صورتا التأمين الاسلامي :
يقوم التأمين الإسلامي على مبدأ التعاون والتبرع بلا شك ، وان التأمين التعاوني البسيط الذي ذكرناه هو جزء منه وان التأمين التعاوني المركب أيضاً يمكن اعتباره تأميناً إسلامياً إذا خلا من الربا ومن أية مخالفة شرعية أخرى .
ويمكن تعريف التأمين الإسلامي بأنه اتفاق بين شركة التأمين الإسلامي باعتبارها ممثلة لهيئة المشتركين (حساب التأمين ، أو صندوق التأمين) وبين الراغبين في التأمين (شخص طبيعي أو قانوني) على قبوله عضواً في هيئة المشتركين والتزامه بدفع مبلغ معلوم (القسط) على سبيل التبرع به وبعوائده لصالح حساب التأمين على أن يدفع له عند وقوع الخطر طبقاً لوثيقة التأمين والأسس الفنية والنظام الأساسي للشركة .
والتأمين الإسلامي السائد في عالمنا الإسلامي يقوم على مبدأ التعاون والتبرع ولكنه يختلف عن التأمين التعاوني البسيط والمركب من حيث الهيكلة الإدارية والفنية حيث إن التأمين الإسلامي تشكل هيكلته الفنية والإدارية إما على أساس الوكالة بدون أجر ، أو الوكالة بأجر :
الصورة الأولى : على أساس الوكالة بدون أجر، حيث تتكون من مرحلتين :
المرحلة الأولى : قيام مجموعة المساهمين بتشكيل شركة مساهمة عامة ، او مقفلة لأجل القيام بالتأمين التعاوني الإسلامي ، أي يكون غرضها الأساس هو القيام بالتأمين على أساس الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، ويكون النظام الأساسي والعقد التأسيسي ينصان على الالتزام بما يأتي :
مبدأ التبرع والتعاون ، أي أن حملة الوثائق يتبرعون بالأقساط المقدرة وعوائدها لصالح صندوق التأمين التعاوني او حسابه الخاص به .
أحكام الشريعة الإسلامية ، وفي سبيل تحقيق ذلك تشكل هيئة الفتوى والرقابة الشرعية ، تكون فتاواها ملزمة للإدارة ، ويكون لها حق الرقابة والتدقيق الشرعي والاطلاع على كل ما يحقق أهدافها .
أن الشركة وكيلة في إدارة أعمال التأمين الإسلامي دون أجر ، وهذا ما عليه الشركة الإسلامية القطرية للتأمين . وعلى ضوء ذلك تكون جميع المصاريف الإدارية إضافة إلى التعويضات تؤخذ من أموال حملة الوثائق وأرباحها ، (حساب التأمين) .
أن الشركة تنشئ حساباً مستقلاً لأموال حملة الوثائق وعوائدها ، وعملياتها ومصاريفها وتعويضاتها وفوائضها ، ويكون هذا الحساب منفصلاً عن حساب الشركة فصلاً كاملاً يسمى حساب التأمين أو صندوق التأمين ، أو حساب هيئة المشتركين.
أن فوائض التأمين ملك لحساب التأمين (حملة الوثائق) وأن جزءاً منه يوزع على حملة الوثائق بناء على لوائح تنظم ذلك .
قيام الشركة باستثمار أموال الحساب الخاص بالتأمين على أساس المضاربة الشرعية ، ومن هنا لا بد من النص في العقود الخاصة بأعمال التأمين على النسبة المطلوبة من الربح المحقق لكل من الطرفين.
إن المساهمين بإنشائهم لشركة التأمين التعاوني ـ كما تقول فتوى هيئة بنك فيصل السوداني ـ فإنهم يوفرون لأنفسهم خدمة التأمين التعاوني ، كما أنهم يتيحون للغير الاستفادة من هذه الخدمة ليتفيأ الجميع بظلال مؤسسة اقتصادية إسلامية هامة .
وبذلك يكتسبون الأجر العظيم عند الله تعالى ، وهم مع ذلك يستفيدون مما يأتي :
عوائد رأس مال الشركة المستثمر استثماراً شرعياً .
نسبتهم من عوائد استثمارات أموال المستأمنين (حساب التأمين) .
الأجرة التي يحصلون عليها في مقابل إدارتهم لحساب التأمين إذا كانت الوكالة بأجر.
