فقد نوقش موضوع متأخرات الديون للبنوك الإسلامية وغرامات التأخير في المجامع الفقهية والندوات والحلقات الفقهية والاقتصادية وصدرت بشأنها قرارات نضعها أمام العلماء الباحثين الكرام :
فقد صدر في المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة 13 ـ 20 رجب 1409هـ الموافق 26 /4 / 1989 القرار التالي : ( أن الدائن إذا شرط على المدين ، أو فرض عليه ، أن يدفع له مبلغاً من المال ، غرامة مالية جزائية محددة ، أو بنسبة معينة ، إذا تأخر عن السداد في الموعد المحدد بينهما ، فهو شرط أو فرض باطل ، ولا يجب الوفاء به ، بل ولا يحل ، سواء كان الشارط هو المصرف أو غيره ، لأن هذا بعينه هو ربا الجاهلية الذي نزل القرآن بتحريمه ) .
ثم صدر قرار رقم 53(2/6) من مجمع الفقه الإسلامي الدولي بدورة مؤتمره السادس بجدة في الفترة 17 ـ 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 ـ 20 مارس 1990 حيث نصّ بشأن البيع بالتقسيط على ما يأتي : ( إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أيّ زيادة على الدين بشرط سابق ، أو بدون شرط ، لأن ذلك ربا محرم ) .
وكذلك صدرت فتوى من ندوة البركة السادسة للاقتصاد الإسلامي منها الفتوى رقم (6/11) التي نصت على أنه : ( لا يجوز تطبيق غرامة التأخير على القرض الحسن ) .
ولك تكتف أمانة مجمع الفقه الدولي بكل ما صدر من القرارات والفتاوى حول الموضوع ، وإنما عقدت ندوة علمية بالتعاون بينها وبين المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإٍسلامي للتنمية بجدة يومي 15 ، 16 يناير 2002م نذكر ما تمخضت عنه الندوة بالنص : ( وبعد الدراسة المستفيضة للبحثين اللذين عرضا في هذه الحلقة ، وتعقيبات أصحاب الفضيلة من الفقهاء والمصرفيين ، وعلى إثر المناقشة العامة للموضوع رأى المشاركون في الندوة ما يلي :
أولاً :(أ)التأكيد على ما جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي آنفة الذكر من عدم جواز إلزام المدين المماطل بأي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط لأن ذلك من الربا المحرم ، ويجوز أن يشترط الجزائي في جميع العقود المالية ما عدا التي يكون الالتزام الأصلي فيها ديناً .
(ب) دعوة مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة إلى إتاحة الفرصة لمزيد من الدراسة في الموضوع ، نظراً لما هو متوافر لدى المؤسسات المالية الإسلامية من بيانات إحصائية وحجج شرعية تساعد في بناء أساس قوي لحل مشكلة المماطلة في الديون وفق آليات لا تقضي لأي شبهة ربوية .
ثانياً : دعوة مجمع الفقه الإسلامي والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالتنسيق مع المؤسسات المالية إلى العناية بالصور والإجراءات والتدابير المقترحة أدناه وغيرها من الصور الأخرى تأملاً وبحثاً ودراسة من خلال تنظيم ندوات علمية تخصص لهذا الغرض ، واستكتاب من يلتمس القدرة على الإسهام بجديد في الموضوع ، والصور والإجراءات المعروضة للنظر والتدبر هي كما يلي :
-
معالجة خاصة للبنك الإسلامي للتنمية وغيره من المؤسسات الدولية والعامة : فبما أن البنك الإسلامي للتنمية مؤسسة دولية تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية في الدول الأعضاء والمجتمعات الإسلامية فإن له وضعاً خاصاً لتعامله مع الدول ، إذ لابد في مثل هذه الحالة من تحرير ضابط الإعسار الذي تعد به الدولة مماطلة أو غير مماطلة ، وتحقيق مناط العقوبة بالسجن ونحوه حيث لا يتأتى ذلك بالنسبة للدول .
-
دراسة اشتراط رد جزء من الربح المستوفى عند سداد الدين في أجله : حيث يقوم البنك بإعادة جزء من أرباح عمليات المرابحة التي يقوم بها لبنك في حال قام العميل بتعجيل الدفع عند تأريخ الاستحقاق .
-
دراسة إمكانية اعتبار التعويض عن الضرر الذي يلحق بالمصارف الإسلامية من جراء المماطلة في الديون بمنزلة الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة حفاظاً على الاستثمار المصرفي الإسلامي ؟
-
دراسة التزام المدين المماطل بأداء زيادة على الدين يقبضها المصرف ثم يجنيها في حساب خاص لصرفها على وجوه الخير .
-
دراسة إمكانية إلزام المدين المماطل قضاء بأداء الدين وتقديم قرض مناسب للدائن ولفترة زمنية مناسبة ، ويخول للدائن الانتفاع المشروع من هذا القرض خلال هذه المدة ثم يرده إلى صاحبه (المماطل) وبهذا يحصل التعويض للدائن بالانتفاع بمال مماثل لمدة مماثلة لحرمانه من ماله .
-
دراسة إنشاء صندوق ضمان الديون المتأخرة : تنشئه الدولة لتسوية الديون المتأخرة .
-
دراسة شراء أعيان يملكها العميل المدين لتؤجر له لكي تمكنه من سداد الدين .
-
دراسة شراء أعيان من العميل المدين ثم المشاركة معه بها في نشاطه .
-
دراسة شراء صكوك ملكية لأعيان مؤجرة يمتلكها المدين المماطل مقابل الدين ، تشجيعاً للدائنين على مبادلة ديونهم مقابل تلك السندات .
-
دعوة المصارف الإسلامية إلى استحداث آليات وصيغ تعتمد على المشاركة في رؤوس الأموال ، بدلاً من الصيغ الحالية القائمة في اغلبها على الديون ) .