بسم الله الرحمن الرحيم

سعادة الاخ الفاضل الدكتور علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى

أصحاب السماحة والسعادة والفضيلة

اخواني وأخواتي ، الحضور الكرام

 

 أحييكم بتحية الإسلام ، فسلام الله عليكم ، ونشكر جمهورية إيران الإسلامية قائداً وحكومة وشعباً والمجلس الشورى الإيراني ولرئيسه العزيز على هذه المبادرة العظيمة. ونترحم على شهدائنا في فلسطين وتحية اكبار وإجلال لأخواننا المرابطين في القدس الشريف وفي غزة العزة والضفة وفي كل فلسطين.

وإنه ليشرفني حقاً ويسعدني صدقاً أن أقف بين أيديكم في هذا المؤتمر العظيم بحاضريه ، وبموضوعه الخاص بالقضية الفلسطينية ، ممثلاً للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حاملاً تحيات سماحة الشيخ العلاّمة يوسف القرضاوي ، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ونائباً عنه في هذا المؤتمر ، وتحيات إخوانه في مجلس أمناء الاتحاد الذي يمثل والحمد لله كل المذاهب الإسلامية .

أيها الاخوة الكرام والأخوات الكريمات :

 إن القضية الفلسطينية هي قضية أمتنا الإسلامية العادلة الأولى ، فهي قضية القدس الشريف، والأقصى الذي قارنه ربّ العالمين بالمسجد الحرام، وقضية المهجرين والأسرى، بل قضية الأرض المباركة التي باركها الله وجعلها أرض الجهاد والرباط والمحشر والمنشر، وهي قضية صراعنا مع المحتلين الصهاينة، إن فلسطين كانت وستظل بمثابة المؤشر العام لصحوة الأمة وقوتها ووحدتها، أو ضعفها وتخلفها، حيث تظهر آثار

ضعف الأمة أول ما تظهر في فلسطين، فحينما تفرقت أمتنا الإســـلامية في القرن الخامس الهجري كانت أولى نتائج هذا التفرق احتلال.

القدس وفلسطين، بل ومعظم الشام من خلال حملة الفرنجة حسب تعبير المؤرخين المسلمين واحتلالهم لها، وحينما توحدت الأمة بجهود نورالدين الزنكي، وصلاح الدين الأيوبي تحرّر القدس وفلسطين، وهكذا الأمر أيضاً في القرن الرابع عشر الهجري استطاعت الصهاينة أن يحتلوا هذه الأرض المباركة بدعم ومساندة الاستعمار العالمي والبريطاني والفرنسي في وقته، ثم الدعم اللامحدود من قبل أمريكا.

ونحن اليوم نرى بوضوح أن مؤشر العدو الصهيوني وأمريكا المثقلة بالأزمات في نزول واضح، وأن نؤشر أمتنا والنصر على الأعداء في تصاعد مستمر.

 وها نحن أولاء نناقش هذه القضية في جمهورية إيران الإسلامية التي قامت على أثر ثورة شعبية ووقفت مع فلسطين والقدس الشريف مادياً ومعنوياً، ونستشف نسمات الربيع العربي والثورات العربية التي قربت المسافة بيننا وبين تحرير فلسطين والقدس الشريف حيث قضت على رؤوس العمالة والتخذيل والوقوف مع الأعداء مثل مبارك، وبن علي، والقذافي، حتى وصفت رسالة رئيس وزراء العدو الصهيوني حسني مبارك بأنه: الكنز الاستراتيجي لاسرائيل.

 ولذلك فنحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وقفنا مع هذه الثورات بكل ما لدينا من دعم ودعاء ونصرة، وسنقف معها بكل ما نستطيع إيماناً منا بأن تحرير فلسطين يمرّ من خلال تحرير الشعوب العربية والاسلامية وتحررها، فالشعوب المكبلة بأغلال القيود والكبت والاستبداد لا يمكن لها أن تحرر، وهذا ما عبّر عنه القرآن الكريم في أكثر من آية، منها قوله تعالى: ( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ  وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) سورة النحل / الآية 75-76

فالشعب الذي سلب الظلم والاستبداد حريته يكون كلاً مشلولاً لا يستطيع التحرير، ولا الإبداع، على عكس الشعب الحرّ الكريم العزيز.

كما إننا نؤكد للعالم الاسلامي بل للعالم أجمع فشل كل ما يسمى بجهود السلام بدءاً من أوسلو الى الجهود الأخيرة، ولذلك يجب على أمتنا الاسلامية الاستعداد لخيار المقاومة والجهاد على تحرير فلسطين كل فلسطين، كما يجب عليها أن يبذل كل جهودها لدعم المقاومة في فلسطين، ولبنان.

أصحاب السماحة، الحضور الكرام

  إن سورة الإسراء بيّنت لنا شروط النصر بوضوح فقال تعالى: ( فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً) الإسراء / الآية 5 ، وهي: 

الشرط الاول: تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى وتوحيده الخالص، بحيث   يتحقق الاستسلام لرب العالمين، ولا يكون الخضوع لغير الله، لا لأمريكا ولا لبريطانيا، ولا لفرنسا، ولا لأي أحد سوى الله.

فالعبودية والتقوى هي السبب والمرجع لتكوين الامة الواحدة ووحدتها (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) الأنبياء/ 92 ، (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون/52. فالتوحيد الخالص على هذين الاساسين يؤدي الى توحيد الامة.

والشرط الثاني: أن تسعى الأمة للحصول على القوة العلمية والاقتصادية، والعسكرية (…. أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) سورة الإسراء / الآية 5  ومن هنا فنحن نقف بقوة مع جمهورية إيران الإسلامية في جهودها الكبيرة للحصول على التكنولوجيا الذرية السلمية، بل نطالب جميع الدول الاسلامية ببذل كل ما في وسعها لتحقيق التقدم العلمي في جميع المجالات (فأمة “إقرأ” يجب عليها أن تقرأ الكون كلّه، والانسان والكتاب.

والشرط الثالث: الالتزام بالمنهجية الصحيحة والالتزام بمنهج القرآن فقال تعالى: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ) سورة الإسراء/ الآية 9.

وكلنا أمل وثقة بأن يتمخض المؤتمر عن نتائح عملية، وتوصيات تنفذ على أرض الواقع للوصول إلى التحرير القريب، فيجب على الأمة أن تسخر كل إمكانياتها لتحرير الأرض المباركة والقدس الشريف ووضع آليات محددة لتحقيق ذلك. قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته