1.    مستند حرمة التأمين التجاري أنه يتضمن الغرر المنهي عنه ، حيث روى مسلم وأصحاب السنن وغيرهم بسندهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (نهى رسول الله r عن بيع الغرر)[1] .

والغرر فسره الفقهاء بعدة تعريفات تتلخص في أنه : المجهول العاقبة أي خفيت عاقبته ، وكويت مغبته ، وانطوى أمره[2] .

وكذلك شبهه بالرهان أو المقامـرة ، او دخوله فيهما عند بعض الفقهاء المعاصـــرين[3] .

وقد صدرت بحرمته قرارات من المجامع الفقهية ، منها القرار الصادر عن المجمع الفقهي الإسلامي في دورته الدولى عام 1398هـ المؤكد لقرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بالرياض في 4/4/1397هـ وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 9(9/2) .

2.    مستند مشروعية التأمين التعاوني التبادلي والاجتماعي أنه قائم على التعاون والتبرع ، وليس على أساس المعاوضة ، ومن المعلوم بين الفقهاء أن الغرر غير مؤثر في عقود التبرعات ، وتدل على هذه المشروعية الآيات الكثيرة والأحاديث الدالة على الأمر بالتعاون .

وقد صدر بمشروعيته قرارات من مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف ، وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي المشار إليه آنفاً ، وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي 9(9/2) حيث نص على : ( أن العقد الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون …) كما أنه لم يختلف في جوازه أحد من فقهاء العصر[4] .

 ترجع أسباب حل التأمين التكافلي ، والتأمين التجاري ـ إضافة إلى ما سبق ـ إلى الفرلوق الجوهرية الآتية :

‌أ-  أن التأمين التجاري عقد معاوضة مالية يستهدف الربح من التأمين نفسه وتطبق عليه أحكام المعاوضات المالية التي يؤثر فيها الغرر، وأما التأمين الإسلامي فعقد قائم على التبرع والتعاون فلا يؤثر فيه الغرر إن وجد .

‌ب-  الشركة في التأمين الإسلامي وكيلة في التعاقد عن حساب التأمين في حين أنها طرف أصلي في التأمين التجاري وتتعاقد باسمها.

‌ج-  الشركة في التأمين التجاري تملك الأقساط في مقابل التزامها بملغ التأمين، أما الشركة في التأمين الإسلامي فلا تملك قيمة الاشتراك ، لأن الأقساط تصبح مملوكة لحساب التأمين.

‌د-  ما يتبقى من الأقساط وعوائدها ـ بعد المصروفات والتعويضات  ـ يبقى ملكاً لحساب حملة الوثائق، وهو الفائض الذي يوزع عليهم، ولا يتصور هذا في التأمين التجاري، لأن الأقساط تصبح ملكاً للشركة بالعقد والقبض، بل يعتبر إيراداً وربحاً في التأمين التجاري.

‌ه-  عوائد استثمار أصول الأقساط بعد حسم نسبة المضاربة للشركة تعود إلى حساب حملة الوثائق في التأمين الإسلامي، وهي تعود للشركة في التأمين التجاري.

‌و-  يستهدف التأمين الإسلامي تحقيق التعاون بين أفراد المجتمع ولا يستهدف من عملية التأمين الربح، في حين أن التأمين التجاري يستهدف من التأمين نفسه الربح.

‌ز-  أرباح الشركة في التأمين الإسلامي تعود إلى استثماراتها لأموالها، وحصتها من ربح المضاربة، حيث هي مضارب، وحساب التأمين رب المال.

ح-  المشترك والمؤمن في حقيقتهما واحد، وإن كانا مختلفين في الاعتبار، وهما في التأمين التجاري مختلفان تماماً.

‌ط-  الشركة في التأمين الإسلامي ملتزمة بأحكام الشريعة، وفتاوى هيئتها الشرعية، وأما في التأمين التجاري فليس فيه التزام بأحكام الشريعة.

