بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.وبعد
البيان الختامي للاجتماع الثاني لمجلس الأمناء للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المنعقد في الدوحة 7 – 8 صفر الخير 1436 هـ، الموافق: 29 – 30 نوفمبر 2014 م.
استفتح الاجتماع بتلاوة كريمة من آيات الذكر الحكيم، ثم ألقى سماحة العلامة الشيخ: يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كلمة ضافية حول أوضاع الأمة الإسلامية وما آلت إليه من التفرق والتمزق، وتكالب الأعداء مبيناً مسؤولية أعضائه جميعاً في النهوض بالأمة، كما دعا إلى ضرورة الاعتناء بدور المرأة في المجتمع المسلم، وضرورة نشر ثقافةحضور المرأة في المسجد وغيره.
كما طالب أعضاء الاتحاد جميعا بالاهتمام بأمر الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأوصاهم بالتفاعل التام مع الاتحاد وأمانته العامة وبرامجه.
وختم كلمته بالشكر الجزيل لدولة قطر أميراً وحكومة وشعباً على رعايتها واحتضانها لمقر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ولمواقفها المشرفة على مستوى الأمة العربية والإسلامية.
ثم قام فضيلة أ.د. علي القره داغي الأمين العام للاتحاد باستعراض التقرير العام عن أعمال الاتحاد (رئاسة وأمانة عامة، والفروع) خلال الفترة السابقة من بعد دورة الجمعية العامة الرابعة إلى 28 نوفمبر 2014م حيث ضمن التقرير معظم الأنشطة التي قام بها الفروع، حيث تمت مناقشته مناقشة مستفيضة، ثم عقدت خمس جلسات سوى جلستي الافتتاح والختام لمناقشة وضع الاتحاد، والتقارير المالية، وخطة الأمانة للدورة الرابعة مع البرامج والمشروعات، وتوصيات الأمانة العامة بتشكيل اللجان واعتمادها، وقراءة التقارير الخاصة بقضايا الأمة وأوضاعها، وجامعة الاتحاد، ومركز بحثه، ونحو ذلك.
وبعد المناقشات والمداخلات المعبرة عن ذلك، اتفق الحاضرون على الآتي:
أولاً: دعوة الأمة الإسلامية لترسيخ منهج الوسط والإعتدال والتعايش السلمي:
يؤكد المجلس على أن الإسلام هو دين الرحمة والخير، والوسط والاعتدال، وعلى الأدلة الشرعية القاطعة على ما ذكر، وهو الدين الذي أثبت التعايش السلمي وحقوق المواطنة من خلال صحيفة المدينة، والأدلة الشرعية القاطعة على ما ذكر.
وبهذه المناسبة يؤكد مجلس الأمناء أن الاتحاد العالمي لعلماءالمسلمين وفق نظامه الأساسي وميثاقه الفكري ومنهاجه العملي قد ظل ملتزماً بالوسطية والاعتدال فكراً وممارسة وتأكيد النهج السلمي ورفض مسلك التكفير والتفجير واعتماد لغة الحوار والتسامح أساساً للتعايش بين المجتمعات.
ثانياً: تعظيم حرمة الدماء والإرهاب والعنف
إن مما عُلِم من الدين بالضرورة تعظيم حرمة الدماء والتقاتل بين المسلمين، قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًاعَظِيْمَاً} النساء: 93، وقال تعالى: {أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}المائدة: 32، وقال النبي ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ: {لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً}، وقال ــــــ صلى الله عليه وسلم ـــ: في حجة الوداع مخاطباً الأمة الإسلامية {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا}، وعليه فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يؤكد على الآتي:
– التحريم القاطع لما يفعله الطواغيت والظلمة المستبدون من القتل والتعذيب وإهانة كرامة الإنسان، و الحرمة القطعية لما يفعله بعض الجماعات الغالية والمنحرفة؛ من قتْل الأبرياءـ ــــ مسلمين وغير مسلمين ــــ تارة تحت ذريعة الطائفية البغيضة، وأخرى باسم دولة الخلافة الإسلامية المزعومة ومحاربة الطواغيت، وما تفعله من قتل وتدمير وتهجير وتشريد ، وتوجيه أسلحتهم نحو صدور الأبرياء، ويعتبر العلماء كل ذلك أعمالاً إجرامية محرمة شرعاً، وخارجة عن دين الحق والعدل والرحمة، ومنافية لهدي المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وما أجمع عليه أهل العلم، ويترتب عليها ضرر ماحق في تشويه صورة الإسلام والمسلمين وصد الناس عن سبيل الله.