زيادة قيمة أسهمهم بسبب نجاح الشركة ، فمثلاً سهم الشركة الإسلامية القطرية للتأمين الذي دفع فيها المساهم عشرة ريالات بلغت قيمته مائتي ريال أي عشرين ضعفاً بفضل الله تعالى .
أن ذمة الشركة ـ من حيث هي ـ ليست ملزمة بالتعويض أصالة وأن أموالها ليست في مواجهة التزامات التأمين ، وإنما جميع التزامات التأمين يتحملها صندوق التأمين ، أو حساب التأمين ، ولكن الشركة وكيلة بالاقتراض أيضاً ، بحيث إذا لم تكف الأموال المتوافرة في حساب التأمين ، والتزامات شركات إعادة التأمين ، فإن الشركة تمنح قرضاً حسناً مناسباً لحساب التأمين يسترجع بما يعد حسب اتفاق في وقته .
أن الشركة من خلال حسابها الخاص بها تتحمل مصاريفها الخاصة بها ، ويعود إليها ربح أموالها .
أفضلية مشاركة ممثلي حملة الوثائق في الإدارة (كما سيأتي).
وبعد اكمال الاجراءات الرسمية التي تقتضيها القوانين المنظمة للشركات في كل بلد ، وشهرها وإنشاء حساب أو صندوق خاص بالمشتركين واعتباره بحكم النظام الأساسي والقانون ، تبدأ المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية : قيام الشركة نيابة عن حملة الوثائق بترتيب العقود والوثائق ، وفتح الحساب وتنفيذ المبادئ السابقة ، حيث تبدأ بعد ذلك عمليات التأمين .
الصورة الثانية : متفقة في كل الخطوات مع الصورة الأولى إلا في شيء واحد ، وهو ان تقوم الشركة بإدارة أعمال التأمين وحساب التأمين على أساس الوكالة بأجر .
ولكن لتحديد الأجر هناك طريقتان :
الطريقة الأولى : أن تقوم الشركة بتحديد الأجر على أساس الدراسات والاحصائيات التي تبين أن المصاريف الإدارية لأعمال التأمين في حدود مليون ريال ـ مثلا ـ وتضيف إليها نسبة مناسبة مثل 200,000 ريال ، فيتم الاتفاق على أن تكلفة الإدارة مثلاً هي 1,200,000 ريال وعلى ضوء ذلك لا يتحمل حساب التأمين سوى هذا المبلغ لأجل المصاريف الإدارية .
الطريقة الثانية : أن تحدد الشركة نسبة من الأموال التي تدخل في حساب التأمين في بداية العام إلى آخره لأجل المصاريف الإدارية مثل 10% وهذه الطريقة لا تخلو من إشكالية ربط العمولة بالمبلغ الذي قد يثير مسألة الذريعة إلى الربا ، لأن الأصل في العملات أن تربط بالعمل وليس بالمبلغ ، ولذلك لا نفضلها.
وفي كلتا الطريقتين تقع على مسؤولية الشركة كل المصاريف الإدارية .
الفروق الأساسية بين التأمين الإسلامي الحالي وبين التأمين التعاوني وبالأخص التعاوني المركب ، هو أن التأمين التعاوني المركب تمثله جمعية تعاونية تمثل حملة الوثائق فليس هناك إلاّ حساب واحد ، وجمعية وذمة واحدة تمثل جميع الذين يعتبرون مساهمين متعاونين ، ولذلك قد تكون الأقساط غير ثابتة ، بحيث إذا لم تكتف الأقساط المدفوعة يطلب منهم الزيادة ، وهذا أيضاً جائز إذا لم يكن هناك لابا ، أو محظور شرعي آخر ، في حين أن التأمين الإسلامي يقوم على أساس وجود شركة مساهمة لها أموالها وحسابها الخاص ، ولكن لها الحق في مزاولة التأمين التعاوني الإسلامي من خلال ما ذكرناه سابقاً ، ويكون بجانب هذا الحساب حساب خاص للتأمين وجميع أنشطة التأمين .
والفرق الثاني أن التأمين الإسلامي ليس ملتزماً بمبدأ التبرع والتعاون فحسب ، بل ملتزم بأحكام الشرع جميعها ، أما التأمين التعاوني الغربي فليس ملتزماً بذلك بأحكام الشرع .