‌ي-  المخصصات التي أخذت من الصندوق وبقيت إلى تصفية الشركة تصرف في وجوه الخير، ولا تعطى للمساهمين، في حين أنها تعود إليهم في التأمين التجاري.

3.    مستند كون عقد التأمين عقداً تبرعياً لازماً للعاقدين ، هو أن يكيف على أساس النهّد ، أو الالتزام بالتبرع ، او الهبة بثواب (عوض) ، وقد نص المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في قراره السابق ، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي في قراره السابق على أنه قائم على أساس التبرع… ..

ومستند كونه لازماً أن عقد الهبة (بثواب أو بغيره) يلزم بمجرد صدور الايجاب والقبول ، وان الملك يثبت في الموهوب قبل قبضه عند الإمام مالك مطلقاً ، وعند الحنابلة في غير المكيل والموزون[5] ، وهذا مروي عن علي وابن مسعود ، قال ابن رشد الحفيد : ( اختلف العلماء في القبض…. وقال مالك : ينعقد بالقبول ، ويجبر على القبض كالبيع سواء…….)[6].

وقد وردت آثار عن علي وابن مسعود أنهما قالا : ( الهبة جائزة إذا كانت معلومة قبضت أو لم تقبض) كما ورد عن أبي بكر وعمر ما يدل على أن الهبة لا تلزم إلاّ بالقبض[7] ، فجمع مالك بين هذه الآثار بأن حمل آثار علي وابن مسعود وغيرهما في لزوم العقد على أن العقد من حيث هو عقد لازم ، وحمل آثار أبي بكر وعمر على أن القبض شرط لتمام العقد ، وأن ذلك كان لسد الذريعة التي ذكرها عمر رضي الله عنه[8]. 

ويدل على ذلك أيضاً قول رســول الله r : ( الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)[9] .

4.    مستند أن الشركة غير ضامنة ، أنها وكيلة ، والوكيل بإجماع الفقهاء غير مسؤول إلاّ في حالات التعدي او التقصير ، أو مخالفة الشروط .

5.    مستند ضرورة ذكر المبادئ التسعة في النظام الأساسي هو لتحقيق التبرع في العقود ، وتأصيل هذا الجانب الأساسي في الشركة حتى يكون التامين فيها تأميناً تعاونياً مشروعاً ، إذ بدونها يكون تأميناً قائماً على المعاوضة التي يؤثر فيها الغرر ـ كما سبق ـ حيث إن هذه المبادئ تبين الفروق الجوهرية بين التأمين الإسلامي ، والتأمين التجاري ، وقد صدرت ببيان هذه الفروق فتاوى صادرة من ندوة البركة الثانية عشرة للاقتصاد الإسلامي الفتوى رقم (12/11) ، وفتاوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي الفتوى رقم (42(3) ، وفتاوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ، ولشركة التأمين الإسلامية بالأردن[10]..

6.   مستند أركان العقد وشروطه هو طبيعة العقد الملزم للطرفين في الفقه الإسلامي وخصوصية عقد التأمين من حيث محل التأمين .

7.    مستند ضرورة التزام المؤمن والمستأمن بالتزاماتهما هو مقتضى كون العقد لازماً ، واعتبار عقد التأمين عقداً ملزماً ، ووجوب الالتزام بالشروط التي اتفق عليها العاقدان ما لم تكن مخالفة لنصوص الكتاب والسنة ، ويدل على ذلك الآيات والأحاديث الواردة الدالة على وجوب الالتزام بالعقود والشروط ، ومنها قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ..)[11] وقول النبي r : ( المسلمون عند شروطهم)[12] .

8.    مستند تنظيم العلاقة بين الشركة وحساب التأمين على أساس الأجر ، أو بدونه عقد الوكالة الذي يجوز بالاجماع بأجر وبدونه ، وندوة البركة الثانية عشرة للاقتصاد الإسلامي الفتوى 12/11 وقرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الفتوى رقم (961) ، وفتوى رقم (51) لهيئة كبار العلماء بالسعودية.

