المبحث
الأول :
الإطار
الشرعي للوقف :
ـ
التعريف بالوقف بإيجاز
ـ
مشروعية الوقف .
ـ
إقراض الله قرضاً حسناً وعلاقته بالوقف ، وتكافل الأمة
ـ
الوقف ومؤسسات المجتمع المدني
التعريف
بالوقف لغة واصطلاحاً :
الوقف
لغة
: الحبس ، وذكر بعضهم أن الوقف أقوى من الحبس [1]
، ويطلق كذلك على الموقوف عليه تسمية بالمصدر ، وجمعه أوقاف ، وبمعنى المنع حيث
يقال :” وقفت الرجل عن الشيء وقفاً ” أي منعته ، وبمعنى السكون ، فيقال
: وقفتْ الدابةُ وقوفاً أي سكنت [2]
.
وفي
الاصطلاح اختلف الفقهاء في تعريفه نظراً إلى نظرتهم إلى الوقف حيث عرّفه أبو حنيفة
: بأنه حبس العين على حكم ملك الواقف ، والتصدق بمنفعتها ولو في الجملة [3]
، حيث يظهر من التعريف رأي الإمام أبي حنيفة في ملكية الموقوف
وعرّفه
المالكية بأنه : ” إعطاء منفعة شيء مدة وجوده لازماً بقاؤه في ملك معطيه ولو
تقديراً ” [4]
.
وعرّفه
الشافعية : بأنه ” حَبْس الأَصلِ وتسبيل المنافع ” [5]
وقريب منه تعريف الحنابلة حيث قال ( ابن قدامة ) : ” ومعناه تحبيس الأصل ،
وتسبيل الثمرة ” [6]
.
والخلاصة
أن التعريفين الأخيرين قد أخذا من حديث عمر حيث قال له الرسول صلى الله عليه وسلم
:” إن شئت حبست أصلها ، وتصدقت بها ” [7]
، قال الحافظ ابن حجر ” أي تصدقت بمنفعتها ، وبين ذلك في رواية عبيد الله بن
عمر ” احبس أصلها وسبِّل ثمرتها ” وفي رواية يحيى بن سعيد ” تصدق
بثمره ، وحبِّس أصله ”
ولذلك
فالتعريف الراجح للوقف هو : حبس الأصل ، وتسبيل المنفعة ” ولا يفهم من الحبس
الخلود والدوام إلى يوم القيامة ، وإن كان ذلك هو الأصل ، وإنما يشمل أيضاً ما
يطلق عليه اسم ” الحبس ” حسب العرف ، لأن الشرع لم يحدد زمن الوقف ،
والحبس للمال الموقوف ، فيخضع للعرف ، وبذلك يدخل فيه الوقف المؤقت كما أجازه
جماعة من الفقهاء ، والمراد بالأصل كل شيء موجود تنتج عنه منفعة أو ثمرة وبالتالي
فهو أعم من العين فيشمل العقار والمنقول ، والمراد بالتسبيل هو التصدق والبر ،
وذلك لأن الوقف شرع للبر والإحسان ، والمراد بالمنفعة هو كل شيء ينتفع به مباشرة
كالسكنى بالنسبة للعقار ، والثمرة بالنسبة للأشجار ، والغلة بالنسبة للأرض ، أو
غير مباشرة كما هو الحال في وقف النقود للاستثمار لصالح الفقراء مثلاً ، حيث
يستفيدون من الناتج لاستخدامه في قضاء حوائجهم كما يشمل منفعة القرض من حيث
استفادة المقترض كما هو الحال في نقد النقود للاقراض .
مشروعية
الوقف :
الوقف
مشروع من حيث الأصل ، عند جماهير الفقهاء ، بل مستحب ، وقد يعتريه بعض الأحكام
الأخرى [8]
.
ويدل على مشروعيته واستحبابه واعتباره من القرب
المندوب إليها أدلة كثيرة من الكتاب والسنة ، وإجماع الصحابة .
وأما
الكتاب فهناك آيات كثيرة تدل بعمومها على مشروعية الوقف واستحبابه ، وأنه مطلوب ،