التمني له أصل في الكتاب وفي السنّة.
حتى لو كان التمني شيئاً بعيداً، فالله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء.
انتشر مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي أحد الفيديوهات لداعية إسلامي مشهور يجيب فيه على أسئلة المشاهدين في حلقات تلفزيونية وقد رأى فضيلته ما يأتي:
(عندما تقول لصاحبك أتمنى لك السعادة معناها الله لا يسعدك، لكن قل ارجو لك السعادة لا تقول أتمنى لأن التمني في المستحيل والرجاء في الممكن، والله يحب الممكن كيف لا نضحك كيف لا نسعد قال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ) ما قال ويتمنى رحمة ربك ولكن قال ويرجو رحمة ربك لا يوجد آية في القرآن فيها يتمني رحمة ربك بل جاء النفي بالتمني قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن) ومن تدبر القرآن ألا نقول نتمنى أبدا أبدا وقال تعالى: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) يعني الأماني مستحيل تتحقق، قال تعالى: (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ) ماذا قال الله تلك أمانيهم فالأماني دائما لا يمكن أن تتحقق، إنما الرجاء، قال تعالى: (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) الله يقول فلعلك، لعله، لعلهم يرجعون، لعلهم يتضرعون، الشيء الممكن تقول فيه عسى ولعل، الشيء المستحيل تقول فيه ليت وأتمنى).
بدوره استمع فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لما ذكر الشيخ، وأراد أن يوضح الحقيقة لكثير من االقراء الذين طلبوا رأيه فيما ذكر الشيخ آنفا.. وقد تكرم فضيلة الأمين العام وسجل للقراء الرد التالي:
التمني والرجاء
في الحقيقة هذا الكلام غير صحيح فيما وصل إليه من الناحية اللغوية، لفظ ليت فعل لتمنى شيء بعيد أو مستحيل، أما لعل فهو لرجاء شيء قريب، أما لفظ التمني فيستعمل، وقد استعمله القرآن الكريم واستعمله الرسول صلى الله عليه وسلم.
والتمني له أصل في الكتاب وفي السنة: الإمام بن أبى دنيا المتوفى في 281 هجرية ألف كتاباً سماه كتاب المتمنيين وذكر التمني بالخير والتمني بالشر، والإمام البخاري في صحيحه أيضا خصص مجموعة من الأبواب سماه كتاب التمني وذكر فيه تسعة عشر حديثاً وبالمناسبة ذكر مما ذكره من الأماني المستحبة منها باب تمني القرآن، باب تمنى العلم وأخرج حديثاً صحيحاً لا حسد إلا فى اثنتين، وكذلك أيضاً أخرج وخصص باباً سماه باب تمني الخير، وأخرج في حديث أبي هريرة رضي الله عنه لو كان أُحد ذهباً – ولو هنا للتمني، لأحببت أن لا يأتي عليا ثلاث وعندي منه دينار، وكذلك أخرج باب تمني الشهادة، لذلك علماؤنا وفقهاؤنا أجمعوا على أن التمني له ثلاثة أنواع :التمني المحبوب والمستحب، والتمني المذموم إذا كان محل التمني شيئاً من الظلم أو شيئاً من الدنيا أو شيئاً من المحرمات، التمني المباح فيما ليس واجباً ولا مندوباً وإنما يتمنى الإنسان أن يكثر ماله فهذا مقبول.
أتمنى بمعنى أرجو
أنت تقول أتمنى لك السعادة يعني أتمنى أي أرجو لك، حتى لو كان التمني شيئاً بعيداً ، فالله سبحانه وتعالى قادر على خلق كل شيء وعلى تقريب كل شيء لكنه حقيقة والحمد لله موجود ومما حفظناه في هذه الأحاديث الصحيحة في البخاري وكذلك الآيات والأحاديث وهذا ما يقوله كبار علمائنا مثل الإمام بن أبى دنيا وغيره يقولون جميع الآيات والأحاديث الواردة في النهي عن التمني كلها واردة لأن محلها من المحرمات أو من المذمومات.
فلذلك أتمنى لك الخير أتمنى لك السعادة ،أتمنى أن يكون لي علم مثل علم فلان، أتمنى أن يكون لي مال مثل مال فلان: فهذا وارد في الأحاديث.
فهذا كلام مع الأسف غير صحيح فقد أخذ الجانب اللغوي فقط، حينما يدخل لغوي في الحكم الشرعي أو يدخل شخص قرأ آية أو آيتين أو كتاباً أو كتابين ويبدأ في تأكيد وتفسير، هذه الإشكالية الكبرى في هذا المجال، وهذا هو الفرق بين الفقيه والخطيب وهذا هو الذي حذّر منه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه في آخر الزمان يكثر الخطباء وفي بعض الأحيان القراء ويقل الفقهاء.