بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعامين محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين
وبعد :
فهذه خلاصة لمجموعة من البحوث في القضايا الطبية المعاصرة ، قدمت بعضها إلى المجامع الفقهية ، أو المؤتمرات والندوات والحلقات العلمية على مدى حوالي عشرين سنة ، أردت أن أجمعها في كتاب واحد ، وأضيف إليها المنهجية العلمية لعلاج القضايا الطبية المعاصرة ، وبعض القضايا التي لم أكتب فيها بحثاً خاصاً بها.
فهذه البحوث التي تشمل مختلف مجالات فقه القضايا الطبية المعاصرة تؤكد عظمة الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان ، ومرونته وسعته لكل الأحكام ، كما أنها تجسد قدرة الشريعة الإسلامية على علاج القضايا مهما كانت جديدة ، وبيان أحكامها مهما كانت حديثة ، واستيعابها لكل المستجدات مهما كانت متطورة ، من خلال الاجتهاد المنضبط بضوابط النص ومقاصد الشريعة ، ورعاية المصالح المعتبرة ، والمنافع المحققة ، ودرء المفاسد والمضار الخاصة والعامة ، والمقاصد العامة والخاصة للشريعة.
وليس صنيعي هذا غريباً من علمائنا السابقين الذين ألفوا في الطب وأحكامه وجميع ما يتعلق به الكثير والكثير ، حتى إن العلامة أبا الحسن الحموي (ت720هـ) قد ألف كتاباً جمع فيه أربعين حديثاً من الأحاديث النبوية الخاصة بالطب أملاً في الدخول في الأجر الموعود لمن حفظ عن الأمة أربعين حديثاً يحتاجون إليه ، فقال : (فأردت أن أكون من جملتهم ، واحشر في زمرتهم فخرجتها أربعين حديثاً من الأخبار المتفق على صحتها …. ومن الأسانيد المشهورة…..)[1] .
ونحن نسير في هذا الكتاب على توضيح القضايا الطبية وبيانها ، لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره ، ثم بيان الحكم الشرعي لها ، والله أسأل أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، ويعصمنا من الخطأ والزلل في العقيدة والقول والعمل إنه مولاي فنعم المولى ونعم النصير .
كتبه الفقير إلى ربه
علي بن محيى الدين القره داغي
ربيع الآخر 1425هـ الدوحة