صرح الحنفية أن الزحام عذر معتبر في ترك بعض واجبات الحج مثل المبيت بمزدلفة[1] جاء في إرشاد الساري : (..ذكر الحاكم في المنتقى عن الإمام ـ أي  أبي حنيفة ـ أنه لو أراد النفر في اليوم الثالث قبل الزوال ..جاز له أن يرمي ، كذا في المبسوط وكثير من المعتبرات ، وهي رواية عن أبي يوسف ، كذا في شرح الطحاوي ، وعلى هذه الرواية عمل الناس اليوم ، وفيها رحمة من الزحمة)[2] وإذا كان الحنفية قد انتبهوا لهذه المسألة في عصرهم فماذا نقول نحن؟ ، وقد أدى الزحام في منى إلى قتل عدد ليس بقليل في بعض الأعوام ، بل لا يمر عام وضحايا الزحام في منى بالعشرات أو المئات تموت تحت الأرجل ، أو تسقط فوق الجسر ، بل ترمى فوق الجسر .

 

 والغريب أن رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم أشار إلى خطورة الزحام وعدم التنبه لمخاطره فنهى عما يؤدي إلى القتل أو الإيذاء بسبب الزحام .

 

نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل بعضهم بعضاً يوم الرمي :

 

 ومع أن العدد الذي حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقاس بالأعداد الهائلة اليوم فقد حذر من قتل بعضهم البعض بسبب الرمي فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أم سليمان ابن عمرو بن الاحوص قالت : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة …وازدحم الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :    (يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضاً ، وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف)[3] قال شراح الحديث : (أي لا يقتل بعضكم بعضاً أي بالزحام ، وبالرمي بالحصى الكبيرة)[4] .


 


  1. قال الحافظ ابن حجر : (ومن جملة الأعذار عند الحنفية الزحام) انظر : عون المعبود (5/455)

  2. يراجع : إرشاد الساري إلى مناك ملا على قاري ص 161

  3. سنن أبي داود ـ مع العون ـ (5/444)

  4. عون المعبود (5/445)