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى 40% من قيمة العقار ، لذلك يمكن للبنك أن يبيع للعميل نسبة 60% ويبقي نسبة 40% لنفسه ، وحينئذ تكون له نسبة 40% من الأجرة إلى أن ينتهي عقد الإجارة الحالي ، ثم يرتب العقود حسب المتاح ، هذا إذا كان البنك قد اشترى العقار من غي رالعميل ، أما إذا اشتراه من العميل نفسه ، فحينئذ يشتري منه نسبة 60% وتبقى نسبة 40% للعميل ، وفي كلتا الحالتين يكون هناك وعد من البنك بتمليك جزء ، أو نسبة من العقار في كل عام للعميل إلى أن يتم التمليك للعميل ، وبعبارة موجزة : أن يقوم البنك بشراء جزء من العقار (قيمة التمويل) ثم يتم توقيع عقد المشاركة المتناقصة بالتمليك ، فيقوم البنك ببيع حصصه للعميل وفق ما سيتم الاتفاق عليه في العقد .

الحلّ الخامس : الاكتفاء بالوعد الملزم ، أو اتفاقية التفاهم المشترك ، لحين انتهاء عقد الإجارة :

أي أن البنك لا يقوم بشراء العقار إلاّ بعد انتهاء مدة الإجارة الحالية بين المالك (العميل) والمستأجرين ، فإنه انتهى عقد الإجارة القائم قام البنك بإجراءاته .

الحلّ السادس : المستأجر الوسيط :

 فإن تعذر تنفيذ أي من الحلول السابقة ، فعلى سبيل المثال : قد تكون الإجارة المضافة متعارضة مع سياسة ولوائح التمويل في البنك في تلك الفترة ، فلا يمكن تأجيل استحقاق الأرباح ، وقد يكون التوكيل صعباً لكون مدة الإجارة القائمة طويلة جداً ، وقد يكون الفسخ مستحيلاً لكون المستأجر جهة حكومية أو رسمية ، تحتاج مسألة الفسخ معها لإجراءات غير عادية ، أو ربما تكون هناك مخاوف ، أو عراقيل ، بل ربما الفسخ غير وارد لديهم تماماً .

 ففي هذه الحالة يمكن توقيع اتفاقية الإجارة مع الوعد بالتمليك بين المؤجر (البنك) والمستأجر ( العميل ) بصفته مستأجراً وسيطاً ، وذلك بقيام المالك ( البنك ) بعد إتمام الشراء وفق ما ورد في أولاً من أعلاه ، بإبرام عقد إجارة مع المستأجر الوسيط (العميل) معلقاً على موافقة المستأجر الحالي (المستفيد من منافع العين) مع وعد من المستأجر الوسيط بمواصلة عقد الاستئجار بينه وبين المستأجر الحالي .

 وتتم هذه العملية من خلال إشعاريرسله المالك والمستأجر الوسيط إلى المستأجر الحالي لإعلامه بتوسط المستأجر الوسيط ووعده بالإبقاء على انتفاع المستفيد من العين المجورة بالمواصفات السابقة نفسها ، وتذييل الاشعار بان مرور مدة (كذا يوماً) دون تلقي جواب من المستأجر الحالي يعتبر موافقة.

 ذلك أن قيام البنك بإدخال مستأجر وسيط بينه وبين المستأجر المستفيد الحالي يجب أن لا يتم بمعزل عن المستأجر المستفيد ، إذْ إنه لا يجوز إدخال هذا الأخير في علاقة مستجدة مع المستأجر الوسيط دون إرادته ، وبعبارة الفقهاء فإن العقار بعد الإيجار يصبح مسلوب المنفعة ؛ لأن المنفعة صارت مملوكة للمستأجر ، فليس للمالك المؤجر أن يتصرف في العين المؤجرة فينقل حق الانتفاع بها إلى المستأجر الوسيط شاء المستأجر المستفيد أو أبى ، فهذا مرفوض شرعاً لأن المنافع صارت بعقد الإجارة الأول مملوكة للمستأجر المستفيد – كما سبق- .

 وهنا يجب الالتزام ، وقبل توقيع اتفاقية الإجارة ، بتوجيه رسالة إلى (المستأجر/المستأجرين) الحالي من قبل المالك (البنك) والمستأجر الوسيط ، وفق التفصيل أعلاه .

 وفي هذه الحالة لا يجوز للبنك أن يزيد أي أجرة زائدة على الأجرة الحالية خلال فترة عقد الإجارة الأول ، ولكن فائدة هذا الحلّ هو أن العميل يصبح وسيطاً تجارياً ، ثم مستأجراً مباشرة بعد انتهاء عقد الإجارة مع المستفيد الحالي .

ومن الأهمية العلم بما يأتي :

–    إنْ أخذ البنك بالحلّ الأول ( الإجارة المضافة ) ، أو الحلّ الثاني ( التوكيل ) فيمكنه إضافة أرباحه المقدرة لتلك الفترات بين عقد الشراء ، وبدء سريان عقد الإجارة إلى فترة الإجارة الجديدة ، وفق ما تمّ بيانه .

–    أنه في حال دخول البنك في عقد المشاركة المتناقصة بالتمليك ، يلتزم العميل ويعد ويتعهد – من خلال التوقيع على نموذج / مستند مستقل ومنفصل – بشراء حصص البنك التي ستعرض عليه وبفترات معينة يتم الاتفاق عليها ، وبالقيمة المتراضى عليها في حينه وبعقد مستقل ومنفصل أيضاً .

–    أنه في حالة المستأجر الوسيط ، والتوكيل لا يمكن للبنك إضافة أرباحه (زيادة الأجرة) فتبقى الأجرة كما هي في العقد القائم مع المستفيدة / المنتفع الحالي من العين المؤجرة .

–    أنّ المقصود بالأجرة : ( الأجرة الثابتة ، الأجرة المتغيرة ، الدفعة المقدمة ، الأقساط ) فتحصيل أي نوع من هذه الأجرة ، يكون وفق ما وضحناه وبيناه فيما سبق .

–    كل ما ذكرناه خاضع لما هو معهود ومعمول به لدى البنوك الإسلامية ، وذلك بوجوب عرض الاتفاقيات والعقود والنماذج والمستندات على هيئة الفتوى والرقابة الشرعية قبل تنفيذها .

هذا والله أعلم بالصواب ، والحمد لله ربّ العالمين ،

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه الفقير إلى ربّه

أ.د. علي محيى الدين القره داغي