التعريف بالتعويض عن الضرر المعنوي :


التعويض لغة : مصدر باب عوّض ـ بتشديد  الواوـ وأصله من عاضه بكذا ، وعنه ، ومنه ـ عوضاً : أي أعطاه إياه بدل ما ذهب منه ، فهو عائض ، وأعاضه منه ، وعوضه منه أي أعاضه ، واعتاض منه أي أخذ العوض منه أي أعاضه ، واعتاض منه أي أخذ العوض منه ، واعتاض فلاناً ، واستعاضه أي سأله العوض ، وتعوض منه : أخذ العوض  .


 


والتعويض في الاصطلاح : هو دفع ما واجب من بدل مالي بسبب إلحاق ضرر بالغير  وبذلك فهو أعم من الديات التي هي دفع ما وجب مقدراً عند الاعتداء على النفس ، أو على أعضاء الإنسان ، ومن الأرش الذي يخص المال الواجب في الجناية على الإنسان في غير الديات المقدرة .



حكم التعويض : بما أن التعـويض لا يكون إلاّ مقابل ضـرر لذلك يـكون التعـويض واجباً  .



والضرر لغة : مصدر ضره ، وبه ضراً ـ بالفتح والضم ـ وضرراً أي ألحق به مكروهاً ، أو أذى ، ويقال : ضاره مضارة وضرراً أي ضره ، واضطر إليه أي ألجأه وأحوجه ، وتضارا أي ضار أحدهما الآخر ، ولحقهما ضرر وضيم .


 فالضرر هو ضد النفع ، والنقصان ، قال الأزهري : كل ما كان سوء حال وفقر وشدة في بدن فهو ضُرّ ـ بالضم ـ وما كان ضد النفع فهو بفتحها .



والمعنوي : نسبة إلى المعنى وهو لغة : ما يدل عليه اللفظ ، والصفة المحمودة للإنسان ، والمعنوي خلال المادي  .



 إذن فالضرر المعنوي : هو الضرر غير المادي أي الضرر الذي لا يدرك بالحسّ ، ولكن له تأثير نفسي على المضرور .



استعمالات الضرر في القرآن الكريم والسنة المشرفة :


  ورد الضرر ومشتقاته في القرآن الكريم أربعاً وسبعين مرة إضافة إلى الآيات التي وردت في منع الإيذاء والإتلاف إلاّ بحق ، تناولت مختلف أنواع الضرر والإيذاء ، حيث أصلت هذه الآيات منع الضرر في الشريعة الإسلامية بكل أنواعه وأشكاله منها قوله تعالى: (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً)  أي لا يؤثر فيكم بالإيذاء والنقص ، وقد ذكر الضرر في مقابل النفع أكثر من مرة مثل قوله تعالى : (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم)  وقوله تعالى : (….. ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً)  وقوله تعالى : (قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلاّ ما شاء الله)  .


  ومنها قوله تعالى : (لن يضروكم إلاّ أذى…)  أي أن هؤلاء الفاسقين والكافرين لن يضروكم إلاّ أذى من خلال الإشاعات والإيذاء القولي والفعلي ، قال الشوكاني : (أي لن يضروكم من أنواع الضرر إلاّ بنوع الأذى ، وهو الكذب والتحريف والبهت….)  فالضرر في هذه الآية يشمل الضرر المعنوي بوضوح .


  ومنها قوله تعالى : (ولا تضار والدة بولدها ولا مولود بولده)  وقوله تعالى : (ولا تضاروهنّ لتضيقوا عليهنّ)  وقوله تعالى : (ولا يضار كاتب ولا شهيد)  .


 


ومنها قوله تعالى : ( ولا تمسكوهنّ ضراراً لتعتدوا)  .


  وقد تكرر لفظه في السنة المطهرة كثيراً منها قوله : (لا ضرر ولا ضرار)  وقوله : ( من ضار أضر الله به)  .



التعريف بالضرر المعنوي :


   يقصد بالضرر المعنوي أو الأدبي : الضرر غير المادي الذي يصيب الإنسان في شرفه وسمعته ، بل وفي نفسيته من حزن وألم بسبب اعتداء وقع عليه ، أو على عزيز عليه ، يقول الأستاذ السنهوري : ( الضرر الأدبي هو لا يمس المال ، ولكن يصيب مصلحة غير مالية)  مثل ما ينتج من تشويه الجسم ، وتفويت الجمال ، والإهانة ، وفوت العزيز من آلام نفسية.


  يقول الدكتور مرقس : (كل مساس بحق أو مصلحة مشروعة يسبب لصاحبه أذى في مركزه الاجتماعي ، أو في عاطفته ، أو في شعوره ، ولو لم يسبب له أية خسارة مالية ، أي لم يفوّت عليه نفعاً ذا قيمة مالية ، ولم يكبده أعباءً مادية)  .


وقد ذكر القانونيون الأحوال التي يتحقق فيها الضرر المعنوي وهي :


1ـ ضرر أدبي يصيب الجسم يسبب الجروح والإتلاف والتشوهات .


2ـ ضرر أدبي يصيب الشرف والاعتبار والعرض ، فالقذف وهتك العرض وإيذاء السمعة والاعتداء على الكرامة تحدث ضرراً أدبياً ، إذ هي تضر بسمعة المصاب وشرفه واعتباره بين الناس ، ويلحق بذلك أن يذاع عن الشخص أنه مصاب بمرض خطير.


