وسط اجراءات أمنية تكشف سعي الهند للأمن بصورة عامة افتتح السيد حامد الأنصاري
نائب رئيس جمهورية الهند مؤتمر الاسلام والاديان الشرقية الذي نظمته لجنة القضايا
الاسلامية بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين واحتضنته جامعة ملي الاسلامية في قلب
العاصمة نيودلهي واستمر على مدار يومين من العمل المكثف والفعاليات بين ممثلي
الأديان تتم لاول مرة بهذا الحشد والاصرار على تحقيق التعايش بينهم، حتى توصل
الجميع الى وجوب التعاون بين الاديان باعتباره خياراً أساسياً للحياة بين منطقة
تمتلئ بالاختلافات وبالتعددية.. موصين بتشكيل لجنة دائمة لمتابعة مابعد هذا
المؤتمر وتنفيذ توصياته..
كما أوصوا بانه على كل طالب في المدرسة أن يدرس جوهر الإيمان، والذي هو مجمع
الرحمة الإلهية، والرحمة والتسامح. فالطلاب بحاجة الى معرفة كيفية مماثلة في
جوهرها الأديان الخمسة بين بعضهم بعضا، بحيث لا يقعوا فريسة في المستقبل لأولئك
الذين يسعون إلى استخدام الدين لأغراض سياسية وشخصية، من خلال خلق الشقاق والعداوة
بين الناس وأقروا في بيانهم الختامي بان الدولة في حاجة لضمان حقوق وسلامة وحماية
الأقليات، بحيث يتسنى لكل مواطن يرى نفسه على أنه جزء من المجتمع، وان الدولة قادرة
على تقديم مساواة من الفسيفساء الوطنية في كل جزء من الهند، وأولئك الذين هم
الأقليات المحلية (سواء كانت لغوية أو دينية) هناك حاجة إلى إعطائهم جميع الحقوق،
وحمايتهم من أعمال السلب والنهب من المتعصبين الطائفيين، الذين يسعون لمعاداة
التقدم في الهند نحوالازدهار والعدالة الاجتماعية.
ورأوا في بيانهم ان النساء والأطفال هم أضعف قطاعات المجتمع، ويجب ان تكون لهم
مخططات خاصة تحتاج إلى التشجيع لان هذا من شأنه أن يضمن: اعطاء المرأة نفس الفرص
المتاحة للرجال، وإعطاء كل طفل الفرصة للوصول إلى مستويات المواهب الفطرية التي
تخول له الانطلاق. ودعا المجتمعون من كل الاديان في المنطقة الى ان تعمل الحركة
الوطنية من أجل نشر الوعي والتركيز على ضرورة الوحدة والتعاون بين الأديان الخمسة،
والتي تبين بالتفصيل كيف ان مثل هذه السياسة تتفق مع اي كتاب المقدس، بما في ذلك
القرآن الكريم.. ولتسهيل هذا يوصي المؤتمر بأن يتم إنشاء أمانة دائمة ليكون من
شأنها رصد التقدم ببرنامج للتعاون فيما بينها، تجتمع دوريا لاستعراض الأساليب
والنتائج التي تتم في هذا الموضوع.
واستعرض فضيلة العلامة القرضاوي في كلمته التي ألقاها نيابة عنه د. علي محيى الدين
القرة داغي عن علاقته الممتدة بالهند واستعرض ايضا تاريخ الاسلام بالهند ومكانتها
بين دول العالم فقد أبرز فضيلته دور علماء الهند في الدعوة الاسلامية والحركة
العلمية خاصة علم الحديث مبينا أسسا للعلاقة بين الاسلام والاديان الهندية ثم
لافتا الى دعوة الاسلام العالمية للسلم.. مباركا في الاتحاد العالمي لعلماء
المسلين عيش الجميع في سلام وفي رحاب الانسانية المتآخية المتواصية بالحق والصبر
المتعاونة على البر والتقوى.. وركز القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين
على العلاقات الوطيدة بين العرب والمسلمين والهند قبل الاسلام وبعده، ومكانة الهند
والصين فى العالم وثقلهما وأمله فى أن يناصرا قضايا العرب والمسلمين مثل قضية
فلسطين، واستعرض علاقة الاسلام بأديان الهند ، مشيرا إلى أن العلاقة بين الاسلام
وأديان الشرق الكبرى مثل الهندوسية والبوذية عريقة منذ دخول الاسلام الهند فى
القرن الاول الهجرى.. وتحدث عن الحوار مع غير الكتابيين، وقال ان دعوة الاسلام
عالمية وتشمل الوثنيين على جميع مللهم ونحلهم،كما تشمل أهل الكتاب، واستدل بالنصوص
القرآنية والنبوية، وأشار إلى أن أسس العلاقات بين المسلمين وغيرهم جاءت عامة، وأن
الغالب فيها انها جاءت ايضا فى شأن المشركين من العرب الذين كانوا يعبدون
الاصنام..مصنفا غير المسلمين الوثنيين إلى نوعين،الاول مسالمين للمسلمين ولم
يقاتلوهم فى الدين ولم يخرجوهم من ديارهم، والصنف الثانى غير المسالمين، وقاتلوا
المسلمين فى الدين وأخرجوهم من ديارهم وعاونهم على إخراجهم، وقال إن القسم الاول
حكمهم البر لهم والإقساط إليهم، أما النوع الثانى فنهى الله عن الولاء لهم أو
الاقساط إليهم.
