بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص خطبة فضيلة الشيخ الدكتور علي القره داغي في مسجد عائشة في الدوحة

ايها الاخوة المؤمنون

جاء الاسلام في وقت كان كل شئ مخالفا للفطرة السليمة، وحتى الديانات التي كانت سائدة في ذلك العصر كانت تولي العناية القصوى بالمظاهر والطقوس دون العناية بالتربية الارواح والنفوس. كانت العبادات عند اليهودية والنصرانية، وكذلك عند هؤلاء الذين يدعون أنهم اصحاب دين، كالمشركين والمجوس وغير ذلك من الاديان المحرفة او الاديان الارضية، كانت كلها تولي العناية -ان وجدت- بالمظاهر والطقوس، فجاء الاسلام ليغير كل شئ نحو الاحسن، ويعيد الامور الى فطرتها السليمة وليعيد الانسان الذي يدعي التدين الى التدين الحيقيقي.

وهنا دخل القران العظيم في معارك فكرية عظيمة جدا، لتربية هذه الامة على مايريده الله سبحانه وتعالى من الاصلاح الداخلي واصلاح النفوس، والارتقاء بالارواح، وكذلك الارتقاء بالعقول والنفوس، ثم بعد ذلك يأتي المظاهر، ويأتي البدن والسلوكيات، ليتبع هذا المحرك أو هذه الطاقة، التي تفجرها الاجهزة الايمانية والشعورية والتصورية داخل الانسان.

بين الله سبحانه وتعالى للمؤمنين أمرين عظيمين ثار حولهما جدل كبير، أولهما: تحول القبلة. حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، كان يتجه نحو بيت المقدس، ولكن في الوقت نفسه يضع القبلة المشرفة امامه، فكأنه كان يتجه نحو القبلتين، ولم يظهر أي اثر للتبيان للاتجاه  نحو البيت المقدس وبين الاتجاه نحو الكعبة المشرفة، وحينما جاء الرسول صلى اله عليه وسلم الى المدينة ، كان يتجه نحو بيت المقدس حوالي ستة عشر شهرا،  وبالتالي لم يستطيع ان يتجمع بين الامرين، فثار المشركون حول الرسول صلى الله عليه وسلم بمعركة كبيرة، ومعركة اعلامية عظيمة، بأن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يتبع دين ابراهيم، ولا يهتم بالكعبة المشرفة التي بناها ابراهيم، واراد الله سبحانه وتعالى بأن يبين لهؤلاء بأن القضية ليست هكذا، وانما هي قضية الطاعة لله سبحانه وتعالى. واراد الله سبحانه وتعالى ان يمتحن الامة مرة اخرى، ويمتحن الصحابة مرة اخرى،  ففي المرة الاولى خالفوا فيها المشركين، وخرجوا مما كانت لديهم من عاطفة نحو الكعبة المشرفة، وحينما حقق هذا التحول من الكعبة المشرفة نحو بيت المقدس على هذا المقصد وهذه التربية، بان توجهكم لايجوز أن يكون على اساس قومي او قبلي، وانما يجب ان يكون على اساس التعبد لله سبحانه وتعالى، ولكن بعد ستة عشر شهرا عاد الامر، فأمر الله سبحانه وتعالى ان يتجه الرسول صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة المشرفة، وثارت معركة أخرى من اليهود والنصارى بأن محمد صلى الله عليه وسلم لا يتبع الاديان السابقة، وانما هو يتبع العرب، ولذلك قاموا بثورة خطيرة ارادوا فيه التشكيك بهذا الدين.

هنا جاءت التربية التي يريد الاسلام ان تحقق نتائجها، وهي ان الديانة والتدين ليست المظاهر، وليست التوجه نحو الكعبة المشرفة ، او حتى نحو البيت المقدس، وانما هو مظهر وأمر، وليس هذا تقديسا للكعبة المشرفة رغم عظمتها، ولا تقديس للبيت المقدس رغم اهميتها، وانما هو تنفيذ لأمر الله سبحانه وتعالى. وهنا جاءت آيتان عظيمتان لتربيا هذه الامة على هذا الاساس، وهي ان الاسلام عبارة عن أربعة عناصر أساسية: شعور وانتماء وسلوك وعمل وكذلك اخلاق . وجاءت الآيتان الكريمتان لترد على الجميع ، بأن هذه المظاهر ليست لها قيمة اذا لم تكن مرتبطة بالجانب الداخلي،  فقال سبحانه وتعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ، أراد الله سبحانه وتعالى اولاً ان يربط هذه الامة بكلمة جميلة، كلمة مهمة جدا، بمصطلح عظيم، الا وهو مصطلح البّر الذي وصفه الله سبحانه وتعالى نفسه به فقال (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) أي هو المحسن، والبر هو الاحسان والاتقان والابداع، هو عمل الخير، هو الربط بالله سبحانه وتعالى، هو التقوى، هو أن تعبد الله كأنك تراه.

