شارك فضيلة الدكتور علي القره داغي في الندوة الثانية والعشرين لقضايا الزكاة المعاصرة في اسطنبول والتي عيقدها بيت الزكاة الكويتي بالتعاون مع رئاسة الشئون الدينية في الجمهورية التركية في الفترة 12- 15- مارس الجاري
و أهمية هذه الندوات تكمن في مشاركة كوكبة من خيرة علماء الأمة يتدارسون ويبحثون فيما ما يستجد من مسائل الزكاة المعاصرة بهدف إصدار التوصيات والفتاوى التي أصبحت مراجع مهمة لمؤسسات الزكاة المنتشرة في بلاد المسلمين .
وقد تطرق الأستاذ الدكتور علي محي الدين القره داغي خلال فعاليات الجلسة الثانية من اليوم الثاني للندوة في بحثه عن زكاة الأصول المؤجرة المنتهية بالتمليك إلى معنى الأصول في اللغة بأنها جمع الأصل، وأصل الشيء: أساسه الذي يقوم عليه، ومنشؤه الذي ينبت منه، كما أن له معاني أخرى. وفي الاصطلاح: يراد بالأصول الأدلة، حيث يقال: أصل الفقه أي أدلة الفقه، ويطلق كذلك على المبدأ العام للقاعدة العامة، حيث يقال: الأصل في الأشياء الإباحة، أي القاعدة العامة أو المبدأ العام، كما يطلق على العقائد حينما يقال: الأصول والفروع، ويطلق في الفقه على الشجرة في مقابل الثمرة عندما يتحدث عن بيع الأصول والثمار، حيث قال النووي: الأصول: الشجر والأرض، وجاء في شرح منتهى الإرادات (المراد بالأصول هنا: أرض، ودور، وبساتين). أما في المحاسبة فيراد بالأصول مكونات موجودات الشركة وهي نوعان: النوع الأول أصول ثابتة، وهي الموجودات التي تستعملها المؤسسة لأغراض الإنتاج والحصول على الإيراد والاستمرار في العمل. والنوع الثاني أصول متداولة كالنقود والأوراق المالية والديون الثابتة للمؤسسة والأشياء المخزنة لأجل بيعها خلال الدورة التشغيلية، سواء أكانت موجودات خاماً أو تحت التشغيل أو تامة الصنع.
وأشار الأستاذ الدكتور القره داغي إلى آراء الفقهاء في الأصول المستأجرة مشيراً إلى أن هناك ثلاثة آراء منها من يرى أن لا زكاة في هذه الأصول، لأنها ليست للتجارة، ولا في أجرتها وغلتها لأنها لم يحل عليها الحول، أما إذا حال عليها الحول، أو ضمت إلى حول المؤجر فتجب الزكاة فيها لا باعتبارها أجرة بذاتها، وإنما باعتبارها مالاً حال عليه الحول.
أما الرأي الثاني فيرى أنه تجب الزكاة في الأجرة فقط وأصحاب هذا الرأي اختلفوا على مذهبين، الأول قال أنه تجب الزكاة في الأجرة 2.5% قياساً على عروض التجارة، وهذا رأي الإمام أحمد وبعض المالكية. والمذهب الثاني قال بوجوب الزكاة في أجرة العمارات وأدوات الصناعة الثابتة ، بمقدار العشر أي 10% من الدخل الصافي، أو نصف العشر 5% من الإجمالي، أو إذا لم يمكن معرفة الصافي وهذا هو رأي بعض الشيوخ المعاصرين مثل أبي زهرة، وعبدالوهاب خلاف، وعبدالرحمن حسن، رحمهم الله.
أما الرأي الثالث فيرى أنه تجب الزكاة في الأصول المؤجرة بعينها زكاة عروض التجارة، أي أن العقار المؤجر مثلاً يُقَوّم بقيمته السوقية، ثم يدفع عنه الزكاة بنسبة ربع العشر أي 2,5%. وهذا رأي الفقيه الحنبلي أبي الوفاء بن عقيل. وقد رجحه بعض الاقتصاديين المعاصرين أمثال أ.د. منذر القحف، وحشد له أدلة كثيرة، وانتهى إلى وجوب الزكاة في الأصول الثابتة الاستثمارية (التي تشمل الأصول المؤجرة) وفيما يتراكم من عوائدها.