بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص خطبة الجمعة 3 يونيو 2011 لفضيلة الشيخ على محي الدين القره داغي بمسجد السيدة عائشة بفريج كليب

ايها الاخوة الكرام

كلمتان في القران تأخذان حيزا عظيما من ايات القران الكريم، وتأخذان كذلك حيزاً أكبر من حيث المحتوى، ومن حيث التأثير، ومن حيث الصلاح، ومن حيث الخسران، ومن حيث الفوز ومن حيث كل الاثار التي نراها شاهدة أمام أعيننا في هذه الدنيا من التقدم والتخلف، ومن التحضر، وغير ذلك مما يحدث للفرد أو الجماعة أو الامة أو الدولة.  و هاتان الكلمتان هما خفيففتان فعلا على اللسان، ولكنهما عظيمتان في التأثير الفعلي على الحياة الانسانية، وعلى الحياة البشرية، تتوقف عليها الحضارات وجودا وعدما، وتطورا وتخلفاً، وتقدماً وتأخرا، بل حياة وموتاً، هما الصلاح والفساد,

 فالفرد، والاسرة، والقبيلة والمجتمع، والدولة والامة، تقاس بهاتين الكلمتين، فإن كانت قائمة على الصلاح ففي خير وسعادة، وفوز، والى تطور وتقدم، واما ان كانت على الفساد، ففي هلاك ودمار، وشر وخسران، وتأخر وتخلف. وكأن ميزان الحق والعدل والخير والتقدم والتنمية والحضارة، والسعاد، والرفاهية تتأثر تماماً بالصلاح ايجابا وبالفساد سلبا .

ايها الاخوة الكرام

ان الحياة كلها بدءاً من الجنين الى الموت، والكون كله، مرتبطان سلبا وايجابا بالصلاح والفساد، ولذلك اصبح العمل الصالح الذي يشمل القول والفعل، شرطاً للايمان، وشرطا لدخول الجنة، وشرطاً للخروج من دائرة الخسر، ومن بوتقة الخسران، ومن وعاء الخسر فقال تعالى “والعصر ان الانسان لفي خسر الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات…” فموقع العمل الصالح في الايمان والاسلام هو ما يأتي :

1-    شرط لتحقيق الايمان، فقال تعالى  وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (75) سورة طه. ويقول الرسول الكريم “ليس الايمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل”

2-    شرط للخروج من الخسر، فقال تعالى “وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) ” سورة العصر

3-    البشارة بالجنة خالدين، بل بالفردوس الأعلى، فقال تعالى “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (82)” سورة البقرة

وقال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)” سورة الكهف.

4-    اكتساب الأجر ”  وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ” سورة آل عمران. وآيات أخرى تتحدث عن الجنات، والعيون، وجنات النعيم، وجنان، والروضة، والروضات وغير ذلك.

5-    المغفرة والأجر العظيم، فقال تعال: ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۙ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)” المائدة. ومغفرة ورزق كريم في الاية 50 من سورة الحج.

6-    الجزاء في الدنيا والاخرة بالقسط والاحسان، فقال تعالى “لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ …(4)” يونس

7-    الهداية الى كل ما فيه الخير والصلاح، فقال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9)” يونس

8-    طوبى لهم وحسن مآب، فقال تعالى ” الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ …(29)” الرعد

9-    الأجر الكبير والأجر الحسن، ففي سورة الاسراء الآية 9 بلفظ “اجرا كبيرا” وفي سورة الكهف الأية 2 “إن لهم أجرا حسنا”

10-    عدم اضاعة من عمل صالحاً، فقال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)” الكهف

11-    خير الثواب، وخير الأمل، فقال تعالى تعالى “وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)”  الكهف . وفي سورة مريم الاية 76 ” وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا”

12-    ود الرحمن وحبه، فقال تعالى ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا (96)” مريم

13-    الدرجات العلى، فقال تعالى وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ (75) ” طه

14-    عدم الخوف من الظلم، أو هضم الحقوق، فقال تعالى ” وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) ” طه

15-    الأجر غير المقطوع، فقال تعالى “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8) ” فصلت

16-    الكفارة عن السيئات، واصلاح البال والقلوب، فقال تعالى: ” وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)” سورة محمد

