إن الاسلام لا يجعل الفقر دليلاً على الاهانة ، والغنى دليلاً على التكريم ، بل المبدأ الاساس في التفاضل هو العمل الصالح والتقوى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)[1] ولذلك نعى على هؤلاء الكفرة الذين آمنو بهذه النظرة فقال تعالى : ( فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ بَل لّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ )[2] ، بل إن الاسلام يغرس في نفس الفقير المسلم أنه ان صبر على فقره فله أجر عظيم عند الله تعالى وقد يصل به إلى مقام أعظم وأفضل وأكرم في يوم القيامة لدى الحشر ، وفي الجنة ، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء …. )[3] ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً : ( يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)[4] ويقول صلى الله عليه وسلم : ( قمت على باب الجنة فكان عامة الناس من دخلها المساكين وأصحاب الجدّ ـ أي محبوسون ـ غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار )[5] .

  ولا شك أن هناك أحاديث أخرى في فضل الغنى الشاكر المؤدي لحقوق الله تعالى ـ كما سبق ـ ولكن مقصدنا هو أن الفقر مع الصبر والقناعة والزهد ، يتحول من النقمة إلى النعمة ، ومن الشقاء إلى الاحساس بالأجر والثواب .

  

معالجة الجانب النفسي للفقير :

  إن الاسلام في علاجه هذا مع تركيزه على التربية والتزكية ، يولي عناية قصوى بالجانب النفسي للفقير من جانبين :

  1. أن ينظر إلى من هو أفقر منه ، أو إلى من هو مصاب في صحته وماله ، أو بعبارة أخرى ينظر إلى من هو أكثر بلاء منه وحينئذ يشكر الله على ذلك ، وهذا ما أرشده إليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول : ( انظروا إلى من هو أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم ، فهو أجدر أن لاتزدروا نعمة الله عليكم )[6] وفي رواية للبخاري بلفظ : ( إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه )[7] .

  2. التركيز على قوة الارادة ، وعدم الاستسلام للفقر والمسكنة ، بل الاعتزاز بما أعطاه الله تعالى له ( اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقْدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ )[8] ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس )[9] ويقول صلى الله عليه وسلم : ( قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافاً وقنّعه الله بما آتاه )[10] ، ولذلك يكون الفقير المسلم قوي الارادة والشخصية لا يستسلم للمسكنة وذل السؤال ، بل يسعى جاهداً لتوفير الرزق الحلال حسب طاقته ، وعن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئاً ، وأتكفل له بالجنة ؟ فقلت : أنا ) فكان لا يسأل أحداً شيئاً[11] .

  3. غرس ثقافة الجمع بين التوكل والأخذ بأسباب الغنى ، وذلك لأن التوكل هو الاعتماد الكلي على الله تعالى بقلبه ونفسه ، مع بذل كل ما في وسعه في الأخذ بالأسباب الظاهرة ، وإلاّ فمن اعتمد على على الله دون العمل فهو متواكل وليس متوكلاً ، وذلك قدوتنا رسول الله صلى الله عليه كان أكثر  الناس اعتماداً على الله ، ثم على الأسباب الظاهرة  كما تدل على ذلك سيرته العطرة .

  4. الأخذ بكل الأسباب الظاهرة للوقاية من الأمراض ، وضرورة الأخذ بكل اللقاحات ضد الأمراض ، والحماية من العدوى … .

  

البعد الثالث : الحلّ الخارجي  (المتمثل بما على غير الفقراء للقضاء على الفقر) :  

  وهو يتمثل في الواجبات التي فرضها الله تعالى على الدولة ، وعلى المجتمع ، وعلى الأقارب ، والأصول ، والفروع ، والزوج على ضوء ما يأتي :

 أولاً ـ دور الدولة ومسؤوليتها نحو رعاياها وبخاصة الفقراء :

  إن الدولة ( جميع المسؤولين بدءاً من رئيس الدولة إلى الوزراء وبقية المسؤولين أصحاب القرار ) مسؤولة أمام الله تعالى ثم أمام أهل الحلّ والعقد ـ مجلس الشورى إن وجد ـ عن توفير الحياة الكريمة لجميع من يعيش على أرضها حتى من غير المسلمين المواطنين ، وعلى هذا تدل مجموعة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ، وإجماع الأمة .

