الدوحة في 25 نوفمبر /قنا/
عقدت حديقة القرآن الكريم بالتعاون مع مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع اليوم بمركز تعليم الطلبة في جامعة حمد بن خليفة بالمدينة التعليمية ، ندوة علمية بعنوان ” النباتات ، البيئة والنباتات وتغير المناخ” وذلك بمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر لتغير المناخ ” ” COP18 ” الذي ينطلق غدا بالدوحة ويستمر حتى 7 ديسمبر 2012 .
وناقشت الندوة عددا من القضايا والمحاور المتعلقة بالترابط بين الدين والبيئة والسلوكيات تجاه البيئة وتغير المناخ والنباتات وأنواعها وحديقة القرآن الكريم واهدافها المتميزة .
تحدث في الندوة فضيلة الدكتور علي محيى الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، نائب رئيس المجلس الأوروبي للافتاء والبحوث عن التوازن البيئي في القرآن الكريم ودور النباتات والبيئة فيه، فأشار إلى ما يوليه القرآن الكريم من عناية قصوى لعالم النبات والأشجار والجنات حتى أخذ هذا العالم مساحة واسعة من آيات القرآن الكريم قد تصل إلى حدود الثلث .
ونوه بان القرآن الكريم ذكر النبات ومشتقاته 26 مرة ، والأشجار مع مفرداتها 27 مرة ، والجنة ومشتقاتها الخاصة بالجنان والبساتين مفردا ومثنى وجمعا 147 مرة ، في حين أن أنواع النباتات من أنواع الأشجار والفواكه ، وما يأكله الإنسان والحيوان من النخيل والعنب والتين والزيتون والخضر والحب ، وغير ذلك أكثر من أن تحصى .
وأوضح فضيلته أن علماء البيئة عرفوا التوازن البيئي بأنه بقاء عناصر البيئة ومكوناتها على حالتها الطبيعية، بينما النظام البيئي هو التفاعل المنظم المستمر بين عناصر البيئة المختلفة من خلال علاقات وارتباطات أوجدها الخالق المبدع لتحقيق التوازن .
وقال إن الركيزتين الأساسيتين للاستمرار والتوازن هما المادة والطاقة ، حيث إن تفاعل الطاقة مع المادة غير العضوية يعطي مادة عضوية تبنى منها أجسام الأحياء . وارجع ظاهرة اختلال التوازن البيئي إلى عدة أسباب منها تصرفات الإنسان وأنشطته التي تتجاوز حد الاعتدال سواء في التصنيع أو صناعة بعض الأدوية والمبيدات أو القضاء على بعض الكائنات الحية.
ونبه إلى ان التدخل في البيئة بما يغير طبيعة العناصر الحية، أو غير الحية له آثار خطيرة .
ورأى أن علاج المشاكل البيئية يكمن في منع الإنسان من التصرفات الضارة بالبيئة في جميع المجالات وذلك من خلال أمور عديدة منها غرس العقيدة الصحيحة والإيمان والتقوى أو استشعار رقابة الله في كل تصرفاته وإصلاح السلوكيات من خلل التربية والتزكية وغرس القيم السامية والأخلق الفاضلة ، لا سيما الرفق والرحمة والرأفة والتربية على الامتناع عن الأخلاق السيئة وبخاصة القسوة والايذاء والافساد..
كما يشمل علاج الظاهرة إصدار تشريعات وقوانين أممية ودولية واقليمية رادعة حول التصرفات الضارة بالبيئة وتوازنها والتوعية الدينية ببيان الحكم الشرعي من حرمة الإفساد والتبذير والاسراف والجشع والطمع والسعي للربح أو تعظيمه بأي ثمن وأي تصرف لو أضر بالبيئة .. وشدد على ضرورة تحويل التوعية بالبيئة إلى ثقافة أصيلة وجزء من طبيعة الإنسان وكيانه .
