ملخص
خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي محي الدين القره داغي ليوم 18 يونيو 2010 بمسجد
السيدة عائشة بفريج كليب


أيها الاخوة المؤمنون لقد تحدثنا في
الخطب السابقة عن بعض صفات هؤلاء المؤمنين الذين
يرثون
الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وقد بينا أن هذه الفئة
لابد أن تكون متصفة بصفات عظيمة لتكون متكافئة مع هذا الأجر العظيم ممثلا في
الفردوس الاعلى.

وقد تطرقنا في الخطبة الأولى حول هذا
الموضوع عن الصفة الأولى ألا وهي صفة الخشوع في الصلاة والتي تجعل الفرد المؤمن لا
يفكر في صلاته الا في الله والتقرب اليه والخوف منه مما يؤثر على باقي سلوكه وهو
خارج الصلاة، وإذا خشع القلب وسكن لله سبحانه وتعالى ترتبت عليه الصفة الثانية وهي
انسجام اللسان مع خشوع القلب والجوارح في الصلاة وهو ما جاء في الآية <<
والذين هم عن اللغو معرضون>> فهؤلاء الذين يرثون الفردوس لا يتكلمون بالشر
أبدا بل لا يتكلمون باللغو أبدا وإنما هم منشغلون دائما بفعل الخيرات بجميع
أنواعها الفعلية منها والقولية إذا هؤلاء الذين يرثون الفردوس هكذا تكون صلاتهم
وهكذا تكون ألسنتهم إذا فكيف ستكون أموالهم؟ فهل هم كالذين يؤدون الصلاة والصيام
والعبادات عموما الا الزكاة في أموالهم لا أبدا فهم على العكس من ذلك تماما فهؤلاء
اضافة الى الصفتين الأولين فإن أموالهم كذلك هي مسخرة في سبيل الله كلها إلا
بالقدر الذي يحتاجونه بل إن هؤلاء المؤمنون يعملون ويجمعون الأموال لا لكي تكون
لديهم أموالا كثيرة بل من أجل صرفها في ما يرضي الله ورسوله وأداء ما عليها من
حقوق وكذلك من صدقات إضافية والذين هم للزكاة فاعلون>> فلم يقل رب العزو
الذين يؤدون الزكاة أو يعطون الزكاة وإنما فاعلون أي يشتغلون ليلا نهارا على
الزكاة حتى قبل أن يحين موعد اخراجها وهو يعمل يستحضر أموال الزكاة التي ستجب عليه
في هذا المال الذي سيجنيه.

ولذلك ارتبطت زكاة النفس بزكاة المال
ولذلك حين يصف الله سبحانه وتعالى المتقين في سورة الذاريات<< والذين في
أموالهم حق للسائل والمحروم>> حق مطلق غير مقيد وحينما يتحدث عن الناجين من
النار فهنا يقيد هذا الحق<< والذين في أموالهم حق معلوم للسائل
والمحروم>>

فالزكاة قد تنجيك من النار أما أن
تنعن بالظلال والعيون والفردوس الأعلى فإنه يجب أن يكون في مالك حق آخر سوى الزكاة
ولذلك أيه الاخوة الاحبة هكذا يكون هؤلاء الذين يسكنون الفردوس الاعلى وهل تستحق
هذه الدرجة الرفيعة من الجنة أقل من هذه الصفات لا والله إنها الدرجة العليا من
الجنة فلا بد أن تكون محفوفة بصفات لا يلاقاها الا الذين صبروا وهي الصفات التي
عددنا الخشوع في الصلاة والاعراض عن اللغو والفعل المستمر للزكاة.

ومن هنا جعل الله سبحانه وتعالى أداء
الزكاة شرطا للايمان والاخوة الإيمانية بقوله<< فإن تابوا واقاموا الصلاة
وآتو الزكاة فإخوانكم في الدين>> أما الذي لا يدفع الزكاة أو يتحايل بالأخذ
بالحيل والفتاوى الشاذة حتى يتحلل من هذا الفرض فهذا لا يستحق أن يكون من هؤلاء
المؤمنين

فلا يجب أن ينشغل المؤمن بجمع
الأموال فقط وإنما أجمع الاموال حتى أسعد نفسي وأسعد الآخرين وأجتهد على ألا يبق
في ذمتي شيئ لأي كان فالحقوق وخاصة الحقوق المالية قد أكد عليها الله سبحانه وإن
الرجل يأتي يوم القيامة بصلوات كثيرة وأوراد ولكن لا يقضى له إلا إذا خلى جانبه من
حقوق الناس فهذه الحقوق لا تسقط أبدا بل هي التي تسقط من تعلقت به وتذهب حسناته
التي حرص عليها في الدنيا بل أن الرسول صلى الله علايه وسلم قد سمى هذا الصنف من
العباد بالمفلس وهو من أتى يوم القيامة بصلاة ووصيام وأعمال صالحة أخرى ولكنه قد
ظلم هذا وأكل مال هذا فإنه يوم القيامة يؤخذ من حسناته هذه ليرد تلك الحقوق التي لم
يؤدها في دنيا لأصحابها حتى تنتهي حسناته فيكون بذلك قد أفلس أي خسر كل ما جمعه من
الحسنات وهو يضن أنه ناج من النار بها.

