الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمد المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى اخوانه من الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله الطيبين ، وصحبه الميامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد
فإن الأسرة في الإسلام تحتل المرتبة الأولى في العناية والرعاية والتشريعات الخاصة بها ، ولذلك نجد أن القرآن الكريم ـ مع أن منهجه عدم الخوض حتى في تفاصيل العبادات ـ قد أفاض في بيان أحكام الأسرة ، والزواج ، والطلاق ، والمعاشرة ، والحقوق والواجبات ، فنرى أنه يذكر حكم امرأة تخاف من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فيقول : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية الأسرة في الإسلام ، وأنها اللبنة الأولى لبناء المجتمع ، وان صلاحها هو صلاح المجتمع ، وقوتها قوة المجتمع فهي المؤشر لقوة المجتمع وتماسكه ، أو ضعفه وتمزقه .
ونحن في هذه الورقة نحاول الحديث عن الأسرة المسلمة في العالم الغربي ، وما تعانيه بسبب وجود بعض القوانين التي لا تتفق مع عقيدتها وشريعتها ، وبالتالي تقع في حيرة واضطراب ، كما أننا سنتطرق إلى الحلول الممكنة ، والحل الاستراتيجي ، وأثناء ذلك نتعرض إلى حكم الاحتكام إلى المحاكم الغربية ، وغير ذلك مما تقتضيه طبيعة البحث .
والله تعالى نسأل أن يكتب لنا التوفيق في شؤوننا كلها ، والعصمة من الخطأ والخطيئة ، في عقيدتنا ، والاخلاص في أقوالنا وأفعالنا ، والقبول بفضله ومنّه لبضاعتنا المزجاة ، والعفو عن تقصيرنا ، والمغفرة لزلاتنا ، إنه حسبنا ومولانا ، فنعم المولى ونعم الموفق والنصير .