من الاركان الاسلامية الخمسة، وهي متكاملة، يبنى بعضها على بعض، فيتكون من خلالها التزام كامل ومتكامل، من حيث اداء شعائر الله سبحانه وتعالى، ولذلك جاءت هذه الاركان الخمسة للاسلام مغطية كل هذه الجوانب، فغطت كلمة الشهادة التي هي تصديق قلبي، جانب القلب وجانب الداخل، حتى يكون هذا الداخل مقتنعا ومتيقنا وعلى يقين كامل بما فرضه الله سبحانه وتعالى علينا.

الشهادة:

تأتي الشهادة بوحدانية الله سبحانه وتعالى والايمان به وبقدرته وبالقدر خيره وشره وباليوم الاخر، كل هذه الامور وبالاضافة الى الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، هذا الجانب الاساسي يمثل الركن الاول من اركان الاسلام، فاذا وجدت هذه البيّنات داخل نفس الانسان، ووجدت هذه القناعات داخل القلب والنفس والروح، فلا بد ان تتحرك هذه القوة الداخلية لتظهر أثارها على البدن وعلى اللسان وعلى الجوارح، ومثل ذلك مثل القوة الكهربائية، فنحن لا نحس بهذه القوة الا من خلال أثرها المتمثل بالاضاءة او الطاقة او غير ذلك، فكانت البداية الحقيقية بهذا الايمان الشامل المستقر في القلب، ثم بعد ذلك تنتقل هذه القوة لتحرك البدن لعبادة الله سبحانه وتعالى من خلال مشاركة البدن كله من الرأس والجبهة والللسان والاعضاء كلها،  من خلال الصلاة، تنفيذا لهذه القوة الكامنة داخل النفس الانسانية المتمثل بقوة الايمان، وقوة الشهادة والتصديق بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم.

الصلاة

 هذا على مستوى البدن، وعلى مستوى الجانب النفسي ايضا، مدى تأثر هذه القوة الداخلية على نفسية الانسان، وعلى طهارتها وتوجيهها نحو الخير، وابعادها عن الشهوات كلها حتى ولو كانت مباحة، يأتي الصيام ليغطي هذا الجانب النفسي، الجانب القلبي، ولو تركت النفس لأهواءها، ولو تركت النفس لشهواتها لأهلكت هذا الانسان، وحينما يأتي الصيام فيكبح ويمنع النفس حتى من المباحات خلال شهر كامل، ففي ذلك قوة وتأثير من هذا الايمان، وتأثير كذلك على البدن والجوارح، في هذا الشهر التدريبي المتمثل بشهر الصيام الكريم الذي اكرمنا الله سبحانه وتعالى به قبل فترة وجيزة.

الصيام

ثم يأتي بعد ذلك أو حتى قبل ذلك، التجربة من خلال العبادة بالمال، فإذا كان القلب قد استقر فيه الايمان واليقين، قد استقر في الداخل ان الله هو المالك وهو القادر، وانت أطعت الله سبحانه  وتعالى ببدنك ونفسك، فكذلك عليك ان تطيعه بالمال الذي اعطاك الله سبحانه وتعالى، فشمل الركن الثالث هذا الجانب الاقتصادي، هذا الجانب المالي، الذي يراد منه تحقيق التكافل الاجتماعي، حيث طبقه عمر رضي الله عنه وطبقه عمر بن عبدالعزيز خلال اقل من ثلاث سنوات، فاستطاع هذا الركن وهو الزكاة ان تجعل الامة الاسلامية في ذلك القرن امة غنية لا يوجد بينها الفقراء حتى من غير المسلمين.