وهذا الدور يتجلى في نظر الاسلام في النقاط الآتية :

 1 – تهيئة فرص العمل المباشرة للقادرين عليه ، وهذا يتطلب قيام الدولة بأمرين أساسيين ، هما :

الأمر الأول : إنشاء جهاز خاص بالتدريب والتوظيف والمتابعة ، بحيث يقوم بالتدريب في مختلف مجالات العمل اليدوي والمهني ، والفني ، والاداري ، وتمكين الاستعانة بالخبراء ، والمدربين ، ومراكز التدريب الخاصة ، ويكون من واجبه وضع سياسة واضحة للتدريب على كل ما يحتاج إليه المجتمع ، والشركات والمصانع ونحوها ، كما يكون ضمن واجباته ومقاصده القيام بالتوظيف ، والتعيين ، من خلال  توجيه العاملين والفنيين والاداريين للوظائف المناسبة ، وتعينهم فيها .

 ولا ينبغي الاكتفاء بهذا ، وإنما لا بدّ من القيام بالمتابعة والمراقبة لمعرفة مدى نجاح هؤلاء العاملين في وظائفهم وأعمالهم ، ويدل على ذلك ما رواه أنس بن مالك : (‏ أن رجلا من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏جاء إلى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يسأله فقال لك في بيتك شيء قال بلى ‏ ‏حلس ‏ ‏نلبس بعضه ونبسط بعضه وقدح نشرب فيه الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بيده ثم قال من يشتري هذين فقال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين ‏ ‏أو ثلاثا ‏ ‏قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما ‏ ‏فانبذه ‏ ‏إلى أهلك واشتر بالآخر ‏ ‏قدوما ‏ ‏فأتني به ففعل فأخذه رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فشد فيه عودا بيده وقال اذهب فاحتطب ولا أراك خمسة عشر يوما فجعل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فقال اشتر ببعضها طعاما وببعضها ثوبا ثم قال هذا خير لك من أن تجيء والمسألة ‏ ‏نكتة ‏ ‏في وجهك يوم القيامة ‏ ‏إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر ‏ ‏مدقع ‏ ‏أو لذي ‏ ‏غرم ‏ ‏مفظع ‏ ‏أو دم موجع)[12] حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى عمل مناسب ، ثم تباعه ، وحدد له زماناً مناسباً لمعرفة مدى نجاحه ، ولذلك قال الشافعية يعطى المحتاج من الزكاة ما يشتري به آلات حرفته[13] ـ كما سيأتي ـ .

 الأمر الثاني : قيام الدولة بتعيين القادرين على العمل في جميع مؤسساتها التابعة لها حسب قدراتهم وتخصصاتهم ، وكذلك يمكن للدولة بعد الدراسة ورعاية التوازن أن تفرض على الشركات والمصانع ( القطاع الخاص ) العاملة في البدل ، تعيين نسبة معينة ( مثل 20%) من الأيدي العاملة والفنيين والاداريين من أهل البلد الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة ، وينبغي أن تكون في هذه السياسة مرونة خوفاً من هروب أصحاب المصانع والشركات بسبب ذلك .

   ولذلك فالبديل  هو أن تشجع الدولة على ذلك من خلال تخفيف الضرائب ، أو تقديم الدعم المناسب للشركات والمصانع التي تعين نسبة كذا (50-80% مثلاً ) من المواطنين ، وهذا ما يحدث في معظم البلاد المتقدمة الحرة .

 

2 – تهيئة الفرص غير المباشرة للعمل ، وهذا يتحقق من خلال ما يأتي :

أ) تبنى خطة مرحلية ، واستراتيجية للقضاء على الفقر ، وللتنمية الشاملة ، تكون مدروسة متوازنة ، تتجسد معالمها من خلال سياسة اقتصادية واضحة مستقرة ، وبرامج عملية ، ومشروعات متنوعة تسهر عليها باخلاص وتفان جميع أجهزة الدولة .