17-    الاخراج من الظلمات الى النور “لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ …(11) ” سورة الطلاق

18-    هم خير البرية، فقال تعالى “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) ” سورة البينة

19-    عدم التسوية بهم وبين الفاسدين وقد قضى الله سبحانه وتعالى انه لايمكن أن يساوي بين المفسد والمصلح ” أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) ” سورة الجاثية

من الصلاح الى الاصلاح

ثم لابدان ينتقل المؤمن من الصلاح الذاتي وصلاح العمل الى الاصلاح اى يجب ان تكون هناك خطوة اخرى نحو اصلاح الغير من البشر والحيوانات والبئية والمياه والبحار والمحيطات:

1-    اصلاح الانسان “قل اصلاح لهم خير”  سورة الانبياء

2-    “إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ..(88) ”

3-    “إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ….(114) ” النساء

4-    اصلاح الزوج “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا…(228) ” البقرة

5-    “إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا…(35) ” النساء

6-    “وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ… (85) ” الأعراف

7-    “وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ …(220) ” البقرة 22

8-    ” وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) ” هود

9-    ان لا يضيع اجر المصلحين فقال تعالى “إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170)” سورة الاعراف

فهذه الايات تعطينا هذا المؤشر العظيم، بأهمية العمل، وان الايمان يجب أن يؤثر ويدفع بالانسان الى العمل الصالح، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر الا الى أمرين مهمين، القلوب التي تملأ بالعمل الصالح، بالنية الطيبة، والعمل الصالح الذي نتج من هذا القلب الطيب، ومن هذه الارادة الجيدة.

 فالصلاح الذاتي هو الشرط الاساسي لنجاة الانسان، لفوز الانسان بالجنة والنجاة به في الدنيا والاخرة، وهذا الصلاح،يقصد به الصلاح الشامل. والعمل في القران الكريم أعم من الفعل “الا الذين أمنوا وعملوا الصالحات ” فالعمل اشمل من الفعل . الفعل يقابل القول، فعندنا القول، وعندنا الفعل . القول للسان، والفعل للجوارح، اما العمل، فهو يشمل كل حركات الانسان، وكل تصرفت القلوب، من نيات، ومن الاردة والحب والكراهية والحقد والحسد والتكبر، كل هذه الاعمال من الطيبات التي تتعلق بالقلوب، او السيئات التي تتعلق بالقلوب، التي يسمي بعلل القوب، وأمراض القلوب، كل ذلك داخلة في العمل.  لذلك بداية الانمسان الصالح يبدأ بان يكون قلبه صالحا، بأن يتحرك قلبه ونفسه وروحه وعقله كل ذلك في اطار العمل الصالح،  لا يفكر الا مافي الصلاح، لا يفكر في ما فيه الفساد لا لنفسه ولا لغيره فهنا المقصود بهذا الصلاح التي ربط الله سبحانه وتعالى بينه وبين الجنة، بينه وبين رضائه، بينه وبين الفوز العظيم، بينه وبين النجاة من هذه الدنيا والفوز في هذه الدنيا، وكذلك الفوز في الاخرة بلقاء الله سبحانه وتعالى، وبرؤية اليه، كذلك بالبقاء في الجنة من حيث الدرجات العلى، و من حيث الفوز العظيم  في ذلك اليوم الخطير, فهذه بداية الصلاح.

 ومن هنا اذا اردنا ان نكون صالحين فليس المقصود، انك تتبرع عملا كما هو المقصود اليوم مع الاسف الشديد، فقد انحصرت دائرة الكلمات القرانية، في مجموع من الاعمال الضيقة، وهذا غير صحيح، والعمل الصالح لا يقصد به الخير فقط، بل الخير جزء منه، وكذلك الصلاة، والامور التي تسمي امورا اخروية من جميع اداء الشعائر، جزء من العمل الصالحوليس كله، والعمل الصالح يشمل الاعمال في الدنيا، لاصلاح دنياك واصلاح اخرتك، بل ان اصلاح الاخرة تبدأ به في الدنيا، لانه ليس هناك عمل في الاخرة فقط، اعمالك للاخرة تبدأ من الدنيا، فتصلح دنياك قبل لن تصلح اخرتك، واصلاح الدنيا هي بداية الطريق لاصلاح الاخرة، لذلك من الدعاء المأثور “اللهم اصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا واصلح لنا اخرتنا التي اليها مردنا ” فاصلاح الدنيا مقدمة لاصلاح الاخرة، وليس هناك انفصال في الاسلام ولا الازدواجية، بين عمل الدين وعمل الدنيا ، وعمل الدنيا وعمل الاخرة، بل انك حينما تخدم في اي مجال كنت، في مجال العلم والتفكير والابداع والعلوم والصناعة والزراعة، فالعمل الصالح في كل ذلك هو المطلوب، ولن يتحقق بأن تكون في المسجد صالحا وفي خارجه طالحا، هذا ليس في الاسلام من شئ، هذا يدخل في قوله سبحانه وتعالى “لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون” بل تدخل هذه الاعمال ضمن ما ذم الله سبحانه وتعالى به اليهود ” افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض  فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا.

