المقـدّمـة


الحمد للَّـه ربّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.


وبعد:


ففي خضمّ الحوادث والمستجدَّات والقضايا الحديثة، والمسائل المتجددة، أرى أنَّ العودة إلى المنبع الصافي (من الكتاب والسُّنَّة) هي الحل، ولكن مع الأخذ بنظر الاعتبار كل ما قاله علماؤنا الكرام وفقهاؤنا العظام، مع النظرة الفاحصة النافذة الناقدة.


وذلك لأنَّ العودة إلى المنبع الصافي تعطيك المجال الواسع، وتبعدك عن التأثُّر بالزمان والمكان والظروف والملابسات الانية التي قد تؤثِّر في تفكير المجتهد، في حين أنَّ المعايشة مع النص المعصوم تمنحك الجو الروحاني الرحب، الواسع.


ومن خلال معايشتي لهذه الأحاديث الواردة في «النهي عن بيعتين في بيعة»، أو «شرطين في شرط»، أو «بيع وسلف» تبيَّن لي أنَّ فقهاءنا الكرام قد


وسعوا هذه الدائرة مع مرور الزمن حتى أدخلوا فيها ما ليس منها، ولذلك توسَّعت دائرة الحرمة في المعاملات مع أنَّ العودة إلى النصوص نفسها تعطيك الصورة الحقيقية لمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلّم في هذه الأحاديث، ومن هنا أدركـت قيمـة التجديد المئـوي الذي تحدَّث عنـه رسـول الله صلى الله عليه وسلّم حتى تعود الأمَّة إلى المنبع الصافي نفسه بعيدًا عن تأثيرات الزمان والـمكان والمـلابسات السـابقـة، لينـزل النص بفهـم صحيـح عـلى الوقائـع الراهنة والواقعة واللاحقة.


وقـد بذلت جهدي في تحليل هذه النصوص سندًا ومتنًا وفقهًا وتطبيـقًا، فإن كـنت قـد وُفِّقـت فذلك بفضـل الله وحـده، وإلاَّ فعذري أنني لم آل جـهدًا، وإن كـان هذا البحث لم يستوعب كل ما أعددته حول الموضـوع حيث كـان بحثي هـذا بمثابة اختصـار موجز لمـا تتضمَّنـه هـذه الأحاديث من أحكام وأقوال فقهية وخلافات، ولعلَّ الله يوفِّقنا لاستخراج كل ذلك في كتاب كبير.


والله أسأل أن يوفِّقنا لخدمة شرعه ويعصمنا من الخطأ والزَّلل في القول والعمل إنه مولاي وحسبـي، فنعم المولى ونعم النصير.


 


 


 


ألفاظ الأحاديث وتخريجها :


وردت أحاديث كثيرة في النهي عن اجتماع أكثر من شيء في عقد واحد، فنذكر هنا ألفاظها.


 


الحديث الأول: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صفقتين في صفقة واحدة».


1 ــ ورد بهذا اللفظ: في مسند أحمد (1/398) حيث رواه بسنده إلى عبد الله بن مسعود.


ورواه أيضًا بسنده موقوفًا على ابن مسعود (1/393) أنه قال: لا تصلح سفقتان في سفقة، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه».


2 ــ ورواه ابن حبان (حديث 1111، 1112) من طريق سفيان وشعبة.


3 ــ وروي موقوفًا على ابن مسعود أيضًا في المصنف للحافظ ابن همام الصنعاني، حديث رقم (14633) ولفظه: «لا تصلح الصفقتان في الصفقة، أن يقول: هو بالنسيئة بكذا وكذا وبالنقد بكذا وكذا».


وحديث رقم (14636) ولفظه عن ابن مسعود أنه قال: «الصفقتان في الصفقة ربا».


وحديث رقم (14637) ولفظه عن ابن مسعود أنه قال: «لا تحل الصفقتان في الصفقة».


4 ــ ورواه البيهقي في السنن الكبرى (1/343) بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «نهى عن بيع وسلف، وعن بيعتين في صفقة واحدة، وعن بيع ما ليس عندك»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «حرام شف ما لم يضمن».


5 ــ وأخرجه ابن أبـي شيبة موقوفًا على ابن مسعود بلفظ: «صفقتان في صفقة ربا» (المصنف 8/192/2)، وبلفظ: «الصفقة في الصفقتين ربا» (المصنف 6/199)، وبهذا اللفظ الأخير أخرجه أيضًا عبد الرزاق في مصنفه (8/138، 139) كما سبق.


6 ــ ورواه ابن نصر في السُّنَّة (ص 54).


 


 


الحديث الثاني: «لا يحلّ سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك».


1 ــ رواه بهذا اللفظ: الحاكم في مسنده عن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، عن الرسول صلى الله عليه وسلّم.


وروى أيضًا عن طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله، إنِّي أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها أفتأذن لي أن أكتبها؟ قال: «نعم»، قال: فكان فيما كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه لما بعث عتاب بن أسيد إلى أهل مكة قال: «أخبرهم أنه: لا يجوز بيعان في بيع، ولا بيع ما لا يملك، ولا سلف وبيع، ولا شرطان في بيع».


2 ــ ورواه بهذا اللفظ النسائي في سننه (7/295) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.


ورواه أيضًا (7/295) بسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن سلف وبيع، وشرطين في بيع، وربح ما لم يضمن».


