بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وخاتم الرسل والنبيين ، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين
وبعد
فإن الأمة الاسلامية اليوم أحوج ما تكون من أي وقت مضى الى تكثيف الجهود وتكاتف الجميع ، وتعاون القوى ، وحكمة العقلاء ، وحصافة المفكرين ، ودعم العلماء الربانيين … الى إزالة معوقات الوحدة ، وتقوية أواصر الاخوة وتمتين جسور التعاون والمحبة للوصول الى ما يريده الله تعالى لهذه الأمة من القوة والعزة والاعتصام بحبل الله المتين فقال تعالى : (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ) سورة الأنبياء 92 وقال تعالى :(وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) سورة المؤمنون 52، وفي كلتا الآيتين ذكر خطورة التحزب والتخندق بغير الاسلام : العصبية المذهبية والطائفية والحزبية على هذه الوحدة فقال بعد الآية 92 من سورة الأنبياء : (وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون ) سورة الأنبياء 93 ، وبعد الآية 52 في سورة المؤمنون قال تعالى :(فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم حتى حين أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون)سورة المؤمنون 553-57
فقد بين الله تعالى أن طريق الوحدة يمر من خلال العبودية لله تعالى ، والتقوى والاخلاص وهذا يعني أن الفئة التي لا تكون عابدة لله تعالى ولا تكون مخلصة لمنهج الاسلام وحده بعيداً عن أي شيء آخر سوى الاسلام الصحيح لا تكون مهيئة لتحقيق هذه الوحدة
إن معوقات الوحدة كثيرة ، وأعتقد أن من أهمها الفتاوى غير المسؤولة والفتاوى المتشددة ، والفتاوى المفرقة التي تفرق ولا تجمع ، وتثير النزعات القومية ، والتعصب الطائفي أو المذهبي ، فهذه الفتاوى من أهم المشاكل التي تواجهنا اليوم من جميع الأطراف ، ولذلك فهي بحاجة ماسة إلى وضع الضوابط والمعايير الشرعية لتوجيه الفتوى نحو الخير والرحمة والتيسير ، وتوحيد الأمة على ضوء المقاصد العامة لهذه الشريعة الغراء
وبالمقابل فإن الفتاوى الحكيمة التي تجمع ولا تفرق ، وتؤصل للوحدة ولا تضطرب فإنها من أهم أسباب لمّ الشمل الاسلامي والتوحيد بين الشعوب المسلمة ، والطوائف ، والمذاهب ، وهذا ما سنتحدث عنه بايجاز في هذه الورقة المتواضعة ، ولذلك تضمن مشروع ميثاق الوحدة الإسلامية في بنده (16) على هذه المسألة فنص على أنه : ( يجب أن تقتصر الفتوى على المتخصصين العلماء …. القادرين على استنباط الأحكام الشرعية من مظانها العارفين بالموضوعات ، وأحوال الناس ، وأوضاع العصر )
والله نسأل أن يوفقنا لرضائه وخدمة دينه وشريعته بإخلاص وإحسان وأن يجعل كل ذلك خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفق الجميع لخدمة الإسلام والمسلمين