الفروق بين التأمين الإسلامي والتأمين التجاري فجوهرية وكثيرة من أهمها :
-
التأمين الإسلامي : يقوم على التعاون وليس فيه الربا بنوعيه الفضل والنسيئة ، ولا يستغل ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية ، وان الغرر لا يؤثر في عقود التبرعات ، أما التأمين التجاري : فلا يخلو من الربا والغرر والجهالة والمقامرة ، ولذلك قال الفقهاء بحرمته .
-
التأمين الإسلامي : العلاقة بين المؤمن والمستأمنين تقوم على التبرع وذلك عن طريق اسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لمن يصيبه ضرر ، أما التأمين التجاري : فالعلاقة بين الشركة والمستأمنين تقوم على المعاوضة، فالمستأمن يأخذ مبلغ التأمين عند وقوع الخطر مقابل دفع قسط التامين ، والمؤمن يأخذ قسط التأمين مقابل تعهده بدفع مبلغ التأمين عند وقوع الخطر .
-
التأمين الإسلامي : أصل قيمة القسط المدفوع يعود لصاحبه (المستأمن بعد استقطاع حصته من التعويضات والمصروفات وإعادة التأمين) ،وهذا ما يسمى بالفائض ، اما التأمين التجاري : فلا يعود أصل أو أي جزء من قيمة القسط المدفوع بأي حال من الأحوال إلى المستأمن، لأنه دخل في ملكية الشركة .
-
الشركة في التأمين الإسلامي لا تتملك الأقساط ، وإنما هي تكون ملكاً لحساب التأمين المنقل عنها ، أما الشركة في التأمين التجاري فتتملك الأقساط وتدخل في ملكيتها .
-
التأمين الإسلامي : عوائد استثمار أصول الأقساط تعود إلى حساب التأمين بعد استقطاع حصة الشركة كمضارب ، أما التأمين التجاري : فعوائد استثمارات أصول الأقساط لصالح الشركة التجارية فقط دون غيرها .
-
التأمين الإسلامي : الهدف منه تعاون أفراد المجتمع ، اما التأمين التجاري : فتهدف الشركة إلى تحقيق أعلى ربحية لأصحابها .
-
التأمين الإسلامي : أرباح الشركة ناتجة من استثماراتها لأموالها الذاتية وحصتها كمضارب في عوائد الاستثمار أو أجرها باعتبارها وكيلة في الصورة الثانية التي ذكرناها، اما التأمين التجاري : فأرباح الشركة ناتجة من عملياتها ومن استثماراتها ، أو فوائدها الربوية ، ومن بقية الأقساط بعد المصاريف والتعويضات .
-
التأمين الإسلامي : أموال المستأمنين في صندوق خاص بهم أو حساب خاص بهم ، أما التأمين التجاري : فليس هناك حساب خاص بالمستأمن لأن الأقساط كلها تصبح ملكاً للشركة بمجرد العقد والدفع.
-
التأمين الإسلامي : المؤمن والمستأمن في الحقيقة واحد ، ولكنهما مختلفان من حيث الاعتبار ، اما التأمين التجاري : فالشركة هي المؤمنة وهي تختلف عن المستأمنين من حيث الذمة وغيرها .
-
الشركة في التأمين الإسلامي صفتها في التعاقد أنها وكيلة عن حملة الوثائق ، واما الشركة في التأمين التجاري فهي طرف أصيل في التعاقد ، فتعقد عقد التأمين لنفسها ، وباسمها ولصالحها .
-
المستأمن في التامين الإسلامي حريص على عدم وقوع الحوادث لأن آثار عدم وقوعها ، او التقليل منها تعود عليه من حيث استرجاع الفائض وتوزيعه عليه وعلى بقية المستأمنين ، أما المستأمن في التأمين التجاري فلا يهمه ذلك لأنه دفع القسط ، ولن يرجع إليه شيء سواء صدر منه حادث أم لا ، وفي ذلك تعويد على تربية استهلاكية ، بل تربية غير مسؤولة على عكس الأول .
القرارات والفتاوى الصادرة في هذه الفروق :
القرار الخامس للمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ذكر الفروق الآتية :
(الأول : أن التامين التعاوني من عقود التبرع …فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم ، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم ، والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني : خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه : ربا الفضل وربا النسيئ ، فليست عقود المساهمين ربوية ، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية)[1] .
الفتوى رقم 12/11 لندوة البركة الثانية عشرة للاقتصاد الإسلامي تتلخص في : أن الشركة تمسك حسابين منفصلين أحدهما لاستثمار رأس المال ، والآخر لحسابات أموال التأمين ويكون الفائض التأميني حقاً خالصاً للمشتركين (حملة الوثائق) .