– وعلى الرغم من إدانة الاتحاد للإرهاب والعنف من بعض الجماعات المتطرفة فإن مجلس الأمناء يؤكد على أن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه إلا من خلال القضاء على أسبابه من الظلم والاستبداد والطغيان، ومواجهة آثاره وتحديد مفهومه كما أنه لا يحل إلا بالفكر المعتدل القادر على مواجهته بالحجة والبرهان.
ولذلك يرى المجلس ويؤكد على أن تعميم الإرهاب ليشمل المؤسسات الخيرية والمنظمات المعتدلة يخدم الإرهاب نفسه، ويعطي له المصداقية فيما يزعمه، وفي هذا الإطار يدعو الإتحاد العالم الإسلامي إلى حل مشاكله بنفسه بالوسائل المشروعة بعيداً عن الأحلاف الأجنبية الطامعة التي يشهد تأريخ الأمة على أنها كانت كارثية عليها.
ثالثاً: تحدي التمزق والفرقة
يعبر مجلس الأمناء عن الأسى البالغ لما آل إليه حال الأمة المسلمة من فرقة واختلاف وتمزق وشتات، أدى إلى الفشل وذهاب الريح، وفتح باباً واسعاً للفوضى المدمرة للإنسان والعمران والأوطان، والإمعان في تفتيت ما هو بالأصل مقسم، الأمر الذي مكن الأعداء من تعميق جراحاتها، وانتهاك سيادتها، ونهب ثرواتها، وضرب أبناء الأمة بعضهم ببعض.
ويؤكد المجلس على وجوب التلازم بين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، والاعتصام بحبل الله تعالى، وعلى أن إعادة وحدة الأمة فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع، قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} الأنبياء: 92 ، الأمر الذي يقتضي التآزر والتناصر والتناصح، والقبول بالاختلاف وحسن إدارته ورعاية آدابه، عن طريق الشورى والإيمان بالتعددية، والالتزام بالمنهج السلمي في معالجة الاختلاف، والنأى عن فكر الإقصاء والتكفير والتهميش.
قال تعالى داعياً إلى الوحدة، وناهياً عن التفرق: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} آل عمران:103 ، كما سمى الله تعالى التفرقة كفراً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ}آل عمران: 100 أي متفرقين، وقال النبي ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ: محذراً من أخطار الفرقة و التمزق {لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض}.
رابعاً: ضرورة التعايش السلمي والتواصل الحضاري
يؤكد مجلس الأمناء على الإيمان بالتعددية الحضارية والدينية بمنأى عن كل منازع الهيمنة واستخدام القوة في حل الخلافات الدولية، والدعوة إلى الحوار الحضاري بديلاً عن الصراع، مع التأكيد على الحق في الاختلاف والحرية المسؤولة، والعدل في الحقوق والواجبات.
كما يشجب المجلس الدعم الذي تلقاه الأنظمة الشمولية المستبدة في المنطقة ونظام التمييز العنصري والاحتلال الغاشم الذي يتمثل بالكيان الصهيوني بالمال والسلاح والإعلام والفيتو، مما يمثل منبعاً وتشجيعاً للتطرف والإرهاب، ومانعاً من قيام علاقات تتسم بالتعاون والسلم بين الشرق والغرب، وبين الحضارات والديانات، وفْق النداء الرباني الخالد إلى كل الشعوب والحضارات، الآمر بتبادل المعرفة وبذل المعروف وتحقيق الشراكة الإنسانية، قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا}.
خامساً: وجوب الحفاظ على كرامة الإنسان وحقوقه المشروعة في حريته، وأمنه وأمانه، وضرورة توفير مناخ الحرية للقضاء على الأفكار التي تنتعش في أجواء الكبت والاستبداد، وهذا واجب الأمة بكل مكوناتها سياسيين وعلماء ومفكرين، وحكومات.
سادساً: في شأن القضايا العامة للأمة الإسلامية.
– القضية الفلسطينية.
