قال الأمين العام لـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، أ.د. علي القره داغي، الإثنين، إن "الإسلام يُفَجِّر ينابيع الرحمة للعالمين، وليس القنابل النووية".
ويرد القره داغي بذلك على إعلان نشرته مجموعة "المستقبل لأمريكا" الدينية، على صفحة كاملة بصحيفة" تينيسيان" الأمريكية، الأحد، وقالت فيه: "الإسلام سيفجر قنبلة نووية بولاية تينسي"، و"سيتسبب بحرب عالمية ثالثة".
وأضاف القره داغي، في بيان، أن المجموعة تستند إلى "نبوءة مفترضة في الإنجيل ليس لها أي مستند صحيح ظاهر حتى في الإنجيل، لكن الكراهية والعنصرية والتعصب البغيض هي التي تدفع نحو الكذب والافتراء".
وتابع: "فهؤلاء العنصريون لم يكتفوا بما فعلوا من العنصرية والكراهية ضد إخواننا ذوي البشرة غير البيضاء، فعادوا لإثارة تمييز وكراهية وعنصرية أخرى، فهم لا يريدون غير البيض".
وأفاد بأن الصحيفة اعتذرت بعد نشر الإعلان، مستدركا: "لكن- كما يقال في المثل- بعد خراب البصرة".
وشدد على أن "الإسلام دين الرحمة للعالمين، وتلك حقيقة باعتراف المنصفين من غير المسلمين، فقد وضع (الكاتب الأمريكي) مايكل هارت سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة مائة شخصية مؤثرة في التاريخ".
وأردف: "ويقول المفكر والشاعر الفرنسي لامارتين، في مقدمة كتابه الكبير "تاريخ تركيا" الصادر عام 1854 م: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن الذي يجرؤ أن يقارن أيّاً من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد في عبقريته، فهؤلاء المشاهير صنعوا الأسلحة، وأقاموا الإمبراطوريات".
وزاد لامارتين بقوله: "لكن هذا الرجل (محمداً) قاد الملايين من الناس ـ فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ ــ وقضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة"، ثم تحدث عن أن أعظم هدف للنبي صلى الله عليه وسلم هو إرجاع الله للإنسان، وإرجاع الإنسان لله، وفق البيان.
واستطرد القره داغي: "وأكد المستشرق الإنجليزي جورج برناردشو في كتابه عن "محمد" على أن مُثله العليا تحرير الناس من العبودية لغير الله".
وأردف برناردشو: "لو تولّى العالم الأوروبي رجل مثل محمد لشفاه من علله كافة، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية (محمد)، إنني أعتقد أن الديانة المحمدية هي الديانة الوحيدة التي تجمع كل الشرائط اللازمةــ لإنقاذ البشرية ـــ وما أحوج العالم اليوم إلى رجل كبير كمحمد يحل مشكلة العالم".
ورد القره داغي على الزعم بأن الإسلام سيتسبب بنشوب حرب عالمية ثالثة نووية بقوله إن "أوروبا المنتسبة إلى المسيحية قامت بإشعال حربين عالميتين (…) راح ضحيتهما عشرات الملايين من البشر، خلال أقل من نصف قرن من القرن العشرين".
وأضاف: "كما أن أوروبا المسيحية هي التي قامت باحتلال معظم بلاد العالم في القرون الأخيرة، فأذلت أهلها، وأخذت معظم ثرواتهم لبناء حضارتها المادية".
وتابع: "كما أنها قامت بالقوة والإكراه بجلب الملايين (من البشر) من أفريقيا ومن غيرها للزراعة والصناعة والخدمة الشاقة في أمريكا وغيرها، فالتجارة بالإنسان وصمة عار في جبين هذه الحضارة التي هي في حقيقتها بعيدة عن رسالة سيدنا المسيح (عليه السلام)".
وشدد على أن "التاريخ الإسلامي يشهد بحق بأن الإسلام لم يتسبب بأي حرب عالمية، أو حروب عنصرية، بل كانت الحروب التي خاضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون دفاعية، وحتى الحروب التي خاضتها الدولة الأموية والعباسية، والأيوبية، والعثمانية في مجملها دفاعية".
وأوضح أنها "ما يسمى اليوم بالحروب الاستباقية؛ لأن العالم في تلك العصور (كان) عالم القوة والنهب والهيمنة، فجاء الإسلام بنظام أخلاقي عظيم قبل الحرب، وأثناء الحرب، وبعد انتهائها من خلال مبادئ أخلاقية، أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وطبقها الخلفاء الراشدون، ومن جاء بعدهم".
ومضى قائلا: "يكفي أن أبين أن عدد من قتلوا في جميع الحروب التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم خلال عشر سنوات، من المسلمين بين 159 إلى 236 شخصاً، ومن غير المسلمين في حدود 625 شخصاً، أي المجموع في حدود 861 كأقصى تقدير في 27 حرباً".
وشدد على أنه "لا يمكن أن يقارن هذا العدد الضئيل بأي حرب على مدى التاريخ الإنساني، سواء كانت حروباً استعمارية أو غيرها، فهذه الحروب أدّت إلى إزهاق الآلاف، أو مئات الآلاف، أو عشرات الملايين كما في الحربيين العالميتين".
وقال القره داغي إن "العالم الإسلامي لا تملك إلا دولة واحدة من دوله القنابل النووية، وهي باكستان، وهي مشغولة بالصراع الهندي الباكستاني، وبالمشاكل الاقتصادية.. فالقنابل النووية والرؤوس النووية موجودة في أمريكا، وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وكوريا الشمالية، وإسرائيل، وغيرها، وكلها دول غير إسلامية".
وتساءل: "فمَن الأولى بتفجير العالم؟.. ولكن العنصرية والكراهية تعمي الأبصار والقلوب والعقول".
وختم بيانه بالتحذير من أن "هذه العنصرية تدمر الغرب قبل الشرق، وتدمر غير المسلمين قبل المسلمين {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}- (سوة الحج- الآية 46).
المصدر: الأناضول