بدأ المؤتمر الفقهي الرابع للمؤسسات المالية الإسلامية أعماله في فندق كروان بلازا أول أمس الذي تنظمه شركة شورى للاستشارات الشرعية في الكويت . والقى فضيلة الدكتور علي القره داغي  الامين العام للاتحاد العالمي الاسلامي كلمة الضيوف وهذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم


مؤتمر:

الفقه الاسلامي الرابع

كلمة الضيوف يلقيها الاستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي

الحمد لله رب العالمين الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تنزل الخيرات والبركات، وبتوفيقه نصل الى المقاصد والغايات، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للكائنات وعلى آله الأطهار أولي الفضل والكرامات، واصحابه الذين نالوا بشرف صحبتهم أعلى المقامات، والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين.

وبعد،،

فيشرفني حقاً ويسعدني صدقاً أن امثل اصحاب الفضيلة والسماحة والسعادة، الضيوف الكرام لأعبر اصالة عن نفسي ونيابة عنهم عن شكرنا الجزيل، وثنائنا العاطر لشركة الشورى رئيسا وأعضاء واللجنة المنظمة برئاسة الأخ الحبيب الشيخ عبد الستار القطان على أقامة هذا المؤتمر العظيم، وعلى حسن الاستقبال والحفاوة البالغة، والتنظيم الجيد، داعين الله تعالى أن يبارك في جهودهم ويجزيهم عنا خير الجزاء، كما لا يسعنا ونحن قد حطت ركابنا في هذا البلد الطيب، كويت الخير إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل والدعاء الخالص للكويت أميراً وحكومة وشعباً على الدعم المتواصل للعلم والعلماء ولمراكز العلم والجامعات، ولله در الشاعر إذ يقول:

شكرت جميل صنعكم بدمعي            ودمع العين مقياس الشعور

اها الإخوة والأخوات

إننا قد جمعنا اليوم العلم وهو صلة ورحم بين أهله كما قال الشاعر:

إن نختلف نسباً يؤلف بيننا              أدب اقمناه مقام الوالد

أو يفترق منا الوصال                 فوردنا عذب تحدر عن إناء واحد

أيها الاخوة والاخوات

ليس لقاؤنا اليوم كأي لقاء، حيث يجتمع العلماء لمؤتمر عظيم حول الفقه الذي هو من سمات الخير كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : “من أراد الله به خيراً يفقه في الدين” (متفق عليه). بل حول التفقه والمدارسة الفقهية من خلال ايات الله تعالى وسنته في أدق المسائل وأخصها، ولذلك سيكون لكم الأجر والبشائر الأربع التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم من نزول السكينة، وغشيان الرحمة، واصطفاف الملائكة حولكم، وذكر الله لكم في الملأ الأعلى ولذلك سنتوقع أن يصدر عن هذا المؤتمر العظيم بموضوعه، والجليل مقداره بأهله قرارات وتوصيات تخدم الصناعة المصرفية والمؤسسات المالية الاسلامية.

بل إن العالم ينتظر من الاقتصاد الاسلامي أن يقدم الشفاء والرحمة بعد سقوط الفكر الاقتصادي الشيوعي الاشتراكي مع سقوط الاتحاد السوفيتي، واهتزاز الرأسمالية وسقوط بنيتها الاساسية حيث لا تكاد تخرج من الازمة المالية الا وهي تدخل في الازمة التجارية، ولا تخرج منها الا وتقع  في أزمة الديون القاتلة، ومحق البركات. فالاقتصاد الراسمالي اصبح اليوم عنوان الأزمات الواحدة تلو الأخرى، فزيادة الفائدة مشكلة وانخفاضها في ظل الرأسمالية ايضا مشكلة.

أيها الحضور الكرام

إن العالم اليوم يعيش في تناقض غريب،  اما في علم و تقدم وحضارة ولكن دون الالتزام بالعقيدة والقيم السامية، كما هو العالم في في العالم الغربي ونحوه، وإما جهل وتخلف وإن وجدت العقيدة والقيم.

