في المنافسة بين التأمين التجاري والتأمين الاسلامي هناك مجموعة من النقاط والأوزان يمكن أن نعمل بينها موازنة من الناحية الدنيوية فقط ، لأن من الناحية الدينية لا يوازن بين الحلال والحرام فقد قال تعالى : ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )[1] .
فالموازنة الدنيوية بين التأمين التكافلي والتأمين التجاري ( عناصر القوة والضعف في الموازنة ) من حيث مبادئ التكافل ، مع ملاحظة أن هذه الموازنة تعم الشركة وحساب التأمين الاسلامي بالنسبة للتأمين التاكفلي ، وتخص الشركة فقط في التأمين التجاري ، لأنها هي المؤمنة فقط .
1ـ مبدأ التبرع :
يكون مبدأ التبرع بالنسبة لحساب التأمين الاسلامي عنصر قوة من ناحية أن المشتركين يحسون بان أقساطهم تنتقل من ذممهم الخاصة إلى ذمة الحساب المشترك ، وليس إلى ذمة الشركة ، وبالتالي فالأقساط منهم وإليهم ، وهذا عنصر قوة للحساب ولكن ليس عنصر قوة للشركة ، إذ لا تستفتفيد منها شيئاً إلاّ من خلال أجر الوكالة ، وعائد الاستثمار .
أما شركة التأمين التقليدي فتستفيد من الأقساط حيث هي لها بذاتها ، وعوائدها ، فهذا عنصر قوة لها .
وهذا المبدأ لصالح الشركة الاسلامية من حيث المنافسة والتسويق ، لأن المشتركين لا يحسون بان جميع أقساطهم قد خرجت من ذممهم كلية ، بل يعود إليها ما يبقى منها ، وهو الفائض .
2ـ مبدأ الفصل بين أموال المشتركين والمساهمين :
هذا المبدأ فيه جانبان :
أ ـ جانب قوة للشركة الاسلامية من حيث أنها لا تتحمل الالتزامات الزائدة عن الأقساط المجمعة ، وحتى لو دفعت فإنها تدفع على سبيل القرض الحسن ، ثم ترجع إلى المشتركين ، كما أنه عنصر قوة في الغالب للمشتركين .
أما الشركة التقليدية فهي المسؤولة عن كل الالتزامات الناشئة عن التأمين دون حق الرجوع على المؤمن لهم .
ب ـ جانب ضعف ، وهو أن الشركة الإسلامية لا تستفيد مما يبقى من الأقساط على عكس الشركة التقليدية .
وبالنسبة للتسويق ، فهذا المبدأ عنصر قوة للشركة الاسلامية لتسويق منتجاتها التأمينية بين المشتركين ، لأن لهم أملاً كبيراً في إعادة جزء مناسب من أقساطهم إليهم (الفائض) .
3ـ مبدأ انتفاء الاسترباح من عمليات التأمين نفسها :
إن هذا المبدأ بالنسبة للشركة الاسلامية المديرة ، عنصر ضعف ، ولكنه عنصر قوة بالنسبة لحملة الوثائق ، وبالتالي فهو عنصر قوة للتسويق والمنافسة ـ كما سبق ـ إضافة إلى أن أقساط التأمين تكون معتدلة ، لأن الشركة لا تستفيد كثيراً من ضخامتها ، لأن الزائد ليس لها ، بل يكون للمشتركين.
وأما بالنسبة للشركة التقليدية فإنها تستربح من عمليات التأمين ، وبالتالي فهي تحاول أن تبالغ في أقساط التأمين بقدر ما تسمح به السوق لأن الباقي لها ، فهذا عنصر قوة للشركة والمساهمين ، ولكن ليس عنصر قوة للمنافسة ، لأن الشركة الاسلامية تستطيع أن تجلب العملاء بشكل كبير من خلال الأقساط المعتدلة أو المنخفضة نسبياً ، وأن الشركة لا تستربح على حساب التأمين من حيث التأمين نفسه .