9.    مستند أن الشركة تستثمر أموال صندوق التأمين هو عقد المضاربة المجمع عليه بين الفقهاء ، ويترتب على ذلك ضرورة تحديد نسبة الربح بين الطرفين ، واستحقاق الصندوق حصته من الربح ، كما صدرت بذلك فتاوى من الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي[13] ، وندوة البركة الثانية عشرة فتوى رقم (12/11) ، ومعيار (13) للمضاربة .

10.  مستند الالتزام بالشروط بصورة عامة ، ومنها التزام الشركة بالقرض الحسن لحساب التأمين هو الالتزام بالوعد الملزم لأحد الجانبين ، وهو رأي بعض الفقهاء المعتبرين ، وهو رأي له مستنده من الكتاب والسنة والآثار ، منها قوله تعالى : ( ..أوفوا بالعقود) حيث حمل على كل التزام مشروع يلتزم به الشخص ، والأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب الوفاء بالعقود والعهود والوعود[14] ، وصدرت بذلك قرارات المجامع الفقهية والهيئات الشرعية ، منها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم 40 ـ 41 (2 ـ3/5)[15] وفتوى الهيئة الشرعية لشركة التأمين الإسلامية بالأردن[16] .

11.  مستند أن عبء الاثبات يقع على المشترك هو تطبيق القواعد العامة للاثباتات بان البينة على المدعى ، الذي تدل عليه الأدلة المعتبرة من الكتاب والسنة ، وأقوال أهل العلم ، وقد صدرت بذلك فتاوى من الهيئة الشرعية الموحدة للبركة فتوى رقم (14/6) .

12.  مستند جواز نوعي التأمين عموم الأدلة المذكورة في جواز التأمين ، والفتاوى الصادرة عن ندوة البركة الثانية الفتوى رقم (2/9) وندوتها العاشرة الفتوى رقم (10/3/5) ، وفتاوى بنك دبي الإسلامي ، وفيصل الإسلامي ، وبيت التمويل الكويتي ، ومصرف قطر الإسلامي ، وشركة التأمين الإسلامية[17] .

13.  مستند الأحكام الخاصة بعقد التأمين هو : المبادئ العامة للعقود في الشريعة الإسلامية من عدم الغش ، والتدليس ، ومن الالتزام بالأوقات المحددة لتنفيذ العقد ، ومن أحكام التعويض ، إضافة إلى القرارات والفتاوى ـ المشار إليها سابقاً ـ الصادرة من المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي وهيئة كبار العلماء ، وفتاوى الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية ، وشركات التأمين الإسلامي[18] .

14.  مستند صلاحيات الشركة هي : النظام الأساسي والوثائق التي تنظم العقد ، والمبادئ العامة للعقود والشروط ، والأعراف التأمينية وبعض الفتاوى الصادرة من الهيئات الشرعية[19] .

15. مستند الأحكام الخاصة بتنظيم العلاقة بين الشركة وحملة الوثائق هو : النظام الأساسي الذي حدد عقد الوكالة سواء أكانت بأجر أم بدونه ، وعقد المضاربة بالنسبة لأموالهم .

16.  مستند  التعويض هو : النصوص العامة في إقرار ( لا ضرر ولا ضرار)[20] والمبادئ العامة والقواعد العامة في الفقه الإسلامي التي تقضي بالتعويض عن الأضرار الفعلية ، وبعدم الإثراء على أساس التعويض ، وطبيعة العقد التعاوني القائم على التبرع ، والفتاوى الصادرة عن ندوة البركة العاشرة للاقتصاد الإسلامي الفتوى رقم (3)، وفتاوى الهيئات الشرعية للبنوك الإسلامية ، وشركات التأمين الإسلامي[21] .

17.  مستند الفائض التأميني هو : طبيعة العقد القائم على التعاون ، وما جرى عليه الصحابة من النّهد كما ذكره البخاري[22] .

18.  مستند انتهاء العقد هو : أن عقد التأمين عقد زمني ، وبالتالي ينتهي بانتهاء المدة المتفق عليها في العقد،كما هو الحال في الإجارة،وكذلك الحال عندما يتلف محل العقد فلا يبقى محل الالتزام.