 

فالذي يعمل بهذه الازدواجية فله الخزي في الدنيا، ولن ينجح في الدنيا  بل هوجزء من النفاق، وحتى من الناحية النفسية، انك لا تكون مرتاحاً لانك تعيش بقلبين، وبعملين، وبشخصيتين، شخصية داخل المسجد، وشخصية خارجها، شخصية عندما تسمع الوعظ، وشخصية عندما تخرج وتنطلق ولا تسمع شيئا، بينما الاسلام يريد ان تكون شخصيتك ثابتة، شخصيتك صالحة في القلب والنفس والعقل والروح واللسان، وفي الافعال من افعال العين واليد والرجل وغير ذلك مما اعطاك الله سبحانه وتعالى من هذه النعم والتي امرك الله سبحانه وتعالى ان تستعملها في طاعات الله سبحانه وتعالى .

الاشكالية أيها الاخوة الاحبة، لدى المسلمين، من انحصار دائرة العمل الصالح في دائرة العبادات والشعائر والصدقات، وفي انحصار العمل الصالح داخل المساجد، او عند اداء الشعائر، وهذا مناف تماما ومخالف لهذه الرسالة الشاملة، التي سماها الله سبحانه وتعالى بالحياة ” يا ايها الذين أموا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ” لحياتكم كلها، الله سبحانه وتعالى يريد من خلال هذا الدين ان تكون حياتكم كلها حياة حقيقية، لان الكفر موت، والظلم موت والفساد موت، فالحياة الحقيقية في هذا الصلاح، فيدعوكم الى هذا الصلاح ” قل ان صلاتي ونسكي ومحيياي ومماتي لله رب العالمين” فحياتك يجب ان تكون كلها لله، وهذا لا يعني انك تكون في المسجد، لانك حينما تكون خارج المسجد تكون مع الله، وحينما تكون في حقلك فانك مع الله، وحينما تكون في متجرك وتنفذ اوامر الله وتلتزم بالحلال والحرام فأنت مع الله ، انت عابد، بل ان الرسول صلى الله عليه وسلم سمى العامل في الحقل، مادام يريد به الاغناء عن نفسه، او النفقة على والديه واهله، سماه مجاهداً، وسواه بينه وبين الذين يجاهدون معه في ساحات المعركة، بل ان الله سبحانه وتعالى منع الجميع ان يكونوا في ساحات المعركة، بل وزعهم لان كل ذلك جزء من الجهاد العام “ولولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين” كانوا جميعا يريدون ان يكونوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فالله منعهم من ذلك، بل امر ان تتوزع فرقة تتفقه، وفرقة تعمل، وفرقة تصنع وتزرع وتعمل، هولاء كلهم مجاهدون وهؤلاء كلهم يعملون الصالحات لصالح الامة، وهؤلاء كلهم عند الله سبحانه وتعالى مجاهدون، واذا ماتوا على هذه الاعمال فهم مجاهدون في سبيل الله سبحانه وتعالى, هذا هو المفهوم الحقيقي للاسلام بحيث يجعل هذا العمل، الانسان متوازنا مع نفسه، ومع خالقه، ولا يحس باي ازدواجية في شخصيته.  فلذلك اذا اردنا ان نعود الى طريق الصحيح، طريق العزة والكرامة، طريق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي نحن ندعوه في سورة الفاتحة التي نقراها على اقل التقدير 17 مرة في الفرائض “اهدنا الصراط المستقيم” وما هو الصراط المستقيم؟ “صراط الذين انعمت عليهم” صراط الرسول صلى الله عليه وسلم وصراط هؤلاء الذين انعم الله عليهم من الانبياء والصحابة الكرام وغيرهم، وطريقهم كان طريقا واحدا، طريقا شاملا ، العمل عندهم شامل، وهم يعملون حققوا خير الدنيا والاخرة ، حققوا هذه الحضارة الاسلامية العظيمة ، المعجزة التي تحققت في زمن قصير وشملت كل العلوم والفنون. لذلك واذا كنا نعيش في ظل هذه الثورات التي تسمي بربيع العالم العربي وربيع العالم الاسلامي فالربيع يتحقق بهذه الاعمال الجميلة الاعمال الصالحة التي هي بمثابة الخضرة التي عم الجميع ثم ينبت منها الورود التي هم الكواكب والنجوم.