ب) قيام الدولة بالبنية التحتية المادية ( مثل تهئية الشوارع ، والاتصالات والمواصلات.. ) والمعنوية ( مثل التشريعات والقوانين الخاصة المشجعة على الاستثمار ) ونحوها[14] ويدل على ذلك ما قاله الخليفة الراشد من أنه لو عثرت دابة (أو بغلة) على شط الفرات لسئل عنها عمر[15] ، مما يدل بوضوح أن مشاريع البنية التحتية مطلوبة في الاسلام ، إضافة إلى القاعدة المعروفة ” ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب ” .

ج) تبني سياسة مشجعة للصناعات الخفيفة ، والمتوسطة ، والثقيلة ، مع حركة التجميع ، حيث إن هذا المجال يوفر كثيراً من فرض العمل للجميع ، ويكون للمواطنين حق الأفضيلة والأولوية من خلال فرض نسبة ، أو تخفيف الضرائب ـ كما سبق ـ .

  ونرى أن الشريعة قد حققت الزكاة تماماً على المصانع حيث لا تجب الزكاة في أرباحها بنسبة 2.5% حسب الراجح من أقوال أهل العلم ، والفتاوى الجماعية ، في حين أن الزكاة على الواردات الزراعية تتراوح بين 5% إلى 10% [16].

 

3 – قيام الدولة بتوفير الحياة الكريمة لغير القادرين على العمل ، أو الذين لم تستطع أن توفر لهم فرصة العمل المناسب ( البطالة ) وذلك بمنح حدّ الكفاية ( أي إزالة الفقر) على أقل تقدير لكل محتاج ، أو معيل ، إن كانت أموال الدولة والزكوات لا تكفي إلاّ لهذا الحلّ ، وإلاّ فينبغي إعطاؤه حدّ تمام الكفاية من المسكن ـ تمليكاً ، أو تأخيراً ـ والملبس ، والمشرب والمأكل ، وسار ما لا بدّ منه ، يقول الشيخ القرضاوي : (( إن هذا التكافل لا يقصد به مجرد اسعاف سريع يقضي به الفقير بعض حاجاته المادية أو المعيشية ، ثم يظل محتاجاً إلى كثير من الأشياء الأخرى ، إنما المقصود به : كفالة مستوى للمعيشة لائق به ، يحقق المطالب أو الحاجات المادية والنفسية فلكل انسان أن يعيش في المجتمع الاسلامي ـ مسلماً أو غير مسلم ـ عن طريق اتاحة العمل للقادر عليه ، او تدريبه عليه ان كان يحتاج إلى تدريب ، أو سد حاجته ، ان كان من أهل العجز .

  وهذا المستوى اللائق له صفة الديمومة ، وهو لا يقتصر على أن يوفر للفرد في المجتمع المسلم ( حد الضرورة ) أو ( مستوى الضرورة ) الذي لا يعيش الانسان إلاّ به …. كما لا يقتصر هذا الضمان على توفير ( مستوى الكفاف ) أو ( حد الكفاف ) للفرد ، وهو يعني الحد الأدنى للمعيشة ….. .

  إنما يعمل الضمان الاجتماعي في الاسلام على توفير مستوى ( تمام الكفاية ) كما يعتبر الفقهاء في مبحث ( ما يعطاه الفقير والمسكين ، من الزكاة … ) وقد ذكر الفقهاء أن من تمام كفاية المرء كتب العلم ان كان من أهله ، وأثاث البيت المناسب ، والفرس الذي يركبه ، كما ذكروا أن الزواج يدخل في تمام الكفاية ، بل رأينا الفقهاء ـ كما هو مذهب الشافعي ـ من يرى وجوب اعطاء الفقير من الزكاة كفاية العمر الغالب لأمثاله ، بحيث يغنيه الزكاة غنى دائماً … بأن يعطى أدوات الحرفة ان كان محترفاً ، أو رأس مال التجارة ان كان تاجراً …..، بهذا انتقله الزكاة من يد آخذة إلى يد معطية…. )[17] .

