أشار رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة، في تصريحات صحفية خلال لقائه مع الدكتور على القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمقر الاتحاد أمس، إلى أنه جرى خلال اللقاءين بحث مواضيع متعدّدة تهمّ القضية الفلسطينية مثل الحصار على غزة والقدس وأوضاع العمال والبيوت الفقيرة، ومجمل الأوضاع في القطاع التي اعتبرها مأساوية في ظروف قاهرة. مشيراً إلى أن نتائج زيارته لقطر ستظهر على الأرض قريبًا.
وأضاف: إنه لا تُوجد نيّة لحركة حماس في فتح مكتب لها في الدوحة، معتبرًا أن الدوحة كلها مكتب للحركة، بفضل الحب والاحتضان الذي تُبديه القيادة في قطر للشعب الفلسطيني وقضيته، حيث لم تبخل يومًا في تقديم الإسناد للشعب الفلسطيني.
وبخصوص العلاقات مع الأردن والتي عرفت بعض الدفء مؤخّرًا، قال هنية: إن العلاقات مع الأردن طيّبة وجيّدة، بفعل عاملي الجوار والتاريخ المشترك مع الشعب الأردني. وقال: إنه بعد زيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس برفقة سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد إلى الأردن قبل أيام، جرى التباحث مع المسؤولين الأردنيين وتصحيح الخلل الذي كان يُشوّش على العلاقات مع الأردن، وهو الأمر الذي دلّت عليه الأجواء الإيجابية التي جرى فيها اللقاء، كما وقف الجانبان الفلسطيني والأردني على بناء علاقات تخدم الصمود والوقوف ضدّ المشاريع التي تستهدف الأردن، حيث تمّ تجديد الوقوف ضدّ كل المشاريع التي تستهدف الأردن وفض الوطن البديل والمشاريع التي يُمكن أن تكون على حساب الأردن.
ونفى هنية التباحث بخصوص فتح مكتب لحركة حماس في الأردن، معتبرًا أن المباحثات هدفت الى بث الدفء في العلاقات، بفضل الجهود المباركة التي تبذلها قطر من أجل تحقيق هذا الغرض.
وفيما يتعلق بموقف الحركة من التطوّرات في سوريا، قال هنية: إن دماء الشعب السوري غالية، والجميع يسعى من أجل حل سلمي وتعزيز الإصلاح والديمقراطية. معتبرًا أن هناك سيناريوهات يجب تفاديها مثل التدخّل الخارجي أو اندلاع اقتتال داخلي أو حرب داخلية، لأن هذا أمر صعب لا يجب حدوثه.
وأضاف: إن الدماء السورية غالية ولا بد من إنجاح الحوار والحل السلمي في الإطار العربي، مشيرًا في المقابل إلى أن سوريا وقفت دائمًا مع الشعب الفلسطيني واستضافت القيادة الفلسطينية، ويُقيم على أرضها حوالي 400 ألف فلسطيني، وهو بلد عزيز وغالٍ. داعيًا في الوقت نفسه إلى تمكين الشعب السوري من الحقوق التي خرج من أجلها والتي يجب الاستماع إليها.
وعن الداخل الفلسطيني، قال إسماعيل هنية: إن هذه اللحظة التي تعيشها فلسطين اليوم تاريخية، لأنها تجديد العهد والأمانة مع القدس والأقصى.
وتوجّه إلى العلماء الحاضرين بالتقدير لأنهم حملوا مشعل الجهاد والكلمة، وهذا خلق تربّى عليه المجاهدون في فلسطين والعلماء في فلسطين الذين جاهدوا في سبيل الله، ناقلاً تحيّة أهل فلسطين من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس إلى الشيوخ في اتحاد علماء المسلمين، معتبرًا أن تحرير القدس بات قريبًا بفضل صحوة الأمة.