وقد أجمعت المجامع الفقهية ، والندوات الاقتصادية ، والفتاوى الصادرة من الهيئات الشرعية لشركات التأمين الإسلامي ، والمصارف الإسلامية على أن التأمين الإسلامي يقوم على عقد التبرع ، والتعاون ، وأن التأمين التجاري يقوم على الاسترباح من عملية التأمين نفسها ، حيث تكون الأقساط كلها ملكاً للشركة[2] .
فتوى الهيئة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي ذكرت أن المؤمنين هم المستأمنون في التأمين التعاوني في حين أن المؤمن عنصر خارجي في التأمين التجاري ، وأن الشركة في التأمين التجاري تستغل الأقساط فيما يعود بالنفع عليها وحدها في حين أن الأقساط المدفوعة في التأمين التعاوني تستغل لصالح المستأمنين أنفسهم وأن المستأمن يعدّ شريكاً في حساب التأمين ، مما تؤهله للحصول على الأرباح الناتجة من الاستثمارات ، وأما في التأمين التجاري فالصورة مختلفة تماماً ، كما أن استثمارات التأمين الإسلامي تتم وفق الشرع ، أما التأمين التجاري فلا يأبه بالحرام .
الفتوى رقم 42 للهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار ذكرت أن التأمين التعاوني لا يقصد منه الاسترباح من الفرق بين أقساط التأمين ، وتعويضات الأضرار .
خلاصة الفروق الجوهرية بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني الإسلامي :
يمكن تنظيم هذه الفروق الجوهرية وتلخيصها فيما يأتي :
أولاًً : من حيث التكييف والتنظيم :
ان الشركة في التأمين التجاري طرف أصيل تعقد باسمها ، وتتملك الأقساط بالكامل ، وتتحمل المسؤولية بالكامل في مواجهة المستأمنين .
أما الشركة في التأمين الإسلامي فهي وكيلة عن حساب التأمين أو عن هيئة المشتركين ، فلا تعقد العقد باسمها أصالة ، ولا تتملك الأقساط كلها ، ولا بعضها ولا تدفع من مالها شيئاً إلاّ على سبيل القرض الحسن المسترد .
ثانياً : من حيث الشكل :
فالشركة في التأمين الإسلامي ليست المؤمنة أبداً ، وإنما المؤمنة هي (حساب التأمين ) ، في حين أنها هي المؤمنة وحدها في التأمين التجاري ، وأن المشتركين المستأمنين هم المؤمنون أيضاً في التأمين الإسلامي ، في حين أنهم طرف مقابل للشركة المؤمنة في التأمين التجاري .
ثالثاً : من حيث العقود :
فالعقود التي تنظم العلاقات في التأمين الإسلامي هي ثلاثة عقود :
-
عقد الوكالة بين الشركة وحساب التأمين ، (أو هيئة المشتركين) .
-
عقد المضاربة لاستثمار أموال حساب التأمين (أو المشتركين) .
-
عقد الهبة بعوض (أو النهد) الذي تنظم العلاقة بين المشتركين المستأمنين .
والتحقيق أن المشتركين في التأمين الإسلامي بمثابة المساهمين المتعاونين في حساب التأمين كله ، ولذلك ندعو إلى مشاركتهم في الإدارة ، أو ترتيب إدارة خاصة بهم تحت إشراف الشركة .
أما في التأمين التجاري فالعقد المنظم هو عقد واحد بين الشركة المؤمنة ، والمستأمنين (المؤمن لهم) يقوم هذا العقد على المعاوضة الحقيقية بين الأقساط ومبالغ التأمين .
رابعاً : من حيث ملكية الأقساط وعوائدها :
تدخل الأقساط مباشرة في ملكية الشركة في التأمين التجاري ، وبالتالي لا مجال للحديث عن ملكية عوائدها ، لأنها تابعة لها ، أما في التأمين الإسلامي فهي لا تتملكها الشركة أبداً ، وإنما تصبح ملكاً لحساب التأمين ، وأن جميع عوائدها تكون لهذا الحساب إلاّ أن الشركة تأخذ نسبتها من الربح عن طريق المضاربة الشرعية .
وأما الاحتياطات أو المخصصات فهي أيضاً مفصولة فإن كانت أخذت من أموال المساهمين فهي ملك لهم ، وإن كانت قد أخذت من أموال حملة الوثائق المشتركين فتبقى لصالحهم ، وفي الأخير تصرف في وجوه الخير ولا تعطى للمساهمين .