 وهذا المصطلح ( تمام الكفاية ) أو هذه المرتبة ، تبناها جماعة من الفقهاء القدامى ، وبخاصة الشافعية ، فقد جاء في المجموع : ( ويعطيان ـ أي الفقير والمسكين ـ ما يخرجهما من الحاجة إلى الغنى ، وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام ، وهذا هو نص للشافعي رحمه الله )[18] ، وجاء في حاشية القليوبي : ( قال شيخنا ـ وهو الرملي ـ فلو لم يكفه فله أخذ تمام كفايته … )[19] قال النووي : ( الأصح المنصوص ، وقول الجمهور : يعطى كفاية العمر الغالب ، فيشتري به عقاراً يستغله ، ويستغني عن الزكاة )[20] وقال المحلى : ( ومن يحسن الكسب بحرفة يعطى ما يشتري به آلاتها قلت قيمتها أو كثرت ، أو بتجارة يعطى ما يشتري به مما يحسن التجارة فيه ما بقي ربحه بكفايته غالباً ) ثم ضرب أمثلة للمبالغ الكافية في عصره ، فقال : ( فالبقلي ـ أي من يبيع البقول الخضراء ـ يكتفي بخمسة دراهم ، وبالباقلاني ـ أي من يبيع الفول ـ بعشرة ، والفاكهي بعشرين ، والخباز لخمسين ، والبقال بمائة ، والعطار بألف والبزار بألفين ، والصيرفي بخمسة آلاف ، والجوهري بعشرة آلاف )[21] وعلق على ذلك القليوبي فقال : ( يفيد أنه لا يعطى من النقد ما يكفيه ، لما ذكر بل مقداراً يكون ثمناً لعقار نفى غلته بذلك ، أو بما يتم به ذلك إن كان مالكاً لبعضه ، ويشتريه له المالك ، لكن بعد قبضه … ) .

 قول الشارح فقال : ( قوله : ” ما يفي ربحه بكفايته غالباً ” أي بحسب عادة بلده ، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأماكن والأزمنة ، فيراعى ذلك على الأوجه ، وما ذكره الأئمة إنما هو بالنظر للغالب في زمانهم ، ومن له أكثر من حرفة يعطى لما يكفيه منها … )[22] . 

 

الأدلة على أن الدولة ملزمة بتوفير الحياة الكريمة :

  هناك أدلة كثيرة على أن الدولة مسؤولة لتوفير الحياة الكريمة من خلال العمل أو التكافل أمام الله تعالى أولاً ، ثم أمام الأمة من خلال ممثلياه : أهل الحل والعقد في مجلس الشورى ( البرلمان ) ، وهي أدلة عامة تدل في عمومها على التعاون ، والتكافل ، وعلى تعظيم حرمات المسلمين ، وبيان حقوقهم ، والشفقة عليهم والرحمة بهم ، وقضاء حوائجهم ودفع الجوع والخوف عنهم ونحو ذلك[23] .

  وأما الأدلة الخاصة فكثيرة منها الآيات والأحاديث الدالة على تجقيق العدل والأمن والأمان وأن الإمام مسؤول عن رعيته فقال تعالى :

  

تنفيذ التكافل الاسلامي بين الماضي والحاضر :

  كان التكافل الاجتماعي الاسلامي ، وضمان الحياة الكريمة للفرد والجماعة يتمان من خلال موارد الدولة المتعددة المتمثلة في : الزكاة ، والخراج ( ضريبة الأرض ) والجزية ( شريبة المواطنة ) والفيئ ، واستثمارات الدولة وغيرها من أموال الدولة الاسلامية حسب ضوابط ومعايير شرعية خاصة بكل واحد من هذه الموارد ، وبخاصة الزكاة .

  واليوم يمكن تنظيم ذلك ـ كما هو الحال ـ من خلال جهازين خاصين ، جهاز التدريب والتوظيف والمتابعة ـ كما سبق ـ وجهاز التكافل الاجتماعي أو ما يسمى اليوم بوزارة الشؤون الاجتماعية ، ويكون من واجبات هذا الجهاز هو توفير الحياة الكريمة ( تمام الكفاية ) للمحتاجين إما بالعمل المناسب للقادر عليه ، أو بالرعاية الاجتماعية لكل من ليس قادراً على العمل ، أو لا يجد العمل المناسب إلى أن يجده .

