إصدار
صكوك إسلامية على أعيان الوقف للاستفادة منها في إعمارها :
بما
أن السندات التقليدية حرام صدر بحرمتها قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة
( قرار رقم 60/11/6)
اتجه الاجتهاد الفردي والجماعي لبديل إسلامي له من خلال إجازة المجمع نفسه في
قراره رقم (30(3/4)
سندات المقارضة وسندات الاستثمار بشروط وضوابط محددة ذكرها القرار نفسه معتمداً
على مجموعة من البحوث القيمة والدراسات الجادة[1].
وهناك
أنواع كثيرة من الصكوك تصلح لإعمار الأرض الموقوفة منها :
1-
صكوك المقارضة ( سندات المقارضة ) وسندات الاستثمار :
إن إدارة الوقف تستطيع أن تساهم في هذه السندات
المشروعة ، بالاكتتاب فيها ، أو شرائها ، أو أن تقوم هي بإصدارها ، ولا غرو في ذلك
فإن وزارة الأوقاف الأردنية هي التي طرحت هذه الصيغة وصاغتها حتى صدر بها قانون
سندات المقارضة رقم 10 لعام 1981[2].
وفي هذه الحالة تكون إدارة الوقف هي المضارب ،
وحملة الصكوك هم أرباب المال ، ويكون الربح بينهما بالنسبة حسب الاتفاق ، وإدارة
الوقف لا تضمن إلاّ عند التعدي ، أو التقصير
ـ كما هو مقرر فقهياً ـ ومن هنا تأتي مشكلة عملية في مسألة عدم ضمان
السندات ، ولذلك عالجها قرار المجمع من خلال أمرين :
أحدهما
: جواز ضمان طرف ثالث مثل الدولة تضمن هذه الصكوك تشجيعاً منها على تجميع رؤوس
الأموال ، وتثميرها ، وتهيئة عدد من الوظائف ، وتحريك رؤوس الأموال وإدارتها .
ثانيهما
: عدم ممانعة المجمع من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة من عائدات
المشروع ووضعها في صندوق احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال فيما لو تحققت
، إضافة إلى ضرورة توخي أقصى درجات الحذر من الاستثمارات بحيث لا تقدم الإدارة
إلاّ على الاستثمارات شبه المضمونة مثل الاستثمارات في العقارات المؤجرة في بلاد
مستقرة ، ومثل الاتفاق مع الآخرين أصحاب الخبرات الواسعة لإدارة الأموال ودراسة
الجدوى الاقتصادية ونحوها .
2- ـ
أنواع أخرى من الصكوك :
وقد ذكر القرار ( 30(3/4) شروط وضوابط الصكوك
الشرعية ، ولا تـنحصر مشروعية الصكوك على صكوك المقارضة التي صدر بها قرار من مجمع
الفقه الإسلامي ، بل يمكن ترتيب صكوك ( سندات مشروعة ) أخرى مثل صكوك الاستصناع ،
وصكوك الإجارة التشغيلية أو التمويلية ، وصكوك المشاركة المتناقضة ، وكذلك صكوك
أخرى كما فصلنا ذلك في بحثنا[3]
، وكما أشار إليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي السابق
حيث وانتهى إلى كيفية استفادة الوقف منها ، حيث نص على : ( ثانياً: استعرض مجلس
المجمع أربع صيغ أخرى اشتملت عليها توصيات الندوة التي أقامها المجمع، وهي مقترحة
للاستفادة منها في إطار تعمير الوقف واستثماره دون الإخلال بالشروط التي يحافظ
فيها على تأبيد الوقف وهي:
أ-
إقامة شركة بين جهة الوقف بقيمة أعيانه وبين أرباب المال بما يوظفونه لتعمير
الوقف.
ب-
تقديم أعيان الوقف – كأصل ثابت – إلى من يعمل فيها بتعميرها من ماله بنسبة من
الريع.
ج-
تعمير الوقف بعقد الاستصناع مع المصارف الإسلامية، لقاء بدل من الريع.
د-
إيجار الوقف بأجرة عينية هي البناء عليه وحده، أو مع أجرة يسيرة.
وقد اتفق رأي مجلس المجمع مع
توصية الندوة بشأن هذه الصيغ من حيث حاجتها إلى مزيد من البحث والنظر، وعهد إلى
الأمانة العامة الاستكتاب فيها، مع البحث عن صيغ شرعية أخرى للاستثمار، وعقد ندوة
لهذه الصيغ لعرض نتائجها على المجمع في دورته القادمة. والله أعلم ؛؛ ))[4]
.
ملاحظات مهمة حول صكوك الوقف
:
إن من أهم الضوابط الخاصة بصكوك الوقف ـ
بالاضافة إلى الضوابط العامة لها ـ هي أن لا تؤدي إلى انتقال ملكية العين الموقوفة
إلى حملة الصكوك ، فهي غير جائزة إلاّ لحالات الضرورة ونحوها ـ كما سبق ـ ولذلك
يجب أن تكون الصكوك في حدود حق المنفعة ، والانتفاع بما يبنى على الأرض الموقوفة
من منشآت لمدة زمنية محددة ، وتبقى الأرض موقوفة دون بيعها أو التنازل عنها ، أو
أن تكون الصكوك استثمارية ، ولذلك فأفضل الصيغ هي صيغة الصكوك القائمة على (B.O.T) أو الإجارة المنتهية بالتمليك للوقف ، أو المشاركة المتناقصة
ولكن في حق المنفعة الانتفاع فقط ، وما يبنى على الأرض الموقوفة ـ كما سبق ـ .