الحج

ويأتي الركن الخامس ليغطي كل هذه الجوانب، فيكون شاملا للبدن، وشاملا كذلك للمال، وشاملا كذلك للجانب النفسي، بالاضافة الى جانب آخر وهو جماعية واجتماعية هذا الدين من خلال هذا التجمع العظيم الذي يكون بالملايين، وهذا هو الركن الخامس العظيم الذي يؤدي ويكمل هذه الجوانب، ويضيف عليه الجانب الاجتماعي من خلال إلقتاء المسلمين بعضهم البعض من كل فج عميق، كما قال الله سبحانه وتعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) يأتون بكل الوسائل المتاحة، ليشهدوا منافع لهم ، منافع دينية، منافع دنيوية، ومنافع اجتماعية، ومنافع اقتصادية، ومنافع كبيرة في كل مجالات الحياة، ويشعر المسلم بوحدة الاسلام، وبالمساواة في الاسلام، وان الجميع يقفون امام رب واحد، متجهين نحو قبلة واحدة، يطوفون طوافا واحدا، ويسعون كلهم سعيا واحدا، ويلبسون لباسا واحدا كأنه يوم المحشر وهو تذكير بذلك اليوم العظيم.

هذا هو الاسلام العظيم في مجمل من مقاصده، الذي أراده الله سبحانه وتعالى من الاسلام ان يكون جامعا لهذه الامور، وان لا تكون العبادات مجرد عادات، والعادات كما قال علماؤنا السابقون: انما تختلف العبادة عن العادة بالتأثر والتأثير، بحيث يكون الانسان فعلا قد تأثر واستفاد من هذا الحج، أو من هذه الصلاة، او من هذا الصيام، أو من أداء الزكاة، لذلك ربط الله سبحانه وتعالى كل هذه العبادات بالنتائج، بالمقاصد، بالاثار التي تنجم من هذه العبادات، والا فما قيمة الركوع والسجود والصلاة اذا لم يكن لها تأثير على نفسيتك ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، وما فائدة الصيام اذا لم يحقق لك التقوى والخوف من الله، وما فائدة الزكاة اذا لم تصل الى تطهير نفسك من الجشع والحقد والحسد ،ووصل بك الى أن تحب الناس، وتحب لهم ما تحب لنفسك، كما تحب ان لا تجوع وكذلك تساعدهم الا يجوعوا، كما تحب ان لا تكون عريانا كذلك تحب ان تكسوهم وتساعدهم، وهكذا الحج.

 ولذلك بين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج شرطا اساسيا، هذا الشرط الأساسي الذي رُبط به الجزاء العظيم، وهو الحج المبرور، فقال في عدة من الاحاديث، وأحد هذه الاحاديث الصحيحة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة)، ولذلك حينما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال الإيمان بالله، قيل ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله، قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور) فلم يقل الحج فقط، ولم يقصد من الحج انك تذهب وتأتي فقط ، انما أريد بأن تحج وانت في المناسك والمشاعر وتنوي نية التغيير للنفس، تغييرا حقيقيا، في سلوكياتك، في افعالك، وتصرفاتك، بحيث تعود وانت افضل حالا، وافضل نفسية، واسمى روحا مما كنت عليه في السابق.

الحج المبرور

ما هو هذا الحج المبرور الذي ليس له جزاء الا الجنة؟ او الحج الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم (خرج كيوم ولدته أمه)؟ اي انك تبدأ صفحة جديدة، لكن كيف تبدأ بصفحة جديدة؟ الصفحة الجديدة  تكون حينما بدأت بمرحلة جديدة، وهكذا الحاج، لا بد ان ينظر ويجلس مع نفسه وهو في الحج، والحج رحلة طويلة وليست قصيرة، فيجلس مع نفسه، ويحدد اخطائه، أخطاء نفسية من الحقد والبغض والكراهية فيعالجها ،فحينما يعود يبدأ بصفحة جديدة، صفحة بيضاء يكون قلبه مثل قلب الولد المولود، وكما قال الله سبحانه وتعالى في آية أخرى (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم )، تأتي بقلب سليم، قلب طاهر، قلب نظيف، قلب يحب الناس جميعا، وتنشغل قلبك بنفسك وعيوبك، فهذه العيوب تشغلك عن عيوب الاخرين، فاذا وصلت الى هذه المرحلة وتحول قلبك كقلب المولود، حينئذ اصبح حجك حجا مبرورا، وحينئذ ليس لحجك جزاء الا الجنة بوعد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ( إن هو إلا وحي يوحى)، في مثل هذه الامور  يعبر الرسول صلى الله عليه وسلم عما يريده الله سبحانه وتعالى، فهنا السؤال وهنا الابتلاء وهذا هو محل العمل ومحل الجد والاجتهاد، فهل يستطيع  الحاج خلال هذه المرحلة ان تغير قلبه فيجعل هذه القلوب طاهرة زكية على الفطرة، كما هو الحال بالنسبة لقلب المولود (كل مولود يولد على الفطرة)، والفطرة: هو حب الخير هو حب كل ما فيه الخير للانسانية جمعاء، هو حب الله سبحانه وتعالى، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب المؤمنين والعمل لأجل ذلك، والسير على طريق الفطرة، وهي طريق الاسلام بثوابته ومعتقداته وكل السلوكيات والقيم الثابتة في هذا الدين.

