التعريف بالربح والألفاظ المتقاربة إليه ، وتعريف الخسارة :


والربح هو الكسب الناتج عن التجارة ، فيقال : ربحت تجارته ربحاً ـ بكسر الراء ـ ورَبحاً ورَباحاً ـ بفتح الراء ـ أي كسبت ، قال الأزهري ربح في تجارته إذا أفضل فيها وأربح فيها ، أي صادف سوقاً ذات ربح ، ويقال أربحت تجارته فلاناً على بضاعته أي أعطاه ربحاً ، ورابحه على بضاعته ، أعطاه ربحاً ، وتربح أي تكسب ، واستربح : طلب الأرباح .


ولا يخرج معنى الربح لدى الفقهاء عما ذكره أهل اللغة ، فهو الكسب ، فالربح هو النماء الناتج عن التجارة ، وبعبارة أخرى هو الزيادة على رأس المال المتحققة بسبب التجارة بعد حسم المصاريف .


 وقد عرف مجمع الفقه الإسلامي الربح بأنه : ( الزائد على رأس المال وليس الإيراد ، أو الغلة ويعرف مقدار الربح إما بالتنضيض أو التقويم للمشروع بنقد ، وما زاد على رأس المال عند التنضيض ، أو التقويم فهو الربح ) .


والخســائر : جمع خســارة ، وهــي ضــد الربـح ، وهــي نقـص رأس المـال . وهناك ألفاظ متقاربة مع الربح مثل النماء ، والغلة والفائدة ، يكون التعريف بها مفيداً لتوضيح معالم الربح وتمييزه عن غيره :


 فالنماء هي الزيادة ، وهو قسيم الجماد ، والنماء قد يكون بطبيعة الشيء أو بالعمل ، فالنماء أعم من الربح  .


 والغلة هي ريع الأرض أو أجرتها ، فيقال : استغل الضيعة ، أي أخذ غلتها ، واستغل فلاناً ، أي طلب منه الغَلّة ، أو انتفع منه بغير حق لجاهه أو نفوذه ، والغَلّة : الدخل من كراء دار ، أو ريع أرض وجمعها غلات وغلال ، والعلاقة بين النماء والغلة أن النماء من أسباب الغلة.


 والفائدة : المال الثابت ، وما يستفاد من علم أو عمل أو مال ، أو غيره  . وتطلق الفائدة في عالم المال والاقتصاد اليوم على الربا المعروف في الإسلام فهي الزيادة الناتجة عن الدين المؤجل  .


 فالعلاقة بين الربح والنماء هي : أن النماء أعمَّ من الربح ـ كما سبق ـ وأن الرِّبح يقابل الغلّة ، فهو المكسب الزائد الناتج عن التجارة ، في حين أن الغلة هي ريع الأرض أو أجرتها . وأما الزيادة التي تأخذها ، أو تعطيها البنوك التقليدية ( الربوية ) في مقابل القرض أو الدين والتي تسمى بالفائدة فهي الربا المحرم كما صدرت بذلك قرارات المجامع الفقهية ( مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف منذ عام 1965 ، والمجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي / ومجمع الفقه الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي )  وصدرت بذلك فتاوى هيئة كبار العلماء بالسعودية ، وفتاوى كبار العلماء المعاصرين أمثال الشيخ أبو زهرة ، والشيخ بن باز ، والشيخ القرضاوي ونحوهم .


 وقد عرف الاقتصاد الربح بأنه الفرق بين ثمن البيع ونفقة الإنتاج ، وأن الربح الإجمالي هو كل المكاسب التي يحصل عليها ربّ العمل ، والربح الصافي إنما يتحقق بعد حسم كل المصاريف  .


 إن العلاقة في التأمين التجاري بين الشركة المؤمنة ، والمؤمن له واضحة حيث تقوم على المعاوضة المحضة من خلال نظام التأمين والعقود المنظمة للعلاقة بينهما ، حيث إن الشركة تتملك الأقساط المدفوعة وتدخل في ذمتها بالكامل في مقابل الالتزام بالتعويض ، أو مبلغ التأمين ( حسب تفصيل ينظمه النظام والعقود المنظمة) .