ورواه أيضًا (7/300) عن نفس الراوي قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع واحد، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن».


ورواه أيضًا (7/288) عن نفس الراوي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يحلّ سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك».


3 ــ ورواه أحمد في مسنده (2/179) بسنده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بنفس اللفظ.


ورواه بلفظ (عن نفس الراوي) قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن سلف وبيع، وعن بيعتين في بيعة، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن» (2/174، 175، 205).


4 ــ ورواه الدارمي في سننه (2/168) بسنده عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن ربح ما لم يضمن».


5 ــ رواه مالك في الموطأ (ص 407، 408) أنه بلغه: «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع وسلف». (لم يذكر مالك عن من سمعه).


6 ــ ورواه نور الدِّين الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (ص 271 ــ 272) بسنده عن عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه قال: يا رسول الله، إنَّا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن نكتبها؟ قال: «نعم». فكان أول ما كتب كتاب النبـي صلى الله عليه وسلّم إلى أهل مكة: «لا يجوز شرطان في بيع واحد، ولا بيع وسلف جميعًا، ولا بيع ما لم يضمن، ومن كان مكاتبًا على مائة درهم فقضاها إلاَّ عشرة دراهم فهو عبد، أو على مائة أوقية فقضاها إلاَّ أوقية فهو عبد».


 


7 ــ ورواه البيهقي في السنن الكبرى بسنده عن عمرو بن العاص عن أبيه، عن جده:


( أ ) (5/267): بنفس اللفظ.


(ب) (5/343): أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع وسلف، وعن بيعتين في صفقة واحدة، وعن بيع ما ليس عندك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: حرام شف ما لم يضمن.


( ج) (5/340): وروى عن نفس الراوي بلفظ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم


أرسل عتاب بن أسيد إلى أهل مكة أن أبلغهم عنِّي أربع خصال: «أن لا يصلح شرطان في بيع، ولا بيع وسلف، ولا بيع ما لا يملك، ولا ربح ما لا يضمن».


8 ــ رواه الترمذي بنفس اللفظ وعن نفس الراوي (4/431) حديث (1252).


9 ــ رواه أبو داود بنفس اللفظ وعن نفس الراوي (9/402 ــ 403).


10 ــ ورواه ابن خزيمة في الإِرواء عن نفس الراوي (5/147) حديث رقم (1305) بنفس اللفظ.


11 ــ وعبد الرزاق في مصنفه (8/39) عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده بلفظ: قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع واحد، وعن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم تضمن».


12 ــ والدارقطني: الحديث (320).


13 ــ وابن الجارود: الحديث 601.


14 ــ وأبو حنيفة (مسند حنيفة، ط الاداب القاهرة، ص 124).


15 ــ وابن حزم عن طريق أبـي داود: المحلِّي (9/595).


 


 


الحديث الثالث: عن أبـي هريرة قـال: «نهى رسـول الله صلى الله عليه وسلّم عن بيعتين في بيعة»، وكذلك روي عـن ابن عمر، وابن عمرو:


1 ــ رواه بهذا اللفظ الترمذي في جامعه (4/427 ــ 429) وقال بعد أن ذكر الحديث: وفي الباب، عن عبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود.


2 ــ رواه مالك في الموطأ (ص 414): أنه بلغه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيعتين في بيعة. (دون ذكر الراوي والسند).


3 ــ رواه النسائي في سننه (7/295 ــ 296) بسنده بنفس اللفظ وعن نفس الراوي.


4 ــ ورواه أحمد في مسنده (2/71) بسنده عن ابن عمر قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مطل الغني ظلم، وإذا أحلت على مليء فاتبعه، ولا بيعتين في واحدة».


ورواه بسنده (2/174، 205) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن بيعتين في بيعة، وعن بيع وسلف، وعن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما ليس عندك».


5 ــ رواه الطبراني في المعجم الكبير (8/280) في حديث رقم 7917 بسنده عن أبـي أمامة «أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن صلاتين، وعن صيامين، وعن نكاحين، وعن لبستين، وعن بيعتين».


6 ــ ورواه أبو داود في سننه (9/332) في حديث رقم (3444) بسنده عن أبـي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا».


7 ــ رواه ابن حبان (الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبان 7/226)، بنفس اللفظ في حديث رقم (4953).


ورواه أيضًا في حديث رقم (4953) عن أبـي هريرة بلفظ: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مَن باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا».


8 ــ رواه ابن حبان (موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان) بنفس اللفظ في حديث (1109)، ورواه أيضًا في حديث رقم (1110) عن أبـي هريرة بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا».


9 ــ رواه البيهقي في السنن الكبرى (5/343) بنفس اللفظ.


ورواه أيضًا عن أبـي هريرة بلفظ: «أنَّ النبـي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيعتين في بيعة».


ورواه أيضًا عن أبـي هريرة بلفظ: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا».


ورواه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع وسلف، وعن بيعتين في صفقة واحدة، وعن بيع ما ليس عندك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «حرام شف ما لم يضمن».


10 ــ ورواه ابن أبـي شيبة في المصنف (7/192/2).


ورواه الحاكم في المستدرك (2/45).


ورواه ابن الجارود (ص 599 ــ 600).


LinkedInPin