ان كثيرا من الحجاج يعودون ولا يتغيرون، ولا تتغير نفسياتهم، فإنما ذلك الحج، حج العادة وليس حج العبادة، فالعبادة مؤثرة، نية (انما الاعمال بالنيات) والنية في القلب، والنية انما تكون لها القبول اذا كان لها تأثير على النفوس، وعلى الجوارح، وعلى الاعضاء، وعلى رأس هؤلاء الاعضاء ، اللسان.

وصية للحجاج

فوصيتي بل وصية الله ووصية الرسول صلى الله عليه وسلم للحجاجـ الذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى بالحج في هذا العام، ان يعزمزا عزيمة قوية، على ان يبدأوا بأن يكون حجهم حجا مبرورا. ومن شروط الحج المبرور ايضا، هو أن يكون هذا الحج بمال حلال وليس بمال حرام، سواء كان هذا الحرام من الربا او الغش او من اكل اموال الناس بالباطل، فاي حج يؤدى بمال حرام كما ورد في الاحاديث الثابتة، حينما يقول الحاج لبيك اللهم لبيك  يقال له لا لبيك ولا سعديك مالك حرام، مأكلك حرام، مشربك حرام، أنّ يستجاب له.  حتى الدعاء،  كما في الحديث الصحيح لمسلم، لا يستجاب دعاء الانسان اذا كان ما يأكله حر اما، لذا طب مطعمك، ولابد أن تبدأ بتطهير حسابك، ويجب ان تؤدي ما عليك من حقوق الناس، فحقوق الناس، بأمر الله ، مقدمة على حقوق الله،  وحق الله سبحانه وتعالى على العفو والمغفرة، اما حقوق العباد فعلى المخاصمة في الدنيا وكذلك في الاخرة. ان الانسان المفلس هو الذي يأتي ويصلي ويصوم ويحج ولكن أكل مال هذا وضرب هذا وعليه حقوق، وبالتي حينما يؤخذ هذا من امواله، او من صدقاته، لا يبقى له شئ فيرمى في النار.

ثم بعض من الناس يحج ولكنه لم يدفع اجور الخدم واجور العمال واجور الموظفين، هؤلاء عليهم حقوق عاجلة ولا يجوز تأخيرها بل ان الديون المؤجلة وليس الديون الحالة ، الديون الحالة يجب ان تدفع قبل الحج ، اما الديون المؤجلة يجب على الحاج ان يستأذن او يكتب وصية عند اهله بما عليه من الحقوق ويصفي حسابه مع العباد ثم يبدأ مع رب العباد بهذه النية وبهذه الاعمال.

ثم اثناء الحج كرر القران الكريم (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ولكن مع الاسف الشديد نرى في بعض المخيمات او الخيم، ان الجدال في يوم العرفة قائم على اشده وهذا ليس يوم جدال، هذا  يوم تدريب على كيف تتعامل مع العباد، كيف تصبر، وكيف تكون مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في الاخلاق والرحمة وفي تحمل الاذى عن الاخرين

فالحج المبرور  له مقدمات وله تنفيذ اثناء الحج وله اثار حينما تعود، فحينما يلتزم المسلم بهذه الامور الثلاثة فحينئذ يكون باذن الله حجه مبرور ا وحينئذ وعد الرسول صلى الله عليه وسلم (والحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة) .