لا شك أن القضية الفلسطينية لا زالت ــــــ وستظل ــــ هي القضية الأولى للمسلمين، من مشارق الأرض ومغاربها، وهي تمر اليوم بمرحلة تاريخية فاصلة حرجة ومنعطف خطير؛ حيث يتعرض القدس الشريف للتهويد، ويمعن الصهاينة باقتحام المسجد الأقصى وتهديده باستمرار، ويحاولون تقسيمه زمانياً ومكانياً، وغدت المستوطنات تقضي على معظم أراضي فلسطين،بالإضافة إلى الجدار العازل الذي شل حركة الفلسطينيين، ناهيك عن تقنين قانون يقضي بيهودية دولة الكيان الصهيوني.
ويؤكد مجلس الأمناء على أن ما أقدم عليه الكيان الصهيوني خلال الفترة الأخيرة ما كان يجرأ عليه لو لم تكن حال أمتنا بهذا التفرق والتمزق، بل بتعاون البعض معه، والتآمر ضد القضية الفلسطينية.
و في هذا السياق يؤكد الاتحاد على الآتي:
أ– إن القدس بما له من مكانة دينية وتاريخية وحضارية ، هي قلب الأمة الإسلامية، وعنوان كرامتها، وأن كل مشاريع الاحتلال الصهيوني لن تغير من حقيقة كون القدس للأمةالإسلامية والعربية.
وهذا الإيمان بحقنا في القدس يجعلنا نؤكد الفتاوى التي سطرها العلماء والمجامع الشرعية المختلفة المؤكدة وجوب نصرة القدس وأهلها بكل الوسائل الممكنة، لا سيما دعم القطاعات الحياتية للمقدسيين في سبيل استقلالهم عن منظومة الاحتلال.
ب– لا ينوب أي فرد أو جهة عن الأمة في التصرف بحق الأمة في القدس، ولا يملك التنازل عن شبر من المدينة المقدسة.
ج– يدعو الاتحاد الحكومات العربية والإسلامية إلى تحمل الأمانة المنوطة بأعناقها تجاه مقدسات الأمة، ومن سبل تحمل هذه الأمانة الدفاع عن المقدسات، وعن الشعب الفلسطيني المعرض للاجتثاث من القدس، كما يدعوها أن لا تفرط بالأقصى والقدس، و أن لا تمنح الغطاء لمن يفرط بهما.
د– يدعو الاتحاد مكونات الأمة المختلفة، وفي مقدمتها العلماء إلى بذل كل الوسع؛ لمنع الاحتلال من تقسيم المسجد الأقصى أو السيطرة عليه، ولوقف مسلسل الانتهاكات و الاقتحامات اليومية للأقصى.
هـ — إن مقاومة المحتل حق مشروع في جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، ولذلك يدعو الاتحاد إلى الحفاظ على سلاح المقاومة في فلسطين عامة، وفي غزة خاصة، و يشجب كل دعوة إلى نزع سلاح المقاومة؛ لأن ذلك من الإعداد المطلوب شرعاً، قال تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير} الأنفال: 60.
وفي هذه اللحظة التاريخية الفارقة يحيي علماء الأمة الأسلامية جهاد الشعب الفلسطيني ومقاومة الشعب الفلسطيني الباسل وبخاصة أهلنا في القدس والمقدسيات الماجدات ضد المحتل الصهيوني في القدس الشريف وغزة وفلسطين كلها، ويعتبرون هذا الصمود الأسطوري بداية تحرير الأرض الفلسطينية والمقدسات بعون الله تعالى، ويناشدون الأمة الإسلامية بكافة مكوناتها ودولها وعلى رأسها القادة والعلماء وكل الشعوب والقوى الحية أن تستكمل مسيرة التحرير، متعاونين متعاضدين حتى يصلي الجميع في المسجد الأقصى المبارك، محررين منتصرين، وقد دعا الاتحاد في بيانه الأخير إلى النفير العام لإنقاذ الأقصى، ويؤكده المجلس في بيانه ويدعو أبناء فلسطين إلى المضي قدماً في وحدتهم ووفاقهم؛ تحقيقاً لقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} الأنفال: 46
و — يدعو الاتحاد الأمة الإسلامية إلى إعادة تعمير غزة بعدما دمرها العدوان الصهيوني، ويعتبرها فريضة شرعية على جميع القادرين، وجزء اً من واجب الوفاء لأهلها المجاهدين.
يدعو المجلس العلماء جميعاً إلى تبني مشروع النهوض بالأمة فيما يخص القدس الشريف وفلسطين من مشروعات وبرامج ناهضة.
– مصر.