الخطبة الثانية

 لا يريد الله سبحانه وتعالى من هذه الامة، ان تبقى مصلحة لذاتها قلبا وقالبا فقط، وانما يريد الله سبحانه وتعالى من هذه الامة، فردا وجماعة وامة، أن تكون مُصلحة لغيرها، ومن هنا تأتي الرحمة ” وما ارسلناك الا رحمة للعالمين” فالرحمة للعالمين، والعالم، يشمل كل ما في هذا الكون من انسان وحيوان وجماد وبيئة، فالانسان المسلم يجب ان يبذل جهده بكل ما يستطيع لاصلاح الغير ايضا كما اصلح نفسه، وبكل الوسائل، ولاصلاح البيئة، واصلاح الحيوانات، وغير ذلك. ومن هنا تأتي هذه المشاكل في العالم الغربي وفي العالم المتقدم ، المشاكل التي نراها في هذا الامراض التي تنتشر وفي هذه الامور الخطيرة التي تنتشر في الحيوان ، فكنا سابقا نخاف ان تنتشر هذه الجراثيم والمشاكل من خلال الحيوانات، فبدء ابجنون البقر وانفلونزا الطيور والخنازيز وغير ذلك من هذه الامراض، اليوم وصلت المشاكل والامراض الى هذه الاشياء الطبيعية الجميلة من الخضروات والفواكه بسبب ما افسدوا فيها من خلال المادية المتجاوزة عن الحدود، المفرطة، حيث يريد هؤلاء الزيادة وتضخيم الثمار والمنتوجات من خلاال مواد تعطي القوة، فبدلا من ان يكون الانتاج 10 او 20 او 100 بالمئة يريدونها 200 بالمئة او اكثر ، الثراء، الماديات، على حساب هذا الكون المسكين الذي سخره الله سبحانه وتعالى لنا وامرنا الا نفسد فيها، فقد بين الله سبحانه وتعالى ان الله سلّم الينا الكون سالما،  فلا تفسدوا فيها ” ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ” فالله قد اصلحها وهي شاملة، وهي تغطي كل حاجياتكم، ولكن لا تفسدوا فيها، ففسدوا فيها، فظهرت المشاكل، كما هو الحال اليوم في الفواكه والخضروات في الدول المتاقدمة المتطورة/ المفروض ان تحمي هذه الاشياء من الامراض فاذا بحب المال والتضخم في الثراء، افسدوا هذه الثروات من الخضروات كما افسدوا الحيوانات.

واذا كان الفساد عندهم هناك في البيئة، لانهم وصلوا الى  حد كبير في دنياهم الى اصلاح انفسهم، من خلال الانظمة الديمقراطية الحرة ، اصلحوا هذه الجوانب، ولكنهم افسدوا في البيئة. فأن عالمنا الاسلامي اليوم مع الاسف الشديد فيه الافساد الكبير لهذه الجوانب الانسانية لانهم لا يملكون من التقنيات مع الاسف الشديد ما يفسدون به البيئة، فظهر وتضخم الفساد عندنا، والافساد  على مستوى الانسانية ولاسيما على مستوى هؤلاء في القادرين، هؤلاء الحكام المستبدين العسكريين في غالبهم الذين عاثوا في الارض فسادا الذين طغوا طغيانا كبيرا، ولم يصلحوا خلال 30 أو 40 سنة، و هؤلاءالعسكريون في الجمهوريات غشوا الشعب وقالوا نحن اتينا لأمرين للقضاء غالى الفساد الذي كان موجودا في ظل الملكية ولتحرير فلسطين التي فرطت فيها هذه الحكومات، فاذا بهم يسيطرون على البترول والاموال ليكون خاصة برئاسة الجمهورية على اساس هذه مدخرة لتحرير الامة، ولتحرير فلسطين ولكن في ظلهم ضاع جولان وسيناء والقدس الشريف ، وغزة لا حرروا ولا اصلحوا لذلك من حق الشعوب ان يحاسبهم  بانكم افسدتم فسادا ماليا وازداد الظلم والفقر