السلام
للكل
وقال فضيلة د. علي محيي الدين القرة داغي إن السلام في تحية الاسلام ليس للمسلمين
وحدهم بل للبشرية جمعاء موضحا بان كرامة الانسان{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ
} مبدأ عام للاخوة الانسانية والتعايش السلمي تم تطبيقه عبر تاريخ المسلمين كله
منذ العهد النبوي والخلفاء والخلافة الاموية والعباسية وانتهاء بعصر المغول داعيا
فضيلته الى تعزيز ثقافة الحوار بين الاديان للعيش في عالم آمن مقترحا استمرار عقد
مثل هذه المؤتمرات، ومشيدا بالدور القطري في تأسيس مثل هذه المؤتمرات واقامة
الحوارات عبر لجنة القضايا الاسلامية بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
ونفى القره داغى ان السعى لإجراء مثل تلك الحوارات يعد من فقه “الاستضعاف
“، وقال “على العكس،ان هذه الحوارات تعد من الاستراتيجية الدائمة التى
تنطلق من الاسلام ومبادئه وأسسه القائمة على الدعوة الى التعايش الآمن والأمان
للجميع، ودعا الاقليات الاسلامية فى كل مكان أن يكونوا قدوة فى البذل والتضحية
لخدمة بلدهم ووطنهم.. محذرا ممن يشعلون الفتن والمكائد بين المسلمين وغيرهم. وقال “يجب
ألا نسمح لفئة قليلة باللعب بمصالح الشعوب فى آسيا وافريقيا وفى كل أنحاء العالم،
ودعا الى مواصلة مثل هذه الحوارات على مستوى الاسلام والديانات الشرقية.
وطالب في كلمته أيضا بتشكيل لجنة لممثلي الاديان الشرقية المختلفة في دول المنطقة
وليس الهند وحدها وهوما تم اقراره من قبل المجتمعين في نهاية أعمال المؤتمر.
وعقدت الندوة وبحضور أغلب الجماعات والشخصيات الاسلامية الهندية وكان ذلك في يونيو
2008 بالدوحة وانتهت الى عدد من التوصيات والقرارات الهامة، كما تم الاتفاق مع هذه
المؤسسات على عقد ندوة مع أصحاب الديانات الأخرى في هذا البلد وفي البلدان
المجاورة يشارك فيها المسلمون في الهند كجهة موحدة، ونطمح كذلك إلى فتح فرع يكون
بمثابة الجهة التي ستوحد الإخوة في الهند.
وذكرت مبرراتها فيما ذكر من إن الديانات الشرقية تعتبر أكثر عددا من المسلمين
والمسيحيين مجتمعين، حيث قد يصل عدد أتباعهما في الهند والصين واليابان وتايلاند
وبورما وفيتنام وغيرها إلى حدود نصف سكان العالم أوأكثر تقريبا (ثلاثة مليارات)
وإن أغلب المسلمين الذين يعيشون خارج العالم الإسلامي يعيشون بين أصحاب هذه
الديانات (مسلمو الصين والهند وسريلانكا وبورما وتايلاند وغيرها) والسعي إلى جعل
أصحاب هذه الديانات بمنأى عن التأثيرات الإعلامية والسياسية التي تقودها عديد من
الدوائر الغربية لتشويه صورة الإسلام والمسلمين والأهمية الاستراتيجية في المستقبل
القريب للصين والهند ذوي الأغلبية من معتنقي هذه الديانات مما سيجعل من ضبط علاقة
احترام وحوار بينهم وبين الأقلية المسلمة أهمية قصوى في ربط علاقات تعاون بين هذين
البلدين والعالم الإسلامي على عكس ما هو حاصل الآن بين العالم الإسلامي وأوروبا
وأمريكا كقوتين دوليتين. وامكانية الحد من الآثار السلبية والمساهمة في معالجة بعض
القضايا التي تعيشها بعض الأقليات الإسلامية في بعض من البلدان ذات الأغلبية من
معتنقي هذه الديانات مثل قضايا كشمير وبورما وتايلاند.
وشهد المؤتمرحضور عدد من رجال دين هندوس وبوذيين وسيخ وجينيين من الهند وخارجها،
وعدد من وجهاء القوم من رجال دين وسياسة وأساتذة جامعات وباحثين.. وقد شارك الوفد
القطرية بفعالة سواء في جلسات الحوار التي تمت في كل أوقات المؤتمر سواء في
الجلسات او اللقاءات الجانبية: وكان للدكتور علي المحمدي استاذ الفقه والاصول
مشاركاته في الحوارات المفتوحة وكان لفضيلة الشيخ مصطفى الصيرفي دور في اثراء مثل
هذا الحوارات وتوجيهها، ثم شارك د.خالد هنداوي في حوارات المؤتمر فيما ألقى قصيدة
مشيدا فيها بالمؤتمر..
أما د.ابراهيم النعيمي مدير مركز قطر لحوار الاديان فقد تكثفت لقاءاته بعد أن إدار
إحدى جلسات المؤتمر مع عدد من المهتمين بعلوم مقارنة الاديان. وكان جميع الذين
حضروا من الشخصيات الدينية من الاديان الشرقية مثل الهندوكية والسيخ والجينية
والبوذية حرصوا كل الحرص على ان يأتي ذكر الرسول بقولهم صلى الله عليه وسلم كما ان
القرآن لايذكر إلا بقولهم القرآن الكريم.