 

 4 – إصدار قوانين لرعاية حقوق العمال ، وتضمن لهم حقوقهم ، وحرية اختيار العمل المناسب لهم من حيث التخصص ، أو المواهب الفردية ، مع حماية حق التنافس ، والتفاوت ، وقانون العرض والطلب ما دام ينأى عن الاستغلال والاحتكار ، وبعبارة أخرى فإن الاسلام يحمي حقوق الطرفين : العمال ، وأصحاب العمل من خلال توزان عادل .

  وتدخل هنا الضوابط الشرعية لعقد الإجارة على الأشخاص من كون الأجر معلوماً عادلاً ليس فيه غبن أو ظلم للطرفين ، ومدة العمل معلومة ، والعمل مشروعاً ، ودفع الأجر بمجرد انتهاء العمل ، أو حسب العقد وغير ذلك[24] .

  وقد ربط الاسلام العميل بين العامل وصاحب العمل ، بالقيم والضوابط الأخلاقية الاسلامية من الرحمة والشفقة والاحسان ، وعدم تكليف العامل بما لا يطيق هذا من رب العمل ، وأما من جانب العامل فهي : الأمانة ، والاخلاص ، والاتقان ، والحفاط على أسرار العمل ، ونحو ذلك[25] .

  

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

([1])  سورة الحجرات / الآية 13

([2]) سورة الفجر / الآية 15-18

([3]) الحديث متفق عليه ، البخاري ـ مع الفتح ـ (11/238 ، 9/262) ومسلم الحديث 2737 والترمذي الحديث 2605)

([4]) رواه الترمذي وقال : حديث صحيح ، الحديث 2354 وأحمد ( 2/296) وابن ماجه الحديث 4122 وابن حبان في صحيحه الحديث 2526 والحاكم ( 4/309 ، 310)

([5])  الحديث متفق عليه ، صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (9/261) ومسلم الحديث 2736

([6])  الحديث متفق عليه ، البخاري ـ مع الفتح ـ (11/276) ومسلم الحديث 2963

([7])  صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (11/276)

([8])  سورة الرعد / الآية 26

([9])  الحديث متفق عليه ، صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (11/231-232) ومسلم الحديث 1051

([10])  رواه مسلم الحديث 1054

([11])  رواه أبو داود الحديث 1643 قال النووي في رياض الصالحين ص 193 باسناد صحيح ، وأخرجه أحمد (5/276) والنسائي (5/96)

([12]) رواه ابن ماجه في سننه (2/470-741) الحديث رقم 2198

([13]) المجموع للنووي (6/194) وشرح المحلى مع حاشيتي القليوبي وعميرة (3/196 ، 200 )

([14]) يراجع : بحثنا : البُنْيَةُ التحْتَيةُ في الفكر الإسلامي وتمويلها في المصارف الإسلامية ، مقدم إلى المؤتمر الإسلامي العالمي حول تمويل البنية التحتية بالدوحة في الفترة 5-6نوفمبر 2006م  

([15]) يراجع :

([16])  يراجع : أ.د. يوسف القرضاوي : فقه الزكاة ، ج1

([17]) دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الاسلامي ص 381-382 ويراجع : فقه الزكاة (2/603-619) ط21

([18])  المجموع للنووي (6/194)

([19]) حاشية القليوبي على المحلى (3/196-200)

([20]) المجموع للنووي (6/194)

([21])  المنهاج على شرح المحلى ، وحاشية القليوبي (3/200)

([22])  حاشية القيلوبي (3/200)

([23])  انظر للآيات والأحاديث الواردة في كل ذلك : رياض الصالحين للإمام النووي ، تحقيق شعيب الأرنؤوط ص 90-110

([24]) يراجع لمزيد من التفصيل : أ.د. علي محيى الدين القره داغي : الإجارة على الأشخاص ، بحث مقدم إلى المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية / البحرين 2007م

([25])  المصدر السابق