مظالم النظام السوري ووجوب الوقوف معهم

ففي سوريا أي شخص يثبت عليه انه من الجماعة الفلانية فبحكم الدستوروليس بقانون الجنايات  يعدم، وهل رايت في العالم ان يدخل قانون الجنايات في الدستور! حتى لا يكون هناك مجال للقاضي، والان بلغ عدد المفقودين 17000 شخص من السنة ،1982 مدينة حماه معروفة لديكم، وما تشاهدونه في سوريا من هذا الظلم، وما فعلوا بهذه الطفلة وما فعلوا كذلك بدرعا ، ولو كان لديهم ذرة ايمان ، لو كان لديهم ذرة رحمة بشعوبهم، ما فعلوها ، فأما ان يصلحوا فورا او يتركوا، ان لم تستطع شيئا فدعه، وجاوزه الى ما تستطيع.

 فلا يجوز ان يفعل بهذه الشعوب بهذه الطريقة يمنع عنهم الغذاء والدواء، وكذلك حتى الغذاء الموجود داخل المحلات تسحب حتى يموت الشعب جوعا.  قتل وذبح وتعذيب وتجويع بالاضافة الى ها الظلم المستمر خلال السنوات الطوال. ولذلك يجب على العالم الاسلامي وعلى الشرفاء في العالم ان يقفوا مع هؤلا المظلومين الذين بقتلون ويذبحون بالشبيحة وغير ذلك والشعب السوري شعب واحد ولا يجوز التفرقة بينهم، هذا عربي وهذا كردي، وهذا سني أو غير سني ، كلهم شعب واحد، شاركوا في دحر الاستعمار، وكلهم شرفاء، لذلك يجب ان نقف مع هذا الشعب

كله لكي نحميهم.

فتنة النظام اليمني

اما ما يحدث في اليمن فهي كارثة، أربعة أشهر من المظاهرات السلمية التي عمت اكثر من 90 بالمئة من الشعب، فمن اين استمدت سلطتك لحكمك! الاستمداد من ارادة الشعب فاذا 90 بالمئة من الشعب ليسوا معك، لذا فان هذا الرجل قد فقد شرعيته تماما، الشريعة تشترط رضاهم ، البيعة ، اهل الحل والعقد ، أي الشعب قادر على ان يفكوا، فاليوم يريد ان يفك عن هذا الظلم . انا اعتقد ان حماية اليمن اليوم واجب بدءا على دول الخليج والعالم العربي والاسلامي لان مخاطر السكوت لا يعلم بها الا الله سبحانه وتعالى . لذا يجب ان تكون هناك قوة عربية واسلامية ان تقول للظلمة لا وهذا ما اراده الله سبحانه وتعالى في سورة الحجرات ” وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ” فهذه هي القوة الثالثة، ولكن الجامعة العربية ليس لديها جندي واحد ليس لديها محكمة واحدة، تحكم من هو الظالم من هوالمظلوم.

فلذلك من واجب الشعب ان تقوم بواجبها وواجب الحكام ولاسيما الحكام الذين معهم شعوبهم ان يقفوا مع هؤلا ءالشعوب وان يحموهم على اقل التقدير بالدعم المالي والمادي

لذا نتضرع الى الله ونقرا القنوت  بأن يحمي الله اليمن من الحرب الاهلية والمشاكل الداخلية لا يعلم مداها الا الله، وان يحمي شعبنا من هذه الظلمة وهولاء الطغاة وان يوفق اخوانا في ليبيا وسوريا  وينصرهم والنصر قريب باذن الله تعالى.