4ـ مبدأ الفائض :
إن هذا المبدأ ليس عنصر قوة للشركة الاسلامية ولكن عنصر قوة لحساب التأمين ، وبالتالي فهو عنصر جذب ، وتسويق جيد لكسب المزيد من المشتركين ، ولا سيما إذا نجحت الشركة في توزيع فائض جيد ، فعلى سبيل المثال فإن الشركة الإسلامية القطرية قد نجحت في توفير فائض جيد بدأت باسترداد 8% ثم 9% ثم 10% ثم 11% ثم 12% ثم 13% ثم 14% ثم 16% وفي هذا العام 2007م بلغت 17% ، ولذلك عليها اقبال كبير .
وأما بالنسبة للشركة التقليدية فإن عدم وجود الفائض فيها يعتبر عنصر قوة من حيث بقاء الفائض لها واعتبارها ربحاً ، ولكن ليس عنصر قوة للتسويق ، بل عنصر ضعف إذا وجد التسويق الجيد من قبل الشركات الاسلامية لمنتجاتها .
5ـ وجود الهيئة الشرعية لشركة التأمين الاسلامي :
إن وجود هيئة الفتوى والرقابة الشرعية ، هو عنصر قوة للشركة الاسلامية ، لأن معظم المسلمين يهمهم الحلال والحرام بشكل كبير ، وأن وجودهم يعطي ضماناً واطمئناناً لهم بسلامة المنتج من الناحية الاسلامية ، وبالتالي فإن وجودهم يساعد كثيراً على تسويق منتجات التأمين الاسلامي وقبولها لدى الناس حتى ولو كان أغلى من المنتجات التقليدية ، فما بالك إذا كانت أقل ، أو حتى لو كانت مساوية لها ؟! ولا سيما إذا كان لأعضاء الهيئة سمعة طيبة ، وقبول حسن داخل المجتمع .
6ـ مشاركة المشتركين ( حملة الوثائق ) في مجلس الادارة :
بدأت بعض الشركات الاسلامية بمشاركة المشتركين ( حملة الوثائق ) في إدارة التأمين ، سواء كانت هذه المشاركة تتم من خلال اختيار أحدهم ، أو اثنين منهم لحضور جلسات مجلس الادارة الخاصة بعمليات التأمين ، أو من خلال إنشاء هيئة للمشتركين تمثلهم فيما يخص قضايا التأمين .
وهذه المشاركة عنصر ممتاز للتسويق ، ومشجع لدخول كبار المستثمرين ورجال الأعمال في التأمين الإسلامي ليكون لهم دورهم في إدارة التأمين الإسلامي .
الخلاصة :
أن جميع المبادئ الخاصة بالتأمين الإسلامي عناصر جذب وتسويق لتسويق منتجات التأمين الإسلامي ، وهي غير متوافرة في التأمين التجاري التقليدي ، إضافة إلى توافق التأمين التكافلي نفسه مع مشاعر المسلمين وحساسيتهم مع الحرام ، ولا سيما في ظل هذه الصحوة المباركة التي تدفع الناس نحو الكثير من الالتزام بما يتفق مع الشريعة الاسلامية الغراء ، كما أن نجاحات التجربة المالية الاسلامية تعتبر رصيداً جيداً للمنافسة والتسويق الممتاز .
ولذلك فالمفروض أن تتقدم شركات التأمين الإسلامي وتكتسح الساحة بشكل سريع مطرد قوي ، ومن هنا فإذا وجد غير ذلك فهذا دليل على فشل المسوقين ، فالقضية قوية ولكن الاشكال في المحامين لها .
أما ما يتعلق بأن بعض هذه المبادئ ليست عناصر قوة مالية للشركة الاسلامية فمع أن ذلك ليس له علاقة بالمنافسة والتسويق لمنتجات التأمين ، فإن الشركات الاسلامية تستعيض هذه القوة من خلال أجر الوكالة ، والاستثمارات الناجحة التي تدر دخلاً جيداً تأخذ نسباً جيدة من الأرباح المحققة ، فعلى سبيل المثال حققت الشركة الإسلامية القطرية للتأمين نتائج باهرة ، فقد بلغ رأس المال من عشرين مليون ريال في عام 1995م إلى أكثر من مائتي مليون عام 2006م .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) سورة المائدة / الآية 100