يستحضر العلماء ما جرى في مصر من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بالقتل والاعتقال والتعذيب لآلاف من المعتقلين، وأحكام الإعدامات والمحاكمات العبثية التي أدانتها المنظمات الحقوقية والضمائر الحية في العالم، والمحاكمات الغريبة التي تجعل البريء مجرماً، والمجرم بريئاً.
وفي هذا السياق يؤكد العلماء الحاضرون على حرمة هذه الانتهاكات، ويطالبون بإطلاق سراح جميع المعتقلين الأحرار الذين مارسوا حقوقهم عبر منهج سلمي كفلته لهم الشرائع الدينية والمواثيق الدولية ، كما يطالبون بسرعة إيقاف كافة أحكام الإعدام العشوائية الصادرة في حق المتهمين ظلماً في قضايا الرأي والحريات في مصر وبخاصة العلماء والشيوخ والشباب والنساء الذين هم طليعة الأمة وخيرة أبنائها ، وكافة الأحكام الجائرة التي صدرت في ظل الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر منذ 3 يوليو 2013م .
ويرى الاتحاد أن الحل هو في الاحتكام إلى الشعب واحترام إرادته الحرة من خلال عودة الشرعية، والمصالحة الشاملة.
– اليمن.
يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقلق بالغ ما يجري في اليمن من سيطرة الحوثيين عليه، ومن سقوط هيبة الدولة والعبث بمقدراته وما آل إليه من أوضاع مؤلمة واضطرابات تهدد وجوده وبقاءه، ويدعو الشعب اليمني كافة إلى تبني مخرجات الحوار الوطني الشامل؛ لبناء دولة حديثة موحدة، تنطلق لتأخذ مكانتها بين حضارات العالم الحديث؛ وليبقى اليمن مأزر الإيمان والحكمة، ويحث الأطراف المتنازعة فيه إلى تغليب مصلحة الوطن والمواطنين ويهيب بها أن لا تنْجر وراء المصالح الذاتية والطائفية البغيضة، فتسيل دماء العباد، وتدمر البلاد.
– سورية.
لا يخفى على حصيف أن ما يجري في سورية هو حرب إبادة مقيتة، راح ضحيتها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، ومن نجا من آلة القتل منهم حصدته آلة التشريد، وفي هذا السياق يؤكد الاتحاد على الآتي:
أ– أن مصدر الإرهاب هو النظام السوري الذي يقتل شعبه، وأن الإرهاب لن ينتهي مادام سببه موجوداً.
ب– يجب على شرفاء العالم وأصحاب الضمائر الحية أن يقفوا إلى جانب الشعب السوري في محنته التي تحرق الأخضر واليابس، ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم.
ج — يدعو الاتحاد فصائل المعارضة السورية إلى توحيد صفوفها لكسر شوكة الطغيان، وإسهاماً في تحقيق الخلاص من ويلات الحرب.
د– يدعو الاتحاد الدول التي لا تزال تساند النظام السوري إلى التخلي عن دعمه ومساندته، كما يدعوها إلى الوقوف إلى جانب المعارضة التي تتسم بالديمقراطية.
هـ — يدعو الاتحاد الدول التي لجأ إليها الشعب السوري أن تقدم له ما يحتاجه من المرافق التعليمية والصحية، وأن تكون تلك الدول وحكوماتها بعد الله تعالى عوناً للشعب السوري ونصيراً.
و — يدعو الاتحاد الشعب السوري الذي لجأ إلى دول الجوار إلى الالتزام بقوانين تلك الدول واحترام أنظمتها، والتعاون مع أفراد شعبها، حفاظاً على الأخوة الإيمانية، وأن لا يكون مصدر قلق ومبعث الاضطرابات في تلك الدول.
– العراق.
إن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من خلال مراقبته المستمرة للخطورة التاريخية المأساوية التي تمر بأمتنا، يوجه نداءه المخلص إلى اخوته العراقيين جميعاً بما يطلبه منهم دينهم ووطنهم وأمتهم أن ينهوا هذا الصراع الدموي الكارثي الذي تنفخ في كيره القوى الطاغوتية المتربصة بوحدة بلدهم ومستقبل أبنائهم ولذلك يطالب الاتحاد الحكومة العراقية التي شكلت بتوافق القوى السياسية أن تقوم بواجبها بالإيفاء بالعهود ومعالجة المأساة وإقامة العدل والبعد عن المنهج الطائفي المقيت، وبناء المؤسسات المدنية والعسكرية على الكفاءة وعدم تهميش طائفة دون طائفة أخرى، ويناشد الاتحاد الجميع ببذل كل ما في وسعهم بعودة الأمن والأمان والاستقرار للعراقيين جميعاً.