ربط الله سبحانه وتعالى الامة بها الجانب الداخلي النفسي، وجاءت المظاهر والصلوات بصورته الصحيحة وغير ذلك من الاركان، لتكون معبرة عما في داخل الانسان، فأمر بأربعة أشياء أساسية: أولها الايمان، وهو الجانب الشعور والتصور لدى الانسان، ليكون مرتبطا بالله سبحانه وتعالى ومؤمنا بالله في الدنيا، ومرتبطا نفسه كذلك باليوم الاخر والقيامة وما بعد الموت الى ان يصل الانسان الى الجنة وهذا ما نطلبه من الله، او الى النار ونستعيذ الله سبحانه وتعالى من ان نتون من أهل النار،

هذا الايمان والشعور هو الاساس، وهو الركن الأول من اركان الاسلام، ويأتي بعد ذلك ليفجر هذا الايمان طاقة الانسان، ورحمة الانسان، وشعور الانسان نحو خالقه بالعبودية من خلال الصلاة، وبين الله سبحانه وتعالى بأن اقامة الصلاة هي غير التولي نحو المشرق والمغرب، بل هي ان تقيم الصلاة لله سبحانه وتعالى بقلبك وبخشوع تامـ مرتبط بالله سبحانه وتعالى، فغير القران الكريم هذه المفاهيم الظاهرة ،وهذه المظاهر التي كان الآخرون من اليهود والنصارى والمشركين يفسرونها بالطقوس ويفسرونها بالمظاهر، وجاء الاسلام ليفسر هذه الامور بالجوانب الحقيقية، بالجوانب التي تدخل في داخل النفس، وآثاره كذلك على الانسان، لأعطاء المال لهؤلاء الفقراء، لهؤلاء المستضعفين والمساكين، ولهؤلاء السائلين، بين الله سبحانه وتعالى في اعطاء المال أمرين أساسيين، أولهما وأدناهما الزكاة، ولكن هذا قد لا يكفي ان كانت الامة تحتاج الى أكثر من ذلك.  بين الله سبحانه وتعالى هذين الصفتين في معنى البر، والبر لا يتحقق بمجرد اداء الزكات، وانما البر يتحقق باداء الزكاة واداء الواجبات ،وانما ينطلق من الزكاة ليعطي الى الفقراء والمساكين اكثر من ذلك، هذا ما فسرته الايات الموجوة في سورة الذاريات حينما بين الله سبحانه وتعالى بأن المتقين هم يكونون في الجنات النعيم، ووصفهم بأنهم كانوا قبل ذلك محسنين فقال سبحانه وتعالى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ، كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ، وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)، فبين الله سبحانه وتعالى بأن استحقاق الجنة بنعيمها وجناتها وزهورها لا يمكن ان يتحقق الا اذا وصل الى هذه المرحلة الكبيرة، وهي مرحلة الاحسان، والاحسان هو نفس معنى البر، والبر هو الاحسان والاحسان هو البر، وبين الله سبحانه تعالى النتيجبة بأنهم كانوا قبل ذلك محسنين، والمحسنين اي كانوا متقين، وكانوا خيرين، كانوا يتقون الله سبحانه وتعالى في جميع تصرفاتهم، فجاء تقدير القران الكريم وتوصيفه للمسم الحقيقي، هو انه لا يولي العناية بالمظهر وانما يولي العناية بالحقائق والارتقاء بالنفس والاعتلاء بالروح والسمو بالانسان، وبين الله سب حانه وتعالى بأن هذه المظاهر لو وجدت فهي لا تعبر عن حقيقة الاسلام، فنحن توجهنا نحو الكعبة المشرفة ، وتوجهنا كذلك نحو ما يريده الله سبحانه وتعالى هو نتجية تنفيذ امر الله سبحانه وتعالى، كما قال عمر حينما قبل الحجر الاسود والله لولا اني رأيت روسل الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، القضية اذا سمع وطاعة لله سبحانه وتعالى وليس قضية المظاهر التي كانت لدى اليهود والنصرى ولدى المشركين.