خامساً : وجود حسابين منفصلين فصلاً كاملاً في التأمين الإسلامي :
من أهم مميزات التأمين الإسلامي هو وجود حسابين منفصلين فصلاً كاملاً من حيث الإنشاء ، والميزانية والحسابات :
أحدهما هو حساب التأمين الذي هو وعاء لأنشطة التأمين بما فيها الأقساط ، وعوائدها ، وغرمها وغنمها ، والتعويضات والمصاريف.
والثاني : حساب المساهمين ، أو حساب الشركة الذي هو وعاء لأموالها ، وعوائدها ، ونسبتها من أرباح المضاربة لأموال حساب التأمين إن وجدت ، والتزاماتها ، غرمها وغنمها .
سادساً : من حيث الهدف :
فالهدف في التأمين التجاري هو الاسترباح من التأمين نفسه ، وتحقيق الربح من عمليات التأمين ، بحيث إذا زادت أقساط التأمين عن المصاريف والتعويضات فإن هذه الزيادة تبقى للشركة وتعتبرها ربحاً ، ولذلك كلما زادت في تقدير الأقساط كانت لمصلحتها .
أما الهدف من التأمين الإسلامي فهو التعاون فيما بين المشتركين ، وليس غرض الشركة تحقيق أي ربح من التأمين نفسه ، لأن الأقساط لا تدخل في ملكيتها أبداً ، ولا تستفيد مما يتبقى منها مهما بلغ ، لأن الأقساط تبقى خاصة بحساب التأمين ، وما تبقى فهو له ، وليس للشركة ، ولذلك لا تبالغ في الأقساط ، لأنها لا تستفيد منها .
سابعاً : مسألة الفائض ، والربح التأميني :
إن ما يسمى بالفائض في التأمين الإسلامي ليس له اسم ولا حقيقة في التأمين التجاري ، والفائض هو الفرق المتبقي من الأقساط وعوائدها بعد التعويضات والمصاريف والمخصصات،حيث يصرف كله،أو بعضه على المشتركين (حملة الوثائق) ـ كما سبق ـ.
فما يسمى بالفائض في التأمين الإسلامي الذي ملك لحساب التأمين ويصرف للمشتركين ، يسمى في التأمين التجاري ربحاً تأمينياً وإيراداً يعتبر ملكاً خاصاً للشركة ، ويدخل ضمن أرباحها.
ثامناً : من حيث تعدد العاقدين وانتهاء العقد :
التأمين التجاري يقوم على تعدد حقيقي حيث يتم بين شخصين متساومين يسعى كل واحد إلى تحقيق مصالحه ، وأن ذمة كل واحد منهما مختلفة تماماً عن ذمة الآخر ملكية والتزاماً ، هما المؤمن (أي الشركة) والمؤمن له ، وأن العقد ينتهي بالتعاقد ، ولا يبقى منه إلاّ تنفيذه من خلال دفع المستأمن أقساطه إلى المؤمن ، والتزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين في وقته ، ولم يعد للمستأمن أي علاقة بالتزامات المؤمن ، وأقساطه التي دفعها .
أما في التأمين التعاوني الإسلامي ، فالمؤمن والمستأمن في حقيقتهما واحد ، لأن الذي يمثلهما هو حساب التأمين الذي تدخل فيه الأقساط ، وتصرف منه مبالغ التأمين (فمنه وإليه) وهو حساب لهما جميعاً ، وبالتالي فلا تنتهي التزامات المستأمن المشترك بدفع ما عليه من أقساط ، وإنما له نصيب من الباقي ، وإذا حدث أن الأقساط لا تكفي ، فإن حساب التأمين يستقرض فيرده المشتركون في السنة القادمة ، وهكذا .
تاسعاً : من حيث مكونات الذمة المالية ، والاستثمار :
في التأمين التجاري تكون للشركة كلها وبجميع أنشطتها وعلى رأسها النشاط التأميني ذمة مالية واحدة تتكون مكوناتها مما يأتي :
-
رأس المال المدفوع .
-
عوائد رأس المال وفوائده .
-
الأرباح التأمينية المتحققة مما تبقى من الأقساط بعد خصم التعويضات ، ونحوها.
وهذه الذمة المالية هي المسؤولة عن كل التزامات الشركة سواء أكانت تخص النشاط التأميني أم غيره من المصاريف والتعويضات .