إن المهمة الكبرى في إطفاء نار هذه الفتنة الهوجاء تقع على عاتق المرجعيات الدينية والأطراف السياسية في حماية أبناء الشعب العراقي جميعاً وإنهاء الاغتيالات والقتل الجماعي والتهجير القسري وهدم البيوت ومساجد الله التي تقوم بها الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية.
إن العراق يحتاج اليوم إلى جهود أبنائه في توحيد الصف وبناء الوطن، والبدء الفوري بمصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداً، للوقوف صفاً واحداً أمام المؤامرات الخارجية الطامعة في أرضه وثرواته الهائلة، والتخطيط لتمزيق أوصاله، وانهاء دوره الإسلامي مع إخوانه لكبح جماح اعتداءات الصهاينة وإفشال المشروع الصهيوني الخطير.
– الصومال.
يشيد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالخطوات التي تمت في الصومال؛ لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.
يدعو الاتحاد نداء عاجلاً للعالم الإسلامي والمنظمات والمؤسسات الإغاثية إلى دعم الصومال مادياً ومعنوياً للخروج من أزمته والوصول إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار والتنمية الشاملة في مواجهة الجفاف الذي يأخذ دوره في الصومال.
– شبه القارة الهندية:
يعرب المجلس عن استيائه وقلقه الشديدين إزاء ما يشهده القطر الإسلامي الشقيق بنجلاديش من انتهاك لحقوق الانسان و أحكام جائرة وسياسات انتقامية ضد أصحاب الفضيلة العلماء وعامة المسلمين. لقد ناشد الاتحاد مرارا وتكرارا الحكومة البنجلادشية أن تلتزم بمبادئ العدل والقسط مع من يعارضها في الرأي او الانتماء . لكن المؤسف أن محاكم خاصة أنشئت لتصدر أحكام الاعدام والسجن المؤبد ضد من يشهد لهم المسلمون بالصلاح والوسطية والالتزام بتعاليم الاسلام .
ويؤكد الاتحاد على ضرورة إنهاء المحاكمات الجائرة وإلغاء العقوبات التي انتقدتها معظم منظمات حقوق الانسان مطالبا الحكومة والمعارضة على فتح صفحة جديدة من الحوار والوفاق الوطني حتى يستطيع الشعب البنجلاديشي الشقيق الخروج من نفق الفقر والجهل والفساد ويعيش الجميع هناك حياة كريمة ويسود الامن والاستقرار .
– كشمير:
يطالب الاتحاد الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والأمة الاسلامية ببذل كل ما في وسعها لإنهاء مآسي الشعب الكشميري المضطهد .
ولقد أكدت العقود الستة الماضية أن حل قضية كشمير لن يكون إلا بإعطاء الشعب الكشميري حقوقه المشروعة تطبيقا لقرارات الأمم المتحدة .
– باكستان:
يطالب الاتحاد الولايات المتحدة الامريكية بوقف غاراتها على المناطق الباكستانية فإن هجمات الطائرات بدون طيار أدت وتؤدى الى قتل الأبرياء وتثير النعرات الانتقامية، وهي جريمة مخالفة للأعراف والقوانين الدولية .
يطالب الاتحاد جميع الدول في شبه القارة الهندية التي فيها أقليات إسلامية بأن يحافظوا على حقوقهم الدينية والاجتماعية والسياسية في إطار حقوق الإنسان وكرامته.
– تونس
يقدم مجلس الأمناء تهانيه الحارة إلى الشعب التونسي بنجاح الانتخابات التي تمت، وبانتهاج النهج الديمقراطي السلمي، وبهذه المناسبة يطالب المجلس الشعب التونسي وجميع الأحزاب والتيارات السياسية والمكونات المدنية بالتعاون من أجل استكمال المسار الانتقالي الديمقراطي في اتجاه تحقيق أهداف ثورة الحرية والكرامة للشعب التونسي، والحفاظ على الوحدة الوطنية، وتعزيز الهوية العربية والإسلامية، وعدم الرجوع إلى منظومة البغي والاستبداد والفساد بأنواعه المختلفة، وحماية الحريات العامة.