19.  مستند جواز إعادة التأمين الضرورات العملية لإمكانية قيام شركات التأمين الإسلامي ، او الحاجات الملحة العامة التي تنزل منزلة الضرورة ، والأدلة على اعتبار الضرورات ، والحاجات العامة كثيرة من الكتاب والسنة إضافة إلى الفتاوى الصادرة من بنك فيصل الإسلامي بالسودان فتوى رقم (3، 5) . 

  اعلى الصفحة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

([1]) صحيح مسلم ، كتاب البيوع (3/1153) وسنن أبي داود (2/228) الحديث رقم 3367 والنسائي (2/217) وابن ماجه (2/739) والترمذي (3/532) والدارمي (2/167) والموطأ (2/664) وأحمد (1/203 ، 2/367 ، 439 ) والبيهقي (5/226) ومصنف ابن أبي شيبة (8/194)  القسم الثاني .

([2]) يراجع : شرح العناية مع فتح القدير (5/192) وتبيين الحقائق (4/46) والتاج والاكليل (4/362) وفتح العزيز بهامش المجموع (8/127) ومطالب أولي النهى (3/25) والقواعد النورانية ص 116 ونظرية العقد ص 224 ، ويراجع الشيخ الصديق الضرير :كتابه القيم عن الغرر وأثره في العقد ،ط.سلسة صالح كامل للرسائل الجامعية ص 54

([3]) يراجع : د. حسين حامد : الغرر ص 72

([4]) فتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار ، الفتوى رقم 40

([5]) بداية المجتهد (2/534) والمغني لابن قدامة (5/649) ويراجع : بدائع الصنائع (8/3690) والغاية القصوى (2/655)

([6]) بداية المجتهد (2/534)

([7]) انظر : الموطأ (2/468) ونصب الراية (4/122)

([8]) بداية المجتهد (2/534)

([9]) رواه البخاري في صحيحه (5/190) ومسلم الحديث رقم 1622

([10]) يراجع : فتاوى التأمين ط. مجموعة دلة البركة ، مراجعة د.عبدالستار أبو غدة ، ود.عزالدين محمد خوجه ص 99 ـ 108

([11]) سورة المائدة / الآية 1

([12]) رواه البخاري في صحيحه تعليقاً بصيغة الجزم (فتح الباري 4/451) والترمذي ـ مع تحفة الأحوذي ـ (4/584) وقال : حديث حسن صحيح

([13]) يراجع : كتاب المضاربة في كتب المذاهب الفقهية ، والموسوعة الكويتية ، مصطلح المضاربة .

([14]) يراجع لتفصيل ذلك : مبدأ الرضا في العقود ، دراسة مقارنة (2/1161) ومصادره المعتمدة

([15]) يراجع مجلة المجمع : ع5 ( 2/754 ـ 965 )

([16]) فتاوى التامين ص 106

([17]) فتاوى التأمين  ص 193 ـ 206

([18]) المرجع السابق

([19]) المرجع السابق

([20]) وهو حديث رواه مالك في الموطأ ، كتاب الأقضية ص 464 ، وأحمد بسنده (1/313 ، 5/527) وابن ماجه في حاشيته (2/784)

([21]) فتاوى التأمين ص 000153

([22]) فقد ترجم البخاري في صحيحه ـ مع الفتح ـ (5/128) : باب الشركة في الطعام والنهد ، والعروض ، قال : ( …لما لم ير المسلمون في النهد بأساً أن يأكل هذا بعضاً ، وهذا بعضاُ ، ثم أورد أحاديث تدل على ذلك قال ابن حجر في فتح الباري (5/129) :     (النهد : بكسر النون وفتحها : إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة ) حيث يدفع كل واحد منهم بمقدار ما دفعه صاحبه ، ولكنه قد ينفق عليه أكثر ، ومع ذلك فما ينبغي في الأخير يوزع عليهم إن لم يدخروه لسفرة أخرى ، وهذا هو عين الفائض ، او مثله تماماً .

اعلى الصفحة