وجدّد هنية ثوابت حركة حماس وحكومتها أمام العلماء. وقال: إن الحركة ترى في فلسطين أرض وقف إسلامي لا يجوز التنازل عن شبر منها، بحدودها المعروفة والتي تُقدّر بـ 27 ألف كلم مربع ونيّف، من رأس الناقورة إلى رفح، وهي أرض التابعين والمجاهدين وصولاً إلى الشيخ أحمد ياسين. وقال: إن الجميع في الحركة ماضٍ في تحرير أرض فلسطين وقد بدأت أولى الخطوات. أمّا الثابت الثاني فهو عدم الاعتراف بالاحتلال على أية أرض، ثم الجهاد الشامل الذي هو الطريق والخيار الاستراتيجي للتحرير، لأن الشعب الفلسطيني جرّب المفاوضات منذ 20 سنة، وآخرها ما جرى من مباحثات في الأردن أطلق عليها “المباحثات الاستكشافية”، والتي بدورها كانت فاشلة ولم تفرز شيئًا.
وقال إنه بعد هذا ترسّخ لدى الحركة أن المقاومة والجهاد هما الطريقان الوحيدان للتحرير، لأن هذا جهاد طويل معمد بالدماء، لكنه الطريق الأوحد لاستعادة الحقوق التي تبقى كبيرة وباهظة، وهذا ما رسّخه الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه ووصفه بالجهاد الشامل. واعتبر أن الصراع مع الاحتلال طويل، لكن المقاومة بدورها تمتاز بطول النفس ومبدأ التمسّك بالمقاومة.
وأضاف هنية: إن حركة حماس وحكومتها يُؤمنان بوحدة الشعب الفلسطيني وتعمل جاهدة من أجل إنجاحها، لأن الشعب الفلسطيني واحد وموحّد، وهذا إيمان راسخ من أجل مواجهة الاحتلال من خلال مرجعية واضحة سعيًا الى المصالحة الفلسطينية.
واعتبر أن الاختلاف في السابق كان اضطرارًا، لأن حماس دخلت الانتخابات، لكنهم لم يعترفوا بفوزها، وتآمروا عليها وحملوا السلاح في وجهها، فاضطرت الحركة إلى أن تضبط الحالة وتحسم النكوص عن إرادة الشعب، لكن كل هذا في النهاية يبقى حالة استثنائية، واليوم الحركة مصرّة على المصالحة التي تصون الحقوق والمصالح والثوابت، كما أن العمل السياسي والدبلوماسية أمران مطلوبان في إطار منضبط وفي إطار مرجعية منحازة إلى احتياجات الأمة.
وأشار إلى أن الحركة ترى أن القضية الفلسطينية قضية عربية وإسلامية، لأن فلسطين من أول التاريخ منذ عصور وهي في حضن الأمة. وقال: نعمل اليوم من أجل أن تستعيد القضية الفلسطينية بعدها الإنساني.
وقال: إن البعض يُروّج إلى أنهم يرضون ما يرضاه الفلسطينيون، وهم يقصدون المفاوضون. مشيرًا إلى أن هذا نوع من التخلّي عن الدور. ودعا إلى عدم التخلّي عن القضية لأنها موروث للأمة وليس للشعب الفلسطيني، والجميع يُؤمن بضرورة استعادة القضية حضورها لأن هذا أمر بات واقعًا مع ما أسماه بـ “الشتاء الإسلامي”، وليس الربيع العربي، ونحن منفتحون على العالم والمجتمع الدولي ومعنيّون بحشد كل الطاقات وأحرار العالم من أجل مساندة القضية، وكلما توفّرت دوائر الدعم كان ذلك مفيدًا للقضية.
وجدّد هنية أنه لا تنازل عن أي حق من حقوق الشعب الفلسطيني، وأولها حق العودة لأنه حق مقدّس ولا تنازل عنه ولا تفريط فيه، ولا يحق لأي واحد التنازل عن هذا الحق باعتبار أن هذا جزء أصيل من قضية فلسطين. وقال: إن القدس اليوم في خطر والشيخ حامد البيتاوي خطيب المسجد الأقصى حذّر مرارًا من هذا، والاحتلال الإسرائيلي يُنفّذ خطته بشأن القدس والحفريات جارية والاستيطان وإبعاد النواب واعتقال وزراء الحركة في القدس. وقال: إن القدس أمانة في أعناق علماء الأمة وبين أيدي الجميع، وأن يعملوا من أجل تحرير القدس والأقصى على كل الثغور التي يقفون عليها، وقال: إنه على امتداد التاريخ كلما احتلّت فلسطين إلا وحُرّرت من الخارج، معتبرًا أن من نتائج الشتاء الإسلامي سقوط حكام الاستبداد وصعود التيّار الإسلامي، لأن قضية فلسطين هي قضية الجميع.