وهنا جاءت الاية الكريمة ايضا، حينما تحدث القران الكريم عن المشركين، وهم يتعبدون الله بدون وجه الحق، ويتعبدون الاصنام ويريدون من خلال ذلك التقرب من الله ، ويذهبون للحج والعمرة ويرجع ويأتي من ظهر البيت ولا يدخل من داخل البيت فقال سبحانه وتعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، البر هو التقوى اي الجانب النفسي واتوا البيوت من ابوابها فلذلك بين الله ان المقصود من الجانب الاساسي لبعض الامور الاعتبارية التي ارادها الله سبحانه وتعالى، وانما المقصد الاساسي من تشريع الله سبحانه وتعالى اصلا هو ذلك الانسان، ليكون ذلك الانسان صالحا ومصلحا ، حتى يكون قادرا على العطاء وقادرا على تنمية الارض واستعمارها وتنميتها التي خلقها الله سبحانه وتعالى له.

يأتي اليوم ما نراه نحن في مجتمعاتنا الاسلامية، كأننا نعود فعلا الى ما كانت عليه في كثير من الاحيان عند اليهود والنصارى من العناية القصوى بالمظاهر، حتى المظاهر العبادية، دون ان تكون لهذه العبادات آثارها الحقيقية على نفوسنا وعلى قلوبنا، وهنا يأتي البر التي ارادها الله سبحانه وتعالى تربية الامة عليها، ويقول سيدنا أنس ان النصارى يولون وجوههم في عباداتهم نحو المشرق، واليهود نحو المغرب، وحينئذ بين الله سبحانه وتعالى ان هذه المظاهر لا تدخل في العبادات وانما الذي يدخل في العبادات آثار العبادات، مقاصد العبادات، وهي ان نصل الى هذا المجتمع المتمساك، المجتمع العابد، والمجتمع النزيه والمجتمع الروحاني، والمجتمع السلوكي والراقي . واول عنصر من عناصر البر ومن عناصر القبول لدى الله سبحانه وتعالى ان يكون ايماننا صحيحاـ بأن نؤمن بالله وملائكته   كتبه ورسله كما اراده الله سبحانه وتعالى، ليكون هذا الايمان طاقة تفجر ما لدى الانسان من قدرات وطاقات لخدمة ما يريده الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لخدمة البشرية جمعاء، ثم من هذا الايمان الذي يربطك بالله الذي خلق الكون، وخلق العباد، ينبثق منه هذه السلوكيات هذه الاعمال، وانك تؤتي المال على حبه ، مع ذلك وبدون مقدار واكثر من الزكاة تعطيه لهؤلاء المحتاجينـ ولا يجوز ان يكون داخل الامة الاسلامية محتاجون يتضورون الجوع، أو يموتون، ولدى الاخرين الاموال،  فالله سبحانه وتعالى يحاسبهم على ذلك، واذا راعينا هذا الجانب في امتنا الاسلامية كم نرى الفوارق بين البعض والاخر، منهم من يموت بالكثرة والبطنة وما لديه من الترفه، ومنهم من يموت بالمجاعة وسوء التغذية وعدم القدرة على الشراء من الدواء والغذاء، أي حقيقة وتحريك لهذا الايمان وربط بينك وبين الله الذي خلقك وخلق هذا الانسان، لا سيما اذا كان مسلما؟ أين شعورك بالاحساس؟ أين احساسك بمجاعة الاخرين وألم المجاعة والامراض وغير ذلك؟