طيب إذا اذا كان هؤلاء اصحاب الفردوس
الاعلى هكذا قلوبهم وهكذا تصرفاتهم وهكذا أموالهم إذا كيف تكون علاقاتهم وكيف
يحتفظون على فروجهم ؟ فجاء الوصف الرابع لهذا الصنف من المؤمنين بقوله
تعالى<< والذين هم لفروجهم حافضون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم
غير ملومين قمن ابتغى وراء ذلك فإولائك هم العادون>> فبعد الخشوع في الصلاة
والاعراض عن اللغو والحقوق في الأموال تاتي هذه الصفة الرابعة المكملة وهي حفظ
الفرج والحفظ هنا ليس عدم الزنى فهو المحافظة على الفرج من كل ما يمكن أن يجلب
الزنى من نظر وخلوة وغيرها وبنفس الاسلوب في الصفاة السابقة يأتي القرآن في هذه
الصفة كذلك بوصف عظيم شامل كامل عظم الجزاء وهو الفردوس الأعلى” حافظون”
المحافظة وليس عدم فعل الفواحش فهذا وصف الادنى وإنما هي محافظة أي الديمومة
والاستمرار في مسك النفس والابتعاد الكلى عن كل ما يمكن أن يثير فيها هذه الغريزة.

ثم بعد ذلك أيها الاخوة الاحبة يأتي
تعاملك مع الناس وهي الصفة الخامسة لهؤلاء المؤمنين الذين يرثون الفردوس الأعلى
وهي قمة الوفاء في التعامل مع الآخرين << والذين هم لأماناتهم وعهدهم
راعون>> فانظروا سبحان الله هذا التعبير هذه المرة كيف جاء فلم يقل رب العزة
“والذين لأماناتهم وعهدهم يحافظون” لا فهذه درجة دنيا بل يحافظ ويرعى ما
حافظ عليه وهي درجة أعلى فالرعاية أقوى من المحافضة، وهذه الأمانات أيها الاخوة
الأحبة فيها ما هو مع الله والمتمثل في التكاليف الشرعية<< ان عرضنا الأمانة
على الأرض والسماوات أمانات الأموال وقد قال علماؤنا أمانات الأسرار كذلك وهنا
نستحضر الاعداد الكبيرة ممن يجلبون العمال والخادمات على عهود وعقود معينة ثم بعد
ذلك لا يوفون بها لهم تحت طائلة التهديد بالطرد وغيرها من الاساليب المتبعة فهؤلاء
بطبيعة الحال لا يدخلون تحت طائلة هذه الأية فهم أبعد ما يكونوا بعملهم هذه عن عن
هذا الصنف من المؤمنين .

إذا هذه الأوصاف الخمسة التي شملت
القلب واللسان والأموال والفروج والعلاقات والمعالملا يمكن أن نستخلص منها قاعدة
أساسية أيه الاخوة الاحبة يجب علينا أن نحفظها لأنها قد غابت علينا وللأسف الشديد
أو قل غابت على البعض منا وهي أنه من أحسن العبودية لله فهو يحسن التعامل مع خلق
الله، فإذا كان قلبك خاشعا لله فإنك لا تؤذي الناس بلسانك بل تحسن اليهم بأموالك
وكذلك تحافظ وترعى العهود والوعود التي تربطك مع هؤلاء وذلك باتفاق العلماء بادخال
الوعود ضمن العهود.

ثم يختم الله هذه الصفاة فكما بدأها
بالخشوع في الصلاة فهو ينهيها بالمحافضة على الصلاة نفسها بقوله تعالى<<
والذين هم على صلواتهم يحافظون>> فهم الذين يؤدونها في أوقاتها ولا يتأخرون
عنها  وبهذا تكتمل هذه الصفات الست ليختم
الله تعالى بقوله<< أولائك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها
خالدون>> هم وحدهم دون غيرهم “أولائك”.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيد
المرسلين

أيه الاخوة المؤمنون لي كلمتان في
هذه الخطبة الثانية:

الأولى : أن أولادكم وأبناءكم وأهلكم
يدخلون في مفهوم الامانة فأنتم مسؤولون عنهم ولذلك ونحن نستعد لعطلة الصيف وأغلب
الدراسات تؤكد أن معظم الانحرافات تحدث للابناء أثناء هذه الفترة نتيجة التجوال
والتنقل والاختلاط مع الىخرين فعليه أيها الاخوة فعليكم المحافظة على أبنائكم فهم
أمانة في أعناقكم

الكلمة الثانية: تعلمون أيها الاخوة
أن المواقف الشجاعة التي أقدمت عليها الحكومة التركية والشعب التركي في سبيل
الدفاع عن فلسطين وغزة خاصة قد بدأت تؤلب عليهم اللوبيات الصهيونية في كامل الدنيا
وهم متنفذون وكنتيجة لهذا الامر فقد بدأو يضغطون من أجل ابطال العديد من الصفقات
الاقتصادية مع اخواننا في تركيا والدخول في حرب اقتصادية ضدهم وكما تعلمون فإنه
كان هناك ما بين 350 ألف و600ألف سائح صهيوني كانوا يقضون الصبف في تركيا فنتيجة
لهذه المواقف التركية فقد حولت السلطات الصهيونية وجهتهم الى بلاد أخرى وهذا فيه
خسارة كبيرة للاقتصاد التركي والمجال السياحي بخاصة

ولذلك أيها الاخوة نحن مطالبون
بالتوجه هذه السنة في عطلنا الى هذا البلد المسلم علنا نعوض هذا العدد الذي نسأل
الله ألا يعود اليهم كما نحن مطالبون وخاصة رجال الاعمال بالاستثمار في هذا البلد
والحال أن الاقتصاد التركي اليوم من أقوى اقتصاديات أوروبا وبهذا نكون قد قمنا
بالواجب تجاه هذا الشعب البطل وهذه الحكومة الشجاعة.