فجر الامة

اكرمنا الله سبحانه وتعالى بفضله ومنّه بهذه العشر الاوائل التي جعلها الله سبحانه وتعالى من افضل الايام عنده سبحانه وتعالى، وهذه الامة الاسلامية مرحومة، اكرمها الله سبحانه وتعالى بأفضل الليالي وهي ليلة القدر، واكرمها كذلك بأفضل الايام على الاطلاق وهي يوم عرفة وكذلك هذه العشر الاوائل من شهر ذي الحجة. يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح متفق عليه (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني الأيام العشر) واقسم الله سبحانه وتعالى بهذه الايام فقال (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل اذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر) فالله سبحانه وتعالى أقسم به وحتى فسر بعض العلماء الفجر بفجر يوم النحر وهو يوم العاشر، اذا كان الله اقسم بالعشر كله فقد اقسم كذلك بجزئه، وان كان الراجح ان الفجر هنا الفجر بصورة عامة، وان الفجر هنا بداية واشارة الى ما يعبر الفجر من خلال بزوغ الشمس وخاصة ان هذه الصورة تتضمن مجموعة من القصص المختصرة لهؤلاء الظلمة المستبدين الذين عاثوا في الارض فسادا وتكبروا وتجبروا، اهلكهم الله، حيث يقول (الم ترى كيف فعل ربك بعاد ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الاوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب)، العلاقة بين الفجر وبين هؤلاء الظلمة في ان الله سبحانه وتعالى يقول الدولة الظالم ساعة في الزمن الالهي وان طالت، وان جولة الحق قائمة الى يوم القيامة، وان الظلم مهما طالت، والاستبداد مهما كثر، وان الدكتاتورية مهما اشتدت، فان وراءها لفجر قريب، فالفجر ليس فجر الصبح ليوم عرفة فقط، لأن الفجر مطلق ولم يذكر شئ قبله، وانما الفجر فجر النهار حينما نسعد بالشمس، فجر الامة حينما تتخلص الامة من الظلمة ومن المستبدين الذين حولول الدنيا الى الظلام، الى السجن، وربما اشد من ظلام الليل حينما يعيش الانسان في تلك الدول التي يقفتلون ويذبحون

فهذه بشارة  من سورة مكية، ومن باب التسلية والتعزية للرسول صلى الله عليه وسلم، بأن الله سبحانه وتعالى يقضي على هؤلاء المجرمين الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم امثال ابي جهل وغيره، فإن عاقبتهم ليست مختلفة عن عواقب اولئك الظلمة الذين تحكموا في الارض، فكما ذهب الفراعنة وعاد وثمود وقارون وغيرهم فأنهم كذلك يذهبون، وهكذا سنة الله سبحانه وتعالى، فإن الفجر دائما يأتي بعد الظلام مهما استطال، ومهما طال الظلام فإن وراءه لفجرا قريبا بإذن الله سبحانه وتعالى، فلذلك هذه الايات أمل كبير وعظيم وتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم، وخطاب الرسول خطاب لأمته، والايات القرانية خالدة وليس مقيدة بزمن محدد، ولذلك بين الله سبحانه وتعالى  اسماء هؤلاء من فرعون وثمود وعاد، وبين قوتهم وطغيانهم، ثم جعل قاعدة وسنة الاهية لا يمكن ان تختلف ( ولن تجد لسنة الله تحويلا)، ( ولن تجد لسنة الله تبديلا)، وبهذا الاسلوب يعبر الله في أكثر  من آية من سورة الاسراء، هذه سنة الله اذا توافر فيه شرطان، وهذا ليس خاصا لا بفرعوت ولا بثمود ولا باي شئ، انما اذا وجد أمران فإن سنة الله ماضية (الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد )، فالطغيان أي الاستبداد والدكتاتورية، وجعل الناس كأنهم عبيد|، وكل ما يدخل في دائرة الطغيان، ثم مع الطغيان يوجد الفساد ، اي فساد مالي واداري وفساد سياسي واجتماعي ، فاذا توافر الشرطان الاستبداد والفساد المطلق كما نشاهده اليوم في هؤلاء الطغاة، حينئذ مباشرة بدون تراخي  يـأتيه سوط العذاب الذي قد يكون بالزلزال والتغيير وقد يكون من خلال تسخير الجماهير العامة الذين تأذى هؤلاء بهم ولا يتعظون .