ويحذر الاتحاد من مغبة العودة إلى العهد القديم والاستبداد والدكتاتورية التي عانى منها الشعب التونسي وثار ضدها وبذل في سبيلها التضحيات الجسام.
– ليبيا
يؤكد الاتحاد على أهمية توافق الشعب الليبي على مبادئ جامعة لحماية ثورتهم، ويرى الاتحاد أهمية احترام حكم المحكمة العليا في ليبيا في النزاع الدستوري وتناشد الأمم المتحدة دعم واحترام أحكام المحكمة العليا.
ويثمن الاتحاد كافة الجهود التي تدعو إلى الحوار والتوافق والمصالحة الوطنية، ويدعم مبادرة الجزائر الهادفة إلى حفظ الدماء ومنع التدخل الأجنبي والمصالحة بين الليبيين.
سابعاً: شأن الأقليات المسلمة في البلاد غير الإسلامية
إزاء ما تتعرض له الأقليات العرقية والدينية في أكثر من موطن من العالم من حروب إبادة واستئصال وتهجير يحملهم على التغيير القسري لدينهم ولغاتهم وثقافتهم، والمصادرة لأبسط مقومات حياتهم، وبخاصة ما تتعرض له الأقلية المسلمة في أفريقيا الوسطى وميانمار، فإن العلماء يستنكرون أشد الاستنكار هذه التصرفات، ويطالبون العالم الحر برفع الظلم عنهم، ومساعدتهم للخروج من هذه المحن .
وفي هذا السياق يوصي المجلس الأقليات المسلمة بالالتزام بمقتضيات المواطنة في البلاد التي يعيشون فيها؛ احتراماً للقوانين، وقياماً بالحقوق وأداءً للواجب، وحرصاً على المصلحة العامة.
كما يسر الاتحاد أن يتوجه بالشكر والتقدير إلى حكومات البلاد التي تضمن للأقليات حرية الدين والفكر والرأي، كما يُثَمِّنُ جهود تلك الحكومات التي ترعى الأقليات، وتوفر لها سبل العيش الرغيد، في ظل الحقوق الكاملة.
ثامناً: دعوة الأمة الإسلامية بما يزيل فرقتها وتخلفها.
يدعو مجلس الأمناء الأمة الإسلامية حكامها وشعوبها وعلماءها ومفكريها وجميع السياسيين إلى بذل كل ما في وسعهم لعلاج ما آلت إليه أوضاع أمتنا من التفرق والتمزق، والتخلف، والعنف والإرهاب، والفقر والبطالة بين الشباب.
ولذلك يحملهم المجلس المسؤولية أمام الله تعالى ثم أمام التاريخ، ويناشدهم بقوة أن يخلصوا النية لله تعالى، ويقوموا بمصالحة شاملة بين جميع مكونات الأمة على أساس العدل والحرية والكرامة والمواساة، وأن يبذلوا جهودهم لإزالة أسباب تلك المشاكل والمصائب وأن يوجهوا كل طاقاتهم للنهوض بأمتنا في جميع مجالات الحياة الفكرية والعلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، ويدعوهم إلى التعاون على البر والتقوى، وإلى التعاون والتكامل والوحدة وأن يستعملوا نعم الله تعالى في شكر الله تعالى لصالح التنمية الشاملة، والإبداع، والاهتمام الكبير بالإتقان والالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية، والإبداع والحضارة والرقي كما كانت عليه أمتنا في القرون الأولى، كما أن من أهم واجباتنا جميعاً الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر الرحمة بين العالمين، حتى تصبح أمتنا كما أراد الله لها ( خير أمة أخرجت للناس) وأن تكون كجسد واحد كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) رواه مسلم وغيره.
وفي الختام لا يسعنا ونحن في ظلال الدوحة الوارفة إلا أن نقدم شكرنا وتقديرنا لقطر أميراً وحكومة وشعباً على احتضانه للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومواقف قيادته المشرفة نحو أمته الإسلامية، حفظهم الله ووفقهم للمزيد.
والشكر موصول لكل من ساهم في التنظيم والإعلام والاستقبال ولإدارة هذا الفندق، ثم إليكم أصحاب الفضيلة أعضاء مجلس الأمناء فجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
الاجتماع الثاني لمجلس الأمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
7 – 8 صفر1436 الموافق 29 – 30 نوفمبر2014