  وعلى ضوء هذا التكييف والواقع تأتي مسألة الربح والخسارة بالنسبة لشركة التأمين ، حيث أن بقي شيء من الأقساط فهو ربح لها ، وذلك إذا كانت التعويضات (أو مبالغ التأمين) والمصاريف أقل من الأقساط المأخوذة ، حيث يكون الفرق ربحاً للشركة ، أما إذا كانت أكثر مما أخذته الشركة وتملكتها من الأقساط فحينئذٍ خسرت الشركة بمقدار هذا الفارق .


  أما في التأمين الإسلامي فليست العلاقة بين الشركة والمؤمن له قائمة على العلاقة السابقة ، وإنما الشركة وكيلة ـ كما سبق ـ وأنها ليست أصيلة في التعاقد ، بل هي نائبة عن حساب التأمين أو هيئة المشتركين ، وان التأمين في حقيقته كان بين حساب التأمين والمؤمن له ، وأنهما في حقيقتهما واحد ، ولكنهما مختلفان من حيث الاعتبار .


  لذلك فليس للشركة أي حق في الربح أو الخسارة في عمليات التأمين نفسها ، وإنما الشركة لها دوران هما :


1-       الوكالة بأجر أو بدون أجر في إدارة عمليات التأمين ، وتنظيم التأمين تأسيساً وعقداً ، وإعادة للتأمين وغير ذلك .


2-       والدور الثاني هو القيام بإدارة أموال حساب التأمين إما عن طريق المضاربة ، أو الوكالة بالاستثمار ، والشركة هنا أيضاً لا تتحمل أي خسارة إلاّ في حالة التعدي او التقصير ، أو مخالفة الشروط ، وإنما لها نسبتها من الربح المحقق في المضاربة ، أو النسبة المتفق عليها في الوكالة بالاستثمار .


  وأما الربح والخسارة بالنسبة للمشتركين فما دمنا قد كيفنا الأمر على أساس التبرع ، وقد خرج القسط من ذمته فليس هناك مجال للحديث عن الخسارة إلا في حالة واحد أن يخسر حساب التأمين أكثر مما جمع من الأقساط وكان التامين من التأمين التعاوني البسيط الذي يرجع فيه إلى المشتركين حيث الأقساط لا تكون ثابتة ، ولكن التأمين الإسلامي اليوم يقوم على أساس التأمين التعاوني المركب مع التعديل حيث تقف بعد حساب التأمين شركات إعادة التأمين ، فإن لم تف فإن الشركة تقرض هذا الحساب بالمقدار الذي يحتاج إليه على أن تسترده فيما بعد من الفائض المستقبلي .


  وبالتالي فليس هناك الآن شيء اسمه الخسارة على المشترك في التأمين الإسلامي ، فما دفعه المشترك يكيف على أساس التبرع بشرط العوض ، أو الهبة بثواب .


  وبالنسبة للربح للمشترك المستأمن فليس هناك مجال للحديث عن الربح للمشترك من حيث هو مستأمن ، حيث حينما يأخذ التعويض ، أو مبلغ التأمين فهذا ليس من الربح أبداً ، ولا يسمى ربحاً ، لأنه أخذ قيمة ما أصابه من ضرر فعلي في التأمين من الأضرار أو أخذ مبلغ التأمين المتفق عليه في التأمين على الأشخاص وهذا لا يسمى ربحاً لا شرعاً ولا عرفاً ولا قانوناً .


  وأما الفائض الذي يرد على المشترك فهو أيضاً ليس ربحاً قطعاً ، لأن الربح هو الزائد على رأس المال المستثمر ، في حين أن الفائض هو المتبقي من الأقساط وأرباحها بعد المصاريف والتعويضات وليست علاقة المشترك بحسب التأمين قائمة على أساس الاستثمار والربح ، كما أنه ليس زائداً عن رأس المال المدفوع ، وإنما هو جزء من المال المدفوع .


 


  اعلى الصفحة