الطغاة لا يتعظون

انظر الى القذافي، كان له ان يقبل بأي عرض مع الاصلاحات، ولكنه ابى ذلك، والنتيجة كما شاهندناه، فلم يتعظ هو، ولا أقول أن يتعظ بفرعون ولا بقوم عاد أو ثمود ولا ابي جهل، وانما  يتعظ بزين العابدين وبحسني مبارك وكذلك الحال اليوم في اليمن، فلو وقع علي صالح على اتفاقية الخليج كان له ضمان ولخمسين من رجالاته، لكن الله سوف يذله، كما دعا سيدنا موسى على فرعون ودعائه مستجاب على كل ظلمة ( لا يؤمن حتى يروا العذاب الاليم)، كذلك الحال في سوريا التي فيها من التقتيل والتعذيب ما لا يتصور، لأن قوة الحكم اشد بسبب أمرين لأهم مدعومين من بعض الدول، ومن بعض المليشيات، والامر الثاني ان المنتفعين كثيرون، فحزب البعث حكم خلال خمسين سنة، فوجدوا  القاعدة العريضة من الشبيحة والجيش الخاص بهم، ولذلك الظلم الذي يقع في سوريا لم تشهده اي دولة اخرى الا العراق في فترة زمنية، اما اليوم فسوريا اشد الدول ظلما وفتكا، فالقتل اليومي والسجون والتعذيب وانتهاك الحرمات والاختطاف شئ يندى له جبين الانسانية، اصبح سوريا كلها سجنا لكل هؤلاء الذين يطالبون بالحرية فقط من الاطفال والنساء والرجال.

جمعة التضامن

فمن هنا اعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بعد ان رأينا هذا الوضع المؤلم لسوريا، ان نجعل اليوم يوم تضامن، وكما يقول الشاعر

لا خيل عندك تهديها ولا مال        يسعد النطق ان لم يسعد الحال

وقد ارسلنا الرسائل لكل العالم، ووبخنا روسيا لموقفه ،ولكن لا حياة لمن تنادي، وكان هناك مبادرة على استحياء وهي بالأحرى مهلة للنظام، لانه يراهن على الوقت بالتقتيل او تعذيب أو السجن لكل من يقف امامه، وهكذا بدأت بدعرا وحما وحمص وغيرها في مناطق كثيرة، ويريد ان يصفي، وليس عنده اي مانع في ذلك، فلذلك في المهلة الاخيرة هناك اكثر من 500 الف من شهيد وجريح، فهل سيكون هناك مهلة ثانية وثالثة؟! فلذلك يئس الشعب السوري من هذه المهل ومن الجامعة العربية، مع العلم ان من يرأسه جاءت من خلال الثورة ولكن لم بفعل شيئا الى يومنا هذا، ولا اعتقد ان جامعة الدول العربية تستطيع ان تعمل شيئا نظرا لأنها مرتبطة بما يسمى بالاجماع المقيد، فحينما صنع جامعة الدول العربية اشترط ان تكون القرارات بالاجماع، ولذلك لم تسطيع الجامعة العربية ان تعمل شيئا كبيرا .

لذلك امل اخوانكم في سوريا بدعائكم واملهم بالتضامن معهم وبما تكتبون وبمساندتكم، ولا شك حينما قال صلاح الدين، حينما دخل احدى الخيام بالليل، فقال ايها الجنود عليكم بالسهام الليل نحو العدو، وهو الدعاء، وسهام الليل لا تخطئ ان اخلصنا النية لله سبحانه وتعالى. فنحن اليوم نقنت بتضرع ودعاء وكذلك نصلى صلاة الغائب، ونسأل الله ان يفرج كربهم ويعجل بنصرهم وزوال هذا الظالم كما وعده الله سبحانه وتعالى.