أما الدكتور سيف الحجري ، رئيس مجلس إدارة مركز أصدقاء البيئة ، فتحدث عن حديقة القرآن الكريم من حيث الأنشطة والانجازات ، مستعرضا في سياق ذي صلة فكرة انشاء الحديقة وتبني هذه الفكرة من قبل مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع برعاية من صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر . وبين ان مؤسسة قطر تقوم حاليا على استكمال هذا المشروع الفريد.
وأوضح أن حديقة القرآن الكريم هي حديقة تعليمية، تجمع الأنواع النباتية التي وردت في القرآن الكريم، وتلك التي ذُكرت في السُنة والأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة. وقال إن الحديقة تقدم شرحاً علميا للمصطلحات النباتية التي وردت في القرآن الكريم والحديث وتوضيحا لها في ضوء العلم الحديث.
كما تؤكد على دعم الوعي والتوعية والبحث في المجالات البيئية المختلفة، خصوصاً تلك المتعلقة بالنباتات والبييئة. ونوه بأن الحديقة تمثل كياناً للحفاظ والحث على تقدير التراث الطبيعي والتراث الحضاري والروحي للأمة الإسلامية.
وتطرق الدكتور الحجري لرؤية الحديقة في أن تكون مركزاً عالمياً متميزاً لنشر المعرفة والتعليم والبحث ولتكون جسرا متواصلاً بين الحضارات وتعزيز المسئولية تجاه البيئة.. بينما تشمل مهمتها ضمن خطتها الاستراتيجية التي تم الانتهاء منها ، تعزير الفهم، ورفع مستوى الوعي بالأنواع النباتية، والمصطلحات المتعلقة بالنبات ومبادئ صون الطبيعة التي ذكرت في القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة، من خلال تطبيق الابتكارات العلمية، والحفاظ على قيمة التراث الطبيعي والثقافي، وعن طريق توفير فرص فريدة للاكتشاف والتعلم.
واستعرض المُكونات المُفترضة للحديقة والخطوط العريضة للتصميم والمجموعات البيئية لنباتات الحديقة التي قال إنها تضم 54 نوعاً نباتياً، تقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسة هي النباتات الصحراوية التي تنمو برياً في المناطق الصحراوية، مثل نبات الأثل، والسدر، والسمر، والصبار، والحناء، والأراك، والإذخر وغيرها من النباتات، ثم نباتات حوض البحر الأبيض المتوسط ويلزم لزراعة هذه النباتات بعض الحماية وتوفير بعض الظل ومن هذه الأنواع العنب والتين، والزيتون، والخردل، والعُصفر، والرمان ، وثالثا النباتات الاستوائية التي غالباً ما تحتاج إلى بيئات معزولة، ذات درجات حرارة ورطوبة معينة مثل الكافور، والقُسط البحري، الزنجبيل، والعود .
في السياق ذاته أكد الدكتور الحجري في مداخلة له، ان عقد مؤتمر الامم المتحدة 18 للتغير المناخي بالدوحة ، يوضح مدى التزام قطر بحماية بيئة العالم .. منوها بأن قطر وقعت على كافة الاتفاقيات ذات العلاقة بهذا الموضوع بالإضافة إلى إنشائها مراكز وآليات لزيادة الوعي والثقافة البيئية بجانب الاستثمار والانفاق في معالجة قضايا البيئة ووضع المعايير البيئية الآمنة مما يدل على أن قطر تتحمل هذه المسئولية وحريصة على حماية بيئة العالم .
وقال إن رؤية قطر وأهدافها وسياساتها البيئية بعيدة المدى وتوقيعها على الاتفاقيات المعنية ستجعلها دولة خضراء.. داعيا إلى تعاون بين الحكومات في العالم والقطاع الخاص من أجل خريطة طريق تهدف إلى التقليل من خطر الانبعاثات الدفيئة .
تحدث في الندوة ايضا الدكتور ربيع مهتار ، مدير “معهد البيئة والطاقة للأبحاث” بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع عن انبعاثات الغازات الدفيئة ودورها في تغير المناخ واهمية استخدام الطاقات البديلة والمتجددة والأمن المائي وضرورته ومشاريع إعادة استخدام المياه في قطر واستراتيجية قطر الوطنية للبحث العلمي.