وقد بين الله في اوصاف هؤلاء البارّين، وهؤلاء المحسنين، بانهم لا يكتفون بالزكاة، حينما وصفهم في سورة الذاريات وقال ” في أمواله حق للسائل والمحروم” ولم يقل حق معلوم بينما في سورة المعرج حينما يتحدث في مجرد النجاة من النار يقول رب العالمين (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، يمكن أن ينجو الانسان من النار بأداء الزكاة، ولكن لن يصل الى الجناة والعيون الا اذا كان يعطي اكثر من الزكاة . وكذلك لم يقل رب العالمين في الصلاة يصليـ وانما قال يقيم الصلاة، واقامة الصلاة يراد بها أمران أساسيان الأمر الاول ان تقام الصلام داخل نفسك، فيكون لها تاثير ويكون لها إشعاع على تصرفاتك وعلى أخلاقك، وحينما تصف رب العالمين وتقول الحمد لله رب العالمين، تحمد الله على نعمه، وتعرف ان هذا الحمد لن يتحقق في الاسلام بمجرد الللسان انما الحمد الحقيقي لله يأتي بثلاثة امو/، بالقلب وباللسان وبالفعل ولذلك قال رب العالمين لقوم داود ولسيدنا داود “اعملوا آل داود شكرا” اي يكون الشكر كما يقول الامان الغزالي رحمة الله عليه: عمل الشكر صرف هذه النعمة في وجهها، اذا انت ذا مال فتنفق هذا المال لله، وان كنت ذا علم فتنفق هذا العلم في وجه الله، وان كنت ذا جاه فتنفق جاهك في سبيل الله، وان كنت صاحب صحة تسعى كذلك في خدمة الناس ورفع حوائجهم، وحينما تصف الله  بالرجمن والرحيمـ واذا كان الله هو الرحمان وهو الرحيم ، فلا بد أن تقترب من الله بتحقيق هذه الصفة في نفسك من خلال رحمتك بالناس، ارحموا من في الارض يحمكم من في السماء، هذه هي الاقامة الحقيقية للصلاة، والامر الثاني أن تقيم الصلاة بالجماعة بقدر ما تستطيع، لا تترك الجماعة حتى تلتقي بإخوانك، ثم بعد الصلاة والزكاة واداء المال بين الله سبحانه وتعالى عناصر أخلاقية، “والموفون بعهدهم اذا عاهدوا” ، البر والاحسان لن يتحق الا اذا وصل الانسان الى الوفاء بجميع العهود والوعود، وهذا هو أخطر شئ عند المسلمين في عدم حفاظهم على عهودهم، بينما امر الله سبحانه وتعالى بذلك وقال ” ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود “، والعقد سواء كان عهدا او وعدا او عقدا يتكون من عنصرين، ولم يكتفي رب العالميم بذلك فقط وقال ” وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا”،  اذا قرئنا سورة المؤمنون وكذلك بقية السور، سنجد في جميع الحالات من اوصاف أهل الفردوس الا وفيه الوفاء بالعهود والوعود لأن الوفاء بالعهود من اهم القيم الاخلاقية ومن أهم العناصر لتحقيق الحضارة. الغربيون والاوروبيون لم يصلوا الى ما وصلوا اليه الا بعدما استتطاع الرواد الاوائل وهم لم يكونوا ملتزمين بالدين، ان يصلحوا النظام السياسي والنظام التعليمي، ومن ثم ان يربوا ابنائهم على ثلاثة امور اساسية: تقديس العهود والوعود وتقديس الوقت وتقديس الابداع ، بهذه الامور الثلاثة بدأت اوربا نهضتها، وهذه الامور الثلاثة ليست من باب المصالح عندنا وانما من باب الدين ولا يتحقق الايمان ولا التقوى  كم قال الله تعال ” واولئك الذين صدقوا واولئك عم المتقون” الصادق والمتقي لا يكونق الا اذا كان وفيا بعهده ووفيا بوعوده

كذلك الصبر على كل شئ ايضا صفة اساسية اخلاقية عالية من القيم العليا للاخلاق. هذه هي مواصفات البر في الاسلام وليست مجدر مظاهر وليست مجدر اقامة شعائر .

الخطبة الثانية

ايها الاخوة المؤمنون

يريد الله سبحانه وتعالى من خلال القران الكريم ومن خلال تربية الرسول صلى الله عليه وسلم ان تتحول الامة الاسلامية دائما الى أمة جديرة بأن تستعمر الارض وتنمي الارض وتنمي تنمية شاملة لكل من في الارض وهذا ما وعد الله سبحانه وتعالى لهذه الامة كما قال وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَٰذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ، وبين الله سبحانه وتعالى بان من أهم مبررات ان تكون هذه الامة وريثة للأرض كلها وقادرة من المكن للارض كلها لأنها امة تتوافر فيه ثلاثة شروط اساسية العبودية لله من خلال التقوى والبر وكذلك مايسنتج منه والصلاح لحمل الامانة ثم الرحمة للعالمين أجمع ، لأن بقية الامم جربوا كما نراهم اليون في الغرب لأانم لم يكونوا صالحين لجموع البشرية وان كانوا صالحين لأنفسهم لأن التربية الغربية مع الاسف الشديد تركز على ان تكون الانسان مواطنا صالحا وليس انسانا صالحا والاسلام يريد ان تكون تربية المسلم ليصبح انسانا صالحا انسانا رحيما انسلانا مشفقا على الاخرين انسان عطوفا خيرا على الاخرين  ومن هنا يريد القران بكل الوسائل تربية هذه الامة وربطها بالقيم وربطها بالعمل وربطها بالاحسان وربطها بالاتقان وربطها بالابداع لأن الامة التي تستحقق وهي سنن الله لن تمنح لنا هذا منحا وانما على الامة ان تستحق ذلك حينئذ يسخر الله سبحانه وتعالى له هذا الكون

