مما يكثر التساؤل حوله موضوع الأسهم ، حيث لا تكف التليفونات عن الرنين ، كما أن الأسئلة الشخصية عند اللقاء بالأحبة في الجامع ، أو الجامعة ، أو المجالس تدور حول الموضوع نفسه .
وهذه الاستفسارات تسعدني ، وتسعد أهل العلم حيث يدل على حرص أهل هذا البلد الطيب (قطر) على معرفة الحلال والحرام ، وكثرة سؤالهم عن ذلك ، وهذا هو المطلوب للإنسان المسلم الذي يخاف الله تعالى ، ويخاف القبر ، والسؤال والحساب ، ويعلم أن الدنيا فانية ، وأن الدار الآخرة هي الباقية وهي النهاية والمصير .
ومن هذا المنطلق نشرح اليوم بعض أحكام الأسهم من خلال مراحلها :
المرحلة الأولى : التأسيس والاكتتاب .
ففي هذه المرحلة يعتبر من يدفع القيمة الاسمية ( أو جزءاً منها حسب لوائح الشركات ) مشاركاً ، ويعتبر ما دفعه ثمن الأسهم التي اشترك بها ، أو بعض ثمنها ، ويصبح شريكاً بذلك القدر من الأسهم ، وهذا جائز شرعاً ما دامت أنشطة الشركة مشروعة .
المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد تجميع النقود وقبل أن تتحول إلى أعيان ومنافع .
ففي هذه المرحلة لا يجوز للمشاركين أن يبيعوا أسهمهم ، أو صكوكهم ، أو وحداتهم الاستثمارية إلاّ مع تطبيق قواعد الصرف حسب قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم 30(5/4) ، من ضرورة التماثل والتقابض في المجلس إن كان البيع بنفس النقد ( مثل الريال القطري بالريال القطري ) ومن ضرورة التقابض في المجلس إن كان بنقد آخر ( مثل بيع الريال بالدولار ) ولكن يجوز بيعها بالعروض ، أما إذا كانت الحصص المقدمة ، أو أكثرها كانت أعياناً ومنافع وحقوقاً معنوية ومنها حق الترخيص (حيث تجوز المشاركة بغير النقود أيضاً في القانون ، وكذلك في الفقه الإسلامي على الرأي الراجح) ، وحينئذ لا يمنع التداول بطريق البيع العادي .
وليس في تطبيق قواعد الصرف في حالة كونها نقوداً حرج كبير ، إذ أنها مرحلة قصيرة متحملة ، وغالب الناس لا يدخلون في هذه الشركات أو المحافظ ليوم أو يومين .
ولكن إذا كانت الغالبية تعود إلى الموجودات والمنافع والحقوق ومناه الرخصة وحق الامتياز فإن تداولها جائز .
المرحلة الثالثة : تحول النقود كلها أو معظمها إلى أعيان ومنافع وحقوق معنوية وظلت هذه النسبة باقية ، أي لم تزد نسبة النقود أو الديون منفردة ، أو مجتمعة على 50% . ففي هذه الحالة يجوز تداولها ، لأنها في حكم الأعيان والمنافع والحقوق التي يجوز بيعها والتصرف فيها ، كما صدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 30(5/4).
عدم جواز بيع البطاقة أو التنازل عنها :
البطاقة الشخصية هي بطاقة التعريف بصاحبها ، وهي بيان لهويته وشخصيته ، وما يتعلق بها ، فلا تعتبر مالاً ، ولا حقاً مالياً في الشريعة والقانون ، وإنما هو بيان لشخصية الإنسان فقط ، لذلك لا يجوز بيعها ، ولا التنازل عنها سواء كان بمال أو حتى بدون مال وذلك لما يأتي :
1ـ أما أنه لا يجوز بيع البطاقة بمال ، فلأن البيع من أهم شروطه أن يكون محل العقد مالاً ، أو حقاً مالياً ثابتاً .
2ـ وأما أنه لا يجوز التنازل عنه حتى بدون مقابل ، فلأن ولي الأمر ، أو من يمثله قد منع ذلك ، وهذا المنع معتبر شرعاً ، لأن طاعة ولي الأمر في المباحات واجبة لقوله تعالى : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) .
فقد اتفق الفقهاء على أنه لولي الأمر الحق في جعل المباحات التي ليس فيها نص شرعي ملزمة ، أو ممنوعة .
أسهم الغاز
شركة نقل الغاز ، غرضها الأساس مشروع ، وهو نقل الغاز ولكنها ذكرت أنها ستصدر سندات الدين ، وتتعامل مع البنوك التقليدية ، لذلك تطبق عليها القواعد العامة الخاصة بمثل هذه الشركات حيث محل خلاف بين الفقهاء المعاصرين بين حلها بشروط منها التطهير بنسبة معينة ، وبين تحريمها ، ولم أصدر بشأنها أي فتوى (لا بالتحليل ولا بالتحريم) ، فلست أنا جهة رسمية للفتوى ، وإنما نحن نذكر آراء الفقهاء والمجامع الفقهية ، وقد ذكرت لجريدة الشرق الغراء موضوع التمويل حيث أوضحت أن تمويل الأسهم الجديدة من حيث المبدأ لا يجوز عن طريق المرابحة ، ولكن يجوز عن طريق المشاركة أو المضاربة أو نحوهما .
هذا والله الموفق .