المراد بعنوان البحث :
معظم كلمات العنوان واضحة ، لكننا نلقي بعض الأضواء على بعض المصطلحات الواردة في العنوان ، أو التي لها علاقة بالموضوع ، وهي :
1 ـ الديمقراطية : كلمة اغريقية الأصل معناها ( حكم الشعب ) أي أن يكون الحكم للشعب وليس للفرد ، وفي العصر الحديث قال الرئيس الأمريكي ( لنكولن ) : ( إنها حكم الشعب بالشعب وللشعب ) ، فالأمة في نظر الديمقراطية هي مصدر السلطات وإرادتها[1] .
ودون الخوض في أسس الديمقراطية العقدية ( الايدلوجية ) فإن المقصود بها اليوم في عالمنا الإسلامي والعربي هو آلياتها وجوانبها التطبيقية المتمثلة في الفصل بين السلطات التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية ، وفي شرعية التعددية السياسية ، ووصول الحاكم إلى الحكم عن طريق الانتخابات ، وفي المساواة في الحقوق والحريات العامة .
وأما حكم الشعب للشعب فإن كان الشعب مسلماً فلا يمكن أن يحكم بما يتعارض مع ثوابت الإسلام ، في حين أن له الحق من خلال علمائه الاجتهاد فيما سواها .
والذي يتعلق ببحثنا هنا هو مسألة المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات ، مع أن هذه المساواة بين الرجل والمرأة أو حتى بين المواطنين لم تكن موجودة في النظم القديمة ( الرومان ، واليونان ) التي ابتدعت الديمقراية ، وإنما ظهرت في العصر الحديث من خلال الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948م ، وهذه المساواة بين الرجل والمرأة تشمل ما يأتي :
-
المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات .
-
مساوة المرأة بالرجل في الحقوق السياسية الشاملة لما يأتي :
أ ) تولى المرأة الوظائف السياسية العامة رئاسة الدولة ، أو البرلمان ، ورئاسة مجلس الوزراء ، والوزراة والقضاء ونحوها .
ب ) حق المرأة في الانتخاب والترشيح للبرلمان .
فهذه المسائل هي التي نلقي بعض الأضواء عليها في ظل ما تسمح به طبيعة البحث .
ولكن بعد بيان نبذة تأريخية لحقوق المرأة السياسية والفتاوى المتعارضة ، ثم بيان منهجية دقيقة في بحث هذا الموضوع .
2 – السياسة : هي لغة من ساس يسوس سياسة ، ولها معان كثيرة ، فيقال : ساس الناس أي تولي رياستهم وساس الفرس أي قام بأمرها ، فروضا وهيأها ، وساس الأمور أي دبرها ، وساس الرعية أي أمرهم ونهاهم ، وساس الطعام أي أكله دود الوسوس…..[2] .
ولو نظرنا إلى المعاني اللغوية للفظ السياسة ومشتقاتها لوجدناها تستوعب كل أنواع السياسات الحكيمة الرشيدة ، والظالمة والعنيفة ، والتي تقوم بترويض الشعوب ، وكذلك التي بمثابة دودة السوس التي تنخر في عظام الشعب المحكوم فتدمره في قواه وفي ابداعاته ، ومقوماته .
الخلافة والاستخلاف :
تكرر لفظ الخليفة في القرآن الكريم مرات منها قوله تعالى في بيان رسالة آدم ووظيفته في الأرض : ) إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً )[3] أي يخلف في الأرض لتحقيق أهداف معينة ، ومقاصد حددها القرآن الكريم ، وهي :
أ. العبودية لله تعالى ، قال تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[4] .
أ.تعمير الكون على ضوء منهج الله تعالى القائم على اللاح والاصلاح دون الفساد والافساد ، فقال تعالى : ) هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا )[5] .
وقد ارتبطت فكرة الخلافة في الفقه السياسي بالفترة الراشدة التي حكم فيها الخلفاء الأربعة ، بناء على الحديث الذي ورد .
وهذا المصطلح ( الخلافة ) بهذا المعني الخاص لم يرد في القرآن الكريم ، بل إن الصحابة أطلقوه على ابي بكر باعتباره خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لما جاء عمر استصعب خليفة خليفة ……
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) يراجع لمزيد من البحث حولها : د. أنور أحمد رسلان : الديمقراطية بين الفكر المادي والفكر الاشتراكي ، ط .دار النهضة العربية 1971 ص 32 ، ود. محمد كامل ليلة : النظم السياسية ط. دار الفكر العربي 1971 ص 470 ، ود. عبدالحميد الأنصاري : الشورى وأثرها على الديمقراطية ط. المطبعة السلفية بالقاهرة 1981 ص 335
([2]) يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والمعجم الوسيط ، والمصابح المنير مادة ( ساس )
([3]) سورة البقرة / الآية30
([4]) سورة الذريات / الآية 56
([5]) سورة هود / الآية61