ومن هنا يأتي كل ما في القران وما في السنة لتحقيق هذا الغرض المنشود

ولكن حينما نرى انفسنا لازانا نحن في مؤخرة القوافل لا زلنا في الوفاء بالعهود الذي اكد الله عليه في كل صفات المحسنين والبررة والمتقين وأهل الجنة لا يزال فينا قليلا  وكذلك العطف والشفقة وكذلك العطاء وحتى العطاء مع الاسف الشديد نرى ان الذي تعطى ويؤخذ من الدول الغربية لدولة الفقراء اكثر بكثير مما يؤخذ من العالم الاسلامي ورغم الخير الكثير فينا لذ تحتاج لهذه الامة ان تتحرك والتحرك من الفرد ومنكم وان نحسن وانطبق وان نصل الى البر ” الا تحبون ان يغفر الله لكم”  بالتأكيد الكل يحب ان يغفر الله له وان يجعله اهلا لذلك ولنعمل كما قال ابن عمر ان نطبق هذا القران على انفسنا اذا كان القران يصف هذا البر بهذا الوصف فلنحاول ان نوفر هذا البر في انفسنا وحينما الافراد ينصلحون تكون الامة متكونة منهم ومن هنا لو الامة واحدة وقوية لما حدث فينا ما حدي انظر الى عالمنا الاسلامي مالذي يحدث انظر الى القتل      والتدمير الذي يحدث في بعض البلاد جهارا ونهارا

فلنرى ما يحدث في سوريا ، يقتل يوميا اكثر من ثلاثين ” ومن ثتلها فكأنما قتل الناس جميعا” والناس يتفرجون والمراقبون العرب الموجودون مراقبون ، متفرجون ولذلك نطلب من جامعة الدول العربية اذا لم تستطيع ان تعمل شيئا فجاوزه الى من تسطيع فلا المعارضة راضية عن الجامعة لأ،ها لم تقم بواجبها ولا النظام راضية عنكم اذا ماذا تفعلون وهذه دليل بأن عملكم مذبذب وعملكم متردد يجب ان يكون للجامعة دورها ولمنظمة التعاون الاسلامي دورها ولا يجوز السكوت على الباطل هذا عهد من عند الله وقد اخذ منا العهد ان نبين الحق للناس ولا نكتم ” ومن يكتمها فإنه آثم قلبه”

لماذا المراقبون لم يصرحوا بحقيقة ما يحدث ولم يكشفوا الحقائق لذلك انفصل منهم من كان له ضمير

والامر الثاني لو كانت الامة قوية قادرة على حمايتها هل يحدث ما يحدث في اليمن وهل رايتم في العالم كله الشخصالذي يجرم ويقتل ثم يأخذ الحصانة؟ هذا ليس من الدين وحينما حاول أمريكا ان تفرض الحصانة لجنوده في اوروبا لم يقبل الاوروبيون بهذه الحصانة وكانت هذا اكبر اشكالية بين اوروبا وبين امريكا في الحصانة لجنوده هلى اساس انهم يحاربون من أجل اوروبا

كيف يعطى الحصانة؟ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعفي نفسه ولم يعطي لنفسه الحصانة فحين الموت عرض نفسه على الصحابة ” من كان له حق علي فليأخذه مني” الا ان جاء احد الصحابة وقال انك ضربتني وانت لم تنبه وضربتني عل جلدي وكان يريد ان يقبل ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم على جسده فكشف الرسول عن بدنه وقبله الصحابي وقال الصحابي يارسول الله كلنا فدا لك . هكذا الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعرض نفسه ولم يعطي لنفسه الحصانة فكيف بالاآخرين

هذه الامة العظيمة الوحيدة وصاحبة رسالة حقيقية محفوظة من عند الله سبحانه وتعالى ومكلفة بتعمير الارض أمة تصل أمرها الى ما تصل اليه  ولكن أملنا بالله وبهذه الثورات ان تعيد للأمة روحها وقوتها ونبضها وسموها.