4- التغيير في سياسة جباية الأموال الظاهرة والباطنة :
كانت سياسة الخليفتين الراشدين أبوبكر الصديق وعمر رضي الله عنهما تسير على جباية الأموال الظاهرة ، والباطنة ، ثم رأى الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن بَكٍلَ أمر زكاة الأموال الباطنة ( النقود وعروض التجارة ) إلى أصحابها ويبدو ان أحد الأسباب هو الغنى الذي تحقق للأمةا لإسلامية خلال عصر عثمان رضي الله عنه حتى قَلّت نسبة الفقراء الذين يراجعون الدولة لأخذ نصيبهم من الزكاة ومن هنا أرجع أمر دفع زكاة الأموال الباطنة إلى أصحابها .
وهذه المسألة خلافية ، وقد صدرت بشأنها فتوى من الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة نصت على :
ثالثا: مشمولات الأمور الظاهرة والباطنة في العصر الحديث:
1- تقسيم الأموال الزكوية إلى ظاهرة وباطنة محل اتفاق بين العلماء وتبنى عليه أحكام فقهية مختلفة.
2- الأموال الظاهرة: يجوز لولي الأمر أن يجبي زكاتها جبرا ولا يقبل من صاحبها ادعاءه بأنه قد أدى زكاتها بنفسه إلى المستحقين مباشرة، هذا إذا كان ولي الأمر يأخذ الزكاة من أرباب الأموال بحقها ويصرفها في مصارفها الشرعية.
3- الأموال الباطنة زكاتها موكولة لأمانة أصحابها، فلهم أن يؤدوها إلى مستحقيها مباشرة أو يأتوا بها طواعية إلى الجهة المختصة التي تصرفها في مصارفها الشرعية، وليس لولي الأمر سلطة التفتيش عن هذه الأموال وتتبعها لدى الأفراد.
4- السوائم والزروع والثمار أموال ظاهرة بالاتفاق.
5- النقود والذهب والفضة والقروض والاعتمادات المستندية والأرصدة المصرفية الخاصة بالأفراد تعد أموالا باطنة.
6-أموال شركات المساهمة تعتبر أموالا ظاهرة.
7- تداول المشاركون في الندوة أصنافا أخرى من الأموال ورأوا تأجيل البت فيها إلى ندوات قادمة وهي:
أ – عروض التجارة
ب – السندات الخاصة والحكومية
ج – أموال الشركات الأخرى غير شركات المساهمة
د – هل لولي الأمر أن يترك نسبة من الأموال الظاهرة لأرباب الأموال ليصرفوها بمعرفتهم إلى مستحقيها؟]
وفي عصرنا الحاضر تستطيع الدولة الإسلامية أن تأخذ من السياستين ، بل لها الحق أن تختار منهما في كل عام ما يتناسب مع المصالح العامة وبذلك تستطيع التحكم أيضاً في حجم جباية الزكوات .
5- التغيير في صرف الزكاة في موقعها ( نقل الزكاة ) :
وهي مسألة خلافية بين الفقهاء ، وفيها تفصيل لا يسع المجال للولوج فيه ، ولكن الذي يهمنا أن الدولة تستطيع أن تستفيد من هذا الخلاف حيث تستطيع أن تضع إحدى السياسات الثلات ، وهي :
أ. سياسة عدم جواز النقل مطلقاً .
ب. سياسة النقل مطلقاً حسب المصالح .
ج. سياسة اعتبار عدم النقل هو الأصل ، وجواز النقل في حالات معينة .
وهي التي صدرت فيها فتوى الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة ، حيث نصت على أنه : [ مع مراعاة ما ورد في القرار ( 5هـ ) للمؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية من أن الزكاة تعتبر أساسا للتكافل الاجتماعي في البلاد الإسلامية كلها، فإن الأصل الذي ثبت بالسنة وعمل الخلفاء هو البدء في صرف الزكاة للمستحقين من أهل المنطقة التي جمعت منها، ثم ينقل ما فاض عن الكفاية إلى مدينة أخرى باستثناء حالات المجاعة والكوارث والعوز الشديد فتنقل الزكاة إلى من هم أحوج، وهذا على النطاق الفردي والجماعي. كما يجوز على النطاق الفردي نقلها إلى المستحقين من قرابة المزكي في غير منطقته.]
ثم صدرت فتوى أخرى من الندوة الثانية ذكرت الضوابط والحالات ، وهي : [ أولا: الأصل في صرف الزكاة أن توزع في موضع الأموال المزكاة- لا موضع المزكي ويجوز نقل الزكاة من موضعها لمصلحة شرعية راجحة. ومن وجوه المصلحة للنقل:
أ – نقلها إلى مواطن الجهاد في سبيل الله.
ب – نقلها إلى المؤسسات الدعوية أو التعليمية أو الصحية التي تستحق الصرف عليها من أحد المصارف الثمانية للزكاة.
ج – نقلها إلى مناطق المجاعات والكوارث التي تصيب بعض المسلمين في العالم.
د – نقلها إلى أقرباء المزكي المستحقين للزكاة.
ثانيا: نقل الزكاة إلى غير موضعها في غير الحالات السابقة لا يمنع أجزاءها عنه ولكن مع الكراهة بشرط أن تعطي إلى من يستحق الزكاة من أحد المصارف الثمانية.
ثالثا: موطن الزكاة هو البلد وما بقربه من القرى وما يتبعه من مناطق مما هو دون مسافة القصر ( 82 كم تقريبا ) لأنه في حكم بلد واحد.