دعا فضيلة د.علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى إطفاء النار المشتعلة في الأمة في كل مكان. وطالب بأن يكون للأمة الإسلامية جيش وقوة تحمي الجميع، كما لأوروبا وأميركا. وحث على ضرورة السعي لإطفاء نار الفتنة في كل مكان، مبينا أن الصراعات الخطيرة التي تجري في عالمنا الإسلامي لن تبشر بالخير أبداً.
وقال إن شعار الإسلام الذي يريد أن يغرسه في نفوسنا هو الصلح خير. واستعرض سلمية الثورة السورية، وانتقد ما يجري في بنجلاديش من إعدام وما يجري في ميانمار في قتل شعب بالكامل.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بجامع السيدة عائشة رضي الله عنها بفريق كليب: أراد الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة أن تكون قائدة، رائدة، وأن تكون قيادتها في قدوتها، وأن تكون قيادتها للأمم بقدوتها في الأخلاقيات، وأن تكون هذه الأمة متماسكة متحدة، وأن التماسك لا يمكن أن يتحقق مع القلوب الضعيفة، المريضة بالحقد والحسد والشحناء والبغضاء، فأوجب علينا الصلح حتى على مستوى الحكام والشعوب، وأوجب على الحكام واجبات أكبر، وأن ينظروا إلى شعوبهم نظرة الأب إلى أولاده، ونظرة الأم إلى أولادها، لأنهم مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى، وأنهم سيسألون كما كان عمر يقول: لو أن بغلة تعثرت على دجلة لسُئل عنها عمر، رضي الله عنه، وحينما يكون الإشكال والقتال، يجب على الأمة جميعا أن تسعى لإطفاء نار الفتنة في كل مكان، وهذا ما أمرنا الله سبحانه وتعالى به.
مأساة سوريا
وتحدث عن سلمية الثورة السورية فقال: حينما قام الشعب السوري بمظاهرات سلمية، كانوا يطالبون بحقوقهم، والحكماء والعلماء والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أرسلوا رسائل إلى طاغية الشام بأن يستجيب لمطالب الشعب من الحرية وحق الاختيار، وأن ينتهي عصر الذل والاستعباد، ولكنه قاوم هذه المظاهرات السلمية بالدبابات وبالشبيحة وغير ذلك، فالشعب والجيش لا يخرجون عن الإيمان من الناحية الإيمانية (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)، فكان واجب الأمة أن تبدأ فوراً بالإصلاح، وليس مجرد إعطاء الفرص المتتابعة للنظام، والنظام يقتل، والشعب يباد، والنساء تنتهك أعراضهن، والأطفال يقتلون ويعذبون، فليس هذا هو الصلح، بل يجب أن تتدخل الأمة وأن تضع حدا لهذا، ولكن لم تفعل (فإن بغت إحداهما على الأخرى)، بغت هذه الطائفة على هذه الطائفة المظلومة، على الشعب، (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين)، كان واجب الأمة العربية والإسلامية أن يكون لها جيش، وقوة، كما لأوروبا وأميركا، أو درعا تحمي الجميع، وليس ضد الآخرين، وإنما لحماية حقوقنا، ولكن لم يحدث شيء من هذا، ولعله تحقق بعض الإنجازات من المؤتمر السابق للقمة العربية، وربما يكون وسيلة لأن يبحث العرب والمسلمون في إيجاد قوة تمنع هذا القتال، وتحقق العدل، وتعيد الحقوق إلى أصحابها، وهذه مسؤولية عظيمة، يشترك فيها حكامنا جميعا، وإن كان بعض حكامنا جزاهم الله خيرا سعوا سعيا طيبا لتحقيق ذلك، ولكن الأكثرية لم تستجب لهذه القضية ولعل الله يهديهم إلى أقوم السبل.
علماء بنجلاديش
وتحدث عما يحدث في بنجلاديش فقال: تتم محاكمة العلماء المسلمين، الذين تبنوا فكرة وحدة باكستان وبنجلاديش الحالية قبل أربعين سنة، وتأتي اليوم ابنة زعيم من دعوا إلى الفصل بين الدولتين لمحاكمة هؤلاء العلماء المفسرين، وما الذي استفادته بنجلاديش من الفصل سوى الفقر، وأن نسبة %60 يعيشون على دولار واحد أو أقل في اليوم؟
يحاكم اليوم مئات من العلماء والدعاة على هذه الفكرة، علما أنها مضى عليها أكثر من 40 سنة، هذا التعسف مؤامرة، ويدخل في تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، وأن نبقى هكذا في فوضى خلاقة لهم، وفوضى هدامة لنا. وما يحدث في ميانمار من قتل شعب بالكامل إنما يعود إلى أن الأمة لم تأخذ بزمام القوة كما أراده الله سبحانه وتعالى، فلو طبقنا شرع الله، لكنا اليوم أمة واحدة ليس كمبادئ فقط، وإنما وحدة حقيقية وأخوة حقيقية.
النفوس مشحونة
وعلق فضيلته على أحوال عالمنا الإسلامي من الجانب الاجتماعي فقال: رغم كل هذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة، وكذلك ما قاله علماؤنا وسابقونا في مجالات التربية، وفي مجالات التصفية والتزكية، نجد أن النفوس ما زالت مشحونة، ، فتكثر المشاكل داخل المجتمع، وقد تصل هذه المشاكل إلى داخل الأسرة، بين الأقارب والإخوة، وبين القبائل والشعوب، وبين الجماعات والأحزاب، فنجد أن هذه الصراعات الخطيرة التي تجري في عالمنا الإسلامي لن تبشر بالخير أبداً، ولن تحقق الخيرية التي أرادها الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة لتكون قدوة في الوحدة والتماسك، وفي صفاء النفوس، وكذلك في التعامل الطيب، ونبذ الأحقاد والضغائن، والمشاكل داخل المجتمع الإسلامي ككل، بين الأخ وأخيه، سواء كانت تلك الأخوة بين إخوة نسب، أو إخوة في الدين، كما يقول الله سبحانه وتعالى (إنما المؤمنون إخوة)، فقد ربط الله الرحمة بالإصلاح بين الناس، بالأخوة بين الناس، بالتقوى في التعامل، بخشية الله سبحانه وتعالى، في تعامل بعضنا مع بعض، بأن يكون هذا التعامل على أساس القلب السليم، على أساس التعامل الطيب، على أساس أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، وأن تكره لأخيك ما تكره لنفسك.