ومع ذلك لم تحلّ مشكلة جمو وكشمير ، على الرغم من المحاولات الكثيرة ، بل والصراعات الكثيرة بين البلدين حتى دخلا ثلاث حروب خطيرة من أجلها كما صدرت بذلك قرارات الأمم المتحدة بشأن كشمير هي :

 القرار رقم 47 في عام 1948 الذي جاء فيه التأكيد على القرار 38 الصادر في 17/12/1948 الذي يتضمن التوصية لحكومتي الهند وباكستان باتخاذ التدابير المبينة أدناه باعتبارها مناسبة …… لتوفير الظروف المواتية لإجراء استفتاء عام حر ونزيه يتقرر من خلاله انضمام ولاية جمو وكشمير إلى أي من الهند أو باكستان .

  كما تضمن القرار بأن تتعهد حكومة الهند بأن تنشئ في جمو وكشمير إدارة للاستفتاء تنظم بأسرع ما يمكن استفتاء على مسألة انضمام الولاية إلى الهند أو باكستان .

  ولكن المشكلة إلى الآن لم تحلّ ، بل ظلت جرحاً نازفاً بدماء غزيرة ، وحروب مدمرة ، وانفاق على الحروب بالمليارات لو صرفت على التنمية في المنطقة لكانت أكثر المناطق تقدماً ورفاهية .

  وفي نظري أن هذه المشكلة هي مشكلة صنعها الاستعمار البريطاني ، لذلك كان من المفروض أن تبدأ الدولتان (الهند وباكستان) بحلها بعد استقلالهما ، ونيل حريتهما واستقلالهما ، ولكن مع الأسف الشديد لم تحل ، والسبب أن الهند لم ترض بهذا الحل ، ولم تطبق هذه القرارات.

  وعلى الرغم من ان العلاقات الكثيرة بين الهند والعالم الإسلامي والروابط الحضارية والتأريخية والاقتصادية المشتركة بين الهند والعالم العربي والعالم الإسلامية لكن هذه المشكلة ظلت تراوح مكانها ، وإن كان الأمل كثيراً في حلها في ظل الظروف الدولية الحالية وحكومة حزب المؤتمر الحاكم .

  وبحكم كوني أحد المهتمين بقضايا المسلمين عامة ، وعلى رأسها قضية فلسطين ، والعراق وكشمير والشيشان ونحوها ، تحدثت منذ فترة عن قضية كشمير ، ونشرت جريدة الوطن كلمتي الخاصة بكشمير ، ثم زارني سعادة الوزير المفوض بالسفارة الهندية (راجيندر باغهان) فشرح لي الموضوع ، وشكرته على اهتمامه بالموضوع ، وزيارته لي ، ثم قلت له بالنص :
  
أولاً : (أننا ـ باعتبارنا علماء الأمة ـ يجب علينا أن نقف مع قضايا امتنا الإسلامية في فلسطين ، والعراق ، وكشمير ، والشيشان وأن ندافع عنها ، وان هذا مبدأ لا يجوز تجاوزه ، ولا يجوز سكوتنا عنه أبداً مهما كان الأمر ، وأن العلماء مستقلون في آرائهم حيث لا تتدخل الدولة القطرية جزاها الله خيراً فيها أبداً ، وأن لدينا المعلومات الكافية حول القرارات الدولة الصادرة بشأن كشمير وأود أن أذكر هنا قرار الأمم المتحدة في 5يناير 1949 الذي يقضي بوجوب إجراء استفتاء في الولاية ، ثم قرارها في 23ديسمبر 1952م الذي وافقت دولة الهند عليه ، حيث أكد السيد جواهر لال نهرو رئيس وزراء الهند آنذاك على إجراء استفتاء حول تقرير مصير الولاية .

 والمهم هنا ليس القرارات ، وإنما حلّ القضية حلاً عادلاً ينهي هذا النزاع الدامي بين دولتين لهما أهميتها في آسيا .
ثانياً : ان قضية كشمير صنعها الاستعمار البريطاني وبالتالي فيجب حلها حسب ما يسمى بالشرعية الدولية من أن يعطى حق تقرير المصير لشعب كشمير من خلال انتخابات حرة نزيهة ليختاروا بانفسهم ما يريدون .

ثالثاً : قلت : إن دولة هند كانت لها علاقات استراتيجية بالعالم العربي والإسلامي فلا ينبغي استبدالها بعلاقات أخرى ، فهي دولة جوار ، وأن الحضارة الإسلامية قد أقيمت في الهند خلال أكثر من عشرة قرون فلا يجوز لهند ، ولا للعالم الإسلامي إغفال هذا الجانب ناهيك عن وجود أقلية مسلمة تقدر باكثر من 150 مليون نسمة ، وعلاقات تجارية وطيدة مع الخليج وبقية العالم الإسلامي ، وأننا نقدر دولة الهند ونتمنى لها الازدهار والاستقرار والسلام .
   
رابعاً : أن دفاعنا عن قضية كشمير ينطلق من إحساسنا بواجبنا الديني نحو إخواننا في كشمير وليس من باب التدخل في شؤون الغير ، وأننا نتمنى حلّ هذه المشكلة بأقرب فرصة ، وأعتقد أن الدول العربية والإسلامية مستعدة للمساعدة في مساعدة هند وباكستان.