ودعا إلى ضرورة تغيير السلوكيات والممارسات للمحافظة على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
كما تحدث في الندوة بعض المختصين منهم الدكتورة انيتا باتزلت ، مسئولة الحديقة النباتية العمانية والدكتور بينو بوار المستشار في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافة ” اليونسكو” الذي استعرض أنواعا عديدة من النباتات وخصائصها في البيئة القطرية وبيئة المنطقة .
ودعا الباحثين إلى الاهتمام بالأبحاث الخاصة بالمحافظة على النباتات في المنطقة والتركيز كذلك على مسألة بناء القدرات في علوم النبات.
وقالت السيدة فاطمة الخليفي مسئولة العلاقات العامة في حديقة القرآن الكريم إن هذه الفعالية تأتي في إطار اهتمام حديقة القرآن الكريم بالتعاون مع مؤسسة قطر بإقامة أنشطة قبل وأثناء وبعد مؤتمر الأمم المتحدة 18 للتغير المناخي بالدوحة .
وبينت أن المنظمين حاولوا الجمع في هذه الندوة بين آراء متنوعة تخدم التغير المناخي إيجابيا من علماء دين ونبات وحيوان وغيرها.
وأكدت الخليفي في تصريح للصحفيين أن المفهوم الذي خرجت به الندوة هو ضرورة مشاركة الجميع أفرادا ومؤسسات وشركات كل في مجاله في حماية البيئة وخفض انبعاث الكربون والإسهام بإيجاب في عملية التغير المناخي لفائدة الأجيال القادمة.
كما يتعين على الجميع تعليم النشء بأهمية صداقة البيئة والمحافظة على مكوناتها وعناصرها المختلفة.
وأوضحت أن الحديقة أعدت برنامجا ضمن مشاركتها في المؤتمر يتضمن رحلات ميدانية للمشاركين من خارج قطر إلى مناطق نمو أشجار المانجروف في قطر باعتبار أنها عامل أساسي في خفض انبعاث غاز ثاني اكسيد الكربون، والى مزرعة الوبرة ومحمية المها .
وأضافت :أننا خلال المؤتمر كعضو في شبكة الاستدامة القطرية سننظم ورش عمل عن النبات، وبصفتنا عضوا في مؤسسة قطر ، لدينا أنشطة ايضا بعد المؤتمر حيث يقع علينا عبء تعليم الاطفال والجمهور أهمية النبات في خفض نسبة الكربون في الغلاف الجوي” .
ويشار إلى ان حديقة القرآن الكريم لا تشكل مكانا مثاليا لمحبي التأمل فحسب، بل ستصبح كذلك مركزا للتعليم والابحاث والتثقيف، والتأمل بعمق في معاني القران الكريم . كما ستستخدم لتثقيف الناس بأهمية المحافظة على البيئة وزيادة وعيهم تجاه الاهمية الاخلاقية للمسألة البيئية .
يذكر أن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر ، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ، قد تفضلت في شهر سبتمبر عام 2009 ، بتدشين مشروع حديقة القرآن الكريم ، بزراعة شجرة السدرة ، إحدى نباتات البيئة القطرية ، كأول نبتة بالحديقة ذكرت في القرآن الكريم . وتمثل السدرة شعار مؤسسة قطر .
وجاءت فكرة الحديقة لإقامتها في المدينة التعليمية، بمبادرة مشتركة جمعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ” اليونسكو ” ومؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، حيث أجريت دراسة للنباتات التي ذكرت في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية والسنة الشريفة.
ومن النباتات والشجيرات التي ستضمها الحديقة ، العدس والسمسم والرمان والتين والحناء والقسط الهندي والزعفران والزنجبيل والدباء . ووفقا للسيدة الخليفي ، ستتفتح الحديقة ، في غضون ثلاثة أعوام .