دعا فضيلة الشيخ د. علي محي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى بذل كل الجهود لتحقيق الرحمة بيننا وأن تكون هذه الرحمة بالكلمة والمال وبالصدقة والخيرات والزكوات والنفقات الزائدة.
وحذر فضيلته خلال خطبة الجمعة أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب، في معرض حديثه عن التفجيرات التي وقعت مؤخرا بولايتين أمريكيتين من العواقب الوخيمة الناتجة عن ظلم الأبرياء ومن خطورة ما يحدث في عالمنا اليوم من محاولات تصدير الإيذاء ضد غير المسلمين في الخارج، مشيرا إلى أن هذا الأمر غير مقبول.
وأكد أن الإسلام لا يجيز بأي حال قتل الذين يترايضون، فلا يجوز قتل هؤلاء لأنهم آمنون مدنيون والإسلام حتى في وقت الحرب لا يقتل مدنيا ولا طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا الذين يعيشون في أماكن عبادتهم حتى في وقت الحرب فكيف في وقت السلم.
ورجح فضيلته أن المحرك وراء القضية أصابع من أعداء الإسلام والمسلمين يريدون أن يلصقوا التهمة بالإسلام والمسلمين حتى تكون حجة لمزيد من نشر ما يسمى بالإسلاموفوبيا.
وقال فضيلته: لا يجوز قتل النفس أبدا إلا حسبما أراده الله ولم يخصص الله سبحانه النفس بالمؤمنة وإنما قال:”إنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”، موضحا أن الحديث عن الرحمة في الإسلام واسع حتى حصرت الرسالة في الرحمة وحصر الإسلام في الخير، داعيا كل مسلم إلى أن يكون خيرا وأن يكون رحيما أن يكون مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه كان رؤوفا رحيما فالله سبحانه وتعالى وصفه بهذا الوصفين:”لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم” فالله وصفه بالرأفة والرحمة كما وصف نفسه في مئات الآيات بالرحمة؛ لذا يجب على المسلم أن يكون رحيما بنفسه وبأسرته وبوالده وبوالدته وبأولاده وبأقاربه، ثم يجب عليه أن يكون رحيما بالمسلمين، بل يجب عليه أن يكون رحيما بغير المسلمين.
وأضاف: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما دخل المدينة قام بكتابة دستور ينظم العلاقة بين المسلمين وبين اليهود فأعطاهم الحقوق الكاملة ولو حافظوا على عهودهم ولم ينقضوا العهود لكانوا محافظين على هذه الحقوق بالكامل ولكنهم نقضوا العهود ودخلوا في الحرب وميزان الحرب غير ميزان السلم والدعوة.
وتابع: ولأجل هذا حينما رأى سيدنا عمر رجلا من أهل الكتاب يتسول سأله ما الذي دعاك إلى التسول؟ قال: النفقة والحاجة. فقال عمر: ما أنصفناك حينما أخذنا شبابك ولم نقم بواجبنا نحوك وأنت في شيبتك فأخذه إلى بيته فأعطاه ما أعطاه، ثم أصدر أمرا يتوافق مع ما يسمى اليوم بالضمان الاجتماعي لكل من يكبر سنه من المسلمين وغير المسلمين ممن يعيشون في ظل الدولة الإسلامية.
وكان فضيلته قد بدأ خطبته قائلا: خلق الله هذا الكون على أساس الرحمة ولذلك يحتاج كل مخلوق ولا سيما إذا كان ذا روح إلى الرحمة فالإنسان بحاجة إلى رحمة أخيه وبحاجة إلى أنس أخيه سواء كان مسلما أو غير مسلم ولذلك جاءت الرسائل السماوية مؤكدة على هذا المعنى تأكيدا شديداً وخص الله سبحانه وتعالى رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الإسلام بمزيد من العناية بالرحمة حتى حصر الله سبحانه رسالة محمد بالرحمة فقال الله تعالى “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
وأضاف: بهذا الأسلوب الحصري العظيم حصر الله سبحانه وتعالى رسالة محمد التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في الرحمة ليس بالمسلمين فقط ولا بالبشر فقط ولا بالحيوانات فقط بل بجميع العالم يشمل الإنسان والجن والبيئة وكل مخلوقات الله سبحانه وتعالى وقد أكد الله ذلك أيضا حينما حصر ما أنزله الله بالخير وهو متمم للرحمة فقال سبحانه وتعالى:”وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا” أي خير للمسلمين وخير للإنسان أجمعين وللحيوانات وللبيئة ولجميع المخلوقات كذلك فهو خير في عقيدته لأنها تكرم الإنسان وتحميه وتجعله مكرما معززا وخيرا في عباداته لأنها تؤدي به إلى سعادة النفس وراحة القلب واطمئنان النفس وخير كذلك في أخلاقه لأن أخلاق الإسلام كلها رحمة وخير وإنسانية وخير كذلك في تشريعاته لأنها خير للإنسانية لو دققنا النظر فيها وقد أثبت العلم الحديث هذه الخيرية فيما حرمه الله سبحانه وتعالى حيث ما كانت تعرف الأضرار والأمراض التي تنتج من الزنا الذي حرمه الله سبحانه وتعالى كما ثبت ذلك من خلال العلم الحديث.
وأكد أن كل ما أنزل الله في مجال العقيدة والشريعة والأخلاق والتشريعات والآداب خير للإنسان والناس جميعا.