فالاسلام يريد من هذه الأمة العلم، والتقدم العظيم والحضارة والصناعة مع العقيدة والاخلاق التي تحمي الانسان من أهوائه وطغيانه، فهذا هو واجبنا الأساسي الذي خلقنا الله تعالى لأجله، وتقع علينا مسؤولية كبيرة في تقديم هذا الاسلام العظيم بعقيدته، وقيمه، وأنظمته ولا سيما نظامه الاقتصادي الذي فيه سعادة البشرية جمعاء الى العالم اجمع

ونحن في عالمنا الاسلامي في ظل الاقتصاد الاسلامي وتقدم الصيرفة الاسلامية وبقة المؤسسات المالية الاسلامية تقدما هائلا نختاج اشد الحاجة الى إعادة النظر في هذه المسيرة المباركة التي تمتد حوالي أربعين سنة لنعالج ما فيها من قصور ولنتطلع الى ما هو الافضل والاحسن والاصلح بل لنتقدم ونتطور لأن التوقف هو التأخر فقال تعالى “لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر” .

وأنتهز هذه المناسبة لأكرر مقترحات  لعلها تجد آذاناً صاغية، وتطبيقات عملية في هذا البلد الذي عهدناه الكويت بلد الخير والتطبيقات وهي:

1-    إنشاء مراكز أو مركز للبحث والدراسات العملية الخاصة بالمنتجات الإقتصادية في مجال الصيرفة، والصكوك، والتكافل ونحوها، بحيث يشترك في البحث والتطبيق علماء الشريعة، والقانون، والاقتصاد، واصحاب الخبرات القديمة.

ويتم تمويله عن طريق البنوك الاسلامية في العالم ان كان المركز عالمياً، وفي الدولة نفسها إن كان خاصاً لها، وذلك من خلال اقتطاع جزء بسيط من الربح مثل 05% من الأرباح الصافية لهذا الغرض.

بل يجوز أن يصرف على هذا المركز، او المراكز من الاموال المجنبة بسبب شبهة، أو التنقية للاسهم المختلطة، كما يجوز الصرف عليه من أموال الوقف والصدقات العامة.

وأتمنى أن اسمع موافقة في هذا البلد الطيب.

2-    فتح جامعات، أو كليات، ومعاهد للإقتصاد الاسلامي، والصيرفة والهندسة، والمنتجات الاسلامية.  فإذا كانت الحكومات لم تعمل، فعلينا جميعاً أن نسعى الى تحقيق ذلك.

وهل يجوز ويصح في ظل التضخم الكبير للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية أن لا تكون هناك جامعات؟

3-    السعي الجاد للتقليل من الفتاوى المضطربة ولا سيما بين الهيئات الشرعية، ولذلك اقترح عقد مؤتمر خاص بميثاق للضبط والالتزام بمجموعة من الضوابط مثل الالتزام بقرارات المجامع الفقهية، والمعايير الشرعية، مع ابقاء المجال للاجتهادات المنظبطة، والابداع على أن يدرس ذلك المنهج من خلال الدراسات الفقهية، والاقتصادية، والقانونية.

4-    السعي لإنشاء صندوق تكافلي كبير بين المصارف الاسلامية خاص بالضمان لحالات التعثر في الديون والتحوط ولحالات شراء الصكوك بالقيمة الاسمية، فهذا الصندوق يساعد كثيرا على التقليل من المخالفات الشرعية الخاصة بالضمان والصكوك، والديون والتحوط…

وأقول “صندوق كبير” حتى يغطى جميع البنوك الاسلامية، لأن معظم التحوطات وإن كانت بصبغة شرعية تعود الى البنوك التقليدية الكبرى.

وفقنا الله جميعا لما خير البلاد والعباد  امين وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين