الحلول
والمخارج الفقهية لهذه الحالات الاستثنائية :

 

  لا شك أن الحل الجذري للتضخم وآثاره يكمن في
القضاء على التضخم نفسه من خلال إصلاح السياسة المالية والسياسة النقدية من حيث
إصدار النقود والسيطرة عليها، والحرص الشديد عل تحقيق العدل وعدم الإِضرار بالأفراد
عن طريق التضخم، ثم التحلي بسياسة رشيدة للحكومات الإِسلامية تأخذ بالوسائل
المشروعة للحماية من التضخم، والقضاء على أسبابه وجذوره ثم تقديم الحلول الناجعة
للوصول إلى القضاء المبرم على التضخم ومعالجة آثاره، ولا شك أن هذه المهمة يكتنفها
الصعوبة من كل الجوانب، لكنها هي الحل الوحيد إذا أردنا الخروج من هذه الأزمة
الخانقة، ولكنه مع ذلك لا ينبغي أن تترك الاثار الخطيرة على الأفراد دون حل فقهي،
ولا سيما أن هذا الحل الجذري ليس بأيدينا، ولا طاقة لنا به، كما أن الفقه أيضًا هو
طرح العلاج للواقع وليس لما ينبغي أن يقع.

ومن
هذا المنطلق نذكر كل الحلول الفقهية الممكنة لعلاج آثار التضخم على الأفراد:

 

الحل
الأول: اعتبار النقود في الحالات الاستثنائية قيمية

 

وهذا
الحل يتفرع منه عدة طروحات:

الطرح
الأول: يقوم على مبـدأ مثلية النقود الورقيـة ــ كقاعدة عامة، وأصل عام ــ وقيمية
النقود في حالات الانهيار، والغلاء أو الرخص الفاحش في جميع العقود والالتزامات
الاجلة من بيع وقرض ومهر وإجارة ونحوها.

وهذا
الطرح يقوم على أساس أن جميع العقود والالتزامات الاجلة الواقعة على نقد ورقي ثم
تنهار قيمته أو تزيد، أو تنقص (زيادة، أو نقصانًا فاحشًا) في وقت الأداء تكون
صحيحة، ولكن الأداء يكون حسب قيمته يوم العقد، ثم إن المعيار للتقدير هل يكون حسب
قيمته المساوية للذهب، أو السلع الأساسية، أو للعملات المستقرة موضوع آخر يأتي بعد
إقرار الموضوع الأول، ويكون محل بحث ونظر ونقاش.

الثمنية
تعذر ردها كما قبض فيجب رد قيمتها[1].

وعلل
الفقهاء السابقون في التفرقة بين النقود الذاتية وبين النقود الاصطلاحية بأن
الثمنية في الأخيرة مرتبطة برواجها وقيمتها فإذا لم يتحقق ذلك بأن بطل وصف الثمنية
تعذر ردها كما قبضها فيجب رد قيمتها، وهذا لأن القرض وإن لم يقتض وصف الثمنية لكنه
لا يقتضي سقوط اعتبارها إذا كان المقبوض قرضًا موصوفًا بها، لأن الأوصاف معتبرة في
الديون، لأنها تعرف بها[2].

 

LinkedInPin