3ـ ضرر أدبي يصيب الجانب النفسي من العاطفة والشعور والحنان مثل ما يحدث للأم بسبب انتزاع طفلها من حضنها وخطفه ، وما يحدث للأولاد بسبب الاعتداء على الوالدين ، أو بالعكس ، وللزوج بسبب الاعتداء على زوجته ، أو بالعكس ، ويلحق بهذه الأعمال ما يصيب الشخص في معتقداته الدينية ، وشعوره الأدبي  .


  ومن هذا العرض يتبين أن الضرر الأدبي أو المعنوي قد يكون مصحوباً بضرر مادي من تلف لعضو ، أو فوات لمنفعته جزئياً أو كلياًَ ، وقد لا يكون كذلك مثل الأضرار النفسية والآلام بسبب الاعتداء على شخصيته، وأن الاساءات الأدبية هي عنصر أساس فيه ، حيث عرفته المادة 267 من القانون المدني الأردني الجديد بأنه : (كل تعد على الغير في حريته ، أو في عرضه ، أو في شرفه وسمعته ، أو في مركزه الاجتماعي ، أو اعتباره المالي) .


  كما أنه يتبين لنا أن الضرر المعنوي باعتبار متعلقه إما مباشر للشخص المعتدى عليه مثل ضرر التشهير وسرقة الإنتاج الذهني ، أو غير مباشر كالضرر اللاحق لأحد أفراد الأسرة  . 


  ولم أجد هذا المصطلح حسب علمي في الكتب الفقهية القديمة ، ولكن المعاصرين من أهل الفقه عرفوه بعدة تعريفات منها بأنه : الضرر الذي يصيب الإنسان في شرفه وسمعته  وهذا التعريف غير جامع للآلام النفسية ونحوها  .


  والتعريف المختار لديّ هو أن الضرر المعنوي (أو الأدبي) هو أذى يصيب الشخص في نفسيته ، أو شرفه أو اعتباره ، أو مشاعره ومعتقداته الناجم عن أي اعتداء ، أو إتلاف ، أو عمل غير مشروع وقع عليه .


  فالضرر المعنوي أو الأدبي ضرر غير مادي وغير محسوس ولكنه سببه مادي محسوس حيث قد يكون جريمة ، أو إتلافاً كما أنه قد يصحب الضرر المادي ، وقد لا يقترن به كما في حالات القذف والسب ، وإيذاء السمعة  ، أما الضرر المعنوي نفسه فهو غير مادي ، وإلاّ فيدخل في الضرر المادي ، ولذلك فلسنا مع بعض القانونيين  الذين اعتبروا بعض الأضرار المحسوسة كالآلام الجسدية ….أضرار أدبية .



التعريف بالتعويض اصطلاحاً :


 التعويض لدى القانونيين هو دفع ما وجب دفعه من بدل مالي ، أو نحوه ، حيث نصت المادة 67 من القانون القطري على أن (كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ، وعليه تنتفى المسؤولية إذا لم يحدث ضرر ولو كان الخطأ محققاً ) ، وعلى ضوء ذلك فكل مساس بحقوق الشخص المالية كحق الملكية ، وحق الانتفاع ، وحق الارتفاق ، وحقوق المؤلف ، والمخترع يعتبر ضرراً مادياً ، وكذلك كل مساس بصحة الإنسان وسلامة جسمه أو بحق من حقوقه الشخصية يعتبر ضرراً مادياً إذا ترتب عليه خسارة مالية ، حيث استقر الفكر القانوني على أن الضرر هو الركن اللازم لتحقيق المسؤولية المدنية ، سواء أكانت تقصيرية أم عقدية ، وأما الضرر المعنوي فقد اتفق فقهاء القانون على أن الضرر المعنوي لا يصيب الشخص في ماله ، وإنما في مصلحة أدبية له .


 وفي الفقه الإسلامي هو : دفع ………….



خلاصة التعريف :


    فالتعويض عن الضرر المعنوي هو : دفع ما وجب من بدل مالي أو نحوه بسبب إلحاق أذى في نفسية شخص ، أو شرفه أو اعتباره ، أو مشاعره الناتج عن أي اعتداء ، أو إتلاف ، أو عمل غير مشروع .


  والتعويض يقوم أساساً على التقويم ، وليس التثمين ، وذلك لأن التثمين هو جعل الشيء ثمناًَ باتفاق الطرفين في المبادلات بعوض ، وأما التعويض فهو يخص التصرفات المقتضية للضمان كالإتلاف والغصب ، وهو أعم من الأرش الذي يخص المال الواجب في الجناية على ما دون النفس ، ولكنه أخص من الضمان الذي يشمل غير الأموال مثل ضمان الشخص وكفالته  .


 وقـد لاحـظنا أن التعويض ليـس بالضرورة أن يكون بالمـال فقط بل يـكون بغيره ـ كما سيأتي ـ .


الفرق بين التعويض المالي والعقوبات المالية أو الغرامات :


العقوبات المالية أو الغرامات كثيرة ، ولكن من أهمها هي أن التعويضات تعطى للمتضرر ، أما العقوبات المالية والغرامات فهي للدولة .


 اعلى الصفحة